الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

ندوة فی "مرکز الحوار العربی" عن: خیارات أمام مشروع الدولة الفلسطینیة

 "مع مضی المراحل الزمنیة، ازدادت ملامح صورة الدولة الإسرائیلیة وضوحا، وازدادت صورة الدولة الفلسطینیة غموضا"

 أقام "مرکز الحوار العربی" فی منطقة واشنطن ندوة خصّصها لموضوع: "خیارات أمام مشروع الدولة الفلسطینیة"، تحدث فیها کل من الدکتور کمال خالدی، رئیس إتحاد الکتّاب الفلسطینیین فی دمشق، والدکتور فوزی الأسمر، الکاتب والإعلامی الفلسطینی المقیم فی واشنطن.

الدکتور فوزی الأسمر

                                                  

وقد جاء فی حدیث الدکتور الأسمر: إن الحدیث عن خیارات مشروع الدولة الفلسطینیة یجب أن یأخذ فی حساباته العوامل الرئیسة التی واجهت ولا تزال تواجه الشعب الفلسطینی. وبلا شک فإن الشعب الفلسطینی یتطلع لإقامة دولته المستقلة ذات السیادة کغیره من شعوب العالم، ولدیه المقومات لذلک. وسنقوم بالتحدث عن المسیرة الفلسطینیة والتنازلات التی قدمها الفلسطینیون والتحدیات التی یواجهوها فی مسیرتهم  من أجل الحصول على دولة لهم. کما سنتحدث عن الرفض الإسرائیلی المبنی على أیدیولوجیة صهیونیة عنصریة رافضة لأی حل یمنح الفلسطینیین أی حق على أی جزء من أرضهم التاریخیة معتمدة على تأیید ودعم العالم الغربی، خصوصا الأمریکی منه.

وإذا أردنا أن ُنعرّف مقومات الدولة فهی: الأرض والشعب والسلطة. فوجود هذه المقومات هی الأساس لبناء الدولة حتى لو لم یعترف بها الکثیرون.  وأفضل مثل على ذلک هو الصین أیام ماوتسیتونغ حیث کانت مقومات الدولة موجودة، لکن الإعتراف بها  دولیا لم یکن موجوداً، فقد کانت تایوان تمثل الصین فی الأمم المتحدة حتى جاء الرئیس الأمریکی رتشارد نیکسون وغیّر ذلک . والفلسطینیون کانوا وما زالوا یطالبون بإقامة دولة فلسطینیة مستقلة ذات سیادة لهم على أرض فلسطین، وقد مر هذا الطلب بمراحل أُلخّصها بآلاتی: 

أول المطالب الفلسطینیة (والعربیة على حد سواء) فی أعقاب النکبة عام 1948 کان تحریر کامل التراب الفلسطینی وإقامة دولة عربیة على أرض فلسطین التاریخیة. وهذه الفکرة وجدت رواجا عربیا ولم تجد الصدى العالمی. ثم تحول الموقف الفلسطینی فقبل بمبدأ تقسیم فلسطین حسب قرار الجمعیة العامة للأمم المتحدة رقم 181.  والذی ِإتخذ فی 29  نوفمبر 1947. وکان هذا معناه أن تنسحب إسرائیل من الأراضی التی إحتلتها فی حرب 1948 ولم تکن ضمن الأراضی التی أقرها قرار 181. وطبعا رفضت إسرائیل ذلک. وفی أعقاب هزیمة 1967 أطلق الفلسطینیون فکرة إقامة الدولة العلمانیة الدیمقراطیة للشعبین العربی الفلسطینی والیهودی الإسرائیلی. وسرعان ما رفضت إسرائیل ذلک قائلة " إنهم یریدون تدمیر الدولة الیهودیة". وانتقل الفلسطینیون إلى مرحلة أخرى  وهی الدعوى لإقامة دولة فلسطینیة حسب حدود  العام 1967، هذا الأمر رفضته إسرائیل أیضا. وفی عام 1988 إعترف "المجلس الوطنی الفلسطینی" فی مؤتمره الذی إنعقد  فی الجزائر بقراری مجلس الأمن 242 و 338 وبالتالی إعترفت کل المنظمات الفلسطینة بدولة إسرائیل. ولکن هذه الخطوة قوبلت بالإستخفاف من جانب إسرائیل. وأسقط یاسر عرفات علنا فی غزة فی مؤتمر مع الرئیس الأمریکی بل کلینتون کل البنود الواردة فی المیثاق الفلسطینی الداعیة إلى إزالة دولة إسرئیل. ولم یکف ذلک الجشع الإسرائیلی. والیوم یطالب الفلسطینیون بإقامة دولة مستقلة ذات سیادة لهم على 22 بالمائة من اراضی فلسطین التاریخیة، مع تعدیل بسیط فی الحدود ودراسة وضع بعض المستعمرات الیهودیة على الأراضی الفلسطینیة، وکما نعلم فإن إسرائیل ترفض ذلک. والسؤال لماذا؟ ولنضف إلى کل ذلک رفض إسرائیل للمبادرة العربیة التی قبلت بإجماع الدول العربیة والداعیة إلى إقامة دولة فلسطینیة على الأراضی التی أحتلت عام 1967 مقابل أعتراف عربی کامل بها. ولکن إسرائیل رفضت ذلک العرض أیضاً.

فی إعتقادی أنه لا یمکن أن تقوم دولة فلسطینیة بدون تغییر أساسی فی الفکر الصهیونی وفی الشخصیة الإسرائیلیة.  فالنسبة للصهاینة فإن ما یسمى بـ " أرض إسرائیل"  هی هبة الله للشعب الیهودی فقط ولا یوجد لأی شعب آخر حق علیها. وأرض إسرائیل تضمن فلسطین التاریخیة والأردن ومرتفعات الجولان وجزء من جنوب لبنان. وأذکر عندما وصل مناحیم بغین إلى الحکم عام 1977 وقبل زیارته الأولى لواشنطن، أرسل رجله المفضل إلیاهو بن الیسار (شغل منصب أول سفیر إسرائیلی فی مصر) لإعداد  الطریق لزیارته الأولى لواشنطن کرئیس للوزراء. وکنت حاضرا فی محاضرة له فی العاصمة الأمریکیة وسمعته یقول: من قال أننا غیر مستعدین لتقدیم التنازلات من أجل السلام؟  إننا مستعدون للتنازل عن الأردن ولتقم هناک الدولة الفلسطینة، فعلى جمیع الأحوال معظم سکان الأردن من الفلسطینیین!!.

 من هذا المنطلق إعتبرت إسرائیل ( ولا تزال ) ان الأراضی التی إحتلتها فی عام 1948 وفی عام 1967 هی أراضی "محررة" ولیست أراضی تحتلها. وإنطلاقا من المنطق الأیدیولوجی الصهیونی فإن أسرائیل ترفض أیة سیادة غیر یهودیة على أی شبر من الأراضی التی تعتبرها "أرض إسرائیل". وهذا هو مربط الفرس فی الصراع مع إسرائیل.

     إسرائیل لن تقبل طوعا منح سیادة غیر یهودیة على "أرض إسرائیل" ولهذا السبب ترفض أن تحدد حدودها، فعندما یطلب من العرب الإعتراف بإسرائیل یجب أن یطرح فورا السؤال: هل حددت أصلاً إسرائیل حدودها ؟

 وهناک بین قادة إسرائیل من ینظر إلى هذه الأمور بمنظار تاریخی ولیس دینی. وفی مقدمة هؤلاء کان دافید بن غوریون وموشه دیان وإسحاق رابین الذی حاول أن یصل إلى حل عن طریق التنازل عن أراضی الضفة الغربیة لإقامة دولة فلسطینیة معتبرا ذلک تنازلا تاریخیا ولیس دینیا. ولهذا السبب ُقتل رابین من جانب المتدیین الیهود .

 الحل المثالی من وجهة نظری، هو إقامة الدولة الواحدة لکل سکان فلسطین. ولکن إسرائیل لن تقبل بأقل من دولة یهودیة وبدون تحدید حدود لها وهذا معناه إستمرار المقاومة الفلسطینیة إلى أن یأتی جیل إسرائیلی یقبل بحلول تاریخیة .

الدکتور کمال خالدی

أما الدکتور کمال خالدی فقد عرض المحطات التی مرت فیها فکرة الدولة الفلسطینیة، وجاء فی کلمته: لا شک أن فکرة الدولة فی فلسطین قد تأثرت بالمراحل الزمنیة التی مرت بها مسیرة قضیة فلسطین، إعتباراًً من تاریخ انعقاد المجلس الوطنی الفلسطینی الأول، الذی انعقد فی القدس عام 1964. ففی تلک الدورة أقر المجلس الوطنی الفلسطینی، المیثاق الوطنی، الذی إستَنَد إلى مقومات صریحة یقوم علیها الکیان الفلسطینی، وهی: الأرض، الشعب والسلطة. وبالطبع کان المیثاق یؤکد أن مفهوم الأرض یتضمن کامل التراب الفلسطینی. واستمرت أفکار المیثاق الوطنی الفلسطینی بالتداول والحوار ضمن دوائر المفکرین العرب، والفلسطینیین منهم على وجه الخصوص. وعندما وقعت نکسة حزیران 1967، دخلت عوامل جدیدة على مسار قضیة فلسطین، طرحت على أثرها تصورات ومفاهیم، تأثرت بما طرح من أفکار على المستوى العالمی، یمکن الإشارة إلیها فی النقاط التالیة:

 فکرة الدولة الدیموقراطیة – العلمانیة :

خلال أوائل السبعینات من القرن الماضی، طرحت بعض الدوائر فی منظمة التحریر الفلسطینیة فکرة " الدولة الدیموقراطیة العلمانیة " لتجنب الحدیث عن دولة فلسطینیة خاصة بالفلسطینیین بحدود حزیران 1967، وعلمانیة، لا تتقید بالتحدید الدینی لإبعاد الشخصیة الیهودیة عن قیام الدولة الواحدة. وقد رفضت غالبیة الدوائر الإسرائیلیة تلک الفکرة، على مختلف الأتجاهات والنزعات . وحاول المرحوم یاسر عرفات، رفع شعار " الدولة الدیموقراطیة – العلمانیة " من خلال خطابه أمام الجمعیة العامة للأمم المتحدة , فی خریف عام 1974.

برنامج النقاط العشر وفکرة قیام السلطة الوطنیة الفلسطینیة - 1974:

  خلال الإجتماعات التحضیریة للدورة الثانیة عشرة للمجلس الوطنی الفلسطینی، فی بیروت، جرى طرح برنامج عمل لمنظمة التحریر الفلسطینیة فی أواخر عام 1974، عُرف باسم "برنامج النقاط العشر". وقد شارک فی الحوار ومناقشة ذلک البرنامج مختلف الفصائل والتنظیمات الفلسطینیة، وخرج عن الإجتماعات التحضیریة برنامج عمل ُعرِض على إجتماع المجلس الوطنی فی دورته الثانیة عشرة التی عُقدت  فی القاهرة واتخذ فیه القرار المناسب. وکان أهم ما جاء فیه فکرة "قیام السلطة الوطنیة الفلسطینیة على أی جزء من أرض فلسطین یتم تحریره أو یتم إنسحاب العدو عنه". ودار خلاف حول المقصود بانسحاب العدو عنه بین التنظیمات الفلسطینیة، وهو الإشارة إلى إمکانیة التفاوض مع العدو الصهیونی. واعتُبِر هذا النص من أهم النصوص فی أدبیات منظمة التحریر الفلسطینیة.

اتفاقیة " کامب دیفید" وفکرة الحُکم الذاتی1978 :

تضمنت اتفاقیة " کامب دیفید" بین مصر – السادات واسرائیل- بیغن الموقعة فی 17 أیلول عام 1978 فقرات تتعلق بالفلسطینیین وأسلوب الحکم الذی قد یطَبَق علیهم، فذُکر مصطلح "الحکم الذاتی" على أنه قد یُعطى لهم کشکل للحکم بعد إجراء التفاوض بینهم وبین الإسرائیلیین.         

أفکار بعض الباحثین حول "الدولة ثنائیة القومیة " و" دولة لکل مواطنیها":

    طُرحت خلال الثمانییات من القرن الماضی، أفکار لبعض الباحثین حول شکل الدولة أو نوعها سواء فی داخل الکیان الإسرائیلی أو على مساحة فلسطین الطبیعیة. وقد جرت بحوث ودراسات متعددة مستفیدة من تجارب الأمم الأخرى التی احتوت أکثر من قومیة بما وضع حدا للصراعات واعمال العنف بین الجماعات الإثنیة والدینیة. وکان من بین تلک البحوث الإستعانة بتجربة الدول ثنائیة أو متعددة القومیات. وبالطبع فإن هذا النوع  من الدول یختلف عن مفهوم الدولة الدیموقراطیة –العلمانیة، لأنه یعترف بالفروق الإثنیة والقومیة والدینیة، بعکس فکرة الدولة الدیموقراطیة –العلمانیة التی لا تقر بتلک الفروق. ومن الجدیر بالذکر أن فکرة الدولة ثنائیة القومیة، وجدت لها بعض التأیید لدى بعض المثقفین الیهود، قبل قیام الکیان الإسرائیلی، استمر بنسبة ضئیلة جدا لدى بعضهم، بعد قیام الکیان الإسرائیلی. أما فی الجانب الفلسطینی، فاقتصر التأیید على بعض المثقفین والباحثین.

أما فکرة "دولة لکل مواطنیها " فهی تعتمد على مفهوم المساواة بین کل المواطنین، وهی فکرة المساواة التی دعا إلیها بعض الباحثین العرب فی الکیان الإسرائیلی، بقصد التغلب على الفروق وغیر المساواة بین العرب والإسرائیلیین داخل الکیان.

قرار المجلس الوطنی الفلسطینی بإعلان الدولة عام 1988 فی الجزائر :

نعتبر دورة المجلس الوطنی الفلسطینی المنعقدة فی الجزائر عام 1988، علامة ممیزة فی تاریخ منظمة التحریر الفلسطینیة، لأنها عبرت عن اعترافها بنتائج نکسة حزیران 1967، وعن موافقتها على إعلان الدولة الفلسطینیة على جزء من تراب فلسطین الطبیعی، متخذة من القدس الشرقیة عاصمة لها. وهی بذلک أعلنت قیام الدولة من طرف واحد فی ضوء قراری مجلس الأمن رقمی 242 لعام 1967 و338 لعام 1973.

اتفاق "أوسلو " بین یاسر عرفات وإسحق رابین عام 1993:

فی الوقت الذی کانت تجری فیه المفاوضات فی واشنطن، عبر اللجان المنبثقة عن مؤتمر مدرید، کانت مفاوضات سریة تجری بین وفدین، فلسطینی وإسرائیلی فی أوسلو، بین عامی 1992 و1993. انتهت تلک المفاوضات إلى توقیع اتفاق فی البیت الأبیض فی واشنطن بین الفلسطینیین والإسرائیلیین، قام بالتوقیع علیه کل من یاسر عرفات وإسحق رابین بحضور الرئیس کلینتون، فی 13 أیلول 1993. حیث سمحت السلطات الإسرائیلیة بدخول بعض أعضاء اللجنة التنفیذیة لمنظمة التحریر، وکذلک بدخول أعداد من الکوادر الفلسطینیة المقیمة فی الخارج، إلى داخل الأراضی المحتلة عام 1967، کما وافقت على تشکیل سلطة الحکم الذاتی. حسبما نص اتفاق أوسلو، الذی نص أیضا على أن  تتم مفاوضات بین السلطة وبین الحکومة الإسرائیلیة، تتناول النقاط الأربعة المعلقة والتی لم یتم حسمها، وهی: مشکلة اللاجئین، القدس، المستوطنات والحدود، وذلک خلال فترة انتقالیة مدتها خمس سنوات. وقد عارض ذلک الاتفاق عدد من التنظیمات والشخصیات الفلسطینیة بسبب التعقیدات والمصاعب التی وضعتها السلطات الإسرائیلیة للوصول إلى اتفاق یتضمن النقاط الأساسیة للحل العادل والمتکامل لقضیة فلسطین.

 کان من نتیجة تلک التعقیدات والعراقیل ما زاد فی تفاقم النقاط الأربعة المذکورة، فاتسعت المستوطنات وتکاثف عدد المستوطنین، وتم بناء الجدار العازل الذی قطع الطرق وأدى إلى بناء الطرق الالتفافیة، کما مزق مدینة القدس وامتدادها الشرقی. أما مشکلة اللاجئین فصارت موضوعا یتعلق بتبادل الأراضی ذات الکثافة السکانیة العربیة بأراض عربیة أخرى بنیت فوقها مستوطنات یهودیة. وبذلک تبخرت الآمال المعلقة على اتفاق أوسلو وأصبح أمام المتفاوضین الغوص فی نقاط تفصیلیة وفرعیة طغت على النقاط الأربعة  التی بدأ الحدیث عنها قبل أکثر من خمسة عشر عاما عندما وقع اتفاق أوسلو، على الرغم من الجولات التفاوضیة التی تناولت النقاط المشار إلیها فرادى أو بالحوار حول بعضها فی أماکن متعددة، سواء فی الأراضی المحتلة أو شرم الشیخ أو بعض المواقع فی الولایات المتحدة الأمریکیة، بما فیها الرضوخ لمطلب إسرائیل بتعدیل المیثاق الوطنی وإلغاء بعض مواده حول الأرض. وقد تجاوزت المرحلة الانتقالیة المنصوص علیها فی اتفاق أوسلو، أکثر من الضعف، ثم انتقل فی نهایتها یاسر عرفات إلى جوار ربه، بعد أن عانى من عملیة تسمم بطیء وقفت خلفها السلطات الإسرائیلیة بهدف التخلص منه، بعد أن أصبح عقبة فی تنفیذ مخططاتها .

خارطة الطریق، اجتماع "أنابولیس " وحل الدولتین:

 على أثر فشل الجولات التفاوضیة التی جرت بین الطرفین الفلسطینی والإسرائیلی، وما نتج عنه من تعقیدات وردود فعل سلبیة، تقدمت الإدارة الأمریکیة بخطة عمل وبمشروع التزم بالتفسیرات الإسرائیلیة للنقاط التی دار الخلاف حولها أثناء الجولات التفاوضیة السابقة. أُطلق على ذلک المشروع اسم "خارطة الطریق " بقصد أن تکون دلیل عمل للمتفاوضین تقرِّب بینهم، على حد زعم الإدارة الأمریکیة التی طرحت مشروع خارطة الطریق على اللجنة الرباعیة الدولیة المکونة من الولایات المتحدة الأمریکیة، روسیا، منظمة الوحدة الأوروبیة وهیئة الأمم المتحدة، لکی تضفی على ذلک المشروع طابعا دولیا. وبالطبع فقد أظهرت الجولات التفاوضیة عمق الخلافات المبدئیة والتی کانت نتیجة لتحیز الطرف الأمریکی فی طرحه للنقاط مثار الخلاف والتی أخفاها تحت شعار حل الدولتین المستقلتین: دولة للإسرائیلیین ودولة للفلسطینیین. ولا ننسى الرسالة التی وجهها الرئیس بوش لشارون حول عودة الاجئین واستبعاد أن تکون تلک العودة إلى الأراضی التی یحکمها الإسرائیلیون، وکذلک المستوطنات والحدود والقدس التی أشارت الرسالة فیها إلى الاحتفاظ بالمستوطنات القائمة والحفاظ على توحید شطری مدینة القدس تحت السیادة الإسرائیلیة، هذا بالإضافة إلى تأکید الإدارة الأمریکیة على أن تبقى الدولة الفلسطینیة المزمع تکوینها منزوعة السلاح، ولکن فی حالة قابلة للحیاة .

 ومع مضی المراحل الزمنیة، ازدادت ملامح صورة الدولة الإسرائیلیة وضوحا، وازدادت صورة الدولة الفلسطینیة غموضا؛ صار الحدیث عن الدولة الإسرائیلیة مرتبط بالصفة الیهودیة لکی تمثِّل الدولة کل الیهود فی العالم واقتصر الحدیث عن الدولة بالنسبة للشعب العربی الفلسطینی بأنها دولة للفلسطینیین تفصل بینها الطرق والحواجز العازلة بین أجزائها.

ربطت الإدارة الأمریکیة قضیة فلسطین والصراع العربی الصهیونی بمجمل العلاقات السیاسیة والأمنیة فی منطقة الشرق الأوسط واعتبرت أن الحل للصراع یکمن فی إیجاد تسویة عامة فی المنطقة. ومن أجل تلک الغایة دعت إلى اجتماع دولی، اعتبرته بمثابة مؤتمر دولی، فی مدینة " أنابولیس" بالقرب من العاصمة واشنطن، حضره مختلف الأطراف الإقلیمیة والدولیة، بما فیها اللجنة الرباعیة الدولیة، فی 27 تشرین ثانی 2007.

لم تکن المدة القصیرة التی عُقِد فیها الاجتماع کافیة للخوض معمقا فی المواضیع المطروحة أمام المجتمعین، کما لم تکن التحضیرات لجدول الأعمال وافیة بما فیه الکفایة، واقتصر الاجتماع على صدور بیان مختصر وسریع، أشار فی أحد فقراته إلى ضرورة الوصول إلى اتفاق بین الفلسطینیین والإسرائیلیین بقصد الاتفاق لإیجاد الدولة الیهودیة والدولة الفلسطینیة قبل نهایة عام 2008 من خلال المفاوضات المستمرة بین الفلسطینیین والإسرائیلیین. وقد ربطت إدارة الرئیس بوش هذا المدى الزمنی بالمدة المتبقیة لها فی الحکم، وکأنها ترید تقدیم براءة ذمة عن هذا الموضوع قبل مغادرتها للبیت الأبیض فی أوائل العام القادم.

ما هی النتیجة التی ستؤول إلیها الدولة الفلسطینیة؟

تعبر التصریحات والأقاویل عند الحدیث عن حل الدولتین، بأن الدولة الفلسطینیة یجب أن تکون قابلة للحیاة وقائمة بالمسؤولیة على الکیان الفلسطینی بسکانه وضمن الأراضی التی قد تحصل علیها من الضفة الغربیة بعد التفاوض علیها، بالإضافة إلى قطاع غزة. ولا شک أن مشکلة اللاجئین، یجری النظر إلیها على أنها من المشاکل التی یجب حلها فی المساحة الضیقة التی ستقوم علیها الدولة الفلسطینیة. فالمطلوب نظریا أن تکون تلک الدولة قابلة للحیاة وذات سیادة، حتى ولو کانت منزوعة السلاح!.

 وتدل الشواهد القائمة فی الوقت الحاضر، سواء فی الضفة الغربیة أو فی قطاع غزة، على أن الإحتلال الإسرائیلی فیهما هو المهیمن، أضف إلى ذلک امتداد المستوطنات فی کل اتجاه. وإذا کانت المفاوضات المقبلة ستغیر شیئا فهی قد تجمِّل سلطة الحکم المحلی وتجعل منها واقعا بدیلا للدولة المنشودة بعد جولات متعددة من المفاوضات الموسمیة.

ولا بد أنه فی مثل هذا الوضع المحبط والسوداوی، من السیر فی طریق المقاومة بکافة أشکالها وأسالیبها، إلى أن تحقق الحرکة الوطنیة الفلسطینیة أهدافها المشروعة فی قیام الدولة المستقلة.

ن/25


| رمز الموضوع: 142657







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)