التصور الاسرائیلی للحل النهائی!
ترجمة خاصة لوثیقة غایة فی الأهمیة تکشف آلیة التفکیر الإسرائیلی فیما یتعلق بمستقبل التسویة السیاسیة للصراع العربی ـ الإسرائیلی.
الوثیقة هی عبارة عن ورقة عمل قدمت لمؤتمر هرتزلیا فی دورته الأخیرة التی عقدت فی شهر کانون ثانی/ینایر الماضی، ویعقد هذا المؤتمر سنویا فی مستوطنة هرتزلیا قرب یافا وتل أبیب، ویتم فیه مناقشة القضایا الإستراتیجیة المتعلقة بالدولة العبریة ومستقبلها، وعقابیل الصراع العربی ـ الإسرائیلی.
الورقة ـ الوثیقة التی حصلت علیها "الوطن" بعنوان "تبادل الأراضی کوسیلة لحل النزاعات الإقلیمیة بین اسرائیل وجاراتها".
وملخص الإقتراحات التی نوقشت فی إطار هذه الورقة هو أن اسرائیل ترید إجراء تبادل اراضی مع الدول العربیة بشکل جماعی، على نحو یضمن ابقاء سیطرتها على المناطق الأکثر استراتیجیة فی هضبة الجولان، فضلا عن المستوطنات الإستراتیجیة، وأحواض المیاه، والتخلص من عرب 1948، من خلال التبادل فی الأراضی بین مختلف دول المنطقة.
المقترحات الإسرائیلیة فی هذا الصدد یعتمد بعضها على اتفاق عباس ـ بیلین الذی ابرمه الرئیس الفلسطینی قبل تولیه منصب رئیس السلطة، وکذلک على وثیقة جنیف التی ابرمها یاسر عبد ربه أمین سر اللجنة التنفیذیة لمنظمة التحریر الفلسطینیة، وهو حلیف وثیق لعباس.
هنا نص الوثیقة، راجین أن نلفت إلى أننا احتفظنا به کما هو، وبذات التسمیات والکلمات المستخدمة فیه مکتفین فقط بوضع ملاحظات عند الضرورة بین أقواس کبیرة، أو بین شرطتین:
وثیقة
تبادل الأراضی کوسیلة لحل النزاعات الإقلیمیة بین اسرائیل وجاراتها
ترجمة حرفیة کاملة خاصة لـ "ورقة عمل" قدمت إلى "مؤتمر هرتزلیا السنوی الثامن"، الذی عقد فی الفترة بین 20 و 23 کانون الثانی/ینایر 2008.
وتبحث الورقة، التی قام بإعدادها فریق عمل من کبار المسؤولین والباحثین فی "مرکز هرتسلیا المتعدد المجالات" یضم عوزی أراد وغدعون بایغر وراحیل مختیغر، فی مختلف الخطط والمقترحات المتعلقة بإمکانیة تنفیذ أفکار وسیناریوهات مختلفة لتسویة النزاعات الإقلیمیة فی الشرق الأوسط عن طریق تبادل أراضٍ ومناطق بین الدول ذات الصلة. ولعل الجدید فی هذه الورقة أولاً أنها تبحث وبشکل تفصیلی فی فکرة "تبادل الأراضی"، والتی طرحتها وناقشتها أوساط اسرائیلیة عدیدة ومتباینة فی التوجهات السیاسیة، لیس فی سیاق تسویة النزاع الفلسطینی ـ الإسرائیلی فقط، وفق ما طرحت حتى الآن، وإنما فی إطار تسویة شاملة متعددة الأطراف للنزاع العربی ـالإسرائیلی برمته، وثانیا فی کون هذه الورقة ضمت هذه المرة فی إطار "وثیقة خطیة واحدة" شتى الأفکار والمقترحات المطروحة إسرائیلیاً فی الصدد ذاته.
مدخل عام
یعتبر النزاع بین اسرائیل وجیرانها صراعاً على السیطرة على المنطقة یدور منذ عدة أجیال. معظم الإقتراحات والمشاریع التی طرحت على مر السنوات من قبل جهات دولیة وإقلیمیة، بما فی ذلک أطراف النزاع ذاتها، تضمنت مکوناً جغرافیاً واضحاً، أی إعادة رسم الحدود الحالیة من جدید.
فی السنوات الأخیرة ولد استمرار النزاع والواقع الدیمغرافی المتکون فی المنطقة منذ سنة 1948، أفکاراً لتبادل أراضٍ باتجاه رسم خط حدودی جدید یستجیب للواقع الجدید، ویضمن مصالح مثل الأمن والمیاه والموارد الطبیعیة والبیئة إضافة إلى التنمیة المستقبلیة.
تستند فکرة تبادل الأراضی إلى مبدأ یحافظ بموجبه کل طرف على حقه فی کامل مساحة المنطقة، ولکن مع امکانیة إعادة رسم الحدود الدقیقة للمنطقة بناء على اعتبارات دیمغرافیة وأمنیة. مع ذلک من المحتمل فی أعقاب المفاوضات أن یحصل أحد الطرفین على منطقة أکبر مقابل منطقة أقل مساحة لکنها ذات أهمیة قومیة للطرف الآخر.
وفی الواقع فإن فکرة تبادل الأراضی وجدت تعبیراً لها فی معظم خطط ومشاریع السلام. هذا العام اکتسبت هذه الفکرة أهمیة عملیة قصوى نظراً لأن معظم المعالجات ترى فی خطوط سنة 1967 (أو 1949) اساساً تنطلق منه التسویات والحلول.
خطوط الحدود فی الحیز المحیط بدولة اسرائیل رسمت فی الأصل من قبل قوى خارجیة، وهی قابلة للتعدیل والتغییر بالإتفاق، کما حصل فی معاهدة السلام المبرمة بین اسرائیل والمملکة الأردنیة.
هذه الوثیقة تسعى إلى تحدیث المعطیات فیما یتعلق بالأفکار المختلفة لتبادل الأراضی وتَسُوقُ فی الوقت ذاته مقترحات مکملة، وهی تهدف إلى مساعدة الذین یتفحصون هذه الإمکانیة وإثراء الأفکار المطروحة.
فرضیات أساس
عند تفحصنا لمسألة الحدود بین اسرائیل وجاراتها، علینا أن نأخذ فی الحسبان عدة "فرضیات أساس":
وجود نزاعات تتعلق، فیما تتعلق، بمطالب اقلیمیة.
خطوط الحدود فی الحیز المحیط بدولة اسرائیل حددت فی الأساس من قبل الدولتین الإنتدابیتین، فرنسا وبریطانیا، ومنظمة الأمم المتحدة دون تدخل أو مشارکة سکان المنطقة فی هذه العملیة.
خطوط الحدود الحالیة لدولة اسرائیل تستند فی جزء منها إلى خطوط الانتداب، وفی جزء آخر إلى تعدیلات أحادیة الجانب أجرتها دولة اسرائیل.
تتوفر لإسرائیل فی هذه النقطة الزمنیة خطوط حدود متفق علیها مع کل من مصر والأردن.
بین اسرائیل وسوریا یسود الیوم خط وقف إطلاق النار الذی حدد سنة 1974.
بین اسرائیل ولبنان یسود الیوم خط انسحاب قوات الجیش الإسرائیلی الذی حدد سنة 2000. وقد صادقت الأمم المتحدة على هذا الخط غیر أن لبنان لا یعترف به.
القانون الدولی لا یجیز ضماً من جانب واحد لمناطق أو أراضٍ احتلت فی حرب، لکنه یجیز تبادل أراضٍ بإتفاق.
خطوط حدود الماضی، وخاصة کتلک التی حُدَّدت من قبل قوى خارجیة، قابلة للتعدیل بموافقة الدولة المستقلة.
مواقف الأطراف المختلفة فی موضوع موقع خط الحدود الجانب العربی
سوریا
تطالب بإصرار وثبات بأن یستند الإتفاق بینها وبین اسرائیل إلى العودة إلى خطوط الرابع من حزیران/یونیو 1967 دون أی تغییر أو تعدیل. وهذا المطلب، الذی وافقت علیه مراراً الحکومات الإسرائیلیة المختلفة، شکّل حتى الآن عقبة کأداء حالت دون إحراز تقدم فی مراحل المفاوضات المختلفة التی جرت بین اسرائیل وسوریا، نظراً لما یعنیه من مس بالمصالح الإسرائیلیة وفقدان مکاسب ذات أهمیة استراتیجیة.
السلطة الفلسطینیة
تطالب السلطة الفلسطینیة إسرائیل بالانسحاب إلى "الخط الأخضر"، أی إلى خطوط الهدنة التی تبلورت فی سنتی 1949-1950. قسم من قادة السلطة الفلسطینیة اعربوا فی الماضی عن استعدادهم لإجراء تبادل أراض بمدى یصل إلى حوالی 150 کیلومتراً.
لبنان
لا یعترف بخط الإنسحاب (الذی أقرته الأمم المتحدة سنة 2000) الذی قام به الجیش الإسرائیلی إلى الحدود الدولیة، وتطالب دولة لبنان باستعادة منطقة "مزارع شبعا" التی تسیطر علیها اسرائیل فی هضبة الجولان. کذلک یطرح فی لبنان مراراً مطلبه باستعادة "سبع قرى شیعیة" فی منطقة الجلیل.
إسرائیل
فی مسألة هضبة الجولان طالبت اسرائیل بشکل غیر رسمی حتى الآن بالإحتفاظ بمناطق فی هضبة الجولان احتلتها خلال حرب حزیران/یونیو 1967.
فی مسألة القدس والضفة الغربیة: طالبت الحکومات الإسرائیلیة المتعاقبة بمواصلة احتفاظ اسرائیل بأجزاء واسعة فی منطقة القدس الشرقیة وبـ "الکتل الإستیطانیة" فی الضفة الغربیة. حجم هذه المناطق لم یجر تحدیده مطلقاً فی اسرائیل بصورة رسمیة، غیر أن الصیغ المختلفة للمناطق التی ترید اسرائیل الإحتفاظ بها عبرت عن نفسها فی شتى خطط التسویة.
سوابق فی إعادة رسم
الحدود وتبادل الأراضی
وقعت فی منطقة الشرق الأوسط خلال العقود الأخیرة عدة اتفاقیات بین دول متجاورة "کسرت" عملیاً "قدسیة" الحدود القائمة وأدت إلى إعادة رسم الحدود من جدید بشکل یستجیب لاحتیاجات ومصالح الطرفین المعنیین. وقد نجح ذلک (ما عدا فی حالة إیران والعراق) فی ازالة سبب توتر قائم أو محتمل من شبکة العلاقات بین دول متجاورة.
اتفاقیات رسم حدود بین إسرائیل وجاراتها
- فی نطاق معاهدة السلام بین اسرائیل ومصر وقعت اتفاقیة لرسم الحدود بین الدولتین، وقد جرى الحرص فی هذه الإتفاقیة على العودة الدقیقة إلى حدود الإنتداب البریطانی.
- وفی نطاق معاهدة السلام بین اسرائیل والأردن أقیم خط حدودی جدید استند إلى خط الحدود الإنتدابی، لکنه جرى تبادل أراضٍ على امتداد وادی عربة، الأمر الذی لبى مصالح استراتیجیة لکلا البلدین.
وفی منطقة الشرق الأوسط أبرمت العدید من الإتفاقیات الأخرى لرسم الحدود خارج سیاق النزاع الإسرائیلی ـ العربی، والتی جرى فی نطاقها إعادة رسم الحدود من جدید مع تبادل أراضٍ، کما جرى مثلاً فی الإتفاقیات المبرمة بین الأردن والسعودیة سنة 1965، وبین الأردن والعراق سنة 1982، وبین إیران والعراق سنة 1957، وبین الأردن وسوریا سنة 2004 وبین الیمن والسعودیة سنة 2005.
الاقتراحات المطروحة لتبادل أراضٍ على المستوى الإقلیمی
أفرزت النزاعات الإقلیمیة المفتوحة بین اسرائیل والفلسطینیین، فیما یتعلق بالضفة الغربیة وقطاع غزة، وبین اسرائیل وسوریا، تجاه هضبة الجولان، افکاراً مختلفة لتسویات اقلیمیة. وقد أخذت هذه الأفکار بعین الإعتبار الواقع الجدید (ولا سیما الواقع الدیمغرافی) الذی نشأ وتطور بمرور السنوات، إضافة أیضاً إلى الأبعاد والاحتیاجات الإستراتیجیة لإسرائیل، وقد وجدت هذه الأفکار تعبیراً لها فی مقترحات مختلفة لتبادل أراضٍ وإعادة رسم خطوط الحدود من جدید فی المنطقة. هذه المقترحات تضمنت افکاراً لتبادل أراض فی إطار ثنائی أو متعدد الأطراف، ونقدّم فیما یلی تفصیلاً بهذه الإقتراحات:
- بین إسرائیل والسلطة الفلسطینیة:
- أُقترح أن تقوم اسرائیل بضم کتل استیطانیة مقابل أراض اسرائیلیة (داخل/ أو على امتداد "الخط الأخضر") تنقل إلى الدولة الفلسطینیة. وقد وجدت هذه الفکرة تعبیراً لها فی اقتراح رئیس الحکومة إیهود باراک (سنة 2000)، واقتراح الرئیس الأمیرکی بیل کلینتون، وفی "مبادرة جنیف" و"خطة الهدف" (ایالون ـ نسیبة) التی لم تستبعد صیغتها نقل مناطق مأهولة.
نسبة تبادل الأراضی فی هذه المقترحات تراوحت بین 1=1 و 3=1 و 7=6 لصالح اسرائیل، وهناک موافقة فلسطینیة على مبادئ "مبادرة جنیف" واستعداد اسرائیلی لبحث الموضوع.
- ضم "کتل استیطانیة" إلى اسرائیل مقابل أراضٍ فی منطقة "حلوتسا" فی النقب- (وثیقة بیلین ـ أبو مازن)، غیر أن هذا الإقتراح رفض من جانب الحکومات الإسرائیلیة والفلسطینیین.
- ضم "کتل استیطانیة" إلى اسرائیل مقابل نقل مناطق مأهولة بسکان عرب من مسلمی اسرائیل، تقع على تخوم "الخط الأخضر" على مقربة من شمال الضفة الغربیة، إلى السلطة الفلسطینیة. وهی خطة "أم الفحم أولاً" التی طرحها إفرایم سنیه ومحافل أخرى من حزب "العمل"، ثم تبناها حزب "یسرائیل بیتینو" ("اسرائیل بیتنا") برئاسة افیغدور لیبرمان، وقد بحثت هذه الخطة من جانب جمیع رؤساء الحکومات الإسرائیلیة خلال العقد الأخیر. أما الهدف القابع خلف هذه الفکرة فهو تقلیص عدد السکان غیر الیهود (المقصود السکان العرب) فی دولة اسرائیل. معظم السکان العرب فی اسرائیل رفضوا هذه الخطة، کما رفضها أیضاً متحدثون فلسطینیون، غیر أنها تحظى بتأیید متزاید فی صفوف الأکثریة الیهودیة فی الدولة، وهناک انفتاح معین تجاهها فی أوساط عربیة مختلفة.
- تبادل أراض بین اسرائیل ومصر والسلطة الفلسطینیة:
تستهدف هذه الخطة زیادة هامش المرونة فی رسم الحدود عن طریق إشراک دولة ثالثة (مصر) ملتزمة بعلاقات سلام مع اسرائیل، ولا یوجد لها نزاع اقلیمی مع الدولة العبریة. ویقضی هذا الإقتراح بأن تقوم مصر بنقل أراضٍ (بین قطاع غزة ومدینة العریش) إلى الفلسطینیین، وأن تضم اسرائیل إلیها تجمعات استیطانیة وأراضی فی منطقة غور الأردن وصحراء "یهودا" جنوب شرق الضفة الغربیة (خطة بن آرییه ـ آیلاند). هذه الخطة رفضت حتى الآن من جانب مصر، غیر أن سیاسیین اوروبیین وفلسطینیین ومسؤولین امیرکیین أبدوا اهتماما بإمکانیات تنفیذها.
- اقتراحات لتبادل أراض فی إطار متعدد الأطراف بین اسرائیل وسوریا ودول أخرى: مطلب سوریا الثابت فی أن یستند الإتفاق إلى انسحاب اسرائیلی إلى حدود 1967 عرقل حتى الآن تحقیق تقدم فی مراحل المفاوضات المختلفة التی جرت بین الدولتین. بغیة تجاوز هذه العقبة وتوسیع هامش المرونة، طُرحت فی السنوات الأخیرة أفکار مختلفة لتبادل أراضٍ بین اسرائیل وسوریا ودولة ثالثة أو دول اضافیة.
والفکرة هنا هی أن تعدد اللاعبین یوسع هامش المناورة فی مجال تبادل الأراضی ویخلق التزاما واهتماماً لدى جمیع أطراف الإتفاق التی توجد لکل منها رؤیة مختلفة.
وقد شملت هذه الأفکار:
إسرائیل ـ سوریة ـ الأردن: تقوم اسرائیل حسب الخطة (خطة أراد- بایغر) بضم جزء من هضبة الجولان، ویقوم الأردن بنقل منطقة مماثلة فی مساحتها إلى سوریا على طول الحدود بین البلدین (سوریا والأردن) وفی المقابل تقوم اسرائیل بنقل أراض فی وادی عربة إلى الأردن. هذه الخطة لم تبحث حتى الآن فی أی محفل سیاسی.
اسرائیلةـ سوریا ـ لبنان: تبقی اسرائیل تحت سیطرتها، فی نطاق هذه الخطة، أجزاء من هضبة الجولان، بحیث تبقى فی ید اسرائیل منطقة "حزام أمنی" تلبی احتیاجاتها الإستراتیجیة، إضافة إلى التجمعات الإستیطانیة الیهودیة فی هضبة الجولان (وفی مقدمتها مستوطنة "کتسرین")، وفی المقابل ینقل لبنان إلى سوریا منطقة مماثلة فی مساحتها لتلک التی ستبقى تحت سیطرة اسرائیل فی هضبة الجولان بموجب المطالب السوریة بتعدیل حدود العام 1920 بینها وبین لبنان، وتعوض اسرائیل لبنان بإعطائه أراض فی نقاط مختلفة على امتداد الحدود الإسرائیلیة ـ اللبنانیة مثل القرى الشیعیة السبع التی طالب "حزب الله" باستعادتها وکذلک الدولة اللبنانیة، ومنطقة "مزارع شبعا" فی غرب هضبة الجولان، على أن تتحول منطقة جبل الشیخ إلى منطقة تطویر وسیاحة مشترکة للدول الثلاث.
هذا الاقتراح لم یبحث فی أی محفل دولی رسمی لکنه یمکن أن یشکل اساساً لمحادثات ثلاثیة أو متعددة الأطراف.
إسرائیل ـ سوریة ـ لبنان ـ الأردن: بحسب هذه الخطة تنسحب اسرائیل حتى "خط المنحدرات" وتحتفظ بالسیطرة على مناطق فی هضبة الجولان، فیما یقوم الأردن بتعویض سوریا على امتداد الحدود المشترکة بین البلدین، وبالمثل یعوض لبنان سوریا على حدودهما المشترکة، بینما تعوض اسرائیل لبنان والأردن على امتداد الحدود المشترکة بمنطقة مساویة تقریباً لمساحة المنطقة التی ینقلها لبنان والأردن إلى سوریا، وتتحول منطقة جبل الشیخ إلى منتجع سیاحی مشترک.
اقتراح لتسویة تبادل أراضٍ شاملة فی الشرق الأوسط (خطة بایغر ـ أراد)
الدول المختلفة فی منطقة الشرق الأوسط متدخلة بهذا الشکل أو ذاک فی النزاع بین اسرائیل وجاراتها حتى وإن کانت اثنتان من هذه الدول ـ مصر والأردن ـ قد انهیتا نزاعهما مع اسرائیل عقب توقیعهما على معاهدات للسلام معها. ویؤثر استمرار النزاع على جانبی الحدود بین اسرائیل وجاراتها بصورة سلبیة على العلاقات مع الدول الأخرى فی الشرق الأوسط. لذا ثمة منطق فی اشراک دول أخرى فی المنطقة فی التسویات الرامیة لرسم حدود جدیدة عن طریق تبادل أراض. وقد وجد هذا المبدأ (تبادل الأراضی) موطئاً عملیاً ومکانة سیاسیة رسمیة فی الخطط والمشاریع المختلفة للتسویة العربیة ـ الإسرائیلیة.
ورغم أن کل اقتراح من الإقتراحات المختلفة المشار إلیها آنفاً لتبادل الأراضی یمکن أن یکون قائماً بذاته، إلا أنه یمکن تضمینها فی خطة شاملة لتبادل أراض فی الشرق الأوسط والتی یمکن أن تشکل سابقة لیس فقط بالنسبة للدول ذات الصلة فی المنطقة.
ویقضی اقتراح تسویة تبادل الأراضی الشاملة فی الشرق الأوسط فی جوهره بأن ترسم مجدداً خطوط الحدود بین دول المنطقة استنادا إلى خطوط الماضی ولکن مع إجراء التعدیلات الضروریة فی ضوء الواقع الناشئ على الأرض واحتیاجات الدول المعنیة. والفکرة هی أن لا یجری تغییر على اجمالی مساحة المنطقة الإقلیمیة لکل دولة من دول المنطقة وأن یقتصر التغییر على خطوط الحدود بین الدول.
ویشمل الاقتراح:
بقاء (تواجد) اسرائیلی فی مناطق بالضفة الغربیة: تبقی اسرائیل فی یدها مناطق تصل مساحتها إلى حوالی 200 کم (3% من مساحة الضفة الغربیة) ـ المقصود قطعا من الضفة دون القدس التی لا یحسبها الإسرائیلیون جزءا من الضفة جراء قانون ضمها لإسرائیل الصادر عن الکنیست/المحرر ـ ، جزء منها فی إطار "توسیع القدس وکتل المستوطنات" (أی أنهم یریدون ضم المزید من اراضی الضفة للقدس المضمومة..!) بالإضافة إلى احتفاظها بمناطق فی "صحراء یهودا" وغور الأردن.
بقاء اسرائیلی فی مناطق فی هضبة الجولان: تبقی اسرائیل فی یدها منطقة تصل مساحتها إلى 200 کم، فی غرب هضبة الجولان (نحو 12% من مساحة الهضبة) تشمل مستوطنات و"خط المنحدرات".
نقل مناطق من اسرائیل إلى الفلسطینیین على امتداد "الخط الأخضر": تنقل اسرائیل مقابل المناطق التی ستحتفظ بها فی الضفة الغربیة وهضبة الجولان، اراضی إلى السلطة الفلسطینیة فی مقاطع مختلفة على امتداد "الخط الأخضر" متاخمة لمناطق الضفة الغربیة وقطاع غزة، مع أو من دون سکان عرب مسلمین.
نقل أراض من اسرائیل إلى لبنان فی نقاط مختلفة على طول الحدود مع اسرائیل: فی إطار التعویض عن المناطق التی ستحتفظ بها فی الضفة الغربیة وهضبة الجولان تنقل اسرائیل إلى لبنان اراضی تبلغ مساحتها نحو 50 کم، فی نقاط مختلفة على امتداد الحدود المشترکة (من دون أن یکون هناک تواصل جغرافی بین هذه النقاط).
نقل أراض من اسرائیل إلى مصر: تنقل اسرائیل إلى مصر اراضی فی النقب (بحجم مماثل للأراضی الفلسطینیة التی ستحتفظ بها فی الضفة الغربیة فی منطقتی "صحراء یهودا والأغوار") اضافة إلى منطقة تتیح المرور الحر بین مصر والأردن.
نقل أراضٍ من اسرائیل إلى الأردن فی منطقة وادی عربة: تنقل اسرائیل إلى الأردن منطقة صغیرة فی وادی عربة مقابل المنطقة التی سیحصل علیها المصریون من اسرائیل وذلک لإتاحة ممر مباشر بین مصر والأردن.
نقل أراضٍ من لبنان إلى سوریا: مقابل المنطقة التی ستحتفظ بها اسرائیل فی هضبة الجولان، تحصل سوریا على أراضٍ من لبنان إلى الغرب من خط حدود سنة 1920 الذی عینته فرنسا.
نقل أراض من اسرائیل إلى لبنان: مقابل تنازل لبنان عن أراضٍ فی شرق البلاد لصالح سوریا، تنقل اسرائیل إلى لبنان اراضی فی نقاط مختلفة على امتداد الحدود المشترکة بین اسرائیل ولبنان.
نقل أراض من الأردن إلى سوریا: یقوم الأردن بنقل أراضٍ إلى سوریا فی المنطقة الواقعة على الحدود الشمالیة للأردن والتی کان السوریون یتواجدون فیها سنة 1970، ویحصل الأردن فی المقابل على منطقة صغیرة فی الجانب الإسرائیلی من وادی عربة، متاخمة للمنطقة التی ستحصل علیها مصر من اسرائیل، اضافة إلى حق استخدام الممر المباشر بین الأردن ومصر عبر النقب الإسرائیلی.
تلخیص
اکتسبت الأفکار والإقتراحات الداعیة إلى تسویة النزاعات الإقلیمیة بین اسرائیل وجاراتها على أساس تبادل الأراضی موطئاً عملیاً ومکانة سیاسیة رسمیة خلال العقد الأخیر. وقد وجد ذلک تعبیراً له فی خطط ومشاریع التسویة المختلفة بین اسرائیل والدول العربیة. وقد تجلى ذلک عملیاً فی معاهدة السلام بین اسرائیل والأردن والتی تم فی نطاقها تبادل أراضٍ اتفق علیها بین الجانبین.
فی السنوات الأخیرة طرحت أفکار لتبادل أراض فی نطاق تسویة النزاع الإقلیمی بین اسرائیل والفلسطینیین وبین اسرائیل وسوریة ولبنان. غیر أن هذه الأفکار ما زالت صعبة التنفیذ جراء هامش المناورة الضیق والواقع المتغیر، الأمر الذی یتطلب البحث عن أفکار خلاّقة.
إن أحد الخیارات المطروحة فی هذا السیاق هو دراسة فکرة تبادل أراض على نطاق شامل فی المنطقة. فزیادة عدد اللاعبین فی الساحة یوفر هامشاً أکبر للمناورة بما یتیح تجاوز العقبات التی لا یمکن تذلیلها فی ظل قلة عدد اللاعبین. إن دمج وإشراک عدد أکبر من اللاعبین فی تسویة إقلیمیة فی المنطقة، یمکن أن یدعم ویعزز مصلحة هذه الدول فی التمسک بالتسویة وضمان تنفیذها.
إن مثل هذه التسویة الإقلیمیة الشاملة، المستندة إلى تبادل أراضٍ فی إطار متعدد الأطراف، سوف تکون بمثابة أول تغییر جوهری فی الحدود السیاسیة فی الشرق الأوسط منذ أن رُسمت من قبل القوى الإستعماریة، کما ویمکن لهذه التسویة أن تکون ذات أهمیة لضمان استتباب السلام والإستقرار بین الدول المنخرطة فیها.
م/ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS