لیفنی: هدفنا دولة یهودیة نقیة ولا لشرق أوسط جدید
انطلقت فعالیات مؤتمر هرتسیلیا السنوی، وهو مؤتمر استراتیجی یعد له جیدا، ویتحدث أمامه صانعو القرارات السیاسیة والثقافیة والعسکریة والاقتصادیة وفی شتى المجالات داخل إسرائیل. وتخلو کلمات المتحدثین من أی نصوص إنشائیة، أو زیادات تجمیلیة، وإنما تحدد الرؤى الاستراتیجیة لصانعی القرار الإسرائیلی. وفی هذا العام تحدثت وزیرة الخارجیة الإسرائیلیة تیسبی لیفنی مطولا أمام المؤتمر، وحددت وجهة نظرها مما تعتبرها قضایا استراتیجیة تواجه إسرائیل، وتأتی أهمیة کلمة لیفنی لیس فقط من أهمیة ما رحته أو کونها نائبة لرئیس الوزراء الإسرائیلی، ولکن أیضا لأنها مرشحة للعب دور أکبر فی السیاسة الإسرائیلیة.
فکیف تفکر لیفنی؟ یمکن تلخیص ما قالته فی کلمتها المطولة فی هذه النقاط:
*یتوجب توحید الجمهور الإسرائیلی حول هدف مشترک لمواجهة ما وصفته لیفنی التهدیدات والتحدیات الصعبة.
*ترى أن قاعدة العلاقة بین القیادة والجمهور یجب أن تقوم على الحقیقة, حتى عند وجود صعوبة فی مواجهة تهدید معین أو فی تسویق الحقیقة.
*القاسم المشترک أو الهدف الأعلى لدولة إسرائیل "هو وجودها کدولة یهودیة ودیمقراطیة, مع اندماج هاتین القیمتین ودون اصطدامهما ببعضهما البعض, أو بعبارة أخرى وجود دولة آمنة فی أرض إسرائیل".
*من هذا الهدف الأعلى تنبثق قرارات على الصعیدین الداخلی والخارجی, والتحدیات التی تواجهها إسرائیل على الصعید الداخلی کثیرة جدا, ولکن ما تراه لیفنی تحدیا مهما هو ترسیخ "المبادئ الأساسیة لدولة إسرائیل, کدولة یهودیة ودیمقراطیة على نحو یدمج بین هاتین القیمتین. هذا ما یتوجب علینا عمله من خلال وضع دستور, وحتى الیوم, لم ینجح الکنیست للأسف فی القیام بذلک".
*التحدی الإضافی هو ترسیخ هذه المبادئ فی عمل السلطة, وأعلنت تأییدها لتکامل عمل السیاسیین والحقوقیین لیکونا "حجری الأساس اللذین ترتکز الدیمقراطیة الإسرائیلیة علیهما".
*تربیة الإسرائیلیین بشکل یستند إلى جذور الشعب الیهودی وتقول لیفنی " إن قصة دولة إسرائیل فی نظری لیست فقط قصة المواطن الذی ولد وترعرع هنا بعد إقامة دولة إسرائیل. فی نظری, فإن معنى الإسرائیلی مرتبط ارتباطا تاریخیا طویلا بسیرة الشعب الیهودی, بتأریخه, وثقافته, کما وجد الأمر تعبیرا مختلفا له فی کل واحدة من دول الشتات التی تواجد فیها الشعب الیهودی".
*ولأن الهدف الأعلى یشمل وجود دولة إسرائیل کوطن قومی للشعب الیهودی, کما ترى لیفنی، فإنها تدعو إلى تقویة وتعزیز العلاقات والروابط مع یهود الشتات "الذین نخوض معهم حربا واحدة على ثلاث جبهات مختلفة. الأولى على وجود دولة إسرائیل کوطن قومی للشعب الیهودی, الثانیة هی جبهة حرب مشترکة ضد اللاسامیة التی ترفع رأسها القبیح فی أماکن مختلفة من العالم, والجبهة الثالثة هی نضال مشترک مع العالم الحر ضد المتطرفین".
*توقفت لیفنی مطولا عند ما أسمتها الحرکات والدول المتطرفة وعلى رأسها کما ترى إیران، وترى أن ما تعتبره تهدیدا تشکله إیران لیس له صلة بالصراع الإسرائیلی – الفلسطینی أو بدولة إسرائیل وتقول " من الواضح أنه حتى لو نجحنا بحل هذا الصراع صباح غد, فإن أیدیولوجیة إیران لن تتغیر, ومثلما من الواضح لجارات إیران ولدول عربیة وإسلامیة بأن مشکلة إیران لیست إسرائیل, وإنما هی ذریعة فقط, بغیة إثارة الغرائز داخل هذه الدول وفی صفوف الجهات الرادیکالیة الموجودة فیها".
*خصصت لیفنی جزءا من خطابها للعملیة السلمیة وقالت "من یدرک بأن الهدف الأعلى لدولة إسرائیل هو وجودها کدولة یهودیة ودیمقراطیة, مع دمج هاتین القیمتین ببعضهما وعدم اصطدامهما ببعض, یدرک الحاجة إلى التقسیم. من یرید الحفاظ على جمیع أسس الهدف الأعلى, أی وجود دولة یهودیة ودیمقراطیة وآمنة فی أرض إسرائیل, یدرک أنه یجب التنازل عن جزء من أرض إسرائیل, لکننا نحافظ بذلک على سیادة الدولة الیهودیة على الجزء الآخر من أرض إسرائیل"
*أعلنت لیفنی ان إسرائیل لا تسعى الآن إلى ما أسمته شرق أوسط جدید فیه تعاون وشراکة ولکن إلى ما أسمته انفصالا باتفاق معتبرة أن ذلک من اجل مصلحة "أولادنا جمیعا, ولکی نتمکن من مواصلة المحافظة على الهویة المستقلة لکل واحد منا".
*وحول لماذا ترید إسرائیل الان التوصل إلى حل؟ تجیب، بأنه مع مرور الزمن یحتل من تسمیهم المتطرفین محل البراغماتیین, وإن المتطرفین "یسیطرون ویحتلون منطقة أخرى, ومکانا آخر, ونرى أن النزاعات الوطنیة تتحول إلى نزاعات دینیة, وخلال مرور الوقت فإن المواقف الإسرائیلیة الأساسیة تأخذ بالتآکل, ولذلک یجب علینا أن نحاول أن نرى إن کان یوجد قاسم مشترک بیننا وبین الجهات البراغماتیة فی السلطة الفلسطینیة. هذا هو واجبنا, وواجبنا یقضی بأن نفعل ذلک الآن, لأن الزمن لا یعمل لصالح من لا یشخص الهدف الأعلى والمصلحة العلیا لدولة إسرائیل".
*تحدثت لیفنی عن اتخاذ إسرائیل قرارا مبدئیا بدعم ما أسمتها الجهات البراغماتیة فی السلطة الفلسطینیة للتوصل إلى اتفاقات معها، ولکن قبل تطبیق أی اتفاقات، یتوجب على السلطة تنفیذ خطة الطریق، وهذا یسبق إقامة الدولة الفلسطینیة وتؤکد بوضوح "إن الأمر الأکثر أهمیة طبعا – هو موضوع الأمن". وإذا لم یستجب الفلسطینیون لذلک فکل شیء سیکون فی مهب الریح.
*تحدثت عن قرار إسرائیل بانتهاج ما أسمتها "استراتیجیة مزدوجة فی علاقاتنا وفی تعاملنا مع المعتدلین والبراغماتیین من جهة, وفی تعاملنا مع الجهات المتطرفة, حماس, من جهة أخرى".
وتقول "هذه السیاسة إزاء الجهتین مختلفة تماما, والجزء القابل تطبیقه ینبع من بین ما ینبع من الحقیقة أن التقسیم الأیدیولوجی الداخلی الفلسطینی قد وجد تعبیرا إقلیمیا أیضا, وفیما تخضع غزة إلى سیطرة حماس التامة, وهناک یتوجب علینا العمل, ونحن نعمل بمساعدة جیش الدفاع الإسرائیلی, مع ذلک فإن العنوان الذی یمکن التقدم معه هی الجهات البراغماتیة التی تسیطر على یهودا والسامرة".
*ترى ان إسرائیل دخلت إلى العملیة السلمیة, لیست مرغمة, أو لتوفیر حاجة فلسطینیة أو دولیة, ولیس من منطلق الشعور بالذنب, وانما "من منطلق معرفتنا الواضحة للهدف والمواضیع التی ستضطر إسرائیل إلى الإصرار علیها. ویتوجب علینا ترسیخ ذلک فی الاتفاق, لأننا لا نستطیع عدم عمل أی شیء, أو أن نرمی المفتاح إلى الجانب الآخر من الحدود وأن نأمل خیرا".
*ترى لیفنی ان "غزة لیست بقصة موجودة فی الجنوب البعید"، ولکنها مشکلة یجب مواجهتها, وحملت حماس المسؤولیة عن إطلاق الصواریخ بغض النظر عن الفصائل التی تطلق هذه الصواریخ حتى لو لم تکن حماس من ضمنها.
*قالت لیفنی إنه یجب أن یکون واضحا بالنسبة إلى العملیة السلمیة أنها "فی بدایتها والمبدآن الإضافیان اللذان أجملناهما مع الفلسطینیین, بالنسبة إلى العملیة نفسها هما, لا شیء متفق علیه حتى الاتفاق على کل شیء. أی, إننا نقوم بالتفاوض والطریق أمامنا ما زالت طویلة بعد. والأمر الثانی هو أن المناقشات سوف تکون مناقشات هادئة, من دون رفع سقف التوقعات".
*أکدت لیفنی أنه یجب "أن یکون واضحا بأن کل اتفاق توافق إسرائیل على قبوله, یجب أن یقضی بوضع حد للصراع, وإنهاء المطالب الوطنیة الفلسطینیة من دولة إسرائیل, ومن الشعب الیهودی".
*وأکثر من هذا قالت "لا بد من الإیضاح بأن إقامة الدولة الفلسطینیة هی الرد الوحید والحصری على التطلعات الوطنیة لکل فلسطینی حیثما تواجد, سواء لمن کان یعیش الیوم فی غزة, فی یهودا والسامرة, فی مناطق السلطة الفلسطینیة عامة, أو لمن یعیش فی مخیمات اللاجئین, أو حتى لمن یعیش فی إسرائیل".
*وأکملت "هکذا یجب أن یکون واضحا أیضا أن إقامة الدولة الفلسطینیة, حینما تتم إقامتها, تشطب من جدول أعمال دولة إسرائیل الدعاوى الجماعیة المقدمة من مواطنین إسرائیلیین على خلفیة قومیة".
*ترى لیفنی أنه من دون دعم العالم العربی لأی اتفاق غیر مشروط مع إسرائیل، "لا أمل فی أن توجد زعامة قادرة على اتخاذ القرارات المطلوبة بغیة التوصل حقا إلى تسویة تاریخیة"، ولذا فإن إسرائیل ستعمل من اجل أن ینزل العالم العربی کما تقول "عن السیاج".
وأکدت لیفنی "لم آت إلى هنا لبیع الأحلام, ولا للتسبب, حاشا لله, بجعل أحد ما یستسلم. أؤمن أن ما أفعله الیوم, ما نفعله الیوم, یعبر عن المصلحة الإسرائیلیة بکاملها. أؤمن أن الطریق التی نسیر فیها لا تعکس المصلحة الإسرائیلیة فحسب, بل تعکس الإجماع الإسرائیلی العریض, وقد توقفت منذ زمن عن الإیمان بمصطلحات الیسار والیمین, رغم المحاولات لوضعنا فی شتى هذه المربعات".
( المصدر : ایلاف )
م/ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS