الاربعاء 16 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

تطور التعاون الأمنی الاسرائیلی ـ المصری

للکاتب الفلسطینی زهیر أندراوس

 

الجنرال غابی أشکنازی، قائد هیئة الأرکان العامة فی جیش الاحتلال الإسرائیلی، اضطر یوم الثلاثاء (26.01.10) إلى تأجیل سفره إلى العاصمة البلجیکیة، بروکسل، لاجتماع حلف شمال الأطلسی (الناتو) خشیة أن یتم اعتقاله هناک بتهم ارتکاب جرائم حرب ضدّ الفلسطینیین، خلال العدوان البربری والهمجی الذی نفذّته الدولة العبریة قبل حوالی العام ضدّ الفلسطینیین فی قطاع غزة،

وفی نفس الیوم طالعتنا الصحف العبریة بنبأ حول مبادرة جدیدة فی بولندا، الواقعة فی أوروبا الشرقیة، تطالب باعتقال کلٍ من وزیر الأمن الإسرائیلی، أیهود باراک، ووزیرة الخارجیة السابقة وزعیمة حزب (کادیما) تسیبی لیفنی، على خلفیة تورطهما فی عملیة الرصاص المسبوک فی قطاع غزة، علاوة على ذلک، تمّ الکشف عن أنّ بعثة من کبار الضباط فی جیش الاحتلال قاموا بإلغاء زیارتهم المقررة إلى المملکة المتحدة خوفاً من اعتقالهم من قبل السلطات البریطانیة بتهم جرائم حرب وجرائم ترتقی إلى جرائم ضدّ الإنسانیة، ونائب رئیس الوزراء الإسرائیلی، الجنرال المتقاعد موشیه (بوغی) یعلون اضطر إلغاء زیارة له لبریطانیا على خلفیة تورطه فی اغتیال الشهید صلاح شحادة، القائد السابق لکتائب الشهید عز الدین القسّام، الجناح العسکری فی حرکة المقاومة الإسلامیة (حماس)، ولا بدّ فی هذه العجّالة التذکیر بأنّ وزارة الخارجیة فی الدولة العبریة، التی یقودها الفاشی المأفون، أفیغدور لیبرمان، أصدرت أوامرها إلى جمیع المسؤولین الإسرائیلیین من المستویین الأمنی والسیاسی، بتلقی الاستشارة القانونیة قبل أن یغادروا دولتهم خشیة اعتقالهم بسبب جرائم الحرب. الأوروبیون، ونقصد مؤسسات المجتمع المدنی والتنظیمات التی تدافع عن حقوق الإنسان، اتخذت قراراً بملاحقة مجرمی الحرب الإسرائیلیین بموجب القانون الکونی، الذی یتیح اعتقال أیّ مسؤول فی أیّ دولة، على الرغم من أنّ التهمة الموجهة إلیه لم ترتکب فی نفس البلد الذی یتم فیه إصدار أمر الاعتقال ضدّه، أی أنّهم یتکلمون ویفعلون.

الرئیس المصری، محمد حسنی مبارک، الذی تسلم مقالید السلطة فی تشرین الأول (أکتوبر) من عام 1982 بعد اغتیال الرئیس أنور السادات، فقام یوم الأربعاء (27.01.10) بدعوة وزیر الأمن الإسرائیلی، إیهود باراک، إلى مصر فی زیارة رسمیة للتباحث حول الأفکار الجدیدة التی طرحها المبعوث الخاص لمنطقة الشرق الأوسط، جورج میتشل، فی زیارته الأخیرة إلى المنطقة، والتی انتهت بفشل ذریع. وبما أنّ الرئیس مبارک یتحلى بالأخلاق العالیة مع الضیوف، فقد استقبل باراک استقبال الأبطال، ولا نعرف عمّا جرى الحدیث بین الشخصین، ولکن بإمکاننا التخمین، على ضوء المعلومات المتوفرة، أنّ مبارک وباراک، یعدان خطة، بناءً على أوامر من واشنطن لإلزام السلطة الفلسطینیة ورئیسها محمود عبّاس، بالعودة إلى طاولة المفاوضات، مع نتنیاهو، الذی قام هذا الأسبوع بزرع الأشجار فی المستوطنات الیهودیة فی الضفة الغربیة المحتلة وتعهد أمام مرأى ومسمع العالم بأن تبقى هذه المستوطنات تحت السیادة الإسرائیلیة إلى أبد الآبدین. وحسب التقاریر الصحافیة فإنّ رئیس السلطة الفلسطینیة، محمود عبّاس، توجه إلى خادم الحرمین، العاهل السعودی، الملک عبد الله، وطلب منه المساعدة لکبح جماح الضغط الذی یُمارس علیه من قبل النظام المصری للعودة إلى طاولة المفاوضات، وإن کنّا نعتقد بأنّ على نفسها جنت براقش، فلا بدّ من تذکیر السید عبّاس، بأنّ النظام السعودی 'أشطر' من النظام المصری فی التحالف مع واشنطن، ولا یقدر على فعل أیّ شیء یتعارض مع مطالب إدارة أوباما، لأنّه کما یقول المثل الحسن أخو الحسین.

السفیر الإسرائیلی فی مصر شالوم کوهین، الذی أنهى مهامه فی القاهرة أشاد فی مؤتمر صحافی فی العاصمة المصریة بالتعاون الأمنی بین البلدین، مؤکداً أنه غیر مسبوق، واعتبر أنّ العلاقات السیاسیة بین بلاده ومصر فی أعلى مستوى، مستشهداً بأنّ عدد الزیارات الإسرائیلیة العالیة المستوى لمصر خلال الأعوام الخمسة الأخیرة تجاوزت تلک التی تمّ القیام بها لبعض الدول الأوروبیة، أو لدولٍ أخرى تعتبر صدیقة جداً. ولفت سعادته إلى أنّ القاهرة استقبلت خلال العام الماضی کلاً من الرئیس الإسرائیلی شیمعون بیریس، ورئیس الوزراء بنیامین نتنیاهو ثلاث مرات. وقال إنّه فی القضایا السیاسیة نجد المصریین حاضرین ومهتمین بالمساعدة، کما أنّ التعاون الإسرائیلی المصری فی المسائل الأمنیة بلغ مستوى غیر مسبوق. السیّد کوهین یشغل منصب السفیر فی القاهرة منذ أربع سنوات ونصف السنة، ومن المنتظر أن ینهی مهامه الشهر المقبل لیحل مکانه السفیر الجدید یتسحاق لیفانون، الذی شغل من قبل عدة مناصب دبلوماسیة رفیعة، منها منصب سفیر إسرائیل لدى مؤسسات الأمم المتحدة فی جنیف، والمتحدث باسم الخارجیة الإسرائیلیة، ویعتبر لیفانون من أبرز المخططین لهزیمة وزیر الثقافة المصری، فاروق حسنی، فی معرکة الیونسکو حیث یمتلک باعاً فکریاً وثقافیاً کبیراً فی التعامل مع المنظمة الدولیة وعمل لسنوات بها، وکان من أبرز المنتقدین لحسنی وقت أن ترأس الوفد الإسرائیلی بها خاصة مع جمود العلاقات الفکریة والثقافیة بین تل أبیب والقاهرة، ویرتبط لیفانون بعلاقات وثیقة فی الیونسکو أهلته للتواصل مع العدید من المندوبین وهروب الفرصة من حسنی، کما اعترفت بعض التقاریر الصحافیة فی تل أبیب، وکان السفیر الجدید من أبرز المنتقدین لتقریر غولدستون، بالإضافة إلى هجومه أکثر من مرة على ترکیا بسبب مواقفها السلبیة من إسرائیل. بقی أن نذکر أنّ الرئیس المصری طلب من رئیس الوزراء الإسرائیلی غض النظر عن مواقف حسنی 'المعادیة' لإسرائیل، وعدم التآمر علیه، ووعده نتنیاهو بقبول طلبه، إلا أنّه نکث بوعده ولعبت الدولة العبریة دوراً مهماً فی منع فاروق حسنی من تسلم المنصب، وحقیقة الأمر أنّ الخسارة لم تکن لحسنی شخصیاً، بل لنظام حسنی مبارک، ولمصر وهی بالمناسبة أکبر دولة عربیّة.

المتتبع للشؤون المصریة الداخلیة یلاحظ نشوء تیارٍ معادٍ للناطقین بالضاد، لا بل أکثر من ذلک، هذا التیار قائم على مبدأ نفی عروبة مصر، یرغی ویزبد أرکانه وأقطابه بمناسبة أو بغیر مناسبة، ویقول بصراحة متناهیة إنّ الأمّة المصریة هی أمّة فرعونیة، لا صلة لها بالعرب من محیطهم إلى خلیجهم، وهذا التیار یشکل خطراً إستراتیجیاً أولاً وقبل کل شیء على مصر العروبة، على مصر عبد الناصر، على مصر التی کان لها الدور الریادی فی الوطن العربی وفقدت دورها الإقلیمی بسبب ارتمائها فی أحضان محور الشر العالمی، بقیادة المحافظین الجدد والیمین المسیحی المحافظ فی أمریکا، هذا الانبطاح المصری غیر المبرر قاد هذه الدولة العظیمة، وهذا الشعب العریق إلى الحضیض الأسفل، وتحولت مصر، للأسف الشدید، بنظامها الدیکتاتوری والشمولی من أم الدنیا، إلى دولة تستأسد على الفلسطینیین وتهددهم بأنّه إذا واصلوا تعنتهم فی رفض العودة إلى طاولة المفاوضات مع حکومة الدولة العبریة، فإنّها سترفع أیدیها عنهم. علاوة على ذلک، تشهد مصر صراعات طائفیة بین المسلمین والمسیحیین الأقباط، وبدل أن یعمل النظام على وأدها وإصلاح ذات البین بین الطائفتین، یقوم بتأجیج هذه الصراعات التی تخدم مصالحه، ضمن سیاسة فرّق تسد، وتخدم مصالح أسیاده فی واشنطن وتل أبیب، الذین لا یألون جهداً فی محاولاتهم لتفتیت الأمّة العربیة، وتحویلها إلى شعوب وقبائل وطوائف ومذاهب، لأنّ هذا التقسیم یصب فی نهایة المطاف فی مصلحة الإمبریالیة العالمیة والحرکة الصهیونیة، وبدل أن تتحول الدول العربیة إلى ما یشبه دول الاتحاد الأوروبی، باتت مباراة کرة قدم بین منتخبی الجزائر ومصر تتحول إلى أزمة سیاسیة، وینبری وزیر الإعلام المصری ویؤکد بشکلٍ قاطعٍ وجازمٍ على أنّ ما تعرض له المصریون فی أم درمان، فی السودان، قبل وخلال وبعد 'معرکة أم المعارک بین المنتخبین الشقیقین'، کان عملاً إرهابیاً مدبراً ضدّ مصر والمصریین، وبالتالی لماذا نعتب على العالم عندما یُوجه للإسلام والعرب تهمة الإرهاب، عندما نحن، أبناء الأمّة العربیة، نتهم بعضنا البعض بارتکاب أعمالٍ إرهابیةٍ خلال مباراة کرة قدم.

إننّا نتوجه إلى الرئیس النظام المصری ونطالبه بأن یتخلى عن الفلسطینیین، کما یهدد ویتوعد، تخلى عنهم، تجرأ على فتح معبر رفح، أصدر الأوامر بوقف تشیید الجدار الفولاذی الذی سیُحوّل قطاع غزة من أکبر سجن فی العالم إلى أکبر معسکر إبادة فی القرن الـ21، لا تهدد قادة حماس بأنّ إسرائیل ستصفیهم إذا لم یعیدوا الجندی الأسیر، غلعاد شالیط، والشعب الفلسطینی الذی ما زال صامداً أمام أعتى جیش فی العالم، سیبقى عاتیاً على العتاةً بدونکم.

ن/25

 


| رمز الموضوع: 141321







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)