حصار غزة .. بین تضامن الغرب وصمت العرب
حصار غزة .. بین تضامن الغرب وصمت العرب
بعد أشهر من التحضیر، وبعد رحلة قاسیة، حاولت خلالها قوات الاحتلال الصهیونی تعطیل الرحلة أو إلغاءَها، وصل أربعةٌ وأربعون متضامنًا دولیًّا إلى غزة، على متن سَفِینَتَیْ کسر الحصار (الحریة)، و(غزة الحرة)، عصر السبت من قبرص.
أطلت السفینتان على میناء غزة، کأنما تحملان معنى العید لأهل غزة، فتجمع الناس من جنبات غزة فرحین، وتشابکت أیدیهم بأیدی الوافدین، وأقبلوا یحیون القادمین الأحرار ببسماتهم، وأعینهم الباکیة، وقلوبهم التی کانت تتمنى أن تکون هذه السفن عربیة أو إسلامیة.
ومنذ أن وطئت أقدامهم أرض غزة، لم یضیع الوفد الأجنبی وقتًا، بل تجولوا فی جنبات غزة، وأجروا العدیدَ من الزیارات التضامنیة مع المرضى فی المستشفیات، ورافقوا الصیادین فی عرض البحر بلا وجل، مما حفز الصیادین على تجاوز المسافة المسموح بها من قبل الاحتلال للمرة الأولى!
کما قاموا بزیارة عدد من المصانع المتوقفة عن العمل بسبب الحصار، وتضامنوا مع أهالی الأسرى فی سجون الاحتلال، وختموا دولتهم فی بیت رئیس وزراء الحکومة المقالة إسماعیل هنیة.
وتعبیرًا عن شعور أعضاء الوفد، وعن حجم الصعاب التی تکبدوها یقول أحدهم: "نعم..هناک نضال صَعْبٌ للوصول إلى هنا، لکنّ النِّضَال الفلسطینی أصعب؛ فالشعب الفلسطینی یناضل منذ 60 عامًا، ولا یمکن أن یُذْکَرُ نضالنا أبدًا مقارنةً بنضال هذا الشعب العظیم".
وتقول هویدا عرّاف-من فلسطینیّی 48-: "عندما رأیتُ غزة وجمالها، زاد حنینی إلى کل مکان من أرضی، فکم حاول الاحتلال تفریقَنَا وإبعادنا عن أهلنا فی غزة والضفة والشتات"!
وأضافت: "إنه لإنجاز کبیرٌ أن نصل إلى هنا رغم کل المضایقات، وهذا یثبت أننا شعب واحد".
أما لورین بوث -وهی شقیقة زوجة تونی بلیر-، فقد وَجَّهَت رسالةً للدول العربیة قالت فیها: " إن جامعة الدول العربیة أعلنت دعمها لفک الحصار عن غزة، وتأییدها لمهمة غزة الحرة، وأنا بدوری أسألهم..فی الجزائر، وتونس، ومصر، ولبنان.. وفی سائر الدول العربیة: أین سفنکم؟! أین قواربکم"؟!
وتقول "یوفون ردلی" (بریطانیة): "هناک الکثیرون من الفلسطینیین الذین سالت دماؤهم على شواطئ غزة، ولقد جهزنا أنفسنا لنکون فی خط المواجهة".
"یوفون" التی أسلمت بعد أن اختطفتها حرکة طالبان عشرة أیام، رأت خلالها المعاملة الحسنة من أفراد الحرکة، تقول خلال مشارکتها فی الاعتصام الأسبوعی لأهالی الأسرى فی مدینة غزة حول ظروف اختطافها: "لقد عاملونی عشرة أیام بکل احترام وکل کرامة، أولئک الذین یوصفون بأنهم أبشع نظام کان فی العالم"!
ثم استأنفت تقول فی شجاعة نادرة:" إننی أشکر الله أنی اختُطِفْتُ من قِبَل حرکة طالبان ولیس من قِبَل الإسرائیلیین"!!
ثم صاحت فی الحاضرین قائلةً: " علیکم أن تسألوا هذه العائلات الذین عومل أسراهم بطریقة سیئة من قبل الدولة التی توصف بالحضارة..سلوهم.. لقد حان الوقت لیعامل الاحتلال هؤلاء الأسرى بکرامة".
أما بسیاس فینغلیس -مالک السفینتین- فقال: "قَلْبُنا مع الشعب الفلسطینی، هذا الشعب النبیل، وأنا أقول للعالم أجمع، وللمجتمع الدولی : ینبغی أن یفهموا جمیعًا أنه لابد من التفریق بین الحضارة والبربریة"!
"إن الشعب الفلسطینی یعیش معاناة تاریخیة، فمنذ 50 عاما وهناک سجناء، وهذا عارٌ علیهم أن یکون هناک سجناء.. دعوا الشعوب تتوحد ضد هذه البربریة"!
حرکة المقاومة الإسلامیة حماس وعلى لسان الناطق باسم الحرکة سامی أبو زهری، أعربت عن تقدیرها لهذا الدعم الهادف لکسر الحصار الظالم عن غزة، وقال أبو زهری : "نشکر هؤلاء المتضامنین الذین جددوا الأمل للشعب الفلسطینی أنه لیس وحده، وأن العالم الحرَّ بدأ یتحرک لنصرته، ودعم صموده فی وجه الحصار".
وأضاف: "نقول لهم: أنتم تقدمون لشعبنا الأمل بأنه یستطیع الصبر والصمود فی وجه هذا الحصار".
وأشار أبو زهری إلى أنّ وجود المتضامنین فی الاعتصام الأسبوعی لأهالی الأسرى یحمل رسالة مهمة جدا، تؤکد على ضرورة الإفراج عن أسرى الحریة، مؤکدًا أن حرکته ستواصل فضح جرائم الاحتلال الصهیونی.
وحول قضیة الأسرى انتقد أبو زهری غضَّ الطرف من قِبَل العالم على معاناة أکثر من أحد عشر ألف أسیرٍ وأسیرةٍ فی سجون الاحتلال، یتعرضون لأبشع الممارسات العنصریة المنافیة للشرائع السماویة والمواثیق الدولیة.
إسماعیل هنیة رئیس الوزراء الفلسطینی ، قال خلال استقباله للوفد فی منزله: "وجودکم هنا الیوم فی مخیم الشاطئ، أحد المخیمات الثمانیة للاجئین الفلسطینیین فی قطاع غزة، یُعَدُّ انتصارًا للإرادة الإنسانیة، وانتصارًا للحق فی کل العالم".
وأضاف: "هذه الرحلة دقت المسمار فی نعش الحصار الذی بات کسره قریبًا جدًّا"، مشیرًا إلى أن إصرار هذا الوفد على الوصول إلى غزة أضافت معانی جدیدة للصمود الفلسطینی".
وقال هنیة : "إن هذه الرحلة أزعجت کثیرا من الذین لم یحترموا نتائج الدیمقراطیة فی فلسطین، ففرضوا الحصار على الشعب الفلسطینی، وخاصةً على قطاع غزة".
ثم قام هنیة بتقلید المتضامنین وسام فلسطین لکسر الحصار، کما وعد بمنحهم جوازات سفر فلسطینیة، إضافةً إلى جنسیةٍ معنویةٍ لکل متضامن منهم، مع کامل الاستعداد لمنح أی فرد منهم الجنسیة رسمیًّا إن رغب.
( بقلم إبراهیم الزعیم منقول من موقع "الإسلام الیوم" )
م/ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS