إرهاب دولة!
ستندَمونَ أیّها الساسةُ الغربیّون ویا فلاسفةَ العالَمِ، ستموتون من النّدمِ بعدَ موتِکم، وستبکونَ على کثرةِ لومِکم العربَ على سیاساتِهم الدّاخلیّة والدّولیة، وعلى وصفِکم إیّاهم بالتقاعُدِ عن المطالبةِ بحقِّهم فی الحریة والکرامة والرُّجولةِ وباقی مصطلحات الإباءِ العربیِّ الموجودةِ بالتوصیفِ الدّقیقِ فی کُتُبِ التراثِ والإخباریین. ستندمونَ کثیرًا فی أقبیةِ قُبورکم یا مَنْ لم تفهموا فلسفةَ السیاسةِ العربیة الراهنةِ. ذلک أنّنا نزعمُ أنّ البشریّةَ ستحتاجُ قرونًا من التفکیرِ وبناءِ الفلسفاتِ والإیدیولوجیات والسِّحْرِ وفنونِ التأویلِ لتعرِفَ أنّ عربَ الیومِ هم أکثرُ أقوامِ الأرضِ حِکمةً وتبصُّرًا بأحوالِهم وبأحوالِ سُکّانِ الکونِ من الآدمیین والدواب جمیعًا. بل ستَندمُ البشریّةُ على عدمِ الاستفادةِ من فلسفةِ السیاسات العربیّة الراهنة فی إحلالِ السِّلْمِ الاجتماعیّة والسِّلْم العالمیّةِ والصِّدْقِ فی مکافحةِ الإرهابِ، وسیبکی مَنْ شتمَ العربَ الیومَ وسیطلب من التاریخِ الصَّفْحَ عن جَهلِه فی تقدیرِ الحکمةِ السیاسیّة العربیةِ الراهنةِ "لقد تعمّدتُ التکرارَ هنا".
***
أنا مثلاً، لن ألومَ العربَ على صَمتِهم إزاء مجزرة أسطول الحریّة وتخلّیهم حتى عن عادة التندیدِ والشّجْبِ. فَمِنْ وَفرةِ حکمتِهم وتبصُّرِهم بحقائق الأمور "وعندهم ألفُ حقٍّ فی ذلک"، اختاروا فی الصراع "المفروضِ علیهم" مع إسرائیل التندیدَ والتفاوضَ سَبیلَیْن لسَلامِ الشجعان. ولأنّهم مسرورون بطِیبتِهم السیاسیّةِ وبمساهمتِهم فی ضمانِ أشراطِ السِّلم العالمیّةِ فی أوطانهم وبحیازتِهم مُبارکة أمریکا لهم، صاروا یستَبِقونَ الأحداثَ وقوعَها، فرأوْا، من جُملةِ ما رأوْا، أنّ المشارکةَ فی أسطول "حریّة غزّة" مراهقةٌ سیاسیّةٌ غیر محمودةِ العواقِبِ. وقد صدقتْ رؤیتُهم، حیث أبانتْ إسرائیل عن کونِها صارت "کُوبُویْ العالمِ الحُرِّ" تعبثُ فیه کما تشاء خارقةً قوانین الاجتماعِ البشریِّ "هی فوضى؟ نعم هی فوضى!". فلم یخسرِ الساسةُ العربُ فی هذه المجزرةِ الصهیونیّة فردًا من مواطنیهم، ولا سفینةً من سفُنهم الراسیةِ دومًا على صُدورِ شعوبِهم تَعُدُّ نبضَ قلوبِهم وتضبطُ حرکةَ أحلامِهم فی الحریّةِ. وانتصرتْ سیاسةُ ضبطِ النفسِ العربیّةِ، وانهزمتْ أمریکا الکبیرةُ لکونِها جاءت فی مرتبةٍ متأخِّرةً من مراتب أغلبِ الحکوماتِ العربیة المساندةِ لحقِّ إسرائیلَ فی الأمنِ، فلم تندِّدْ بالمجزرةِ ولم تشجُبْها. الله الله على فلسفةِ الأمنِ العربیة..!
***
فی الوقتِ الذی یموتُ فیه شعبٌ عربیٌّ بفلسطین، کان أحدُ الساسةِ العرب یدافع عن جُرأة برنامج "ستار أکادیمی"، بل ویدعو الناسَ إلى مشاهدتِه. وکان زمیلٌ له آخرُ یستنکِرُ فی بیان أصدره مکتبُه الرئاسیّ "لُجوءَ إسرائیل للاستخدام المُفْرَطِ لقُوّتها العسکریّة" ویُطالِبُ "ولا یطلُبُ" من حکومةِ ناتنیاهو المساعدةَ على الخروجِ من هذه الفوضى. هی فوضى إذنْ؟ نعم.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS