qodsna.ir qodsna.ir

عوامل نجاح الحوار الفلسطینی

 

اللقاءات فی الیمن بین کل من وفدی فتح وحماس مع المسؤولین الیمنیین بدت محاولة جادة للوصول إلى اتفاق بین الطرفین بخصوص الانقسام الفلسطینی الداخلی. ومن الواضح أن هناک مؤشرات إیجابیة، ولکن المؤسف، والمخجل کذلک، أن یتواجد الطرفان فی الیمن دون أن یلتقیا وجها لوجه. ولکن على أیة حال، أعتقد أن القواسم المشترکة کبیرة، وإمکانیة الاتفاق على التفاصیل واردة، رغم أن تساؤلات عدیدة ترد باستمرار حول تفسیرات کل من الطرفین لبنود المبادرة الیمنیة. وهی تساؤلات مشروعة، خاصة وأن هناک عبارات تحتمل عدة تفسیرات، فضلا عن أن المبادرة سعت إلى الاستجابة لمتطلبات الطرفین.

 

من جهة أخرى، فهناک بالطبع مخاوف من تدخل الطرف الإسرائیلی والأمریکی فی منع الحوار، أو عرقلته. ولکن هناک أیضا ما یشیر إلى أن الإدارة الأمریکیة، وکذلک الحکومة الإسرائیلیة، باتت على قناعة بأن إسقاط حماس عسکریا ومن خلال الحصار أمر لیس بالیسیر. وأن کل الإجراءات المتخذة ضد غزة لم تفلح فی إسقاط حکومة حماس، ولم تفلح فی تألیب الشارع علیها. ولذلک، فلیس من المستبعد أن یفسح الأمریکان والإسرائیلیون الطریق أمام حوار فلسطینی جاد، مع سعیهم الحثیث على جر حماس إلى مربع التسویة. وهنا، یصبح من الضروری توحید الصف الفلسطینی لرسم معالم السیاسة الفلسطینیة تجاه التحدیات الکثیرة التی تواجه الشعب الفلسطینی.

کذلک، فإن إمکانیة أن تضغط أمریکا وإسرائیل على السلطة من خلال المساعدات لمنع الاتفاق بین فتح وحماس أمر وارد، خاصة وأن الأموال التی یحتجزها الإسرائیلیون، والأموال التی تعهدت بها الدول المانحة، تدفع للسلطة على جرعات بطیئة. وبعضها، کما أشارت إسرائیل مرتبط بمدی التزام السلطة بتطبیق خارطة الطریق. ولکن من المؤکد أن موقف فتح والسلطة من الانقسام الفلسطینی غیر خاضع لأیة ضغوطات خارجیة، وأن المسألة أمر فلسطینی داخلی صرف، تعد مؤشرات مهمة یجب أن یتم البناء علیها. ولا یجوز على الإطلاق إفشال الحوار من أی طرف بحجة أن هناک جهات خارجیة لا ترید الحوار. وأعتقد أن أی اتفاق بین فتح وحماس سیضع الأمریکان والإسرائیلیین، وحتى المجتمع الدولی ککل، أمام واقع لا یمکن تجاهله، خاصة وأن الانقسام الفلسطینی الداخلی أدى إلى ما یشبه الکارثة، وفرض على الطرفین أن یبحثا عن حل لهذا الانقسام بعیدا عن الابتزاز الأمریکی والإسرائیلی.

من الضروری، إذا أردنا إنجاح الحوار، التالی للاتفاق الأولى فی صنعاء، توفر العوامل الآتیة:

الأول: تقدیم المصلحة الوطنیة على ما سواها. وما من شک بأن الحریصین على المصلحة الوطنیة الفلسطینیة کثیرون من کلا الطرفین. ومن المؤکد أن الأصوات المتوازنة، والتی تضع العنوان الفلسطینی قبل کل العناوین ستکون مسموعة.

الثانی: الحوار بنوایا طیبة، وحسن الظن بالطرف الآخر. وأعتقد أن هناک عناصر مهمة لدى الطرفین یمکن أن تمثل حجر الزاویة فی بناء الثقة، والعمل بنوایا حسنة.

الثالث: وضع آلیات وأسس متینة لتنفیذ أی اتفاق، بحیث یقطع الطریق على کل من یسعی لتکریس الانقسام. وهذا الأمر شرط مهم لنجاح أی اتفاق، وهو الأمر المستفاد من التجارب السابقة.

الرابع: الاتفاق على مبدأ التوافق الوطنی فی القضایا الجوهریة، وحتى فی التفصیلات، وتدارک الإجراءات الأحادیة فی غزة والضفة.

إننی أتفق مع المحللین الذین قالوا أن أول خطوة نحو الاتفاق والحوار تقتضی الخطوات التالیة، وهی خطوات لا یمکن أن یبدأ الحوار، وأن ینجح، بدونها:

أولا: لا بد من وقف کل الحملات الإعلامیة والدعائیة بین الطرفین.

ثانیا: یجب وقف الاعتقالات السیاسیة، وإطلاق کافة المعتقلین من قبل الطرفین.

ثالثا: وضع جدول زمنی لتنفیذ الأمور التی یتم الاتفاق علیها.

هذه النقاط توفر المناخ المناسب للحوار، وفی ظلها یمکن رأب الصدع، والعودة بالشعب الفلسطینی وقضیته إلى مسارها الصحیح.

إن الشعب الفلسطینی فی کل مکان ینظر یترقب بتفاؤل إلی مبادرة صنعاء ، لأن الاتفاق بین فتح وحماس سیمثل ردا مناسبا على سیاسات الاحتلال، وسیرسل رسالة إلى الشعب الفلسطینی والأمة بأسرها بأن الجسد الفلسطینی أخذ یتعافی من جراحه، وبأنه یقف صفا واحدا أمام التحدیات التی تتهدد واقعه ومستقبله.

( المقال للأکادیمی الفلسطینی  الدکتور فرید أبوضهیر )

ن/25

 

 


| رمز الموضوع: 142665