الموساد جاسوسیة تتغذى على الاغتیالات
من بین کل العوامل التی تضافرت لفرض الوجود الصهیونی على أرض فلسطین تطل المخابرات “الاسرائیلیة” کعامل قوی مؤثر، یزعم قدرته على حمایة ذلک الوجود، ودفعه الى التوسع وسط هدیر المعارک ودعاوى السلام على حد سواء. غیر أنها تعرضت لنکسات خطیرة نتیجة للجهود العربیة الساعیة الى المواجهة، وفی هذا السیاق صدر کتاب الباحث خالد غازی “مخابرات صهیون” فی جزءین، هدف الأول منهما الى ذکر أبرز عملیات المخابرات “الاسرائیلیة” فی قارات العالم الخمس والمواجهات التی حصلت مع قوى منظمة التحریر الفلسطینیة التی کانت فی المواجهة، ومن هذه العملیات عملیة اختطاف الطائرة اللیبیة من قبل سلاح الجو “الاسرائیلی” لإجبارها على الهبوط فی “اسرائیل”، إذ ینقل الباحث الوقائع کما وردت فی کتابات أحد عملاء الموساد “الاسرائیلی” “اوستروفسکی” وعملیة محاولة اغتیال رئیسة مجلس الوزراء “الاسرائیلی” جولدا مائیر فی مطار روما، ومحاولة الموساد القبض على “کارلوس رامیرز” الذی اعتبر فی فترة من الفترات أخطر الإرهابیین فی أوروبا.
یقول اوستروفسکی: کان علی أن ألتقی فی قبرص رجلاً نسهل له عملیة نقل معدات للتفجیر، وکل ما کانت أعرفه أن أوروبیاً موجوداً فی قبرص على صلة بمنظمة التحریر الفلسطینیة ویقوم بصفقات للسلاح، وکان هدفنا الوصول الى التجار المشترین والقبض علیهم، وکان علی التأکد من أن هؤلاء التجار سیلتقون فی بلجیکا لتسلم البضاعة إذ إن المتفجرات کانت قد أرسلت من تل أبیب من قبل الموساد الى المقر الرئیسی فی بلجیکا عبر الحقیبة الدبلوماسیة، ونظراً لأهمیة بلجیکا کانت الحقیبة الدبلوماسیة فی العادة کبیرة جداً، وکان هؤلاء التجار فی غالبیتهم بلجیکیین وهولندیین، وکانت الفکرة الصاق التهم بهم وجعل البولیس فی البلدین یقوم بالتحقیقات، وکان على “الموساد” تقدیم الإثباتات، وکان على مایک عمیل الموساد إبلاغ البولیس عن مسار الأمور عبر الهاتف وعن مکان تسلم الشحنة. ونزلت فی ذلک الحین فی فندق “صن هول” فی لارنکا المطل على المرفأ، وکان بحوزتی مفتاح السیارة التی ستوضع فیها المعدات بعد نقلها الى بلجیکا، وکان علی تسلیمها الى أحد الرجال فی قبرص على أمل أن یطلعنی لاحقاً عن مکان ووقت تسلم السیارة هناک، وفی 2 فبرایر/ شباط 1986 قبض على الرجال فی بلجیکا لدى اقترابهم من السیارة، وکان بینهم الرجل الذی تسلم منی المفتاح فی قبرص وصودرت مائة کیلو من المتفجرات البلاستیکیة وبین 200 الى 300 جهاز تفجیر، بعد ذلک وبینما کنت أستعد للعودة الى “اسرائیل” صدرت أوامر جدیدة ابقتنی فی الفندق لأنتظر مکالمة هاتفیة من جاسوس “للمتسادا” (جهاز داخل الموساد فی غایة السریة یشرف على الجواسیس فی الدول العربیة) کان فی لیبیا یراقب مطار طرابلس، کانت کلمة السر “طارت الدجاجات من القن” وعند تلقی الخبر کان علی بدوری، وکل خمس عشرة ثانیة أن أرسل رسالة “طار الدجاجة من القن” فیلتقط الرسالة قارب حربی ویرسل الخبر بدوره الى سلاح الجو “الاسرائیلی” الموجود فی الأجواء بانتظار طائرة لیبیة تقل إحدى عشرة شخصیة لإجبارها على الهبوط فی “اسرائیل”.
القوات الثوریة کان الرئیس اللیبی معمر القذافی دعا الى اجتماع ما سماه “قیادة حلفاء القوات الثوریة فی العالم العربی” بحضور اثنین وعشرین مندوباً فلسطینیاً ومندوبین من الدول العربیة الأخرى، للنظر فی أمر المناورات البحریة الأمریکیة على الساحل اللیبی للقیام بعملیات انتحاریة ضد الأهداف الأمریکیة فی حال قیام أمریکا بعمل ضد لیبیا، وکان الموساد یراقب الحدث، وتسربت المعلومات على أن الرسمیین الفلسطینیین الکبار ومنهم أحمد جبریل، وأبو علی مصطفى، وعبدالفتاح غانم، وعربی عوض، وأبوخالد سیغادرون فی الصباح الباکر على متن طائرة باتجاه دمشق.کان للموساد جاسوسان، لا یعرف أحدهما الآخر، ینتظران على الهاتف، الأول یراقب المطار للتأکد من صعود الأشخاص الى الطائرة وإبلاغ الجاسوس الثانی بالهاتف لیبلغنی بدوره لأنقل الخبر باللاسلکی الى القارب الحربی ولیل 3 فبرایر/ شباط 1986 دخلت الفندق وکان فی الصالة شخص أنیق المظهر، یضع فی یده الیمنى ثلاثة خواتم، عمره نحو 45 سنة وشعره أسود مائل الى البیاض، کان جالساً ینظر الى مجلة بالعربیة وبداخلها مجلة بلای بوب، أدرکت أنه عربی وبدا أنه شخص مهم، وبما أنه لم یکن لدی شیء أفعله فحاولت التحرش به، تقدمت منه وسألته إذا کان بإمکانی أن أنظر الى صفحة الوسط داخل المجلة، ضحک وأطلعنی على الصورة وعرفته بنفسی بأنی رجل أعمال بریطانی یعیش فی کندا، ثم دخلنا فی حدیث انتهى بتناول العشاء سویاً، کان الرجل فلسطینیاً یعیش فی الأردن فبدأت بإظهار تعاطفی مع الفلسطینیین وقضیتهم وحدثته عن صفقات عمل خسرتها بسبب “الاسرائیلیین” الملعونین، وبدوره راح یخبرنی عن صفقات عمل فی لیبیا، وبعدما لعبت الخمر برأسه قال لی إن “الاسرائیلیین” سیأکلون البراز غداً، فسألته: کیف؟ فأبلغنی أنهم یلاحقون اجتماعاً للفلسطینیین مع القذافی وأنهم سیقومون بخدعة فی المطار بحیث تظن “اسرائیل” أنهم صعدوا الى الطائرة ولکنهم فی الحقیقة لن یکونوا فیها.عند الواحدة صباحاً دخلت غرفتی وطلبت التکلم مع “اتسیک” إلا أنه کان مشغولاً، وعندما ألححت طلبت التکلم مع رئیس “تسومت” إلا أنه کان مشغولاً أیضاً، وحاولت الاتصال بآرله شیرف لکنه لم یکن فی المنزل فاتصلت بصدیق فی المخابرات البحریة لیصلنی بغرفة العملیات البحریة حیث یجتمع قادة الوحدة 8200 فی القاعدة الجویة بالجلیل، کان آتسیک على الخط المقابل وحاولت یائساً اقناعه أن فی الأمر خدعة وکان رده أنه لم یکن مفترضاً بی الاتصال وانهم یدرون ماذا یفعلون، وأن علی القیام بواجبی فحسب، فی الیوم التالی وصلتنی المخابرة، فاتصلت وأبرقت الرسالة کما وردتنی، وفی الرابع من فبرایر/ شباط أجبر “الاسرائیلیون” الطائرة على الهبوط فی قاعدة “رامات دیفید” الجویة قرب حیفا ولم یکن فیها أی شخصیة فلسطینیة ونتج عن ذلک حرج دولی للموساد.ویذکر العمیل “الاسرائیلی” اوستروفسکی بعد ذلک، کیف أن الموساد جعل منه کبش الفداء ما اضطره للهجرة الى کندا بعد أن علم أنهم قرروا نقله الى الارتباط فی جیش لبنان الجنوبی.
محاولة اغتیال جولد ا مائیریورد المؤلف قصة محاولة اغتیال جولدا مائیر نقلاً عن المصادر “الاسرائلیة” فیقول: فی أواخر نوفمبر/ تشرین الثانی 1972 تلقت محطة الموساد فی لندن اتصالاً هاتفیاً من رجل اسمه “أکبر” (یبدو انه اسم مستعار) وهو طالب فلسطینی یبیع المعلومات للموساد، ولم یکن الموساد قد تلقى منه رسائل منذ وقت طویل، ورغم أنه کان عمیلاً تافهاً إلا أنه کانت له اتصالات بمنظمة التحریر، وأشار أکبر إلى أنه یرید اجتماعاً، وتم الاجتماع وأبلغهم أن المنظمة اتصلت به واستدعی الى باریس، فأعطاه الموساد المال، وکان على مرکز الموساد فی باریس تتبعه لکنهم وصلوا متأخرین بعد أن کان أکبر ورفاقه غادروا إحدى محطات المترو حیث تم اللقاء.وفی الوقت نفسه، کان أکبر أقام فی أحد الفنادق مع شریک له فی المنظمة وعندما دخل شریکه الحمام اتصل برقم الموساد فی باریس وقال: إن الهدف هو “واحد منکم” واقفل الخط، ذعر الجمیع، وأرسل الخبر الى کل الفعالیات “الاسرائیلیة” فی العالم بأن منظمة التحریر تنوی ضرب هدف “اسرائیلی” وأعلنت أقصى درجات الحذر.فی الیوم التالی اتصل أکبر مرة أخرى وقال إنه سیغادر بعد الظهر الى روما، کان بحاجة الى المال، وطلب لقاء، لکن لم یکن لدیه الوقت لاضطراره للتوجه الى المطار، کان بالقرب من محطة روزفلت للمترو، لذا کان علیه أن یأخذ القطار التالی حتى محطة الکونکورد والمشی فی اتجاه معین للوصول الى موقع لقاء فی أحد الفنادق لکنه لم یکن لدیه متسع من الوقت فألغى لقاء الفندق، وأقلته سیارة وبینما کان یسیر فی الشارع قال إنه مهما کانت العملیة فإنها تحتاج الى معدات تقنیة یجب تهریبها الى إیطالیا، وعهد الى رجلی أمن مرافقة أکبر الى المطار وکان کلاهما من الکاتسا، وعند الوصول الى المطار توجه أحدهما الى الکافتیریا لشرب القهوة بینما رافق الآخر أکبر الى منضدة التذاکر والأمتعة حتى تأکد من توجهه الى رحلته، ربما ظنوا أن أکبر کان الفلسطینی الوحید المسافر الى روما، لکن الموساد اکتشف بعد سنوات فی الوثائق التی وقعت بأیدیهم خلال الحرب اللبنانیة أن رجلاً آخر من منظمة التحریر شاهد أکبر مع الرجل الغریب فی المطار ثم تبع هذا الرجل الى الکافتیریا حیث التقى زمیله وتبادلا الحدیث باللغة العبریة، فاتجه الى الهاتف واتصل بروما لیبلغ المنظمة أن أکبر عمیل للموساد.
صواریخ ستریللاکان أبوسلامة قرر استعمال الصواریخ من نوع ستریللا الروسیة لنسف طائرة جولدا مائیر عند وصولها الى مطار روما، عبر تهریب هذه الصواریخ من یوغسلافیا الى إیطالیا، وکان لمنظمة التحریر یخت متواضع یرسو قرب باری عند ساحل ایطالیا الشرقی، وهکذا جال سلامة فی هامبورج مرفأ ألمانیا الرئیسی حتى وجد ألمانیاً على معرفة بالملاحة ثم استأجر امرأتین صادفهما فی حانة وطار الجمیع الى روما ثم الى باریس حیث رکبوا الیخت الذی کان مموناً بالطعام والمخدرات وکانت أوامرهم الوحیدة الذهاب الى جزیرة صغیرة بعیدة عن دوبرفنیک والانتظار حتى تحمیل صنادیق خشبیة فی مخزن المرکب ثم العودة بالیخت الى باری للحصول على بضعة آلاف من الدولارات، واختار سلامة الألمان لأنه فی حال القبض علیهم تظن السلطات أنهم من الجیش الأحمر او أی منظمة أخرى غیر منظمة التحریر (المقصود هنا أیلول الأسود) ولذا فإنه عندما عاد الیخت بالصنادیق تم قتلهم وإغراق المرکب فیما حملت الصواریخ فی شاحنة من نوع فیات الى روما حیث خزنت الصنادیق فی إحدى الشقق لحین الحاجة.وبما أن زعیم “ایلول الأسود” کان یعرف أن أکبر عمیل للموساد، فقد أراد إبعاد أنظارهم عن الهدف الحقیقی، وهکذا قامت المنظمة بهجوم على سفارة “اسرائیل” فی بانکوک حیث أطلقوا سراح الموظفین التایلندیین واحتجزوا ستة “اسرائیلیین” وبعد مفاوضات طویلة خرجوا من السفارة الى القاهرة بصحبة السفیر المصری مطفى العمادی وکان اعتقاد الجمیع أن هذا هو الهدف الذی تحدث عنه أکبر، لکن المنظمة کانت أمرت أکبر بالبقاء فی روما، واقتنع الموساد بأن العملیة انتهت باستثناء شای کاولی رئیس مرکز موساد میلانو، الذی اتصل به أکبر طالباً المال للعودة الى لندن، فطلب إلیه سرقة کل الوثائق الممکنة لدى مکتب المنظمة، وسهلت المنظمة له الحصول على حقیبة للوثائق من دون أن یدری فحمل الحقیبة وتوجه الى هدفه حیث موقع اللقاء مع الموساد، وعندما دخل الى سیارة الکاتسا وانطلقت وخلفها سیارة أخرى للموساد قام عمیل الکاتسا بفتح الحقیبة فإذا بها تنفجر وتقتل جمیع من فی السیارة، وبسرعة حمل أعضاء الکاتسا فی السیارة الثانیة رفاة “الاسرائیلیین” فی سیارة اسعاف استدعیت على عجل وترکت جثة أکبر فی السیارة المنفجرة لیعثر علیها البولیس الایطالی وتبین فیما بعد أن المنظمة اخطأت فی العملیة لأنها أثارت شکوک کاولی بصورة أبکر إذ لو کان الهدف سفارة بانکوک وکانت المنظمة تعرف أن أکبر جاسوس فلماذا تقتله الآن إن لم یکن هناک هدف آخر.فی هذه المرحلة کانت مائیر وصلت الى فرنسا فی بدء جولتها التی ستأخذها الى روما، وهنا جاءت فرصة کاولی بصورة غیر متوقعة إذ کانت إحدى السیدات فی بروکسل، وهی من الغانیات، وضعت شقتها فی خدمة المنظمة مقابل المال، وکان کاولی قد دس أجهزة تنصت فی شقتها وهاتفها وقبل أیام من زیارة مائیر لإیطالیا اتصل شخص من هذه الشقة بروما وأبلغ من رد علیه بأن المطلوب “تنظیف الشقة واخراج القوالب الأربعة عشر منها” فعرف کاولی عنوان الشقة وسارع الموساد لمداهمتها إلا أنها کانت خالیة إلا من قصاصة ورق یظهر فیها الطرف الخلفی لصاروخ الستریللا وکلمات بالروسیة تشرح طبیعة الترکیب، فأدرک أن هناک عملیة فی روما ستستخدم فیها صواریخ ستریللا، فتم الاتصال بمائیر واخبارها بما حدث لمطالبتها بعدم التوجه الى روما لکنها أجابت “سأذهب للقاء البابا وأحرص أنت ورجالک على وصولی بسلام”.
جنون الملاحقةابتدأ عملاء الموساد عملیة تمشیط للفنادق والشقق المفروشة فی روما للبحث عن رجال المنظمة ولکن الفلسطینیین کانوا اتخذوا المزید من الاحتیاطات فتوجهوا الى الشاطئ وقضوا اللیل فی سیاراتهم، وهنا کان على الموساد انطلاقاً من معلوماتهم حول الصواریخ التفتیش فی محیط المطار فی مساحة 5 أمیال عرضاً و13 میلاً طولاً من دون إعلام الشرطة المحلیة، وهکذا اتصلوا بادالیو مالتی من المخابرات الایطالیة من دون إعلامه بأن رجال الموساد فی المکان وأبلغوه أن منظمة التحریر تنوی ضرب طائرة مائیر بصواریخ روسیة الصنع وابتدأ البحث ضمن المطار بواسطته فی حین قام رجال الموساد بالبحث فی محیطه.فی هذه الأثناء کان الفلسطینیون انقسموا الى مجموعتین، الأولى بحوزتها أربعة صواریخ اتجهت الى جنوب المطار والثانیة معها ثمانیة اتجهت الى شماله ورکزت المجموعة الشمالیة صاروخین قرب شاحنة فی أحد الحقول، فرآهم أحد رجال الموساد، وبدأ یصرخ أطلقوا النار، فحاول أحد الفلسطینیین الهرب غیر أن ضباط الموساد قبضوا علیه واختطفوه الى أحد مخازن المطار فی حین انتشرت الشرطة الإیطالیة وقبضت على الباقین مع صواریخ، ولم یکن قد بقی من الوقت أکثر من 4 دقائق على موعد هبوط طائرة مائیر، وأثناء التحقیق معه وضربه قال لهم الفلسطینی المحتجز إنهم لن یستطیعوا القیام بشیء وإن مائیر ستموت قاموا بضربه حتى أفقدوه وعیه ثم ألصقوا جهاز تفجیر تحت کرسیه وجعل الخیط طویلاً ثم خرجوا من المبنى وشدوا الخیط فتفتت الرجل قطعاً صغیرة. واتصل کاولی بالطائرة طالباً تأجیل الهبوط لدقائق، وفی هذه الأثناء کان أحد رجال الموساد یقوم بجولة حول المطار، فلاحظ عربة محملة بالأطعمة متوقفة على جانب الطریق، وبما أنه مر قربها مرتین فقد لاحظ 3 مداخن فی سقفها واحدة یتصاعد منها الدخان والاثنتان لا یخرج منهما شیء، فاقترب منها وصدمها فانقلبت وتحتها علق اثنان من الفلسطینیین ورأى فیها صاروخی الستریللا وضعا فی الثقبین المستحدثین الى جانب ثقب المدخنة الرئیسی، ثم رأى سیارات الشرطة الإیطالیة مقبلة فانسحب من المکان.
رجال فی المواجهةصحیح أن الموساد “الاسرائیلی” عاد واغتال علی حسن سلامة فی بیروت حیث یورد واضع کتاب “مخابرات صهیون” بأجزائه الثلاثة خالد غازی الطریقة التی تمت بها العملیة بالإضافة الى عرضه لعشرات العملیات التی استند فیها الى مؤلفات وتحقیقات “اسرائیلیة” إلا أننا نستطیع أن نلحظ دائماً أن جهاز الموساد یحاول الصاق التهم بالفشل بعملاء مزدوجین من العرب تسببوا بذلک کما فی حالة کمال بنیامانا الذی جعلوه مسؤولاً عن الإخبار عن بوشکی تحت التهدید بأنه علی حسن سلامة إلا أن الحقیقة أن أجهزة الأمن الفلسطینیة فی تلک المرحلة کانت تحظى برجال قادرین على المواجهة الیومیة مع الموساد وإفشال مشاریعهم حیناً والسقوط فی أفخاخ الموساد حیناً آخر.من الضروری أن یراجع کل عربی هذه الکتب الثلاثة التی أتیحت لنا فرصة الاطلاع علیها ضمن سلسلة “نافذة على الآخر” الصادرة عن دار الهدى للنشر والتوزیع فی ألمانیا لیدرک أن الموساد لم یتوقف یوماً عن التآمر على العرب وأن الکثیر من جرائم الاغتیالات التی تحصل ضد العرب إنما هی من أفعالهم.
اغتیال أبو حسن سلا مةفی الجزء الثالث من کتاب “مخابرات صهیون” یعرض الکاتب خالد غازی لمجموعة من عملیات المقاومة الفلسطینیة والموساد “الاسرائیلی” فی مواجهة بعضهما بعضاً فی لبنان وأوروبا وبعض الدول العربیة ولعل أخطر ما یرد خلال هذا الاستعراض للعملیات هو وصف عملیة اغتیال علی حسن سلامة الذی لقبه رجال الموساد ب “الأمیر الأحمر” حیث یؤکد:کانت عملیة مطاردة وقتل الأمیر الأحمر من أخطر وأشق عملیات المخابرات “الاسرائیلیة” فی حقبة السبعینات لتصفیة رجل المهمات الخاصة فی الأمن الفلسطینی علی حسن سلامة، وصدر قرار التصفیة من رئیسة الوزراء جولدا مائیر، وماتت مائیر لکن القرار کان یطارد رجال الموساد وعلى رأسهم رئیس الجهاز مایک هراری الذی تقاعد بعد النجاح فی أداء مهمته تلک، وتواصلت العملیة بین بیروت وروما وباریس وأوسلو والدنمارک والنمسا وألمانیا ولم تأت الفرصة الذهبیة إلا عندما بدأ سلامة بالاستقرار فی بیروت مع زوجته الجدیدة جورجینا رزق ملکة جمال الکون السابقة واستطاع الموساد أن یدس له إحدى عمیلاته بالقرب من مسکنه الجدید. ووصف “الاسرائیلیون” الأمیر الأحمر بأنه “یحب الحیاة الرغدة، ویرتدی فقط بدلات تغسیل، ویشرب الشامبانیا فی أحسن حانات العالم، ومع ذلک فوراء الرجل المنغمس فی الملذات واحد من أعنف وأشد مدبری الاغتیالات فی عصرنا” وکان لملفه اسم شیفرة هو “الأمیر الأحمر” لأن لدیه الکثیر من الدماء وعلاقته بعرفات کما لو کان ولیاً للعهد ولما أمرت جولدا مائیر باغتیاله وقع بین أیدی الموساد مساعده عبدالواحد زعیتر الذی تم اغتیاله فی ایطالیا، وحاولوا کثیراً ملاحقته لکنه کان یختفی دائماً وحاولوا التنصت على مکالماته لکنه لم یکن یذکر شیئاً فأخباره المهمة کانت ترسل عبر أشخاص خصوصیین.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS