الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

المسؤولیة الدولیة الجنائیة للجناة الاسرائیلیین

 استوطن الیهود ارضنا بقراراتهم منذ مؤتمر بازل فی سویسرا عام 1897 هذه القرارات التی دعمت بموجب وعد بلفور عام 1917 واتفاقیة سایکس بیکو ووضع فلسطین تحت الانتداب البریطانی , تلک الاتفاقیة التی رجحت کفت المنظمات ایهودیة وبالتالی حصولها على قرار التقسیم الصادر عام 1947 والذی ینص على تقسیم فلسطین إلى دولتین واحدة عربیة واخرى یهودیة مما شکل تغیرا جذریا فی مجرى التاریخ وجعل من الحلم الیهودی حقیقیة مفروضة على الارض الفلسطینیة فی عام 1948.

منذ ذلک التاریخ وعصابات اسرائیل وجیوشها تمارس کل اصناف القتل والتدمیر والتهجیر , وتتبع شتى صور القهر والاذلال لهذا الشعب العربی المسلم ,خارقة بذلک کل الاعراف والاتفاقیات الدولیة والنداءات والقرارات الاممیة والاجماعات الشعبیة من مختلف بقاع الارض التی اشمأزت من هول الجریمة وفظاعتها على مدار ستین عاماً .

أباحت اسرائیل لنفسها الدم الفلسطینی وشرته بثمن بخس من من یتحملون المسؤولیة التاریخیة عن هذا الشعب من حکام عرب آثروا کراسیهم وشهواتهم ودنیا غیرهم على من داست بیوتهم الدبابات وقارعت صدورهم رصاص البنادق أخوتهم فی العقیدة والعادات والتقالید والاعراف فی بلد الانبیاء اولى القبلتین وثالث الحرمین الشریفین .

لا ارید فی هذا المقام إن اشرح هول معاناة الشعب الذی انا منه , ویکفی لای کان إن یطلع على الانترنت والصحف الیومیة ویحکم بنفسه على مآسی الشیوخ والاطفال والنساء والیتامى والاسرى وغیرهم من هذا الشعب ویطلع على مکابدة المهجرین فی کل بقاع الارض من أبناء هذا الشعب العظیم.

أدخل الفلسطینیون مصطلح الانتفاضة فی القوامیس المعاصرة بکل اللغات وبنفس اللفظ وسطروا فیها تاریخهم بالدم وبصرخات المعذبین واتهموهم فی النهایة بأنهم ارهابیون وهم یمارسون حقاً کفلته الشرائع السماویة والقوانین الوضعیة والاتفاقیات الدولیة .

وإذا کان یصعب احیاناً على البعض التمییز بین الکفاح المسلح المشروع ضد الاحتلال وبین الارهاب باعتبارها مظهرین من مظاهر العنف السیاسی الننظم , إلا إن الفرق بینهما واضح کبیر , فالکفاح المسلح او ما یسمى بالمقاومة الشعبیة ( حق تقریر المصیر) هو سلوک یحمل قدراً من العنف فی مواجهة المستعمرین من اجل تحقیق الاستقلال والتحرر وتختلف مظاهره بین ما هو فردی أو جماعی ,مباشر اوغیر مباشر مسلح او غیر مسلح ویرى البعض إن الطابع الشعبی والدافع الوطنی وعنصر القوى التی تجری ضدها عملیات المقاومة هی العناصر الاساسیة والمرتکزات التی تمیز الکفاح المشروع عن غیره من اعمال العنف ولا سیما الارهاب وهو ما یتوافر فی الارهاب مطلقاً , ویستمد هذا الشکل الممیز من العنف مشروعیته الدولیة من مبادئ الثورتین الفرنسیة والامریکیة ومبدأ مونرو ومن قواعد ومبادئ القانون الدولی الانسانی التی تؤکد حمایة أفراد المقاومة الشعبیة المسلحة والتی تجسدها اتفاقیة جنیف ومؤتمر فیینا ومبادئ میثاق الامم المتحدة وکذلک الاعلان العالمی لحقوق الانسان . على مدار ستین عاماً والشعب الفلسطینی إذن یمارس حقاً مشروعاً فی تقریر مصیره ,واسرائیل تمارس ارهاب دولة وترتکب کل صور الجرائم الدولیة المنصوص علیها فی الاتفاقیات الدولیو وخاصة منها نظام روما الاساسی لسنة 1998 , وکل من محکمتی یوغسلافیا ورواندا الدولیتین , ونورمبرغ وطوکیو بعد الحرب العالمیة الثانیة .

لهذا کله سوف نبین مدى المسؤولیة الدولیة الجنائیة للجناة الاسرائیلیین على مدار ستین عاماً مضت أمام المحاکم الدولیة مثل المحکمة الدولیة الجنائیة الدولیة بلاهای والقضاة الذی له صفة الاختصاص العالمی فی بلجیکا وغیرها وفق التقسیم التالی:

الفصل الاول : ماهیة الجرائم الولیة والمسؤولیة علیها

م.1 مفهمو الجرائم الدولیة .

م .2 المسؤولیة فی الممارسات العملیة .

م .3 الاختصاص بمحکمة الجرائم الدولیة .

الفصل الثانی: معوقات اثبات المسؤولیة الدولیة والعقوبات المفروضة على اثباتها وامکانیة التعویض المفروضة ( جبر الضرر) .

م.1 معوقات اثبات المسؤولیة .

 

م.2 التعویض عن الجرائم الدولیة ( جبر الضرر).

الفصل الاول :ماهیة الجرائم الدولیة والمسؤولیة علیها:

أفرزت التطورات التی عاشها العصر الحدیث من صراعات وتقدم تکنلوجی واقتصادی , وتطور مفهوم سیادة الدولة مواقف مختلفة فی تحدید شخص المسؤولیة الدولیة الجنائیة بین من ینسبها للدولة فقط , واخر للفرد والشخص الطبیعی وموقف وسط یحمل کلاهما المسؤولیة .

لم یکن القانون الدولی التقلیدی یعترف بوجود مسؤولیة دولیة جنائیة للافراد وکان یرکز فی اثارتها على الدولة وحدها باعتبارها هی شخص القانون الدولی , لکن مع بروز ما یسمى بالقانون الدولی المعاصر الذی جاء نتیجة تزاید الاهتمام بالفرد وحقوقه وتحمیله کثراً من الاعترافات, اضف إلى ذلک تطور مفهوم سیادة الدول على نحو اصبح ممکنا عندها تقبل التزمات تقید من تصرفاتها , ومع التقدم التکنلوجی والعلمی فی القتل والتدمیر بل والابادة وامکانیة استخدام الافراد لها اصبح من غیر المعقول إن تمر هذه الجرائم دون مسائلة ویبقى الفرد بمعزل عن أی مسؤولیة دولیة جنائیة , وبالتالی اصبحت امکانیة مسائلته الدولیة فی الاتفاقیات الدولیة .

لکن ما هی هذه الجرائم الدولیة ,وما هی المسؤولیة المترتبة علیها , وکیف عالجه الاختصاص الجنائی فی الاتفاقیات الدولیة؟

نجیب على هذه الاسئلة على الترتیب الاتی :

المبحث الاول : ماهیة الجرائم الدولیة

حظیت الجریمة الدولیة بتباین واختلاف بین جموع الفقهاء فی بیانها وتحدید ما هیتاه , فقد اعترف القانون الدولی منذ القدم بمجموعة مصالح معینة واعتبر انتهاکها عملا معاقبا علیه یخول الدولة المعنیة ایقاع العقاب ,حیث کانت جریمة قانون الشعوب تمثل النمط التقلیدی لتلک الوقائع ولعل جریمة القرصنة کانت اقدک تلک الجرائم .

الفقرة الاولى . مفهوم الجریمة الدولیة:

عرف الفقیة PELLA الجریمة الدولیة بانها فعل أو ترک تقابلة عقوبة تعلن وتنفذ باسم الجماعة الدولیة وعرف الفقیه سیبروبولس الجریمة الدولیة بأنها الافعال التی ترتکبها الدولة أو تسمح بها مخالفة بذلک القانون الدولی وتستبع المسؤولیة الدولیة على ذلک فأن وصف الجریمة الدولیة لا ینطبق الا على افعال ذات جسامة خاصة من شأنها احداث اضطراب فی الامن والنظام العام للمجموعة الدولیة .

باختصار نستطیع القول إن الجریمة الدولیة هی کل فعل او امتناع یتم فیه التعدی على القیم والمصالح التی تهم المجتمع الدولی ویترتب علیها تهدید السلم والامن للمجتمع الدولی واشخاصة وامواله , ویقرر لها عقوبة سواء تم ذلک بناء على طلب الدولة أو بتشجیعها او ارضاء منها وسواء تم تقریرها فی اتفاقیات دولیة ام فی الاعراف الدولیة فقط سةاء تم الاخذ بها فی القوانین الوطنیة الداخلیة أم لا .

بغض النظر عن معاییر تصنیف الجرائم الدولی, وتعتبر الجرائم موضوع اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة أهم الجرائم الدولیة على الاطلاق ویبدو ذلک واضحاً جداً من اکثر من وجه , فمن جهة تعتبر کل المحاکم الدولیة التی انشئت قبل المحکمة الجنائیة الدولیة (إن کانت مؤقتة) مختصة بالنظر بمسؤولیة مقترفی هذه الجرائم , ومن جهة اخرى لکثرة ضحایا هذه الجرائم التی قد تصل إلى مئات الالاف , ومن جهة ثالثة لان مقترفی هذه الجرائم هم فی الغالب ممن یضطلعون بالمسؤولیة الکبرى فی بلادهم (رئیس دولة , ضابط کبیر , وزیر ..) ولهذا کانت الجهود الدبلوماسیة مضنیة من اجل الوصول إلى من یحکم مصیر من یقترفون هذه الجرائم .

وترکز الاختصاص الموضوعی للمحکمة الدولیة الجنائیة على الجرائم الاشد خطورة على امن وسلم البشریة وهی الجرائم التی حددتها المادة الخامسة من نظام روما الاساسی کالآتی:

1-جریمة الابادة الجماعیة .2- الجرائم ضد الانسانیة3-. جرائم الحرب . 4-جریمة العدوان.

الابادة الجماعیة (جریمة الجرائم )

جاء فی قرار للامم المتحدة رقم 96 لسنة 1946 " إن ابادة الجنس البشری هی انکار حق الوجود لجماعة بشریة بأکملها کالقتل " هذا الانکار لحق الوجود یتنافى مع الضمیر العام ویصیب الانسانیة بأضرار جسیمة سواء من ناحیة الثقافة أم ناحیة الامور الاخرى التی تساهم بها هذه الجماعات البشریة الامر الذی لا یتفق مع القانون الاخلاقی وروح ومقاصد الامم المتحدة.

لا یخفى على احد من العالم ما ارتکبته سلطات الاحتلال الاسرائیلی ضد ابناء الشعب الفلسطینی وضد اللبنانیین منذ عام 1984 , وهناک الکثیر من الجرائم التی ارتکبتها بحق الشعب الفلسطینی والتی تشکل جرائم ابادة جماعیة اذکر على سبیل المثال لا الحصر مجزرة دیر یاسین 1948 ومجزرة صبراوشاتیلا 1982 ومجزرة کفر قاسم 1956 ومجزرة بیت حانون 2006 ومجزرة قانا 1996 .

 

لقد جاءت م.ح من نظام روما محددة الافعال والتی تشکل جریمة ابادة جماعیة على النحو التالی .

المادة الثانیة : تعنی الابادة ایاً من الافعال التالیة المرتکبة عن قصد التدمیر الکلی او الجزئی لجماعیة قومیة او اثنیة او عنصریة او دینیة بصفتها هذه .

أ‌-قتل اعضاء من الجماعة .

ب‌-الحاق اذى جسدی او روحی خطیر باعضاء من الجماعة .

ت‌-اخضاع الجماعة عمداً لظروف معیشیة یراد بها تدمیرها المادی کلیاً او جزئیاص.

ث‌-فرض تدابیر تستهدف الحیلولة دون انجاب الاطفال داخل الجماعة .

ج‌-نقل اطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة اخرى.

وهناک حسب المادة الثالثة صور من الافعال التی تدخل تحت طائلة العقاب باعتبارها انها صور للسلوک الاجرامی المؤثم بالنسبة لجریمة ابادة الجنس .

1- ابادة الجنس 2- التحریض المباشر العلنی على ارتکاب الابادة .

3- محاولة ارتکاب الابادة الجماعیة 4- الاشتراک فی الابادة الجماعیة.

الجرائم ضد الانسانیة:

وهی جرائم حدیثة الحدث نسبیاً حیث لم تظهر الا بعد الحرب العالمیة الثانیة فی المبدأ السادس من مبادئ نورمبرغ.

عرفها الاستاذ لیمکنا بانها ( خطة منظمة لاعمال کثیرة ترمی إلى هدم الاسس الاجتماعیة لحیاة جماعة او جماعات وطنیة بقصد القضاء على هذه الجماعات والغرض من هذه الخطة هو هدم النظم الاجتماعیة والسیاسیة والثقافیة واللغة والمشاعر الوطنیة والدین والکیان الاجتماعی والاقتصادی للجماعات الوطنیة والقضاء على الامن الشخصی والحریة الشخصیة وصحة الاشخاص وکرامتهم بل والقضاء على حیاة الافراد المنتمین لهذه الجماعات .

وجاء فی نظام روما بتعریف شامل لهذه الجرائم ضد الانسانیة فی المادة السابعة " یشکل أی فعل من الافعال التالیة جریمة ضد الانسانیة متى ارتکب فی اطار هجوم واسع النطاق أومنهجی ضد أی مجموعة من السکان المدنیین وعد علم بالهجوم .

1- القتل العمد 2- الابادة 3- الاسترقاق 4- ابعاد السکان او النقل القسری للسکان .

5- السجن او الحرمان الشدید على أی نحو من الحریة البدنیة بما یخالف القواعد الاساسیة للقانون الدولی.

6- التعذیب 7- الاغتصاب أو الاستبعاد الجنسی أو الاکراه على البغاء أو الحمل القسری أو التعقیم القسری او أی شکل من اشکال العنف الجنسی على مثل هذه الدرجة من الخطورة .

8- اضطهاد ایة جماعة او مجموعات محددة من السکان لاسباب سیاسیة او عرقة او قومیة او اثنیة او ثقافیة او دینیة او متعلقة بنوع الجنس على النحو المعروف فی الفقرة 3 او لاسباب اخرى من المسلم عالمیا بان القانون الدولی لا یجزها , وذلک فیما یتصل بای فعل مشار الیه فی هذه الفقرة او ایة جریمة تدخل فی اختصاص المحکمة .

9- الاخفاء القسری للاشخاص 10- جریمة الفصل العنصری 11- الافعال اللاانسانیة الاخرى ذات الطابع المماثل التی تتسبب عمداً فی معاناة شدیدة فی اذى خطیر یلحق الجسم او بلصحة العقلیة او البدنیة .

جرائم الحرب :

هی تلک الجرائم التی ترتکب ضد قوانین وعادات الحرب وقد عرفتها م.6/ب من لائحة محکمة نومبرغ تلک الجرائم بأنها الاعمال التی تشکل انتهاکاً لقوانین واعراف الحرب.

ونصت م.8 من نظام روما علیها حیث قالت :

1-إن یکون للمحکمة اختصاص فیما یتعلق بجرائم الحرب , ولاسیما عندما ترتکب فی اطار خطة سیاسیة عامة او فی اطار عملیة ارتکاب واسعة النطاق لهذه الجرائم .

2-لفرض هذا النظام الاساسی تعنی جرائم الحرب :

أ‌-الانتهاکات الجسیمة لاتفاقیات جنیف المؤرخة فی 12 اغسطس /اب 1949, أی فعل من الافعال یرتکب ضد الاشخاص او الممتلکتا الذین یحمیهم احکام اتفاقیة ذات الصلة.

ب‌-الانتهاکات الخطیرة الاخرى للقوانین والاعراف الساریة على المنازعات الدولیة المسلحة فی نطاق الثابت للقانون الدولی.

ت‌-فی حالة وقوع نزاع مسلح غیر ذی طابع دولی , الانتهاکات الجسیمة للمادة 3 المشترکة بین اتفاقیات جنیف الاربعة لسنة 1949 او أی من الافعال التالیة المرتکبة ضد اشخاص غیر مشترکین اشتراکا فعلیا فی الاعمال الحربیة , لما فی ذلک افراد القوات المسلحة الذین القوا سلاحهم واولئک الذین اصبحوا عاجزین عن القتال بسبب مرض او اصابة او الاحتجاز او لای سبب اخر .

 

ث‌-الانتهاکات الخطیرة الاخرى للقوانین والاعراف الساریة على المنازعات المسلحة غیر ذات الطابع الدولی فی النطاق الثابت للقانون الدولی .

هذه اهم الجرائم الدولیة التی تنطبق على وضع الفلسطینین خلال ستین عاما مضت منذ قیلم دولة اسرئیل وما رسمت به الواقع من جرائم تلونت بدماء ودمار لاهل الارض الاصلیین .

المبحث الثانی :

المسؤولیة الدولیة الجنائیة فی الممارسات العملیة للافراد:

احاطت الحرب العالمیة الاولى مجموعة من الاعتبارات التی اظهرت الحاجة بشدة إلى تحریک فکرة المسؤولیة الجنائیة بالنسبة للافراد الطبیعیین بسبب ما قاموا به خلال هذه الحرب من خروج على مقتضى الضرورات الحربیة , وارتکاب مخالفات جسیمة تشمل المدنین بجانب العسکریین .

وقد شکلت معاهدة فرسای فی 28 یونیو 1919 سابقة تاریخیة بتضمینها نصاً یعترف ضمنا بالمسؤولیة الدولیة الجنائیة الفردیة عن انتهاکات القانون الدولی الانسانی , اذ نصت المادة 227 على إن سلطات الدولة المتحالفة والمنضمة توجه الاتهام العلنی إلى الامبراطور غلیوم الثانی لارتکابه انتهاکات صارخة .

ضد مبادئ الاخلاق الدولیة وقدسیة المعاهدات , وسوف تشکل محکمة خاصة لمحاکمة المتهم , بالمحکمة محکمة تحدید العقوبات التی یرى تطبیقها على الرغم من إن الاتفاقیة احتفظت بطابعها النظری البحث بسبب هرب غلیوم إلى هولندا ورفض الاخیرة تسلیمة لمحاکمته .

لکن بعد الحرب العالمیة الثانیة وما شهدته من جرائم متنوعة وانتهاکات لحرمة القیم الانسانیة والقوانین والاعراف الدولیة إلى حد کبیر تعالت الاصوات من مختلف انحاء العالم تدعو إلى محاکمة مجرمی الحرب ومعاقبتهم وتم الاتفاق على محاکمتهم فعلا .

کذک الامر وقع فی محاکمات یوغسلافیا ورواندا حیث افاق مجلس الامن من سکرته وتحرک بموجب صلاحیته فی المحافظة على الامن والسلم الدولیین , وقرر بموجب القرارین 827فی مای 1993 الخاص بیوغسلافیا , والقرار 955 فی نوفمبر 1994 وانشأ محاکم دولیة جنائیة تظطلع بمهمة تقریر مسؤولیة وعقاب مرتکبی هذه الجرائم الخطیرة.

لکن لماذا لا یتحرک مجلس الامن لمحاکمة المسؤولین الاسرائلین على غرار ما حدث فی یوغسلافیا ورواندا ؟؟.

ماذا عن نظام المحکمة الجنائیة الدولیة فی اثارة المسؤولیة الدولیة الجنائیة وبالاخص المسؤولین الاسرائیلین تجدر الاشارة اولا إن اهم الممیزات الجوهریة لنظام هذه المحکمة الاخیرة :

1-نظام المحکمة الجنائیة الدولیة هو معاهدة دولیة وینتج عن ذلک إن :

•الدول غیر ملزمة بالارتباط به رغما عنها وان هذه المعاهدة ککل المعاهدات الدولیة لا تلزم اطرافها الموقعین علیها .,وباعتبار اسرائیل غیر موقعة على هذا النظام تعتبر غیر طرفاً به وغیر ملزمة باحکامة ونصوصة , واذا کان واضعوا النظام قد جعلوا مدخلا لمحاکمة المجرمین الدولیین الذین یرتکبون جرائم دولیة رغم إن بلدانهم لیست طرفا فی هذه الاتفاقیة من خلال منح الامکانیة لمجلس الامن باحالة أی حالة تدخل فی اطار اختصاص المحکمة للمحکمة بالتحقیق والمقاضة رغم إن تلک الدولة غیر طرف فی هذا النظام ,وهو بالفعل ما حدث مؤخرا عندما احال مجلس الامن للمحکمة النظر فی الجرائم الدولیة الواقعة فی اقلیم دارفور ومحاکمة بعض المسؤولین السودانیین رغم إن السودان کإسرائیل غیر طرف فی نظام المحکمة الجنائیة الدولیة , وهنا تقع المفارقة فی التطبیق وفی تحقیق العدالة الدولیة .

لماذا یحیل مجلس الامن قضیة دارفور على انظار المحکمة الجنائیة الدولیة ولا یحیل المجازر الاسرائیلة لتلک المحکمة ؟

الاجابة ببساطة لا تحکمة فقط المعیقات التی سنذکرها فیما بعد لکن ایضا هناک قانون الاقوى قانون الغاب الدولی الذی یطبق متى شاء إلى جانب القانون الدولی الانسانی , للاشارة فی مجال البحث عن نظام المسؤولیة فی نظام روما فقد قررت م.25 منه إن الشخص الذی یرتکب جریمة تدخل فی اختصاص المحکمة یکون مسؤولا عنها بصفته الشخصیة وعرضة لتوقیع العقوبات المقررة فی النظام .

وبموجب فق .3 من م.25 یسأل الفرد جنائیاً امام المحکمة واعتبرت م.27 إن الصفة الرسمیة للمتهم لا تعد مانعا من موانع المسؤولیة ولا حتى عذراً مخففاً.

المبحث الثالث: الاختصاص بمحاکم الجرائم الدولیة

المبدأ الاساس فی الاختصاص بالنظر فی الجرائم على المستوى الوطنی والدولی واحترام سیادة الدولة وذلک باعطاء الدولة الحق فی محاکمة مرتکبی أی جریمة فوق إقلیمها أی بسط ولایتها القائیة على مایرتکب من جرائم فی اقلیمها بصرف النظر عن جنسیة مرتکب الجریمة سواء اکان من مواطنی الدولة ام من الاجانب وهذا ما یعرف بمدأ الاقلیمیة , ولاستکمال هذا المبدأ أوصت التشؤیعات مبادئ اخرى کشخصیة القانون الجنائی الذی یقضی بتطبیق النص على المواطنین فیما حلو وارتحلوا.

وعینیة النص الجنائی الذی یجرم الافعال الموجهة ضد المصالح الاسایة للدولة .

وهناک مبدأ مهم فی اطار هذا البحث , وهو مبدأ عالمیة النص الجنائی وهو من اهم المبایء فی اطار مکافحة الاجرام الدولی والحد منه بغض النظر عن شخص مرتکب الجرائم ومکان اقترافها.

فجرائم الحرب کثیراً ما تثیر المشاعر الانسانیة , واعطاء الاختصاص لمحاکم دولة اخرى هو امر یفرضة هاجس السرعة والفعالیة فی تفعیل العدالة وهو المبدأ الذی یعتبر بحق نواة التجریم الجنائی الدولی .

یعتبر القانون البلجیکی لعام 1993 اکثر القوانین وضوحاً بخصوص النص على الجرائم موضوع اختصاص المحکمة الجنائیة الدولیة عندما ینص على اختصاص محاکمة بالنظر فی معاقبة مرتکبی الانتهاکات الجسیمة لاتفاقیات جنیف لعام 1949 والبروتوکولین الملحقین لعام 1977 وهو الذی عدل ایضا عام 1999 لیشمل نطاقة الجرائم والابادة والجرائم ضد الانسانیة بالرغمن من إن القانون الاخیر لعام 1999 حذف من الجرائم ضد الانسانیة کل من الاختفاء القسری والفصل العنصری وغیرها من الافعال اللاانسانیة , ویستبعد البند 1 من م.5 من القانون المصلحة السیاسیة او العسکریة او الوطنیة او الضرورة لارتکاب انتهاک جسیم ویقض البند 2 من إن طاعة اوامر الجهات الاعلى لا تعفی من المسؤولیة الجنائیة عن الابادة او احدى الجرائم ضد الانسانیة او انتهاک جسیم لاتفاقیات جنیف .

واوضحت م.5 فی البند 3 انه لا تحول الحصانة الراجعة إلى المنصب الرسمی لشخص ما دون تطبیق هذا القانون , لتأتی م.7 من القانون لتنص بوضوح على الولایة العالمیة للقضاء البلجیکی .

ومن القضایا الواقیعة التی طرحت فعلا على القضاء البلجیکی بهذا الخصوص عام 2001 فی 18 یونیو /حزیران قضیة رئیس الوزراء الاسرائیلی ارائیل شارون عما ارتکبه عندما کان رئیساً للوزراء عام 1982 فی صبرا وشاتیلا من مجازر بحق الشعب الفلسطینی .

من الجدیر ذکره هنا هو إن اسرائیل نفسها اسندت لنفسها الحق بموجب الاختصاص العالمی الجنائی عندما حاکمت احد نازیی الحرب العالمیة الثانیة المسؤولین عن ارتکاب جرائم ضد الانسانیة وابادة جماعیة للیهود کما هی تدعی – ویدعى أیخمن , وحکم علیه بالاعدام عام 1962 .

الفصل الثانی :

معیقات اثبات المسؤولیة الدولیة الجنائیة والعقوبات المفروضة عند ثبوتها وامکانیة التعویض ( جبر الضرر).

کثیرة هی المعیقات والحواجز التی تقف فی طریق اثبات مسؤولیة المجرمین مقترفی الجرائم الدولیة , ولعل حداثة القانون الدولی الجنائی هی اساس هذه المعیقات , لا سیما فی الشق المتعلق بتدوین هذا القانون الاخیر ( الشرعیة الدولیة الجنائیة) التی سیبنى علیها مشکلة تسلیم المجرمین إلى المحاکم الدولیة وما سیخلفه ذلک من انه تعد على السیادة الوطنیة للدولة , ناهیک عن اهم واکبر معوق یحول دون تفعیل نظام المسؤولیة الدولیة الجنائیة وهو المتعلق بالاعتبارات السیاسیة فی تحریک الدعوى الدولیة الجنائیة ( خلط القانون بالسیاسة ) , ولهذا یمکن جمع شتات هذه المعیقات فی مجموعتین اساسیتین , منهما ما هو قانونی وآخر سیاسی .

المبحث الاول

معیقات اثبات المسؤولیة الدولیة

الفقرة الاولى . المعیقات القانونیة

وتتلخص فی بندین اساسیین , الاول یتعلق بمبدأ شرعیة الجرائم والعقوبات , والثانی فی نظام تسلیم المجرمین الدولیین .

البند الاول: معوقات تتعلق بمبدأ الشرعیة .

إن مبدأ الشرعیة یقوم على فکرة منع الظلم , أی انه یهدف إلى منع مفآجأة الافراد بتجریم افعالهم التی سبق إن ارتکبوها , ولما کان العرف الجنائی الدولی یستند ایضاً إلى فکرة العدالة لذلک کان من اللازم اقرار الفکرة المستمدة من مبدأ شرعیة الجرائم والعقوبات فی نطاق القانون الدولی الجنائی , ویترتب على ذلک عدم المعاقبة الا على الافعال التی یخلع علیها القانون الجنائی الدولی صفة الجریمة فی وقت ارتکابها.

یتلخص مبدأ الشرعیة فی انه لا جریمة بدون نص ولا عقاب بدون نص , إن تطبیق الشق الاول من المبدأ السابق فی القانون الدولی الجنائی سیعمل على قتل الصفة التطوریة لهذا القانون من جهة وسیؤدی حتما إلى افلات الکثیر من المجرمین الدولیین تحت ذریعة عدم النص ایضاً على هذه الجرائم قبل اقترافها وهنا تکمن المشکلة , لهذا تفطنت فعلا محکمة نومبروغ الدولیة لها وقالت : لیس سدیداً القول بان الجزؤ الذی یوقع على اولئک الذین هاجموا دون سابق انذار مخالفین التعهدات والمواثیق الرسیمة غیر شرعی , لان انذار مخالفین التعهدات والمواثیق الرسمیة غیر شرعی , لان المعتدی فی مثل هذه الظروف یعلم طبیعة عمله البغیض ویعلم بان العالم المکتئب یشعر بالراحة اذا ما عوقب ویصدم ویتأذى اذا لم یعاقب .

واذا کانت المحکمة الجنائیة الدولیة نصت صراحة على هذا المبدأ فی م.22 و 23 من نظامها الاساسی وقصرت اختصاص المحکمة على الجرائم الاربعة الواردة فی المادة الخامسة فی النظام , الا انه لا یخفى خطورة العمل على ابقاء کثیر من الجرائم فی القانون الدولی دون تحدید ولا طبیعة الافعال المکونة لها کما هو الحال فی جریمة العدوان فی نظام روما , وهو ما سیؤدی إلى ازدواجیة التعامل مع هذه الجریمة ضیقاً واتساعاً على حساب مصالح الدول السیاسیة والامنیة .

على أی لقد خفت کثیرا حدة المشکلة فی السنوات الاخیرة بعد النص صراحة علیها فی کثیر من الاتفاقیات الدولیة , لکن یبقى القول إن هذه الاتفاقیات هی معاهدات لا تلزم الا اطرافها , واهم الدول المرتکبة للجرائم الدولیة هی خارج هذه المعاهدات کما هو الحال اسرائیل مع محکمة الجنایات الدولیة بلاهای.

البند الثانی : تسلیم المجرمین

وهذه النقطة اعقد من سابقاتها لسبب بسیط هو إن هناک قاعدة فی القانون الدولی تقضی بعد تسلیم الدولة لمواطنیها , وهی قاعدة یرجع اصلها إلى دول المدن الاغریقیة والیونانیة .

فتسلیم المجرمین حسب رای الاغلبیة , هو اجراء بمقتضاة تتخلى الدولة عن شخص موجود على اقلیمها لسلطات دولة اخرى تطالب بتسلیمها الیها لمحاکمتة عن جریمة منسوب الیه ارتکابها او لتنفیذ عقوبة مقضی علیه بها من محاکم الدولة الطالبة , ما سیزید من هذه المعیقة تعقیداً هو إن الکثیر من مرتکبی الجرائم هو من من یتولون مناصب علیا فی الدولة مرتکبیت الجرائم , مثل رئیس دولة رئیس وزراء وزیر دولة او ظابط عظیم ... ( مسألة الحصانة).

الفقرة الثانیة : المعیقات السیاسیة

من هذه المعیقات ما یتعلق بمسألة سیادة الدولة واخرى تتعلق بالمصالح والاعتبارات السیاسیة فی تحریک الدعوى الدولیة الجنائیة امام الجهات المختصة بها.

البند الاول : معیقات تتعلق بالسیادة الوطنیة

تعنی السیادة باعتبارها السلطة الاصلیة التی لا تستمد من سلطة اخرى , انفراد الدولة بممارسة الاختصاص فی اقلیمها الوطنی ,وکذا الاستقلال فی مواجهة الدول الاخرى.

ولهذا کان اهم حجج منتقدی انشاء المحکمة الجنائیة الدولیة تلک الحجة المؤسسة على مبدأ السیادة وتذهب هذه الحجة ,إلى إن وقوع جریمة على اقلیم دولة یعنی حدوث مسالة داخلیة تهم القضاء الوطنی فحسب وان أی افتئات على ذلک کإنشاء محکمة جنائیة دولیة یمس السیادة الداخلیة للدول , ویعد تدخلا فی صمیم الشؤون الداخلیة لها.

وحتى نعرف کم یشکل مبدأ السیادة معوقاً امام اثبات المسؤولیة الدولیة الجنائیة نأخذ مثالا فی التصدیق على نظام روما وکیف کان هذا المبدا من المسائل التی صرفت انظار کثیر من الدول عن التصدیق على نظام المحکمة , وبالتالی فی مسالة التحقیق واثبات المسؤولیة تجاه المجرمین مقترفی الجرائم الدولیة موضوع اختصاص نظام روما وذلک فیما یخص سلطات المدعی العام للمحکمة فیما یتعلق باجراء التحقیقات فی اقلیم دولة طرف.

لکن المحکمة الجنائیة الدولیة خففت من شدة هذا التعنت السلبی من قبل الدول التی اقرت مبدا التکامل فی الاختصاص حیث اقرت فی الدیباجة والمادة الاولى من نظامها الاساسی إن تکون للمحکمة مکملة للنظم القانونیة الجنائیة الوطنیة فی الحالات التی قد لا تکون فیها اجراءات المحکمة الوطنیة متاحةاو حتى کانت هذه الاجراءات غیر ذات جدوى .

وزادت المادة 17 من النظام إن المحکمة تحکم بعدم القبول فی احوال منها إن تکون القضیة محل تحقیق او محاکمة فی دولة لها اختصاص او إن الشخص سبق محاکمته عن ذات الفعل او إن الفعل لیس خطیرا بدرجة کافیة .

لتاتی المادة 20/3 لتنص على الاسثناء من ذلک او امکانیة قیام المحکمة الجنائیة الدولیة بمحاکمة شخص حوکم امام محکمة اخرى فی حالتین هما.

--- اذا کانت الاجراءات التی اتخذت قبلة کانت فقط بغرض تمکین الجانی من الافلات من المسؤولیة الجنائیة عن جرائم داخلة فی اختصاص محکمة الجنایات الدولیة.

--- اذا تمت الاجراءات بغیر استقلال وحیدة , وبما بکذب نیة تقدیمة للعدالة.

البند الثانی : معیقات تتعلق بتحریک الدعوى الدولیة الجنائیة

تعتبر الدعوى الدولیة الجنائیة هی الوسیلة القانونیة الفاعلة فی اثارة مسؤولیة المجرمین مقترفی الجرائم الدولیة وبالتالی تعتبر الاداة الفاعلة الاولى فی اثبات فعل المسؤولیة ومعاقبة مرتکبیه , لهذا فان کل مایمس هذه الاداة القانونیة الفاعلة بالسلب یمکن وصفه بانه تحجیم ومعوق لدور هذه الدعوى فی اداء مهمتها.

إن واقع المجتمع الدولی والعلاقات بین الدول لا یحکمة الا المصالح وهذا ما کان له تاثیره السلبی على المجالات الانسانیة البحتة والقانونیة الصرفة.

فالانتقائیة فی شخص المسؤولیة الدولیة کانت بارزة امام الصغیر والکبیر فی المجتمع الدولی ولعل فی محاکمة میلوسفیتش , وتحریک الدعوى ضد المسؤولین السودانیین امام محکمة الجنایات الدولیة والسکحوت عن الجرائم الاسرائیلیة بالرغم من إن هاتان الاخیرتان فی واقع قانونی واحد من النظام الاساسی للمحکمة لعو خیر دلیل على طغیان المصالح السیاسیة فی تحریک هذه الدعوى .

فالانتقائیة واضحة فی تقدیم من تراه الدول معارضاً لمصالحها للمحاکمة واستبعاد من تراه متوافقا معها ایضا وبالتالی لم یکن استبعاد امبراطور الیابان هیروهیتو من المحاکمة بسبب عدم ارتکابه لجرائم دولیة معاقب علیها ولا لعدم کفایة الادلة او لعدم اهلیته الجنائیة, ولکن لان ثمة اهداف استراتیجیة لامریکا فی الیابان منها تخطیطها لجعل الیابان مرکزها الاساسی فی الشرق الاقصى لمواجهة المد الشیوعی , واتخاذ الیابان کقاعدة لتامین مصالحها الاقتصادیة هناک , فضلا عن سعیها للقضاء على الروح العسکریة الیابانیة وعدم انبعاثها ثانیة کی لا تهدد سیادتها البحریة والجویة فی الشرق الاقصى والمحیط الهادئ.

المبحث الثانی : امکانیة تعویض ضحایا الجرائم الدولیة ( جبر الضرر)

یقصد بالتعویض المالی التزام الدولة المسؤولة عن الضرر بدفع مبلغ مالی للدولة المضرورة لتعویضها عما اصابها من ضرر یکون کافیا لجبر هذا الضرر , فی هذا الاطار یتم التمییز بین التعویض والترضیة حیث إن هذه الاخیرة هی ذلک الاجراء الذی تتخذه الدولة المخطئة ویحمل معنى الاعتذار وعدم مشروعیته الفعل المقترف منها او الترضیة المالیة إن امکن رداً لکرامة الدولة واحترام هیبتها وله فی العرف الدولی عدة صور.

منها الاعتذار الرسمی والاعلان عن عدم مشروعیته الفعل المقترف والترضیة المالیة قد تتحقق بواحدة منها.

تاریخیاً , یشیر تاریخ العلاقات الدولیة المعاصرة إلى اللجوء إلى التعویضات لمعالجة المسائل الناتجة عن الصراعات المسلحة او الحوادث المقصودة او غیر المقصودة التی تؤدی إلى اضرار تصیب الدول وغیرها من الاشخاص الدولیة , ومن ذلک اتفاقیة الصلح المعقودة بعد الحرب العالمیة الاولى التی الزمت الدول المغلوبة بالتعویض عن جمیع الخسائر والاضرار التی اصابت الدول المتحالفة ورعایاها اثناء الحرب , وبعد الحرب العالمیة الثانیة سادت اتفاقیة السلام لسنة 1947 واتفاقیة بوتسدام إلى واجب دفع التعویضات , کما اصدرت محکمو العدل الدولیة قرارات عدیدة لحل المنازعات التی عرضت علیها تضمنت تحدید الالتزام المبدئی بتقدیم التعویضات.. وهذا ایضا ما اکدته احکام اتفاقیة جنیف الرابعة الخاصة بحمایة المدنیین لعام 1949 , وبصورة خاصة المادة (53) التی تحرم تدمیر الممتلکات فی الاراضی المحتلة , والمادة الثانیة من اتفاقیة لاهای الرابعة لانتهاک العراق لقوانین الحرب.

وما جاء بالمادة (91) من البروتوکول الاول لعام 1977 والتی تقرر صراحة مسؤولیة اطراف النزاع الذی ینتهک احکام الاتفاقیات او البروتکول بدفع تعویض اذا اقتضى الحال.

وما جاء به ایضا نظام روما الاساسی من التنصیص فی المادة 75 على التعویض لضحایا الجرائم الدولیة والتی عملت المادة 79 منه على انشاء صندوق استئمانی لتعویض الضحایا , وهو بالتالی یوفر الغطاء القانونی الکامل لتعویض ضحایا الجرائم الدولیة.

ومن النماذج الواقعیة لهذه التعویضات , التعویضات المالیة التی تاخذها اسرائیل من المانیا لقاء ما ادعت انها محرقة للیهود قام بها النازیون , وذلک العراق الذی الزم بموجب قرار بمجلس الامن 674 فی اکتوبر 1990 على بیع منتجاته النفطیة ودفع جمیع تعویضات الحرب التی شنها على الکویت .

اما على صعید الصراع الفلسطینی الاسرائیلی , فان الحکومة الاسرائیلیة جاهدة فی مساعیها لسن قانون یمنع مصابی الانتفاضة المطالبة بدفع التعویضات التی یتقدم بها الفلسطینیون ضد القوات الاسرائیلیة , وتحتج اسرائیل بهذا القانون إن الاصابات وقعت خلال نشاطات عسکریة حربیة قامت بها القوات الاسرائیلیة .

واخیراً الزمت محکمة العدل الدولیة فی الفتوى التی اصدرتها بخصوص الجدار العازل اسرائیل بجبر جمیع الاضرار الناتجة عن تشیید الجدار فی الاراضی الفلسطینیة المحتلة ( أی التعویض کما جاء فی الفقرة ج من الفتوى .

کلی امل فی النهایة إن تساعد هذه اللبنة فی تقدیم العون لأی عمل قانونی فی سبیل مساءلة المجرمیین الدولیین الاسرائیلین وتعویض بعض من معاناة شعبنا العظیم..

( البحث للمحامی عیسی سلیمان برهم  )

م/ن/25

 


| رمز الموضوع: 142891







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)