بعد حادثة الزوارق الایرانیة
بعد حادثة الزوارق الایرانیة
دول الخلیج الفارسی تنقلب على بوش وتسعى لتحالف مع إیران
رغم سعى الرئیس الأمریکی جورج بوش للحصول على تأیید زعماء دول الخلیج الفارسی العربیة لکبح جماح إیران, الإ أن حلفاءه التقلیدیین باتوا أکثر میلاً للتقارب مع إیران والتحالف معها بسبب إحباطهم من سیاساته, خاصةً بعد أن بثت طهران الخمیس شریطاً ینفی الإدعاءات الأمریکیة حول مهاجمة زوارق إیرانیة لبارجة أمریکیة فی میاه الخلیج, مما أشعرهم بأن شرارة صغیرة قادرة على تولید الحرب بالمنطقة ستصب فی صالح إسرائیل وسیکونون فی حالة نشوبها الخاسر الوحید.
ومن جانبه یقول جیرد نونمان الأستاذ فی مجال دراسات الخلیج الفارسی بجامعة اکستر:" الکویت والبحرین والامارات والسعودیة شهدوا انزلاق العراق ولبنان والاراضی الفلسطینیة الى أزمات کما شهدت تنامی نفوذ ایران بدلا من تراجعه خلال الاعوام السبعة التی قضاها بوش فی الحکم, والعائلات الحاکمة فی الخلیج ( الفارسی )تتطلع لزیارة بوش بنوع من الاستسلام والضجر وربما بأمل عبثی فی توضیح أنهم یریدون بشکل قاطع نجاح عملیة السلام بین الفلسطینیین والاسرائیلیین وقضیة ایران."
وأضاف:" من ناحیة یریدون استراتیجیة دبلوماسیة مشترکة لتفادی ظهور ایران مسلحة نوویا لکنهم یقولون أیضا نعتقد أن بامکاننا التعامل مع ایران بشکل أکثر فعالیة. نعتقد أننا نستطیع نزع فتیل الازمة بالتعامل مع ایران."
ومنذ فترة طویلة تنظر دول الخلیج الفارسی العربیة التی یحکمها السنة بقلق الى جارتها لکنها بدأت تتعامل مع ایران بشکل علنی العام الماضی, وزار الرئیس الایرانی محمود أحمدی نجاد العاهل السعودی الملک عبد الله فی مارس/اذار, وأصبح أول رئیس ایرانی یدعى رسمیا لاداء شعائر الحج فی دیسمبر/کانون الاول الماضی.
وفی وقت سابق من ذلک الشهر دعت قطر أحمدی نجاد لحضور قمة لدول مجلس التعاون الخلیجی. کما زار أیضا البحرین, وأثارت هذه التعاملات الرفیعة المستوى دهشة البعض فی واشنطن. لکن محللین یقولون انه بالنسبة لدول الخلیج الفارسی العربیة المجاورة لایران والتی لبعضها مثل الامارات علاقات تجاریة وثیقة مع الجمهوریة الاسلامیة فان الحوار أمر منطقی الى حد ما.
ویرون أن زیارة بوش لدول الخلیج الفارسی وجمیعها متحالفة عسکریا واقتصادیا وسیاسیا مع بلاده للمرة الاولى خلال عامه الاخیر فی الحکم یبرز عدم وجود تعاملات أکثر نشاطا, وقال نونمان:" کان هناک منظور بأن الولایات المتحدة لیست مسیطرة على الوضع وأنها فی بعض الاحیان کانت تزید الامور سوءا أو لا تطبق سیاسة متماسکة... عزز ذلک احساس (دول الخلیج الفارسی ) بأن علیها أن تتحرک من تلقاء نفسها."
وتضررت البنیة الاساسیة للبنان نتیجة الحرب مع اسرائیل عام 2006 لکن جماعة حزب الله اللبنانیة المؤیدة لایران خرجت من الحرب قویة سیاسیا. وسقط لبنان منذ ذلک الحین من أزمة الى أخرى فی الوقت الذی تتصارع فیه الحکومة المدعومة من واشنطن والمعارضة المدعومة من ایران على السلطة.
وخاطرت دول الخلیج الفارسی العربیة بإثارة استیاء الرأی العام بمشارکتها فی مؤتمر سلام الشرق الاوسط الذی استضافته الولایات المتحدة فی مدینة أنابولیس بولایة ماریلاند لتجد بعد ذلک أن أنشطة الاستیطان الاسرائیلی مستمرة دون کلل, ومما زاد من الحیرة رفض بوش استبعاد الخیار العسکری للحد من طموحات ایران النوویة رغم أن تقریر المخابرات الوطنیة الامیرکیة ذکر أن الجمهوریة الاسلامیة أوقفت برنامجها للتسلح النووی فی عام 2003.
ورغم أن لطهران علاقات عدائیة مع واشنطن منذ 29 عاما فان حلفاء واشنطن العرب هم الذین یواجهون غضب الرأی العام بسبب السیاسات الامیرکیة وهی حالة غضب ربما ساعدت تنظیم القاعدة على ضم مجندین جدد.
وقال عماد حرب الباحث بمرکز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتیجیة:" سیکون الرئیس بوش على الرحب والسعة فی العالم العربی ولکنه یجب أن یتوقع شکاوى العرب بشأن مغامرته فی العراق وکیف أدت بشکل غیر مقصود الى تقویة ایران فی بغداد واضعاف الجبهة العربیة ضد أی تمدد ایرانی محتمل."
وأضاف:" وسیرید القادة العرب لاسیما فی منطقة الخلیج العربی ( الفارسی ) سماع ایضاحات الرئیس بوش عن المنطق وراء اصراره على التشدد والتلویح بالخیار العسکری لحل أزمة الملف النووی الایرانی بدل العمل الدبلوماسی الجاد", وبذلت السعودیة مساعیها الدبلوماسیة الخاصة فی السنوات الاخیرة للتوسط بین الرئیس الفلسطینی محمود عباس وحرکة المقاومة الاسلامیة "حماس", کما تدخلت بثقلها لمنع تصعید الاوضاع فی لبنان.
وأوضح وزیر الخارجیة السعودی الامیر سعود الفیصل أن المصلحة الوطنیة ستأتی فی المقام الاول فیما یتعلق بالتعامل مع ایران, وقال:" نحن لنا علاقات بایران ونتحدث معهم واذا شعرنا بأی خطر لا یمنعنا أبدا العلاقات التی بیننا ان نتحدث عنها معهم وبالتالی نحن نرحب بأی موضوع سیطرحة فخامة الرئیس بوش وسنناقش المواضیع التی یطرحها من وجهة نظرنا."
ویقول محللون إن الحادث الذی وقع هذا الاسبوع حیث قالت واشنطن أن زوارق ایرانیة اقتربت من ثلاث سفن حربیة أمیرکیة أظهر کیف یمکن أن یتفاقم التوتر بسرعة فی منطقة الخلیج الفارسی ), وقال نیل باتریک وهو محلل کبیر بمجموعة معالجة الازمات الدولیة "دول مجلس التعاون الخلیجی ستسعى للحصول على تأکیدات من واشنطن بشأن استمرار الموقف الحازم من ایران...لکنها سترید تأکیدات أیضا بأنه لن تکون هناک مبالغة فی رد الفعل مثلما حدث فی هذه الواقعة."
وقال الفیصل:" هذه منطقة حساسة جدا وحساسة للاقتصاد العالمی بشکل رئیسی وکما ذکرت مجرد اشتباه فی اشتباک أدى إلى رفع الأسعار وهذا یؤکد خطورة أی عمل غیر مدروس ولا یؤدی إلى هدوء فی المنطقة.. نأمل ألا تتکرر هذه الحادثة نحن فی خطر مستمر من تصاعد الأمور وضبط النفس ضروری لکل اللاعبین فی المنطقة".
وحول موقف السعودیة من تصریح الرئیس الأمریکی جورج بوش بأنه سیطلب من الدول التی سیزورها المساعدة فی مواجهة الخطر الإیرانی على المنطقة، قال الفیصل : "سنستمع باهتمام لکل موضوع یطرحه الرئیس الأمریکی ویمکنه أن یطرح أی موضوع یشاء خلال الزیارة وسنناقش المواضیع المطروحة من وجهة نظرنا، ونحن بلد جار لإیران ومنطقة الخلیج ( الفارسی )بحیرة صغیرة وبالتالی نحن حریصون على أن یسود الوئام والسلام بین دول المنطقة ونأمل ألا یکون هناک أی شعور بالعدوانیة فی المنطقة ونحن لنا علاقات فی إیران ونتحدث معها وإذا شعرنا بأی خطر لا تمنعنا العلاقات معها عن أن نتحدث معها عن ذلک".
ومن جانبه بث التلفزیون الإیرانی الحکومی فیلماً یصور وقائع المحادثة اللاسلکیة بین قوارب الحرس الثوری الإیرانی وبوارج أمیرکیة فی مضیق هرمز, وظهر فی الشریط الذی بثته إیران بحار إیرانی یقترب من سفینة أمیرکیة، هی البارجة "سی جی 73"، ویطالبها مرارا بتحدید هویتها.
وکانت السفینة ترد على الطلب کلما سئلت، لکنها وردا على سؤال حول وجهتها وسرعتها، أجابت أنها تبحر فی المیاه الدولیة, وأظهرت المشاهد التی عرضت من على متن خمس قوارب سریعة أن إحداها اقترب من ثلاث سفن أمریکیة.
کما ظهر فی الفیلم الإیرانی طائرة مروحیة تحلق فوق البارجات الأمیرکیة، إلا أن التقاریر لم تشر الأمیرکیة أو الإیرانیة إلى هذه المروحیة, وعلق وکیل قائد القوة البحریة للحرس الثوری العمید علی فدوی على الشریط، مؤکدا أن الفیلم الذی وزعته البحریة الأمیرکیة عارعن الصحة.
وقال فدوی إن الحدیث المسجل على الفیلم غیر معقول وغیر مقبول ولم یحصل بین القوارب الإیرانیة والبوارج الأمیرکیة, ویأتی ذلک ردا على شریط فیدیو وتسجیل صوتی بثه البنتاجون الثلاثاء الماضی, ووصفه مصدر عسکری إیرانی بأنه مجموعة صور من الأرشیف ومفبرک.
م/ ن /25