الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

إسرائیل شاذة.. حتى نوویا

إن أحدا لا یهدد الأمن القومی العربی أکثر من العرب أنفسهم، فإننا نمیل دائماً إلى نسیان أو تناسی الترسانة النوویة الإسرائیلیة التی لولا قیام الإسرائیلیین أنفسهم، بین الفینة والفینة بتذکیرنا بوجودها لفضلنا البقاء کمثل النعامة فی موقفنا منها.
إذا تحدتنا إسرائیل أن نأتی بما لدینا من براهین على امتلاکها أسلحة نوویة نعود إلى ما قاله إسرائیلیون فی هذا الصدد أو إلى ما نشر من تقاریر صحافیة غربیة، فنحن لم نکلف أنفسنا حتى عناء البحث والاستقصاء..!
إن تقصیرنا فی "أو عن" أن نعد لإسرائیل ما استطعنا من رباط الخیل النووی هو ما جعلها لا ترهبنا، وتمضی قدما فی تسلحها النووی حتى باتت تملک ما یزید على 200 قنبلة نوویة، وحتى بتنا لا نملک فی مواجهة الدولة الیهودیة النوویة سوى ما یشبه الدعاء، الذی نترجمه فی بیاناتنا السیاسیة، بهذا القول البلیغ "ندعو إسرائیل إلى الانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النوویة وإخضاع منشآتها النوویة لأنظمة التفتیش النوویة للوکالة الدولیة للطاقة الذریة" وهذا القول البلیغ یترجم عملیا بصنعها مزیدا من الأسلحة النوویة.
إسرائیل ما زال لها مصلحة على ما یبدو فی أن تظل الدولة النوویة السریة الوحیدة فی العالم، وإن أظهرت حرصا على أن تجعل أعداءها مؤمنین إیمانا لا یتزعزع بأنها تملک فعلا ترسانة نوویة تضم مئات الرؤوس النوویة.
وکان شمعون بیریز قد شرح، من قبل فکرة "الغموض النووی المخیف" التی لولاها لما جنح العرب للسلم، وتجرعوا سم الاعتراف بالدولة العبریة.
لقد فضل الإسرائیلیون على الدوام البقاء على موقفهم المعروف، فلم یؤکدوا أو ینفوا امتلاک إسرائیل أسلحة نوویة، قائلین کل قول یمکن أن یحمل العرب على الاعتقاد غیر الجازم بوجود ترسانة نوویة إسرائیلیة ضخمة، فهم ما انفکوا یقولون إن إسرائیل لن تکون أول دولة تدخل أسلحة نوویة إلى الشرق الأوسط.
ولکن، لما سئل بیریز عما إذا کان هناک ضرورة لامتلاک إسرائیل قدرة نوویة أجاب على البدیهة، قائلا "نعم، وإلا ما کنا توصلنا إلى سلام.. فلو لم نکن بدأنا بتنفیذ برنامجنا النووی فی مفاعل دیمونا ما کنا لنصل أبدا إلى السلام وخیار أوسلو". وادعى بیریز أنه رفض طلب وزیر خارجیة مصری أن یزور مفاعل دیمونا، لأن هذه الزیارة کانت ستکشف عدم وجود أسلحة نوویة هناک "وعندئذ، ستزول مخاوف الوزیر المصری ونفقد رادعنا".
وفی محاکمة الخبیر النووی الإسرائیلی السابق مردخای فغنونو قال هذا الخبیر فی معرض دفاعه عن موقفه "أردت أن أؤکد ما کان العالم کله یعرفه.. ما عدت أحتمل أن نستمر فی إنکار أن إسرائیل تملک السلاح النووی.. أردت أن یکون هذا السلاح خاضعا للرقابة".
سنة 1969، توصلت إسرائیل والولایات المتحدة إلى تفاهم، لا یمکن فهمه إلا وفق معاییر العلاقة الشاذة بین الدولتین، تمتنع بموجبه الدولة العبریة، المنتصرة فی حرب حزیران 1967 عن الإدلاء بمعلومات فی شأن قدراتها النوویة الحربیة وعن إجراء تجارب نوویة، فی مقابل أن تمتنع واشنطن عن ممارسة ضغوط على الإسرائیلیین لحملهم على الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النوویة التی لو انضموا إلیها أو لو أجبروا على الانضمام إلیها لصاروا ملزمین بفتح منشآتهم النوویة أمام فرق التفتیش الدولیة.
الترسانة النوویة الإسرائیلیة التی تضم ما یزید على 200 رأس نووی مع صواریخ قادرة على حملها، یحق لإسرائیل الاحتفاظ بها، ویحق لها أیضا عدم إخضاع منشآتها النوویة للتفتیش الدولی، شرط أن تمتنع عن الادلاء بمعلومات فی شأنها، فیا له من شرط یشق على إسرائیل تلبیته.. إنه امتیاز تمنحه الولایات المتحدة لحلیفها الاستراتیجی زاعمة أنه "شرط"!.
ثم جاء نتنیاهو بذریعة جدیدة فهو قال، مستذرعا بالحرص على السلام، إن تحول إیران إلى قوة نوویة عسکریة سیمنع دولاً عربیة من تطبیع علاقتها بإسرائیل، وعقد اتفاقیات للسلام معها وقد یشجعها هی وغیرها على تطویر علاقتها بإیران النوویة بما یجعل الأمن القومی والاستراتیجی للدولة الیهودیة عرضة لمخاطر جدیدة لا یستهان بها.
وکان بنیامین بن الیعازر قد قال: فی حال شنت إیران هجوما عسکریا على إسرائیل فإن الدولة العبریة سترد "ردا قاسیا"، و"ستدمر إیران". وقال أیضا: "إن إیران لن تقوم بمهاجمة إسرائیل، لأنها تفهم معنى مثل هذا العمل، فشنها هجوما على إسرائیل سیؤدی إلى رد إسرائیلی قاس، ینجم عنه دمار الأمة الإیرانیة".
کان الأمر عادیا لو أن بن الیعازر اکتفى بقوله إن إسرائیل سترد ردا قاسیا فی حال شنت إیران علیها هجوما عسکریا، أما أن یقول إنها، أی إسرائیل، "ستدمر إیران" أو أن ردها القاسی سیؤدی إلى "دمار الأمة الإیرانیة"، فهذا لیس بالأمر العادی، لأن لیس له غیر معنى أن ترد إسرائیل بضربة نوویة ولو کان الهجوم العسکری الإیرانی بأسلحة تقلیدیة، کصواریخ أرض أرض على وجه الخصوص. وکان ممکنا، أیضا أن ننظر إلى الأمر على أنه عادی أو بین العادی وغیر العادی لو أن بن الیعازر هدد بتدمیر إیران أی بتوجیه ضربة نوویة إلیها، إذا ما شنت على إسرائیل هجوما بأسلحة کیمیائیة أو بیولوجیة أو بالنوعین معا، ما دامت غیر ممتلکة بعد لأسلحة نوویة.
إن دولة عربیة مثل مصر، لا تملک شیئا من الأسلحة النوویة، ولا تملک حتى النیة فی امتلاکها، ینبغی لها أن تنضم إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النوویة حتى تطمئن إسرائیل إلى أن أحدا فی المنطقة لم ولن یکسر احتکارها للأسلحة النوویة!
ینبغی لمصر ولکل الدول العربیة أن تفعل ذلک، أما إسرائیل فینبغی لها عدم تأکید أو نفی امتلاکها لترسانة نوویة، تأکد للقاصی والدانی أنها تملکها بالفعل منذ وقت طویل!.
النموذج النووی الإسرائیلی إنما هو نموذج دولة لم توقع وترفض أن توقع معاهدة حظر انتشار السلاح النووی، وأصبح لدیها ما یزید على 200 رأس نووی، مع ترسانة صاروخیة متطورة وسلاح جوی وبحری من الطراز الأول عالمیا وتعکف بالتعاون مع الولایات المتحدة على تطویر نظام دفاعی مضاد للصواریخ.
ن/25


| رمز الموضوع: 142974







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)