دولة بوش الیهودیة
بإمکان الرئیس الأمیرکی جورج بوش أن یرسل کلامه حول " یهودیة إسرائیل " من على بعد آلاف الکیلومترات ، أو من الولایات المتحدة ذاتها ، لکنه أراد الاقتراب حیث یمکنه همسا أن یتفوه بکلام مسموع فی أرجاء المنطقة ، فکیف عندما یقوله بصوت عال کما فعل لا یستطیع بوش مع ذلک أن یقلد الإسرائیلیین دولة حسبما یشتهی ، مع أن ذلک یرضی الإسرائیلی سواء بالنسبة لوقائع حیاته أو خططه فی المنطقة .
سیرحل بوش خلال عام تارکا وراءه أملا فی دولة یهودیة هی قائمة بالفعل ، لانه لم یضف شیئا الى حادثة قیامها وحتى الآن لعل المفکر العربی عزمی بشارة على علم تام بأصول إسرائیل وبممارساتها وکیف تدعی أنها بلد دیمقراطی لکنها بالتالی خارج هذا السیاق لأن العربی فی تلک الدولة لیس فقط فی المقام الآخر بل سیجیء الیوم الذی لن تعترف به کعضو من أعضاء المجتمع الإسرائیلی ، بل هنالک من یقر بأن إسرائیل تسعى لتغییر دیمغرافی یمکنها من طرد الآلاف المؤلفة إلى بلاد الله الواسعة خلاصا من أعداد عربیة تتکاثر لتشکل خطرا على یهودیة الدولة .
لقد أطلق بوش صیحته من على منبر إسرائیلی فی وقت لم یشبع فیه من الاغتسال بدم أبناء المنطقة من شتى بلدانها العربیة هو یعرف أن طوائف المنطقة ومذاهبها تتعایش فی لبنان على مضض وکذلک الحال فی بعض بلدان المنطقة .. یرید بوش أن یدفع المنطقة إلى أعلى درجات استنفارها العرقی والطائفی والمذهبی لیکرس زعامة إسرائیلیة علیها ، حیث القوة الإسرائیلیة " الیهودیة " مؤهلة لاستباحة المنطقة بحکم منطق القوة الذی وصلت إلیه .
تساعد فکرة بوش العلنیة على اندفاع اصولی مازال کامنا حتى الآن فإسرائل "الیهودیة " هی إسرائیل التی علیها قیادة المنطقة حین تتبعثر إلى طوائف ومذاهب ، ثم إن هذه الدولة العبریة جاهزة لقیادة أسوأ أحوال المنطقة لأنها الأقدر على ذلک ، وهی أیضا على جهوزیة لتصدیر الإشکالات إلیها وترکها تتقاتل فیما بینها بعد شحن أوضاعها الداخلیة بکل الإمکانیات المتاحة لها .
إن مجرد فکرة " الدولة الیهودیة " سوف تعنی فی المستقبل إنشاء مجتمعات متباینة خطط لها الأمیرکی بعنایة وأودع أسرارها لدى إسرائیل المتلهفة لذلک الیوم الذی تدفع بالوضع إلى التفتیت ومن ثم إلى الانقسام والتقاسم وبعدها إلى حروب داخلیة عربیة لا مناص عندها من قیامها بعدما تتکون الأحقاد وتسری فی عروق أبناء المنطقة جمعاء من کل المذاهب والطوائف .
لعل هذا الرئیس صاحب الویلات ما زال یدحرج ویلاته أینما حل .. فإذا أضفنا إلى کلامه عن الدولة الیهودیة قضیة القضایا وهی التعویض عن اللاجئین الفلسطینیین بدلا من عودتهم إلى دیارهم ، نکون أمام رئیس لم یترک وراءه أی احتمال بتذکر ما فعله خلال فترتی حکمه إنه لمدهش أن یستمر هذا الرئیس بصب الزیت على النار فی منطقة جاهزة للاستجابة ، ولئن کان هذا قراره فهو یضیف إلى رصیده الأسود نقاطا سوداء أخرى یتحمل فیها مسؤولیة مستقبل منطقة بأکملها .
ومع ذلک ما زال أمام بقائه عدة أشهر قد لا تنفعه فی وضع کلامه أمام حقائق مؤثرة ربما لم یکتشفها بعد وهو أن المنطقة مصممة على مناعتها التاریخیة بأن لا تستجیب لفوضاه المنظمة ولا لأفکاره السوداء ولا لقراراته العمیاء .
( المقال للکاتب زهیر ماجد فی موقع محیط )
م/ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS