وسط تورط کردی ... إسرائیل تساعد واشنطن فی حرب العراق لتجریب الاسلحة الجدیدة
رغم التکتم الامریکی الشدید حول الوجود الاسرائیلی بالعراق الا أن هذا الوجود أصبح مرصود ومعروف للجمیع , بعد أن تعدت مهام عناصر الدولة العبریة مرحلة الاستخبارات وإنشاء مراکز للموساد الاسرائیلی فی کردستان, الى الوجود الفعلى والذی کشفه مقتل الجندی الاسرائیلی " عامی حای بیتون " فی إنفجار لغم ببغداد خلال الأسبوع الماضی, إضافة الى الکشف عن خریطة جدیدة للمحافظون الجدد لضم الکیان الصهیونی داخل الجسد العربی.
ومن جانبهم أکد العدید من الخبراء أن بعض مراکز "الموساد" تتخفى وراء شرکات ومکاتب تجاریة قد تعرضت إلى هجمات من أفراد المقاومة فی کرکوک، کما شاهد المواطنون الأکراد بعض الإسرائیلیین فی أسواقهم حیث عُرّفوا على انهم من الیهود الأکراد الذین عادوا إلى مسقط رأسهم, مشیرین إلى أن إسرائیل تتحرک بالعراق من خلال الشرکات الخاصة او بالأحرى المرتزقة التی تملک ما بین 120 و140 ألف جندی فی العراق ولا یتحدث أحد عن خسائرها.
واشاروا الى أن التواجد الإسرائیلی لم یعد مقتصراً فی المنطقة الکردیة العراقیة وحسب وإنما شمل بغداد العاصمة وبعض المدن الأخرى، لکن أبعاد مثل هذا التواجد بالمنطقة المذکورة لها انعکاسات اقلیمیة تهدد أمن ووحدة أکثر من دولة مجاورة للعراق، ویکون هذا التهدید بشقین، الأول التأثیرات السلبیة على الوضع الداخلی لتلک الدول إذا ما أعلن الأکراد استقلالیة کیانهم، والآخر خارجی متمثل فی التواجد الاسرائیلی الذی جاء لأغراض معروفة وخصوصاً فی مجالات المراقبة والرصد والتجسس والأعمال التخریبیة.
والمعروف أن إسرائیل تتکتم بصورة مطلقة على کل نشاطاتها الناتجة عن تدخلها فی العراق خاصة منذ حرب 1991 التی أسفرت عن نجاح الولایات المتحدة فی جعل أجزاء من شمال العراق خارج سیطرة الحکومة المرکزیة وتحت سیطرة عملائها الانفصالیین برئاسة الطلبانی والبرزانی، وبالتی أصبحت تلک المنطقة موطئ قدم لکل أجهزة الأمن والمخابرات والجیش الإسرائیلی تعمل أساساً ضد العراق.
ومنذ عام 1991 وحتى الغزو الأمریکی فی مارس/آذار 2003 خاضت الأجهزة العراقیة وخاصة القوات الخاصة التابعة لرئاسة الجمهوریة أو وحدات المخابرات العسکریة مواجهات عدیدة ضد الوحدات الإسرائیلیة والبشمرکة المأجورة لها، وبعض هذه الأحداث نشرت فی الصحف العراقیة وبعضها ظل فی الملفات السریة العراقیة التی نجى بعضها قبل دخول الاحتلال الى عاصمة الرشید.
ودخلت إسرائیل الحرب الشاملة بالفعل قبل اسابیع من انطلاقتها الرسمیة فی مارس/آذار 2003، حیث نُشرت فی الصحف الإسرائیلیة ابتداء من دیسمبر/کانون الاول 2002 أخبار عن قیام وحدات إسرائیلیة خاصة بالنزول فی غرب العراق، حیث المکان المفترض لإطلاق أی صواریخ "سکود" منه على إسرائیل بهدف دراسة المنطقة جغرافیاً وعسکریاً قبل توجیه ضربات إسرائیلیة فیها ساعة انطلاق الحرب.
فی حین ذکر وزیر الحربیة الإسرئیلی موفاز فی ختام زیارته فی ذلک التاریخ للولایات المتحدة إن إسرائیل ستساهم فی تخطیط الحملة العسکریة لتدمیر قاذفات الصواریخ فی غرب العراق, ونقلت صحیفة "یدیعوت أحرونوت" عن مصدر مقرب من موفاز قبل الحرب, قوله إن الهجوم على العراق قد یبدأ غضون أسابیع معدودة وهو ما حدث بالفعل، وخلصت اللقاءات إلى اتفاق تعاون مشترک بین الطرفین، الإسرائیلی والأمریکی، بخصوص التخطیط لشن هجوم على أهداف فی غرب العراق من طرف إسرائیل دون الإعلان عن ذلک وبموافقة ضمنیة من سلطات عمَّان.
حجم وطبیعة المساهمة الإسرائیلیة فی حرب العراق التی انطلقت بالغارات الجویة الأمیرکیة الکثیفة الخمیس 19 مارس/آذار 2003 محاط بسریة مطلقة حتى الآن، ولکن مصادر إعلامیة عدیدة تحدثت فی تلک الفترة عن سماع او مشاهدة حرکة طیران غیر عادیة فی سماء الأردن ذهاباً وإیاباً حتى خلال ساعات النهار.
وفی وقت لاحق ذکر بدو من القبائل التی تسکن المثلث الصحراوی الذی یشمل غرب العراق وشرق الأردن وسوریا عن تحطم طائرات عمودیة عسکریة ومقتل الکثیر من الجنود الذین لم تعلن عنهم واشنطن شیئاً وأنه فی کل مرة کانت تسقط فیها طائرة تأتی اخرى لإجلاء الجثث وقد توجه غالبها غرباً نحو الأردن او فلسطین المحتلة.
وبعد الاحتلال وتنصیب بریمر حاکماً أمریکیاً للعراق دخلت إسرائیل فی جهاز التحکم فی العراق عبر ما سمی بالمستشارین, وأغلبهم من الیهود, فوزارة الشباب والریاضة حکمها لفترة دون إیبرلی وهو رجل دین مسیحی أصولی وأمریکی طبعاً، وفی وزارة التعلیم والبحث العلمی برز دور الیهودی دور أیردمان المتخصص فی مکافحة الإرهاب، وکان مستشار وزارة المالیة الیهودی دیفید نومی وفی وزارة الزراعة نصب عدد من المستشارین أبرزهم الیهودیان هولی شاتز ودون أمستونز.
وفی الثلث الأول من شهر نوفمبر/تشرین الثانی 2006 کشف الکاتب الأمیرکی ستیفن سینجوسکی فی وثیقة تحلیلیة استند فیها إلى مواقف وأفکار دیبلوماسیین ومحللین سیاسیین أمیرکیین وإسرائیلیین أن "أحد الأهداف الرئیسیة للحرب الأمیرکیة على العراق هو حمایة إسرائیل".
وتحدث سنیجوسکی عن الدوافع التی تجعل دولة عظمى تخوض حرباً من أجل حمایة "دولة" لا یکاد یکون لها وزن على الخارطة، وتحدث أیضاً عن المحافظین الجدد داخل الإدارة الأمیرکیة وکیف انشقوا عن الدیمقراطیین فی ستینات وسبعینات القرن الماضی وجعلوا من الدفاع عن "إسرائیل" مبدأً أساسیاً وهدفاً محوریاً فی سیاستهم, وتحدث الکاتب الأمیرکی فی هذه الوثیقة عن أهم ما جاء فیها على حلقات عن علاقة أحداث 11 سبتمبر/أیلول 2001 بغزو العراق.
وینقل الخبیر الامریکی عن المؤرخ والدیبلوماسی الأمریکی بول شرودر, قوله:" إن الدافع الخفی للسیاسة الأمریکیة التی قادت إلى غزو العراق هو أمن إسرائیل..إذا کان أمن إسرائیل هو الهدف الحقیقی لهذه الحرب فإن ذلک یمثل أمراً فریداً بالتاریخ؛ فالمعروف أن القوى الکبرى تعمل على تحریض القوى الصغرى وإثارة الخلافات بینها حتى تتأجج نار الحرب بشکل یحقق المصالح العلیا لتلک القوى، ولکن یبدو أن هذا هو المثال الأول فی التاریخ حیث تخوض قوة عظمى حرباً بالوکالة عن دولة صغیرة".
وفی نهایة مایو/أیار 2006 کشفت صحیفة "النیویورکر" الأمریکیة عن وجود 3000 عمیل وجندی من القوات الخاصة الإسرائیلیة فی أرض الرافدین، وأضافت ان هناک مخططاً إسرائیلیاً لتفتیت العراق وإقامة دولة کردیة فی الشمال، وذکرت الصحیفة أن الخطة "ب" التی اعتمدتها المخابرات الإسرائیلیة للتعاون مع الأکراد فی إقامة دولتهم تقوم على تدریب وحدات من الکوماندوز الکردی للقیام بعملیات خاصة داخل الأراضی السوریة والإیرانیة والترکیة لصالح إسرائیل تشمل التجسس والتخریب وغیرها.
وقالت مصادر إسرائیلیة لصحف "معاریف" و"هآرتس" فی نهایة سنة 2003 وبدایة 2004 تحدثت عن دور رجال الموساد فی تصفیة عشرات العلماء والضباط والطیارین العراقیین وأعضاء حزب البعث بالتعاون مع الوحدات الخاصة للجیش الأمریکی، وفیما بعد مع شرکات المرتزقة وفی مقدمتها شرکة "بلاک ووترز".
وذکرت صحیفة معارف فی دیسمبر/کانون الأول 2003 أن "الموساد" زوَّد فیلق بدر الذی دخل الى العراق مع القوات الغازیة بقوائم تضمنت تفاصیل عن مئات الشخصیات العراقیة المستهدفة وأن هذه المعلومات نقلت الى الحرس الثوری الإیرانی الذی شارک منذ البدایة فی عملیات التصفیات الدمویة فی العراق, والواضح ان إسرائیل التقت فی مخطط افراغ العراق من کفاءاته وشخصیاته وعلمائه مع العدید من الدول التی ترید ان یبقى العراق ضعیفاً وممزقاً.
ومن المعروف ان العلاقات الکردیة الاسرائیلیة ترجع جذورها إلى أیام الزعیم الکردی مصطفى البارزانی (والد مسعود البارزانی) ابان الستینات، لکن احتلال العراق شهد مرحلة من التفعیل فی العلاقات بین الطرفین المذکورین، وقد حاول الأکراد فی بادئ الأمر الإنکار أمام الحقائق الدامغة على الأرض، لکن تعزیز الحقائق والدلائل ا لمتواصل وکذلک الاعترافات الإسرائیلیة بهذا الواقع، جعل الأکراد یعترفون باستدراک وتساؤل، ان العرب أهل القضیة لهم علاقات بإسرائیل فلماذا حلال تلک العلاقات على العرب وحرام على الأکراد؟.
ومن الواضح ان اکراد العراق ومن خطابهم الاعلامی والسیاسی الذی یمثل واجهة ومرآة لتحالفهم مع الکیان الصهیونی ومحاولاتهم الرامیة إلى الانفصال عن العراق بدعوى الفیدرالیة والشعارات المبطنة، راحوا یوجهون هذا الخطاب نحو العدائیة إلى کل ما هو عربی وهم یبنون تصوراتهم على أن أمیرکا إذا ما تخلت عنهم فإن الکیان الصهیونی سیکون حلیفهم الذی من مصلحته هذا الانفصال، ولیس من المستبعد ان تقوم الحکومة المرکزیة فی المستقبل بمحاولة القضاء على (کیانهم الکردی) وإعادة شمال العراق الى المرکز.
وفی 4 دیسمبر/کانون الأول 2006 ذکر مصدر عسکری اسرائیلی رفیع ان نظاماً مصنوعاً فی اسرائیل مصمم لحمایة الدبابات ووسائل نقل القوات من القذائف الصاروخیة ستجرِّبه وزارة الدفاع الامیرکیة تمهیداً لاستخدامه من جانب القوات الامیرکیة فی العراق والتی سقط معظم قتلاها حسب الروایات الرسمیة بسبب القنابل المزروعة على جانب الطریق.
وقد وصفت مؤسسة رافائیل التی صنعت النظام ویطلق علیه اسم "تروفی" هذا السلاح بأنه فرید لانه یستخدم مجساً یرصد الصاروخ القادم ویطلق قذیفة تدمر رأسه الحربیة وهو فی الهواء، وحینها ذکرت "رافائیل" ان نسبة دقة النظام تصل الى 95%, وقال المصدر الدفاعی الاسرائیلی أن البنتاجون طلب الحصول على احد الانظمة لاجراء اختبارات فی الولایات المتحدة.
وأضاف المصدر بعدما طلب من رویترز عدم الافصاح عن اسمه "تعتزم وزارة الدفاع اختبار 'تروفی' وربما یکون على المدرعة الامیرکیة 'سترایکر' أو غیرها من المرکبات اعتباراً من ابریل/نیسان 2007 وفیما بعد سیجری استخدامه میدانیاً فی العراق, وتکهَّن مصدر دفاعی اسرائیلی مطَّلع على الخطط الخاصة برافائیل ان یصل سعر وحدة النظام الواحدة بما بین 250 ألفاً و350 ألف دولار وأن یصل وزن وحدة من النظام الى نحو 700 کیلوغراماً, وذکر المصدر أن الکلفة العالیة للنظام یمکن تقلیلها من خلال جعل المرکبات تسیر فی مجموعات قریبة بحیث یمکن أن یوفر نظام مثبَّت على واحدة من المرکبات الحمایة لبقیتها.
وفی 24 ابریل/نیسان 2007 ذکرت اذاعة الجیش الاسرائیلی ان شرکة اسلحة اسرائیلیة ستزود وحدات مشاة البحریة الامیرکیة "المارینز" المنتشرة فی العراق بحوالی ستین آلیة مصفحة من نوع "جولان"، ضمن عقد أول بقیمة 37 ملیون دولار. واضافت الاذاعة ان تسلیم الآلیات الى وحدات "المارینز" سیحصل فی الاشهر الثلاثة التالیة, موضحةًَ أن "جولان" آلیة جدیدة زنتها 15 طناً عرضت فی سبتمبر/أیلول 2006 وتسمح بنقل عشرة جنود وعتادهم.
وفی ینایر/کانون الثانی 2007 اختیرت هذه الآلیة التی تسیر على اربع عجلات من قبل الجیش الامیرکی فی اطار استدراج عروض، وهذا العقد هو الاول لشراء آلیة "جولان" التی لم یستخدمها الجیش الاسرائیلی بعد, وتقول الشرکة المصنعة ان هذه الآلیة "مصممة خصوصاً لتتکیف مع العملیات فی المدن", وأوضح لوفا دروریس مدیر قسم التسویق فی شرکة "رافایل" العامة التی فازت بالعقد "خبراؤنا فی مجال الحمایة طوروا "جولان" لمقاومة قذائف مضادة للدروع من نوع "ار بی جی" خصوصاً او الغام.
وذکرت الاذاعة ان شرکات الاسلحة الاسرائیلیة تزود وحدات الجیش الامیرکی المنتشرة فی العراق بطائرات استطلاع من دون طیار وصواریخ وانظمة حمایة للدبابات والالیات المصفحة فضلاً عن انظمة تسییر متطورة, وفی مارس/آذار 2005 فازت شرکة "بالسن ساسا" الاسرائیلیة بعقد قیمته 200 ملیون دولار لتصفیح آلیات عسکریة امیرکیة مستخدمة فی العراق.
وکان الدکتور مصطفی الفقی، رئیس لجنة الشؤون الخارجیة بمجلس الشعب المصری قد أکد أن إسرائیل انتهزت فرصة الغزو، الذی قادته الولایات المتحدة للعراق العام الماضی، لنشر عدد کبیر من عملائها فی المناطق الکردیة شمالی البلاد بهدف التجسس على کل من إیران وسوریة.
وقال الفقی إن إسرائیل موجودة بقوة فی شمال العراق وتمارس نشاطات تجسسیة على الدول المجاورة, وتعلیقا على نفی رئیس الوزراء العراقی المؤقت إیاد علاوی ، أثناء زیارته الأخیرة لواشنطن ، وجود إسرائیلیین فی العراق، قال الفقی إن المسؤولین العراقیین یمکنهم النفی کما یریدون، واستدرک مؤکدا "ولکنها الحقیقة"، وأضاف الفقی أن العراق تحول إلى مرکز لکل من یرید محاربة القوات الأمریکیة.
وذکرت صحیفة البینة الجدیدة العراقیة فی عام 2006 أن اسرائیل توسع تغلغلها فی العراق فی ظل الإحتلال الأمیرکی وتبحث عن حصة فی غنیمة النفط العراقی, کاشفةً عن أن شرکة إسرائیلیة فازت بعقدین للاستثمار فی مجال التنقیب عن النفط الخام فی العراق, ومضیفةً أن شرکة "سرسل" الاسرائیلیة حصلت من خلال شرکة عراقیة علی عقدین للاستثمار فی مجال التنقیب عن النفط الخام.
وأوضحت الصحیفة أن الشرکة ومقرها تل أبیب ولدیها فرع ثان فی فرنسا حصلت على العقدین تحت عباءة شرکة عراقیة تدعى "أمیرة بکس" یقودها ویشرف علیها مسؤولون فی شرکة الاستکشافات النفطیة التابعة لوزارة النفط وهی تنتظر الفوز بعقد ثالث, وقالت صحیفة "یدیعوت أحرونوت" العبریة بعد أشهر من سقوط البوابة الشرقیة للأمة العربیة إن العراقیین أنفسهم (ویعنی بذلک من أتوا على ظهر دبابات الغزو) معنیون بمشارکة الإسرائیلیین فی "الکعکة العراقیة".
وصرح "یشار بن مردخای" مدیر عام شرکة "بزان" التی تعمل فی مجال تشغیل مصافی تکریر النفط بقوله "إن الشرکة تستعد لشراء نفط خام من العراق سیصل عن طریق ترکیا", ودار الحدیث بالمرحلة الأولیة عن 10% من إجمالی واردات إسرائیل من النفط، لکنه ذکر أن الکمیة ستزداد بعد ذلک, وبتاریخ 20 اکتوبر/تشرین الأول 2003 قال وزیر البنى التحتیة الإسرائیلی یوسف بارتیسکی إنه طلب إجراء دراسة مفصلة حول إعادة الروح لأنبوب النفط بین الموصل وحیفا والذی أسِسَ منذ عهد الانتداب البریطانی واوقف العمل به بعد ثورة العراق سنة 1958.
م/ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS