الکیان الصهیونی عاجز امام صواریخ المقاومة

شکّل الصاروخ الذی نجحت المقاومة الفلسطینیة فی إطلاقه الخمیس الماضی (3/1) صدمة جدیدة للجیش الصهیونی، بعد أن وصل إلى مدى غیر مسبوق، وهو شمالی مدینة عسقلان (على بعد 16 کیلو متراً من قطاع غزة)، خصوصاً مع عجز ذلک الجیش عن وضع حد لهذه الظاهرة، ما یضعه ویضع حکومة الاحتلال فی حالة مواجهة مستمرة مع السخط الذی أصبح مستحکماً لدى سکان المغتصبات القریبة من القطاع.
وبحسب المعطیات على الأرض؛ فإنه رغم کل التوغلات والاغتیالات والاقتحامات التی یقوم بها جیش الاحتلال للقطاع والضفة الغربیة؛ فإنّ فصائل المقاومة لم تتوقف عن إطلاق هذه الصواریخ، بل إنها استطاعت تطویر قدرة هذا السلاح بدائی الصنع لیصل إلى مدیات أبعد، کما تمکنت من استخدام أنواع جدیدة من الصواریخ (غیر محلیة الصنع) لم یسبق أن استخدمتها من قبل، ویزعم الاحتلال أنّ المقاومة استطاعت تهریبها عن طریق حدود قطاع غزة، خاصة عبر الأراضی المصریة.
وتعبیراً عن هذا السخط المرتبط بالقلق والخوف لدى سکان المغتصبات؛ صرّح رئیس بلدیة عسقلان بعد سقوط الصاروخ الأخیر (من نوع غراد روسی الصنع، أو کاتیوشا من عیار 122 ملیمتراً) الذی تبنت إطلاقه الجبهة
الشعبیة ـ القیادة العامة قائلاً "رئیس الحکومة (إیهود أولمرت) قال فی الماضی إنه إذا سقط صاروخ فی عسقلان فسیکون ذلک تجاوزاً للخطوط الحمراء، وها هی الصواریخ تجاوزت عسقلان وبمعجزة لم یقتل أحد"، فی إشارة إلى أنّ حکومته لم تفعل شیئاً لإیقاف هذه الصواریخ.
ویرى مراقبون أنّ جیش الاحتلال والمستویات السیاسیة للحکومة الصهیونیة إزاء هذه التطور النوعی لأداء صواریخ المقاومة وعدم توقف إطلاقها؛ تتجه إلى الهروب نحو الأمام، وتصدیر حالة عجزها إلى الخارج، وتحدیداً لبعض دول الجوار العربی (مصر وسوریة ولبنان)، خصوصاً وأنّ ذلک یؤکد فی الوقت نفسه إخفاق حصارها لغزة، وعدم فعالیة توغلاتها واقتحاماتها التی تنفذها فی الشهرین الماضیین. إنها مساعٍ تجری فی محاولة من حکومة الاحتلال لامتصاص النقمة الداخلیة لسکانها، وتألیب ما یسمى بالمجتمع الدولی على المقاومة، والدول العربیة التی صار الکیان الصهیونی یحملها مسؤولیة هذه الصواریخ، وفقاً لمزاعمه.
و قال مصدر فی مکتب رئیس الوزراء الصهیونی إنّ قصف عسقلان بصواریخ الکاتیوشا یعتبر تهدیداً استراتیجیاً للکیان الصهیونی، ویتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف التهدید.
وبحسب صحیفة "جیروزالم بوست" الصهیونیة الصادرة بالإنجلیزیة؛ فإنّ المصدر ربط ذلک بما ادعى أنها عملیات تهریب للصواریخ، بقوله "إنّ إطلاق الصواریخ یؤکد الحاجة العاجلة إلى وقف عملیات تهریب الأسلحة إلى قطاع غزة، والتی أصبحت تشکل تهدیداً حقیقیاً للمجتمعات السکانیة" جنوب الکیان الصهیونی.
ویصب فی التوجه نفسه ما بثته القناة العاشرة من التلفزیون العبری یوم الخمیس (3/1)، من أنّ المقاومة الفلسطینیة أدخلت إلى قطاع غزة خلال الأشهر الماضیة مائة صاروخ "کاتیوشا" روسی الصنع، على حد زعم القناة.
وقد تجاوز الأمر حدود توزیع الاتهامات، إلى تفکیر الکیان الصهیونی بالرد على أهداف داخل لبنان أو سوریة بسبب هذه الصواریخ. فقد ذکر موقع "دیبکا" الاستخباری الصهیونی على الإنترنت أنه عقب سقوط صاروخ من نوع "کاتیوشا" على شمال مدینة عسقلان المحاذیة لشمال قطاع غزة؛ فإنّ الکیان سیرد ضد أهداف داخل لبنان أو سوریة، وذلک بذریعة أنّ الجهة الفلسطینیة التی أعلنت عن إطلاق الصاروخ توجد مقر قیادتها فی دمشق (الجبهة الشعبیة ـ القیادة العامة).
وادعى الموقع "أنّ عناصر الجبهة الشعبیة ـ القیادة العامة وصلوا فقط فی الأیام الأخیرة لقطاع غزة سویاً مع تنظیم فتح الإسلام المقرّب من تنظیم القاعدة، الذی یعمل تحت إمرة الاستخبارات السوریة، والذین تم تهریبهم عن طریق البحر لسیناء وجزء منهم مدرب على إطلاق الکاتیوشا"، طبقاً للروایة التحریضیة الصهیونیة.
وأمعن الموقع فی ادعاءاته بقوله "إنّ طواقم إطلاق صواریخ الکاتیوشا التابعة للجبهة الشعبیة ـ القیادة العامة کانوا جزءاً من جهاز إطلاق الصواریخ لحزب الله على "إسرائیل" فی حرب لبنان صیف 2006".
وفی تطوّر أمنی لافت على الحدود المصریة مع الکیان الصهیونی یُرجّح أنه على ارتباط بما تقول سلطات الاحتلال إنه تهریب سلاح للمقاومة؛ أمطر جنود صهاینة متمرکزون فی برج مراقبة معبر مراقبة معبر کرم أبو سالم یوم الخمیس (3/1)، منازل عائلة بدویة مصریة فی سیناء، ما أدى إلى مقتل شخص واحد، بحسب سکان قاطنین فی المنطقة.
ورغم أنّ الکیان الصهیونی لم یقدِّم حتى الآن أی تبریر لتصرفه الذی سیزید من حدة توتر علاقاته بمصر؛ فإنّ المتوقع أن یربط ما حدث بما یروِّجه من مزاعم عن تغاضی مصر فی تهریب الأسلحة للمقاومة بقطاع غزة، علما أنّ شخصیات مصریة وفلسطینیة کشفت أنّ حجم التهریب من الحدود المصریة (من خلال الأنفاق) لا یقارن بما تتمکن المقاومة من الحصول علیه من داخل الأراضی المحتلة عام 1948، أو عن طریق البحر.
وبرأی مراقبین؛ فإنّ الإخفاق الکبیر لجیش الاحتلال فی مواجهة صواریخ المقاومة، والتطوّر النوعی فی تصنیعها ومدیات إصاباتها، وعجزه عن منع إطلاقها من غزة رغم کل توغلاته واجتیاحاته العسکریة؛ لن یستطیع التنصل منه داخلیاً إلى فترة طویلة، خصوصاً مع قرب صدور تقریر "فینوغراد" الذی یحقق فی المسؤولیة عن إخفاق حکومة الاحتلال فی إدارة الحرب ضد لبنان 2006، حیث من المتوقع أن یطیح ذلک التقریر برأس رئیس الوزراء الصهیونی إیهود أولمرت وعدد من معاونیه.
ن/25