تحول ثانی مناورة الرسائل الاسرائیلیة المبطنة؟

لکن الملفت بهذه المناورة فی توقیتها وحجمها وطریقة الاعلان عنها، هو التطمین الصهیونی المفرط للاعداء بان هذه المناورة لیست تهدیدا لهم ولا نیة لدیها لفتح النار على ایة جبهة، خصوصا علی الجبهة السوریة، لکن حقیقة الامر لا تشیر الی ذلک، وتبدو هذه المناورة تنطلق من نیة عدائیة او بمعنی اخر هجومیة ولیست دفاعیة کما یصفها القادة الصهاینة، لان طبیعتها المیدانیة فی الشق العسکری والسیاسی والشعبی، تتخطى حدود الدفاع، والسبب ان کل اعداء الکیان العبری لم یجاهر احد منهم بنیة لدیهم بخوض حرب على اسرائیل، بل یبدون استعدادهم للرد او الدفاع بوجه ای اعتداء صهیونی یتعرضون له ، والدلیل علی ذلک ان اسرائیل هی من فتحت النار علی سوریة فی 6 ایلول /سبتمبر الماضی عبر الغارة الشهیرة التی استهدفت موقعا عسکریا سوریا شمال البلاد، وایضا هی من فتح النار علی حزب الله عبر اغتیال الشهید عماد مغنیة خارج الارض الطبیعیة للصراع وخلافا لمعادلة قواعد الاشتباک المتعارف علیها مع المقاومة، وکذلک الامر فی فلسطین حیث شنت عملیة الشتاء الحار التی استهدفت قطاع غزة بعملیة عسکریة اشبه بحرب فعلیة.
لذلک تبدو صفة المناورة الدفاعیة ساقطة على ارض الواقع، بل هی مناورة تضلیلیة لاخفاء الهدف الحقیقی، فمن المتعارف علیه بالمفهوم العسکری، ان المناورات تأتی من منطلق القوة وعرض العضلات واخافة العدو، فی الوقت الذی تطئمن فیه اسرائیل اعداءها من مخاطر المناورة، فلماذا تجریها اذن وما ستحقق لها من مکاسب فی ظل تقدیم تطمینات للعدو؟ فهل یعقل ان تکون هذه المناورة التی تبلغ تکلفتها ملیارات الدولارات هی للتسلیة واجراء تمارین ریاضیة وتدریب فرق الاطفاء، بالطبع فان هذا الامر مدعاة للسخریة واستخفاف للعقول، لان توصیة القاضی فینوغراد کانت واضحة جدا وغیر مجتزئة وتنص اولا على ضرورة ترمیم قوة الردع واعادة الثقة للجیش وثقة الشعب بالجیش وتهیئة الرای العام الاسرائیلی بکافة قطاعاته السیاسیة والمدنیة والاقتصادیة لمواجهة ای حرب محتملة مهما کان حجمها ، ومن ثم تستکمل التوصیة بعبارة الانتقام من حزب الله واستعادة هیبة الردع والتفوق فی المنطقة.
من هنا تبدو مناورة تحول 2 منصة اطلاق رسائل للاعداء مفادها ان الدولة العبریة لن تبلع هزیمة تموز /یولیو وستثأر من حزب الله عاجلا ام آجلا، وعلى المدى القریب ترید ان تردع المقاومة عن ای رد انتقامی على اغتیال الشهید مغنیة، اما على الصعید السوری فتختلف الرسالة الاسرائیلیة التی تخیر دمشق بین الانفصال عن ایران وحزب الله فتتجنب الحرب وتجری مفاوضات معها حول الجولان، وان رفضت هذا المسار فانها على استعداد لشن حرب علیها فی ای وقت وبغطاء دولی وضوء اخضر امریکی، وعلى الصعید الایرانی تبدو هذه المناورة من الناحیة المیدانیة تحاکی فعلیا ردا عسکریا ایرانیا محتملا على اسرائیل، وهذا یشیر الى ان الدولة العبریة لا تزال ترغب بشن هجوم عسکری على طهران قبل نهایة ولایة بوش، والدلیل على ذلک ان حوالی 60% من مناورة تحول 2 یرتکز علی مواجهة الصواریخ البعیدة المدی وسلاح غیر تقلیدی وهذا یدل على مواجهة مع طهران..وعلیه تبدو هذه المناورة انها مناورة رسائل مبطنة للنوایا الاسرائیلیة العدوانیة، ولا تأتی من منطلق دفاعی، بل هی تحاکی واقعیا ردة فعل الطرف الآخر على هجوم عسکری، والرسالة الأهم بهذا الخصوص هی ان تل ابیب تبدو من خلال هذا التحرک العسکری انها تقترب من استکمال جهوزیتها لحرب على الارجح ستکون هی من یفتح النار فیها.
( للکاتب و الصحفی عباس المعلم )
ن/25