الأکراد و اسرائیل و مستقبل سوریا
الأکراد و اسرائیل و مستقبل سوریا
تمتلک اسرائیل علاقات طویلة و تاریخیة مع الشعب الکردی. فی بدایة الستینات تلقى مصطفى البرزانی و بشمرکته التدریب و الدعم من الدولة الیهودیة. لقد امتلک بن غوریون رئیس الوزراء الاسرائیلی نظرة حاذقة وبعیدة المدى للجغرافیا السیاسیة للمنطقة و التی نفتقر إلیها هذه الأیام. لقد استنتج أن العداوة العربیة التی تحیط بإسرائیل تحتاج بالضرورة الى عقد تحالفات مع قیادة وشعوب الدول غیر العربیة مثل ایران وترکیا و الأکراد (مع إدراک أن العلاقات الکردیة یجب أن تکون سریة نوعا ما, کما هو حالها الیوم و ذلک خوفا من إزعاج ترکیا).
ان المؤسسة العسکریة و الدبلوماسیة الاسرائیلیة تقوم بالاستثمار بشکل کبیر فی ترکیا و العلاقات التجاریة تزداد بشکل ملحوظ. ان ترکیا تمثل نموذجا للدیمقراطیة الاسلامیة " العلمانیة". ان النموذج الترکی العلمانی هو الذی ینافس النموذج الاسلامی المتطرف الذی تمثله الجمهوریة الاسلامیة الإیرانیة خلال دول آسیا الوسطى الاسلامیة بل و فی جمیع العالم الاسلامی. و لکن حکومة السید رجب طیب أردوغان زعیم حزب العدالة و المساواة اتهمت من قبل المؤسسة العسکریة العلمانیة بمحاولة تعیین قضاة ذوی میول إسلامیة. وقد انجذب أردوغان بشکل کبیر باتجاه العالم الاسلامی بسبب أن المفاوضات مع الاتحاد الأوروبی قد طال أمدها منذ العام 1987. و لهذا السبب بالضبط فانه یتوجب على اسرائیل أن لا تراهن على استمرار علاقة طویلة و قویة مع أنقرة.
و قد عبر مسعود البرزانی الرئیس الحالی لکردستان العراق عن مشاعر حکومته الایجابیة تجاه اسرائیل و العلاقات الطیبة مع الدولة الیهودیة. و بنفس الطریقة فان الأکراد و فی کل مکان یحاولون بناء قنوات اتصال مع اسرائیل. ان اسرائیل متنبهة الى ردود الفعل القادمة من ترکیا, وقد امتنعت اسرائیل من التعبیر عن الدعم الواضح للحقوق الکردیة.
وفی کل مکان فی المنطقة أشارت أحزاب المعارضة الدیمقراطیة السوریة عن اهتمامها فی العلاقات مع اسرائیل و الأمل فی أن اسرائیل وقائیة أفضل من النظام البعثی. ان اسرائیل تخشى من أن إزالة نظام البعث العلوی ذو الأقلیة فی سوریا سوف یطلق العنان لقوات الإسلامیین المتطرفین (الاخوان المسلمون) و التی سوف تنطلق من المجتمع السنی الذی یشکل الأغلبیة فی سوریا, وهو ما یجعل اسرائیل تفضل بقاء الوضع على ما هو علیه فی دمشق. و یبدو أن واشنطن تشاطر اسرائیل فی هذه المخاوف. ترى هل مثل هذه المخاوف حقیقیة و مبررة؟ ان لدى السید شیرکوه عباس رئیس الجمعیة الوطنیة الکردستانیة فی سوریا و جهة نظر مختلفة.
جوزیف بودر: ترى هل یجب أن تخشى اسرائیل سیطرة الاخوان المسلمین فی حال سقط نظام الأسد؟
شیرکوه عباس: أن الأمر یعتمد على ما اذا بقی الوضع الراهن على حاله أو حدث هناک تغییر مفاجئ, قد یسیطر الإسلامیون بوجود الدعم من الدول العربیة السنیة.
جوزیف بودر: هل یمکن أن تتحول سوریا الى دیمقراطیة مع وجود نظام فیدرالی و الذی یمکن أن یقدم سلطات متزایدة للمناطق المختلفة داخل البلاد, اضافة الى إعطاء حریة ثقافیة و حکم ذاتی سیاسی للأکراد و العلویین و الدروز؟
شیرکوه عباس: ان سوریا الفدرالیة الدیمقراطیة خیار واقعی. ان سوریا تحت هذا النظام یمکن أن یکون فیها 5 مناطق أو دول, مع وجود سلطات متزایدة لکل دولة فیما یتعلق بالشئون التشریعیة و السیاسیة و الاقتصادیة. ومن الممکن أن یقتصر عمل الحکومة المرکزیة فی دمشق على الشئون الخارجیة و سیاسات التمویل و الدفاع الوطنی.
جوزیف بودر: لقد قلت 5 مناطق, هل یمکن أن تذکرها لنا؟
شیرکوه عباس: فی الجنوب الحدود الاسرائیلیة سوف تکون متاخمة لدولة أو منطقة درزیة. و فی الشمال و الشمال الشرقی سوف تکون المنطقة الکردیة شرق نهر الفرات, و الحدود الترکیة فی الشمال. و حلب المنطقة العربیة سوف تکن المنطقة الثالثة. و دمشق سوف تکون منطقة عربیة أیضا. أما المنطقة الخامسة فسوف تکون علویة و تمتد على طول الساحل السوری على البحر الأبیض.
جوزیف بودر: لماذا فی اعتقادک أن سوریا بحاجة الى نظام فیدرالی, ما هو الخطأ فی نظام البعث؟
شیرکوه عباس:ان سوریا تتکون من مجموعات سنیة عربیة و کردیة و دروز و علویین اضافة الى المسیحیین. و یجب أن نمتلک نظاما یوفر الحمایة للأقلیات و یرضی جمیع الطوائف الموجودة داخل هذه الأمة بدلا أن تعیش مجموعة مختارة على حساب باقی المجموعات.
ان البعثیین لا یختلفون کثیرا عن الاخوان المسلمین. ان البعثیین یخفون أیدلوجیتهم القومیة العربیة على شکل نظام علمانی, بینما یقوم الاخوان المسلمون بإخفاء أیدلوجیتهم القومیة العربیة على شکل نظام إسلامی.
ان کلا من الاخوان المسلمین و البعثیین یشکلون تهدیدا للمنطقة و العالم. أنظر ما الذی فعلته الأحزاب البعثیة فی کل من العراق و سوریا خلال العقود الثلاثة الماضیة, وسوف تلاحظ أن الأنظمة البعثیة قامت بدعم المجموعات الإرهابیة المتطرفة و تسببوا فی اندلاع الحروب و أنکروا حریة الناس و حقوق الانسان و الدیمقراطیة و قاموا باستخدام الأسلحة الکیماویة ضد إثنیات معینة من شعوبهم.
جوزیف بودر: هل تعتقد أن سوریا الأسد یمکن أن تفک ارتباطها مع ایران؟
شیرکوه عباس: قطعا لا. لقد قامت ایران باتخاذ مواقع لها فی کل من سوریا و لبنان الى درجة أنه حتى لو أراد نظام الأسد فصل نفسه عن طهران فانه لن یستطیع ذلک. حزب الله فی لبنان و انتشار التشیع فی سوریا اضافة الى 100000 إیرانی حصلوا على المواطنة فی سوریا, لن یسمحوا بحصول مثل هذا الانفصال. اضافة الى أن الإیرانیین قاموا بتطویر تحالفات مع النخب السوریة یمکن أن تضمن وجودهم المستمر فی سوریا اضافة الى التأثیر على السیاسات السوریة.
جوزیف بودر: فی سیاق اتفاق السلام السوری الاسرائیلی, کیف ترى مستقبل مرتفعات الجولان؟
شیرکوه عباس: نحن نعرف تماما أن الحکومتان فی دمشق و فی تل أبیب لیستا جادتان فی موضوع السلام. إنهم ببساطة یحتاجون الى بعضهم البعض من أجل البقاء فی السلطة. وفی سیاق السلام الحقیقی فان لدى الدروز الحق فی الاتفاق مع اسرائیل حول الجولان. بالطبع فان سوریا الفیدرالیة سوف تتدخل فی الموضوع, و لکن یجب أن یوافق الدروز على مثل هذه المعاهدة.
جوزیف بودر: کیف ترى العلاقة مابین اسرائیل و الأکراد؟
شیرکوه عباس: ان الأکراد هم حلفاء طبیعیون لإسرائیل. إنهم مسلمون معتدلون و متسامحون تجاه الأقلیات. بالنسبة للأکراد فان الدین لیس مهما کالأثنیة و العرق. ان موقع الأکراد الجغرافی جعل منهم سدا فی وجه انتشار الاسلام المتطرف سواء أکان سنیا أو شیعیا . کما أن الأکراد یطمحون الى أن یکونوا مجتمعا دیمقراطیا و یسیروا فی ذلک على خطى اسرائیل.
ان سوریا الدیمقراطیة سوف لن تشکل خطرا على اسرائیل أو ترکیا, کما أن المنطقة الکردیة ضمن سوریا الفیدرالیة سوف لن تکون خطرا على ترکیا کما هو وضع المنطقة الکردیة فی العراق الیوم. ان خوف اسرائیل من تغییر النظام فی سوریا یجب أن یمحى عن طریق إدراک أن النظام الحالی فی ایران متحالف مع ایران و حزب الله, و یقوم بدعم المجوعات الفلسطینیة المتطرفة و الإرهابیة کما أنه یقوم بالترویج للعنف ضد القوات الأمریکیة فی العراق و اسرائیل.
( المقال یعبر عن رأی الکاتب ولیس تعبیراً عن رؤیة الموقع )
By Joseph Puder FrontPageMagazine.com | Friday, June 27, 2008 )
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS