انتهاکات إدارات السجون الإسرائیلیة تجاه الأسرى الفلسطینیین
تقریر یرصد انتهاکات إدارات السجون الإسرائیلیة تجاه الأسرى الفلسطینیین والعرب من منظور القانون الدولی الإنسانی والاتفاقیات الدولیة
تصاعدت الانتهاکات الإسرائیلیة إزاء حقوق الأسرى والمعتقلین فی السجون والمعتقلات الإسرائیلیة بوتیرة عالیة وغیر مسبوقة, ولا سیما من حیث تزاید أسالیب القمع والعنف والتعذیب الذی لم یعد مقتصرا على التعرض للمعتقل جسدیا، بل أن کل شکل من أشکال الانتهاکات والممارسات الجسدیة والمعنویة والعقابیة للأسرى والأسیرات هی أنماط للتعذیب وسوء المعاملة، کما فی سیاسات الإهمال الطبی والحرمان من زیارة الأهالی والعزل الانفرادی وفرض العقوبات الجماعیة والفردیة وغیرها من الانتهاکات التی تتعارض مع اتفاقیتی جنیف الثالثة والرابعة وتتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان والاتفاقیات الدولیة المناهضة للتعذیب.
ابتسام عناتی محامیة مرکز الدفاع عن الحریات والحقوق المدنیة 'حریات' سلطت الأضواء على عدد من الانتهاکات التی تمارسها إدارات السجون بشکل ممنهج وواضح, خلال تقریراً أعدته تحت عنوان ' انتهاکات إدارات السجون الإسرائیلیة تجاه الأسرى الفلسطینیین والعرب, من منظور القانون الدولی الإنسانی والاتفاقیات الدولیة ' على أمل أن تأخذ قضیة الأسرى حیزا قانونیا وإنسانیاً ودولیاً ، یمکننا من خلاله فضح هذه الانتهاکات وکشف أبعادها القانونیة والمطالبة بتقدیم مرتکبیها للمحاکمة، کون هذه الانتهاکات تشکل جرائم حرب تستوجب المسائلة القانونیة وذلک بهدف الضغط على الحکومة الإسرائیلیة لتحسین الشروط الاعتقالیة للأسرى والأسیرات الى أن یتم إطلاق سراحهم جمیعا دون شرط أو قید.
التعذیب والعنف الجسدی
رغم حظر التعذیب وإستخدام العنف الجسدی والمعاملة القاسیة أو اللاإنسانیة أو الحاطة بالکرامة ضد المعتقلین دولیا، وحسب مواد واضحة النص فی کل من إتفاقیة جینیف الرابعة ( المادة3 ) ، والمیثاق الأوروبی لحمایة حقوق الإنسان الأساسیة لعام 1950( المادة 3 ) ، والإعلان العالمی لحقوق الإنسان ( المادة 5 ) ، وإتفاقیة مناهضة التعذیب لعام1984 ( المادة 4 ) ، وعلى الرغم من أن إسرائیل قد وقعت وصادقت على إتفاقیة مناهضة التعذیب لعام 1984 ، إلا أنها تعتبر الدولة الوحیدة فی العالم التی أجازت التعذیب وشرعته بقرار من المحکمة العلیا الإسرائیلیة، لتعطی بذلک رخصة للمحققین الإسرائیلیین وأجهزة الأمن المختلفة فی مواصلة تعذیب الأسرى والمعتقلین بأشکال وأسالیب متنوعة منها الشبح بطرقه المتنوعة والعزل والضرب العنیف والتعذیب النفسی والحرمان من النوم ومن تناول الطعام وقضاء الحاجة، وإستخدام أسلوب الهز العنیف والصدمات الکهربائیة وتعریض المعتقل لتیارات هوائیة باردة وساخنة وتهدیده بأعتقال أفراد أسرته أو إغتصاب زوجته أو هدم بیته، وغیرها من الأسالیب والأشکال الوحشیة والحاطة للکرامة .
الحرمان من الزیارات والمراسلات
أعداد کبیرة من الأسرى ممنوعین من زیارة ذویهم بحجج أمنیة واهیة وهناک من الأسرى من لم یرى أهله ' الأب والأم والزوجة والابن' منذ ما یزید عن 4 سنوات , والعکس صحیح إذ أن هناک مئات العائلات ممنوعة بنفس الطریقة من زیارة أبنائها ، لاسیما عائلات أسرى قطاع غزة الذی یعانی منذ فترة طویلة من الحصار العسکری الکامل والأسرى العرب والدوریات.
تستخدم سلطات الاحتلال الإسرائیلی هذا الأسلوب لعقاب الأسرى وذویهم والتلاعب بمشاعرهم والتأثیر على معنویاتهم کمحاولة لکسر إرادة الصمود والتحدی التی یتسلح بها ما یزید عن 10 آلاف أسیر وأسیرة وإن سمح للأهل بالزیارة فأنهم یواجهون إجراءات أمنیة مشددة ومعقدة للوصول إلى أبنائهم ورؤیتهم لمدة قصیرة من خلال الحاجز الزجاجی الذی یمنع الأسیر من ملامسة أصابع أبنائه وذویه وسماع صوتهم بشکل واضح.
الحواجز العسکریة التی تنتشر على الطرق وتقطع أوصال المدن ینتظر أهالی الأسرى لساعات طویلة لیسمح لهم بالمرور عدا عن الإجراءات التعسفیة بحقهم من تفتیش ومصادرة أغراض وإرغام النساء على خلع حجابهن وغیر ذلک من الإجراءات الاستفزازیة المحطة للکرامة الآدمیة, فالأهالی یعانون الأمرین على الحواجز الإسرائیلیة خلال زیارتهم التی عادة ما تحدث مرتین فی الشهر، وفی نهایة المطاف تکون الزیارة من 30 -45 دقیقة فقط, ناهیکم عن حجم المعاناة من طول الانتظارعلى بوابات السجون حتى یتمکن الأهل من الدخول لزیارة أبنائهم وأحیانا یمنعوا من الزیارة ویعودوا إلى بیوتهم مثقلین بالتعب والهم والألم وهذا کله یشکل خرقا وانتهاکا لنص المادة '116' من اتفاقیة جنیف الرابعة والتی تسمح لکل أسیر باستقبال زائریه وعلى الأخص أقاربه على فترات منتظمة ودون انقطاع وفی الحالات العاجلة والضروریة.
النقل التعسفی والعزل الإنفرادی وعدم تجمیع الأسرى الأشقاء مع بعضهم البعض
تمارس قوات الاحتلال الإسرائیلی سیاسة نقل الأسرى من سجن إلى آخر وتتعمد تشتیت الأشقاء الأسرى وأحتجازهم متفرقین فی سجون مختلفة، إمعاناً منها فی قمع الأسرى ومضاعفة معاناة ذویهم أثناء الزیارات والتنقل بین السجون خاصة إذا کان هناک أکثر من أسیر واحد للعائلة الواحدة فی حین یؤکد المبدأ 31 من قواعد معاملة السجناء على أن العقوبة الجسدیة وأیة عقوبة قاسیة أو لاانسانیة أو مهینة محظورة کلیا کعقوبات تأدیبیة، وتعتبر سیاسة العزل الانفرادی من أقسى سیاسات القمع والعقاب التی تنتهجها إدارات السجون على الرغم من عدم وجود مبرر حقیقی وراء استمرار قوات الاحتلال الإسرائیلی فی عزل بعض الأسرى فی زنازین إنفرادیة ضیقة ولفترات طویلة کما یتم احتجازهم فی أقسام للعزل تضم سجناء جنائیین کما فی سجن ایالون الرملة، مما یتعارض والمادة 84 من اتفاقیة جنیف الرابعة, ولابد من التنویه هنا أن سیاستی النقل التعسفی والعزل الانفرادی تعتبران من أنماط التعذیب الجسدی والنفسی المحرمة دولیا وفق النصوص فی اتفاقیة مناهضة التعذیب لعام 1984.
اقتحام غرف الأسرى والتفتیش الاستفزازی ومصادرة الممتلکات واستخدام الکلاب أثناء عملیات التفتیش
یعانی الأسرى فی السجون الإسرائیلیة یومیا من سیاسة التفتیش الاستفزازی المهین داخل الغرف والأقسام وأثناء نقل الأسیر من السجن للمحاکم أو إلى سجن آخر، وقد طالب الأسرى مرارا وتکرارا بوقف هذه السیاسة المهینة إلا أن إدارات السجون مصرة على الاستمرار فی سیاستها الاستفزازیة مستخدمة الکلاب والوحدات الخاصة المدججة بالأسلحة وأسطوانات الغاز المسیل للدموع والقنابل الصوتیة والملونة لتنفیذ إجراءاتها القمعیة بحق الأسرى والأسیرات.
لم تتوقف انتهاکات إدارات السجون الإسرائیلیة وسیاساتها القمعیة عند حد التفتیش الاستفزازی بل تعدتها إلى سیاسة اشد خطورة وأبشع انتهاکا تحول بها الأسرى إلى حقل من التجارب الذی یطعن کل المبادئ والمواثیق الدولیة والإنسانیة، ویشکل انتهاکا صارخا وفاضحا لقواعد التعامل مع أسرى الحرب التی نصت علیها اتفاقیة جنیف الرابعة، هذه السیاسة المتمثلة باقتحام أقسام وغرف الأسرى بصورة عنیفة وإستفزازیة وفی ساعات متأخرة من اللیل من خلال قوة خاصة تابعة لمصلحة السجون'وحدة ماتسادا' أو' نحشون ' ، والتی من خلالها تعلن حالة الطوارئ فی السجن وتطلق صفارات الإنذار ویهجم أفراد هذه القوة المدججین بالسلاح واسطوانات الغاز ومعهم مجموعة من الکلاب لتقتحم بشکل عنیف غرف وأقسام الأسرى، وتقوم بتکبیل کافة الأسرى بالأیدی والأرجل وتخرجهم إلى ساحة الفورة وتبدأ عملیة التفتیش المذل والمهین لهم ولأغراضهم الشخصیة, وتبرر إدارات السجون إجراءاتها هذه تحت مسمیات التدریب الأمنی لأفراد مصلحة السجون وقوات الأمن المرتبطة بها لتکون هذه القوات وحسب ادعاءاتهم جاهزة للتعامل مع أی حالة طارئة قد تحدث داخل السجن.
إن سیاسة إدارات السجون القمعیة واستخدامها للأسرى کحقول للتجارب الأمنیة والعسکریة إنما هو دلیل قاطع على أن مصلحة السجون الإسرائیلیة وأجهزة الأمن التابعة لها تضرب بعرض الحائط کل القواعد والقوانین والمبادئ الدولیة، وإن تمادیها بانتهاج مثل هذه السیاسات اللاانسانیة والحاطة بالکرامة الآدمیة یشکل خرقا واضحا لنص المادة 43 من القواعد النموذجیة الدنیا لمعاملة السجناء الذی یقول ' اتخاذ التدابیر اللازمة للحفاظ على أشیاء السجین وثیابه ونقوده وغیرها من متاع فی حالة جیدة.
قلة الطعام ورداءته وغلاء الأسعار فی الکانتین
یعانی الأسرى من نقص حاد فی کمیة ونوعیة الأطعمة المقدمة لهم من قبل إدارات السجون حیث أن السجناء المدنیین ' الجنائیین' هم من یقومون بطهی الطعام للأسرى بعدما سحبت إدارات السجون 'المطبخ' من الأسرى الأمنیین کعقاب لهم ، رغم أن هذا الأمر من الحقوق المکتسبة للأسرى منذ سنوات ، وهذا الإجراء دفع الأسرى لشراء إحتیاجاتهم الغذائیة من الکانتین وبأسعار مرتفعة، الأمر الذی یشکل عبئا مادیا علیهم وعلى أسرهم مع العلم أن إدارات السجون ملزمة بتوفیر وجبة طعام ذات قیمة غذائیة کافیة جیدة النوعیة وحسنة الإعداد وذلک للحفاظ على صحة الأسرى وقواهم وذلک حسب الاتفاقیات الدولیة ونص 'المادة 89' من اتفاقیة جنیف الرابعة والتی تکفل للأسیر التوازن الصحی الطبیعی وتمنع اضطرابات النقص الغذائی، ویشمل ذلک النساء الحوامل والمرضعات والأطفال دون الخامسة عشرة بحیث یؤمن لهم أغذیة إضافیة تتناسب مع احتیاجات أجسامهم ، کما وتتعارض هذه السیاسة مع 'المادة 87' من إتفاقیة جینیف الرابعة والتی تنص على تمکین الأسرى من الحصول على الأغذیة والمستلزمات الیومیة من الکانتین وبأسعار لا تزید عن أسعار السوق المحلیة .
الغرامات المالیة والعقوبات الجماعیة
زادت سلطات الاحتلال الإسرائیلی من سیاسة فرض الغرامات المالیة سواء فی المحاکم وخاصة فی محکمتی عوفر وسالم العسکریتین، التی تحولت قاعاتها لنهب أموال الأسرى من خلال فرض الغرامات المالیة الباهظة علیهم بجانب الأحکام بالسجن، فلا یخلو حکم إلا برفقة غرامة مالیة، الأمر الذی أرهق کاهل عوائل الأسرى فی ظل الأوضاع الاقتصادیة الصعبة التی یعیشها الشعب الفلسطینی.
کما وتلجأ إدارات السجون إلى فرض الغرامات المالیة کعقاب للأسرى بحجج واهیة ولأتفه الأسباب ، وتقوم بإقتطاعها مباشرة من أموال الأسرى فی الکانتین، ناهیکم عن العقوبات الجماعیة التی تفرض على الأسرى کالحرمان من الخروج إلى ساحة الفورة أو منع زیارات الأهالی والمحامین أو خصم مبالغ من حساب الکانتین الخاص بهم أو سحب اللوازم الشخصیة والکهربائیة منهم، وحسب ما ورد فی المادة 87 من اتفاقیة جنیف تحظر العقوبات الجماعیة عن أفعال فردیة وأی نوع من التعذیب أو القسوة، کما أن هذه السیاسات تتعارض والمواد 124، 125،107،143 من إتفاقیة جینیف .
منع إدخال الملابس والأحذیة والکتب والأغراض الشخصیة للأسرى
وفی أسلوب جدید یضاف إلى الأسالیب التی تنتهک حقوق الأسرى من قبل إدارات السجون الإسرائیلیة تقوم على منع الأسرى من إدخال الملابس والأحذیة والکتب والأغراض الشخصیة اللازمة لهم من خلال زیارات الأهالی والمحامین، خلافا لنص المادتین '90 و108' من اتفاقیة جنیف الرابعة، والسماح لهم فقط بشرائها من الکانتین وغالبا ما تکون غالیة الثمن وبأسعار مضاعفه والأصعب من ذلک أن إدارات السجون لا تسمح أیضا بإدخال الکتب التعلیمیة للأسرى الذین یتابعون دراستهم للثانویة العامة أو الجامعیة ، الأمر الذی یتعارض مع حق الأسرى بالتعلیم الذی ورد فی نص المادتین 94 ، 108 من الاتفاقیة .
الحاجز الزجاجی الإضافی على شبک الزیارة
یأتی هذا الإجراء التعسفی ضمن سلسلة من الإجراءات الممنهجة تجاه الأسرى وذویهم وتحت مبررات الأمن ، وهو یعد إنتهاکا صارخا للمبادئ الإنسانیة ولحقوق الأسیر فی مقابلة عائلته وإحتضان أبنائه ومصافحتهم، ولما یشکله هذا الحاجز من حجب للرؤیة وصعوبة فی سماع الحدیث المتبادل بین الأسیر وزائریه .
التضییق على الأسرى فی ممارسة طقوسهم وشعائرهم الدینیة
تلجأ إدارات السجون إلى التضییق على الأسرى فی ممارسة طقوسهم وشعائرهم الدینیة، وهذه السیاسة تتعارض کلیا مع أحکام المادة 93 من إتفاقیة جینیف والتی تسمح بالحریة التامة للمعتقلین فی ممارسة عقائدهم وشعائرهم الدینیة .
البوسطة ورحلة العذاب المؤلمة
المقصود بالبوسطة أنها عملیة نقل الأسرى من سجن إلى آخر أو إلى المحاکم والمستشفیات والعیادات الخارجیة بإستخدام سیارة عسکریة غیر مریحة إطلاقا یصعب الجلوس فیها بثبات، وغالبا ما یکون الأسرى مکبلی الیدین والرجلین ومعصوبی الأعین وتتم معاملتهم بقسوة ، کما یمنعون من الحدیث مع بعضهم البعض وتناول الطعام وقضاء الحاجة رغم الساعات الطویلة التی یمضونها بالبوسطة ، الأمر الذی یتناقض مع المادة '127' من إتفاقیة جینیف .
الإهمال الطبی
یعیش الأسرى الفلسطینیین فی السجون الإسرائیلیة أوضاعا استثنائیة من الناحیة الصحیة فهم یتعرضون إلى أسالیب تعذیب جسدی ونفسی ممنهجة تؤدی حتما لإضعاف أجساد الکثیرین منهم وتتمثل هذه الأسالیب فی الحرمان من الرعایة الطبیة الحقیقیة والمماطلة فی تقدیم العلاج للأسرى المرضى والمصابین، وفی أسالیب القهر والإذلال والتعذیب التی تتبعها طواقم الاعتقال والتحقیق والسجانون التابعون للعدید من الأجهزة الأمنیة والعسکریة الإسرائیلیة.
فأسالیب إضعاف الإرادة والجسد على السواء ثنائیة مأساویة متبعة فی دولة تدعی الدیمقراطیة فی حین یقوم نظامها السیاسی والقضائی بتشریع التعذیب والضغط النفسی بحق الأسرى والمعتقلین فی سابقة غیر معهودة على المستوى العالمی مما یعد مخالفة للعدید من المعاهدات والمواثیق الدولیة ومن خلال مراقبة الوضع الصحی للأسرى اتضح أن مستوى العنایة الصحیة سیء ، وأصبح العلاج شکلیا وشبه معدوم فی ظل ازدیاد عدد المرضى ، وبات موضوع علاج الأسرى موضوعا تخضعه إدارات السجون الإسرائیلیة للمساومة والابتزاز والضغط على المعتقلین ، الأمر الذی یشکل خرقا فاضحا لمواد اتفاقیتی جنیف الثالثة والرابعة ' المواد 29 و30 و31 من اتفاقیة جنیف الثالثة والمواد 91 و92 من اتفاقیة جنیف الرابعة' والتی کفلت حق العلاج والرعایة الطبیة وتوفیر الأدویة المناسبة للأسرى المرضى وإجراء الفحوصات الطبیة الدوریة لهم .
کما أتضح أن عیادات السجون والمعتقلات الإسرائیلیة تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الصحیة والمعدات والأدویة الطبیة اللازمة أو فی وجود أطباء أخصائیین لمعاینة ومعالجة الحالات المرضیة المختلفة ، وأن الدواء السحری الوحید المتوفر فیها هو حبة الأکامول کعلاج لکل مرض وداء ، فیما تستمر إدارات السجون فی مماطلتها بنقل الحالات المستعصیة للمستشفیات، والأسوأ من ذلک أن عملیة نقل الأسرى المرضى والمصابین تتم بسیارة مغلقه غیر صحیة بدلا من نقلهم بسیارات الإسعاف، وغالبا ما یتم تکبیل أیادیهم وأرجلهم ، ناهیکم عن المعاملة الفظة والقاسیة التی یتعرضون لها .
الاعتقال الإداری
الاعتقال الإداری هو اعتقال بدون تهمة أو محاکمة, یعتمد على ملف سری ومعلومات إستخباریة لا یمکن للمعتقل أو محامیه الإطلاع علیها, ویمکن حسب الأوامر العسکریة الإسرائیلیة تجدید أمر الاعتقال الإداری مرات غیر محدودة حیث یتم استصدار أمر إداری لفترة أقصاها ستة شهور فی کل أمر اعتقال قابلة للتجدید بالاستئناف.
ویعتبر الاعتقال الإداری من أکثر الأسالیب خرقا لحقوق الإنسان هذا الاعتقال یعتبر قانونیا وفقا للقانون الدولی ولکن بسبب المس الصارخ فی الحق باتخاذ الإجراءات القضائیة النزیهة المتعلقة بوسائل الاعتقال الإداری والخطر الواضح لاستغلاله سلبا وضع القانون الدولی قیودا صارمة على تنفیذه فالأسلوب الذی تستعمله قوات الاحتلال الإسرائیلی بوسیلة الاعتقال الإداری یتناقض تناقضا صارخا مع هذه القیود حیث إن المادة 78 من اتفاقیة جنیف الرابعة تنص'إذا رأت دولة الاحتلال لأسباب أمنیة قهریة أن تتخذ تدابیر أمنیة إزاء أشخاص محمیین فلها على الأکثر أن تفرض علیهم إقامة جبریة أو تعتقلهم.
الواضح أن الاتفاقیة تتحدث عن الاعتقال الإداری فی حالة طارئة جدا وکوسیلة أخیرة لا مفر منها وإذا کانت هناک الإمکانیة لفرض الإقامة الجبریة فلها الأولویة لأنها اقل ضررا بالشخص , والمبدأ الأساسی أن کل الناس خلقوا أحرارا ، وبما أن الاعتقال الإداری هو لیس اعتقال بسبب ارتکاب مخالفة واضحة لقانون واضح وإنما لأسباب أمنیة ( ملف سری لا یحق للمتهم أو محامیه الإطلاع علیه ) یجب أن یکون الإعتقال الإداری الاستثناء ولیس القاعدة , والقائد العسکری فی غالبیة حالات الاعتقال یستند على مواد سریة ، بینما اتفاقیة جنیف الرابعة لا تتحدث مطلقا عن الصلاحیة باستخدام مواد سریة لإثبات الخطورة من الشخص ، من هنا فالفارق بین ما تتحدث عنه اتفاقیة جنیف الرابعة وما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائیلی هو فارق جوهری وملموس .
وهنا لا بد من إستعراض جملة من الانتهاکات الصحیة التی تمارسها إدارات السجون الإسرائیلیة تجاه الأسرى والأسیرات المحتجزین فی سجونها ومعتقلاتها ، والتی بمعظمها تصب فی ترسیخ سیاسة الإهمال الطبی المتعمد والمماطلة فی تقدیم العلاج وإجراء العملیات الجراحیة لکثیر من الحالات المرضیة والإصابات ، الأمر الذی تسبب فی وفاة مئات الأسرى المرضى والمصابین
الانتهاکات الصحیة التی یتعرض لها الأسرى الفلسطینیین والعرب وتتمثل بالتالی.
1- الإهمال الصحی المتکرر والمماطلة فی تقدیم العلاج للمحتاجین له أو عدم إجراء العملیات الجراحیة للأسرى المرضى إلا بعد قیام زملاء الأسیر المریض بأشکال من الأسالیب الاحتجاجیة من اجل تلبیة مطالبهم بذلک.
2- عدم تقدیم العلاج المناسب للأسرى المرضى کل حسب طبیعة مرضه, فالطبیب فی السجون الإسرائیلیة هو الطبیب الوحید فی العالم الذی یعالج جمیع الأمراض بقرص الأکامول أو بکأس ماء.
3- عدم وجود أطباء اختصاصین داخل السجن کأطباء العیون والأسنان والأنف والإذن والحنجرة.
4- تفتقر عیادات السجون إلى وجود أطباء مناوبین لیلا لعلاج الحالات الطارئة.
5- عدم وجود مشرفین ومعالجین نفسیین حیث یوجد العدید من الحالات النفسیة والتی بحاجة إلى إشراف خاص.
6- عدم توفر الأجهزة الطبیة المساعدة لذوی الاحتیاجات الخاصة کالأطراف الصناعیة لفاقدی الأطراف والنظارات الطبیة وکذلک أجهزة التنفس والبخاخات لمرضى الربو والتهابات القصبة الهوائیة المزمنة.
7- عدم تقدیم وجبات غذائیة صحیة مناسبة للأسرى تتماشى مع الأمراض المزمنة التی یعانون منها کمرض السکری والضغط والقلب والکلى وغیرها.
8- عدم وجود غرف أو عنابر عزل للمرضى المصابین بأمراض معدیة کالتهابات الأمعاء الفیروسیة الحادة والمعدیة وکذلک بعض الأمراض المعدیة کالجرب مما یهدد بانتشار المرض بسرعة بین صفوف الأسرى نظرا للازدحام الشدید داخل المعتقلات, وکذلک عدم وجود غرف خاصة للأسرى ذوی الأمراض النفسیة الحادة مما یشکل تهدیدا لحیاة زملائهم .
9- نقل المرضى الأسرى لتلقی العلاج فی المستشفیات وهم مکبلو الأیدی والأرجل فی سیارات شحن عدیمة التهویة بدلا من نقلهم فی سیارات إسعاف مجهزة ومریحة.
10- حرمان الأسرى ذوی الأمراض المزمنة من أدویتهم کنوع من أنواع العقاب داخل السجن, بالإضافة لفحص الأسرى المرضى بالمعاینة بالنظر وعدم لمسهم والحدیث معهم ومداواتهم من خلف شبک الأبواب.
12- یعانی الأسرى المرضى من ظروف اعتقال سیئة تتمثل بقلة التهویة والرطوبة الشدیدة والاکتظاظ الهائل بالإضافة إلى النقص الشدید فی مواد التنظیف العامة وفی مواد المبیدات الحشریة.
13- استخدام العنف والاعتداء على الأسرى وإستخدام الغاز لقمعهم یزید من تفاقم الأمراض عندهم.
14- الإجراءات العقابیة بحق الأسرى تزید من تدهور أحوالهم النفسیة کالمماطلة فی تقدیم العلاج والنقل إلى المستشفیات الخارجیة والحرمان من الزیارات والتفتیشات اللیلیة المفاجئة و زج الأسرى فی زنازین العزل الانفرادی وإجبار الأسرى على خلع ملابسهم بطریقة مهینه.
15- افتقار مستشفى سجن الرملة الذی ینقل إلیه الأسرى المرضى للمقومات الطبیة والصحیة حیث لا یختلف عن السجن فی الإجراءات والمعاملة القاسیة للأسرى المرضى.
16- تعانی الأسیرات من عدم وجود أخصائی أو أخصائیة أمراض نسائیة إذ لا یوجد لدیهم سوى طبیب عام خاصة أن من بین الأسیرات من أعتقلن وهن حوامل وبحاجة إلى متابعة صحیة خاصة أثناء الحمل وعند الولادة .
17- إجبار الأسیرات الحوامل على الولادة وهن مقیدات الأیدی دون مراعاة لالآم المخاض والولادة, وتقدیم أدویة منتهیة الصلاحیات للأسرى.
19- استغلال المحققین خلال استجواب الأسیر المریض أو الجریح لوضعه الصحی والضغط علیه من اجل انتزاع اعترافات منه وعدم تقدیم العلاج له وإحتجازه فی ظروف غیر صحیة تزید من تفاقم آلامه وتدهور وضعه الصحی .
کافة التقاریر والدراسات والإفادات تشیر الى أن أوضاع الأسرى والأسیرات المعتقلین فی سجون الاحتلال الإسرائیلی وزنازین التحقیق تزداد سوءا ، نتیجة لما یعانون من انتهاکات لحقوقهم المکفولة لهم بموجب القانون الدولی والاتفاقیات الدولیة والإنسانیة ، ولأسباب تغاضی المجتمع الدولی للانتهاکات الإسرائیلیة لحقوقهم، الأمر الذی یجبر ویلزم الأسرة الدولیة على التحرک الفوری والجاد للضغط على الحکومة الإسرائیلیة ، وإیقافها عن الإمعان بانتهاکات إدارات سجونها وأجهزتها الأمنیة إزاء الأسرى والمعتقلین الفلسطینیین والعرب ، وتشکیل لجان تحقیق دولیة للوقوف على حقیقة الانتهاکات والجرائم التی ترتکب بحقهم .
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS