رداً على غولدستون اسرائیل تعترف بأخطاء قاتلة

أقر الکیان الصهیونی بارتکابه "أخطاء قاتلة" خلال حربه على غزة الشتاء الماضی، مرجع إیاها لـ "تعقید وحجم العملیات" بحسب الرد الإسرائیلی الرسمی على تقریر القاضی الدولی ریتشارد غولدستون، بشأن الحرب، فی الوقت الذی تباینت فیه المواقف داخل الحکومة الإسرائیلیة من تشکیل لجنة داخلیة للتحقیق فی الحرب.

ومع انتهاء مهلة الأشهر الثلاثة التی حددها تقریر غولدستون لإسرائیل والفلسطینیین للرد على ما جاء فیه، صرح دبلوماسیون إسرائیلیون فی الأمم المتحدة، بأن بعثتهم سلمت المنظمة الدولیة الجمعة 29-1-2010، وثیقة عنوانها "تحقیقات عملیة غزة.. تحدیث" لمسئولی الأمم المتحدة.

ومن المقرر أن یقوم الأمین العام للأمم المتحدة بان کی مون برفع تقریر إلى الجمعیة العامة للمنظمة الدولیة الجمعة المقبل 5-2-2010، بحسب ما ذکرته "رویترز".

ونقلت الوکالة عن دبلوماسی إسرائیلی لم تذکر اسمه، قوله إن التقریر المکون من 36 صفحة "یوضح بشکل تفصیلی الإجراءات التی اتخذت للتحقیق فی الشکاوى" التی وردت فی تقریر غولدستون الذی أظهر ارتکاب الجیش الإسرائیلی جرائم حرب غزة.

إلا أن المسئول الإسرائیلی، قال إن الرد الإسرائیلی "لیس ردا مباشرا لتقریر غولدستون، وإنما تحدیث لآخر ما وصلت إلیه تحقیقات إسرائیل" بشأن الحرب، مضیفا أن الجیش الإسرائیلی "أجرى نحو 150 تحقیقا فی سوء سلوک مزعوم من جانب جنوده، أحیل منها 36 إلى تحقیق جنائی"، وقال المسئول إن الوثیقة الإسرائیلیة قالت إن إسرائیل "أقرت بأخطاء قاتلة (خلال حرب غزة) أرجعتها إلى تعقید وحجم العملیات". بینما ذکرت "بی. بی. سی" إن 48 منها أغلق من دون توجیه اتهام.

وقال الدبلوماسی الإسرائیلی: "فی أی وقت یوجد فیه نوع من الشکوى أو الادعاء، یتم التحقیق فیه وکل هذا مکتوب" فی الوثیقة الإسرائیلیة التی سلمت للأمم المتحدة.

وحتى الآن لم تعلن إسرائیل تشکیل لجنة مستقلة للتحقیق فی الحرب التی استمرت فی الفترة ما بین 27 دیسمبر 2008، وحتى 18 ینایر 2009، کما طلبت الأمم المتحدة فی تقریر غولدستون، مکتفیة بالتحقیقات التی أجراها الجیش، وسط انقسامات داخل الحکومة الإسرائیلیة حول هذه المسألة، بحسب الفرنسیة.

واعتبر وزیر الحرب الإسرائیلی إیهود باراک أن رد بلاده على تقریر غولدستون، یظهر أنه لا یوجد جیش "مسئول أو أخلاقی أو دقیق، حتى تحت ظروف مستحیلة" أکثر من الجیش الإسرائیلی، على حد زعمه.

وأکد باراک ورئیس أرکان الجیش الإسرائیلی جابی أشکینازی، بالإضافة إلى وزیر الإعلام الإسرائیلی یولی أدلشتاین، معارضتهم لاستحداث لجنة تحقیق مستقلة عن الجیش للتحقیق فی الحرب، بحسب ما نقلته وکالة الأنباء الفرنسیة.

إلا أن المستشار القانونی السابق للحکومة الإسرائیلیة مناحیم مزوز، قال: إن تشکیل اللجنة "ضروری حتى لا یستمر تقریر غولدستون فی مطاردة إسرائیل وتقویض مصداقیتها"، وقال لـ "هاآرتس" الجمعة: "لدینا مصلحة کاملة فی إجراء تحقیق جدی یستبعد الاتهامات الشائنة بارتکاب جرائم حرب".

وبحسب الصحیفة فإن إسرائیل قد تقبل إنشاء لجنة محدودة الصلاحیات للاستماع إلى شهادات بعض القادة العسکریین والمسئولین السیاسیین الإسرائیلیین، بینما ذکرت صحیفة "یدیعوت أحرونوت" فی عدد الجمعة أن مهمات لجنة کهذه ستقتصر على مراجعة التعلیمات الصادرة من القیادة العسکریة والحکومة "بهدف تبرئة إسرائیل من کل الادعاءات بارتکاب جرائم حرب".

وفی سیاق ذی صلة، قال مسئول فی الحکومة الإسرائیلیة لـ"بی. بی. سی"، إن هناک اقتراحا بحل وسط یقضی بأن تراجع هیئة من القضاة النتائج التی توصلت إلیها لجنة التحقیق العسکریة التی شکلها الجیش فی خصوص الحرب على غزة.

إلا أن منظمات حقوق إنسان دولیة وإسرائیلیة تقول إنه لا یمکن الوثوق فی الجیش الإسرائیلی "الذی هو خصم وحکم فی آن واحد".

ورغم عدم اعترافها بتقریر غولدستون، دفعت تل أبیب هذا الشهر إلى الأمم المتحدة 10.5 ملایین دولار تعویضا عن أضرار ألحقها القصف الإسرائیلی بمنشآت تابعة للأمم المتحدة فی قطاع غزة خلال الحرب، ومن بینها مدارس ومستشفیات تابعة لوکالة غوث وتشغیل اللاجئین "الأونروا"، وهو ما اعتبره مراقبون بأنه اعتراف ضمنی من إسرائیل بارتکاب جرائم حرب فی غزة.

فلسطینیا، قال المندوب الفلسطینی لدى الأمم المتحدة السفیر ریاض منصور: إن السلطة الفلسطینیة رفعت النتائج الأولیة لما توصلت إلیه لجنة ضمت قضاة وخبراء حققوا فیما ورد بتقریر غولدستون.

إلا أنه أشار إلى أن السلطة الفلسطینیة "لا سلطة لها على غزة، ولم تلعب أی دور فی النزاع هناک" مضیفا إن رد السلطة "لم یتضمن أی مساهمة من حماس" التی تسیطر على قطاع غزة منذ یولیو 2007، ودعا حرکة حماس إلى التعاون مع اللجنة التی شکلتها السلطة، وألمح إلى احتمال أن تطلب السلطة ما قال إنه "مساعدة عربیة" للضغط على حماس فی هذا الشأن.

ورفضت حماس هذا الأسبوع الدعوة لإنشاء لجنة تحقیق، لکنها قالت الخمیس الماضی، إنها سلمت الأمم المتحدة ردا على تقریر غولدستون من 52 صفحة، ونفت الحرکة اتهامات بارتکاب جرائم حرب، وقالت إن ثلاثة مدنیین إسرائیلیین قتلوا بصواریخها خطأ لأن هذه القذائف تفتقد إلى أنظمة توجیه تجعلها تصیب الأهداف العسکریة فقط.

وکان التقریر الذی أصدرته لجنة شکلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة برئاسة القاضی الجنوب إفریقی ریتشارد غولدستون، فی أکتوبر الماضی قد ذکر أن الجیش الإسرائیلی قد ارتکب جرائم حرب خلال العدوان على غزة، من قبیل استخدام أسلحة محرمة دولیا واستهداف مناطق سکنیة مدنیة وتعمد استهداف مدنیین، کما اتهم الفصائل الفلسطینیة بارتکاب جرائم حرب بقصف مناطق مدنیة داخل إسرائیل بالصواریخ.

ورفضت إسرائیل التعاون مع غولدستون، کما رفضت النتائج التی توصل إلیها فی تقریره، بخلاف حرکة حماس التی تعاونت مع فریق التحقیق، ولکن بعد أن دعت الجمعیة العامة للأمم المتحدة إسرائیل والفلسطینیین إلى التحقیق فیما جاء فی التقریر من اتهامات، وطلبت من الأمین العام للمنظمة الدولیة رفع تقریر لها فی غضون ثلاثة أشهر، قررت إسرائیل إرسال رد على التقریر.

وأدت الحرب التی استمرت 22 یوما، إلى استشهاد أکثر من 1450 فلسطینیًّا، بحسب مصادر فلسطینیة وأممیة، فیما ذکرت إسرائیل أن 13 إسرائیلیا قتلوا خلال الحرب، 10 منهم فی العملیات، و3 بسبب الصواریخ الفلسطینیة.

ن/25