340 طفلاً فلسطینیاً أسیراً یعانون تعذیب وقسوة السجان الإسرائیلی
340 طفلاً فلسطینیاً أسیراً یعانون تعذیب وقسوة السجان الإسرائیلی
أکدت جمعیة واعد للأسرى بان سلطات الاحتلال اعتقلت ما یزید عن (3500) طفل منذ انتفاضة الأقصى ولا تزال تحتجز (340) منهم فی سجونها من بینهم (7) زهرات، فی ظل ظروف تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط الحیاة الأساسیة، موزعین على عدة سجون هى سجن تلموند (104) اطفال أسرى، و"سجن عوفر" (80) طفلا أسیرا، و"النقب" (38) طفلا أسیرا و"مجدو" (54) طفلا أسیرا، والباقی موزعون على العدید من مراکز التحقیق والتوقیف الإسرائیلیة، وحسب الحالة القانونیة للأطفال فان هناک (213 ) طفلاً محکوماً، و(107) اطفال موقوفین بانتظار محاکمة، و(10) أطفال یخضعون للاعتقال الإداری بدون تهمة.
وقد کان لمدینة نابلس الحصة الکبرى فی اعتقال الأطفال حیث أن (83) من الأطفال الأسرى هم من نابلس، ثم یلیها بیت لحم حیث یصل عدد معتقلیها من الأطفال (52) طفلاً أسیرا، ثم رام الله (50) طفلاً أسیرا.
وأوضح تقریر الجمعیة بان (82) طفلاً أسیرا یبلغون من العمر (15) سنة وأقل، ومن بینهم أسیران لم تتجاوز أعمارهم الـ(13) عاماً،وأن هناک (450) من الأطفال الأسرى اعتقلوا وهم أطفال وتجاوزوا سن 18 داخل السجن ولا یزالون فی الأسر، مشیراً إلى أن 99 % من الأطفال الذین اعتقلوا تعرضوا للتعذیب وعلى الأخص وضع الکیس فی الرأس والشبح والضرب.
ویؤکد التقریر بأن حکومة الاحتلال تنتهج سیاسة التمییز ضد الأطفال الفلسطینیین، حیث یستند الجهاز القضائی الإسرائیلی فی استصدار الأحکام ضد الأسرى الفلسطینیین صغار السن للأمر العسکری رقم "132" الصادر من قائد الجیش الإسرائیلی فی الضفة الغربیة، والذی حدد فیه سن الطفل من هو دون السادسة عشر، بما یخالف نص المادة "1" من اتفاقیة الطفل والتی عرفته بأنه (یعنی طفل کل إنسان ولم یتجاوز الثامنة عشر ما لم یبلغ سن الرشد قبل ذلک بموجب القانون المنطبق علیه ).
وفى نفس الوقت فهی تتعامل مع الأطفال الإسرائیلیین خلاف القانون التی أقرته من خلال نظام قضائی خاص بالأحداث، وتتوفر فیه ضمانات المحاکمة العادلة، فهی تعتبر الطفل الإسرائیلی هو کل شخص لم یتجاوز سن 18 عاما، وخلافا لالتزاماتها بتوفیر ضمانات قضائیة مناسبة لاعتقال الأطفال ومحاکمتهم بموجب اتفاقیة حقوق الطفل والقانون الدولی الإنسانی، طبقت سلطات الاحتلال الإسرائیلی أوامر عسکریة عنصریة على الأطفال الفلسطینیین الأسرى، وتعاملت معهم من خلال محاکم عسکریة تفتقر للحد الأدنى من معاییر المحاکمات العادلة، خصوصا الأمر العسکری 132، الذی یسمح لسلطات الاحتلال باعتقال أطفال فی سن 12 عاما.
وأوضحت جمعیة "واعد"بان القوانین الدولیة تنص بصراحة على ضرورة الرعایة الطبیة للأسرى وقد جاء فی المادتین 91 و92من اتفاقیة جنیف الرابعة (یجب أن تتوفر فی کل معتقل عیادة مناسبة، یشرف علیها طبیب مؤهل ویحصل المعتقلون على ما یحتاجونه من رعایة طبیة، وکذلک ترکیب أی أجهزة طبیة ضروریة للمحافظة على صحتهم فی حالة جیدة، وبشکل مجانی ).
"ویجب أن تجرى فحوص طبیة للمعتقلین مرة واحدة على الأقل شهریاً، والغرض منها مراقبة الحالة الصحیة والتغذیة العامة، والنظافة، وکذلک اکتشاف الأمراض المعدیة، ویتضمن الفحص بوجه خاص مراجعة وزن کل شخص معتقل، وفحصاً بالتصویر بالأشعة مرة واحدة على الأقل سنویا".
ولکن إدارة السجون الإسرائیلیة سواء التابعة للجیش أو لمصلحة السجون تضرب بتلک القواعد الدولیة ذات العلاقة بالرعایة الطبیة والصحیة للمعتقلین المرضى عرض الحائط، وخصوصاً الأطفال الأسرى، حیث یوجد بین الأطفال الأسرى (100) طفل مریض أی ما نسبته 30 %، یعانون أمراض مختلفة، ومحرومون من الرعایة الصحیة والعلاج المناسب، وغالبا ما تکون أقراص المسکنات (الأکامول) هی العلاج لشتى أنواع المرض، ولا توفر إدارة السجون طبیب مختص لعیادات السجون، وعادة ما یتوفر ممرض فقط، وتماطل إدارات السجون فی موضوع إخراج الأطفال المرضى إلى العیادة الطبیة، فی ظل إهمال متعمد مما ینذر بزیادة الحالات المرضیة بین الأطفال، ومن أهم العوامل التی تساعد على انتشار الإمراض قلة النظافة وانتشار الحشرات، والفئران فی الأقسام والسجون التی یحتجز بها الأطفال، الأمر الذی ساعد بشکل خاص على انتشار الأمراض الجلدیة المعدیة بین الأطفال الأسرى،ومن بین الأطفال المرضى هنالک( 18) طفل جریح، جراء إصابتهم بالرصاص أو شظایا نتیجة انفجارات، وهناک (10) آخرین مصابین بالآم فی الرأس، کذلک فان هناک (8) أسرى بمصابین بأمراض عصبیة ونفسیة.
وأشار تقریر الجمعیة إلى أن سلطات الاحتلال تحرم الأطفال الأسرى من أبسط الحقـوق التی تمنحها لهم المواثیق الدولیة، والاتفاقیات الحقوقیة، هذه الحقوق الأساسیة التی یستحقها المحرومون من حریتهم، بغض النظر عن دینهم وقومیتهم وجنسهم ودیانتهم، وهذه الحقوق تشتمل على الحق فی عدم التعرض للاعتقال العشوائی، والحق فی معرفة سبب الاعتقال، والحق فی الحصول على محامٍ، وحق الأسرة فی معرفة سبب ومکان اعتقال الطفل، والحق فی المثول أمام قاضٍ، والحق فی الاعتراض على التهمة والطعن فیها، والحق فی الاتصال بالعالم الخارجی، والحق فی معاملة إنسانیة تحفظ کرامة الطفل المعتقل.
ووضع الأسرى الأطفال فی سجون الاحتلال، یخالف نص المادة (33) من اتفاقیة حمایة الطفل والتی تنص على (تتخذ الدول الأطراف جمیع التدابیر المناسبة بما فی ذلک التدابیر التشریعیة والإداریة والاجتماعیة والتربویة لوقایة الأطفال من الاستخدام غیر المشروع للمواد المخدرة والمواد المؤثرة على العقل، حسبما تحددت فی المعاهدات الدولیة ذات الصلة) والمادة (34) من نفس الاتفاقیة ونصها (تتعهد الدول الأطراف بحمایة الطفل من جمیع أشکال الاستغلال والانتهاک الجنس).
و أضاف التقریر بان الأطفال الأسرى فی السجون والمعتقلات یعانون من ظروف احتجاز قاسیة وغیر إنسانیة، تفتقر للحد الأدنى من المعاییر الدولیة لحقوق الأطفال وحقوق الأسرى، فهم یعانون من نقص الطعام ورداءته، وانعدام النظافة، وانتشار الحشرات، والاکتظاظ، والاحتجاز فی غرف لا یتوفر فیها تهویة وإنارة مناسبتین، والإهمال الطبی وانعدام الرعایة الصحیة،ونقص الملابس، وعدم توفر وسائل اللعب والترفیه والتسلیة، والانقطاع عن العالم الخارجی، والحرمان من زیارة الأهالی، وعدم توفر مرشدین وأخصائیین نفسیین، والاحتجاز مع البالغین، إضافة إلى الاحتجاز مع أطفال جنائیین، والإساءة اللفظیة والضرب والعزل والعقوبات الجماعیة، وتفشی الأمراض، کما أن الأطفال محرومون من حقهم فی التعلم،کما أن سلطات الاحتلال اتخذت من قضایا الأسرى الأطفال مورداً للدخل من خلال استمرار سیاسة فرض الغرامات المالیة الجائرة والباهظة علیهم من خلال قاعات المحاکم العسکریة الإسرائیلیة، وخاصة فی محکمتی "عوفر" و"سالم"، التی تحولت إلى سوق لابتزاز ونهب الأسرى وذویهم، فلا یکاد یخلو حکم إلا برفقه غرامة مالیة قد تصل إلى 10 آلاف شیکل، الأمر الذی أرهق کاهل عائلاتهم فی ظل الأوضاع الاقتصادیة المتدهورة أصلا فی الأراضی الفلسطینیة، وذلک کله یتعارض مع اتفاقیة حمایة الطفل وبشکل خاص المادة 16 منها والتی تنص على:
لا یجوز أن یجری أی تعرض تعسفی أو غیر قانونی للطفل فی حیاته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسلاته ولا أی مساس غیر قانونی بشرفه أو سمعته، والتى تنص أیضا على أن للطفل الحق فی أن یحمیه القانون من مثل هذا التعرض أو المساس ) کما أنه لا یتم مراعاة حداثة سن الأطفال أثناء تقدیمهم للمحاکمة، ولا تشکل لهم محاکم خاصة وفقاً للبند رقم (3) من المادة (40) من اتفاقیة الطفل والتی تنص على (قیام سلطة أو هیئة قضائیة مختصة ومستقلة ونزیهة بالعمل فی دعواه دون تأخیر فی محاکمة عادلة وفقاً للقانون.
وحسب شهادة أحد الأطفال الأسرى (17 عاما)، من بیت لحم انه تعرض للاعتقال من منزله على أیدی قوات الاحتلال الإسرائیلی قبل شهرین ونصف، حیث داهمت قوات کبیرة من جیش الاحتلال منزله فی منتصف اللیل وقام الجنود بإغماض عینیه وتقیده ثم اقتادوه فی الجیب إلى مستوطنة معالیه ادومیم. وهناک ادخل إلى غرفة التحقیق وقاموا بتعذیبه عن طریق صفعه على وجهه عدة مرات فوقع على الأرض. ثم قام الجنود بعد ذلک بضربه بعصا واستمر الوضع على هذا النحو عدة ساعات، وبعد ذلک قام احد المحققین المشترکین فی عملیة التحقیق بتسلیط مصباح کهربائی على وجهه لفترة طویلة مما أدى إصابته بحروق لا تزال آثارها بادیة على وجهه وأنفه حتى الیوم، وبعد ذلک قام الجنود بإحضار کلب متوحش وتم تهدیده بأنه سیتم إفلات الکلب علیه لمهاجمته، وإثناء ذلک قام الطفل الأسیر بإخبار المحققین بأن ساقه تؤلمه جداً وانه بحاجة إلى العلاج، عند ذلک قام المحقق بضربه بشدة على الساق، ثم بعد ذلک قام المحقق بإجباره على التوقیع على أوراق مکتوبة باللغة العبریة لا یدری ما فحواها، ثم استمر التحقیق معه حتى ساعات الصباح الباکر. حیث تم نقله إلى معسکر أبو دیس أو ما یسمى (الجبل) وکان الجنود أثناء الطریق یضربونه بشکل جماعی وهو مغمض العینین، وبعد قضاء أربعة ساعات فی معسکر الجبل تم نقله إلى سجن عصیون، حیث قام الجنود هناک بتعریته وتفتیشه بشکل مذل ولا أنسانی. ولا یزال الطفل موقوفاً فی معسکر عتصیون.
واستهجنت جمعیة واعد للأسرى والمحررین إصرار سلطات الاحتلال على الإبقاء على الأطفال الأسرى رهینة فی سجونها وعدم وضعهم على قوائم الإفراجات التی تدعى تنفیذها کبادرة حسن نیّة، والتى لا تتعدى کونها خطوة شکلیة الهدف منها الالتفاف على قضیة الأسرى وخداع الرأی العام العالمی، ففی الوقت الذی تفرج فیه سلطات الاحتلال الإسرائیلی عن بضع مئات من الأسرى الذین شارفت محکومیاتهم على الانتهاء، لا زالت تحتجز المئات من الأطفال والمرضى والأسیرات والأسرى القدامى، وهؤلاء لم تشملهم خطوات حسن النوایا المزعومة وأکدت الجمعیة بان اعتقال الأطفال یندرج ضمن سیاسة التحکم والسیطرة الشاملة التی تمارسها سلطات الاحتلال ضد المدنیین الفلسطینیین، وما یؤکد ذلک إن سلطات الاحتلال لا تتعامل مع اعتقال الأطفال کخطوة أخیرة ولأقصر فترة ممکنة بل اعتبرتهم مخربین وإرهابیین، فی محاولة منها لعدم تطبیق القانون الدولی علیهم،وأضافت الجمعیة أن مبادرة حسن النیة التی تدّعیها سلطات الاحتلال ما هی إلا مناورة ودعایة لا تنطوی على أیة نیة حقیقة أو توجه إیجابی لإنهاء هذا الملف الاعتقال الدامی، ویبدو أن الدافع الحقیقی وراءها هو تخفیف حدة الاکتظاظ داخل السجون.
وناشدت الجمعیة منظمات الأمم المتحدة المعنیة بالأطفال وبحقوق الإنسان، واللجنة الدولیة للصلیب الأحمر وکافة المنظمات الحقوقیة الدولیة الضغط على حکومة إسرائیل لتتحمل مسؤولیاتها بموجب اتفاقیة حقوق الطفل واتفاقیة جنیف الرابعة، وأن تراعی المصلحة العامة للأطفال الفلسطینیین الأسرى بالإفراج عنهم ووضع حدّ لمعاناتهم، والانطلاق من مبدأ أن اعتقالهم یعتبر مخالف للقوانین الدولیة، ودعت الجمعیة لوضع قضیة الإفراج عن الأطفال على سلم الأولویات لدى أسرى الجندی جلعاد شالیط.
م/ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS