ایران ـ الشرق الاوسط و مشروع کلینتون
مقال بقلم مهدی شکیبایی
أعلنت وزیرة الخارجیة للولایات المتحدة الامریکیة ان واشنطن وضعت دراسة مشروع علی جدول أعمالها حول بناء مظلة دفاعیة لحمایة حلفائها فی منطقة الشرق الاوسط ضد التهدیدات الایرانیة المحتملة تجاه هذه الدول .
کما اکدت الوزیرة ان الولایات المتحدة ستبذل قصارى جهدها للحیلولة من ان تصبح ایران دولة نوویة ، و قالت وزیرة الخارجیة للولایات المتحدة : "لکن ان لم ننجح لوقف ایران و منعها من الوصول الی قدرات نوویة فـمن المؤکد ان الخیار الذی سیتبناه البیت الابیض سیکون إنشاء و إستقرار منظومة نوویة للولایات المتحدة فی منطقة الشرق الاوسط للدفاع عن حلفاء واشنطن و الحفاظ علی مصالحهم الحیویة فی منطقة الشرق الاوسط".
و بطرحها لهذا المشروع دخلت «هیلاری کلینتون» الساحة السیاسیة بعد ثلاثة اسابیع من الإختفاء الذی کان ذا معنی .الغیبة التی اشیعت انها کانت بسبب الکسر الذی حدث فی مرفق ید کلینتون عندما کانت تمر من "موقف" وزارة الخارجیة الامریکیة .
و یعد هذا المشروع الذی بادرت الیه الوزیرة کلینتون حصیلة عدة أشهر من المباحثات و الجهود الدیبلوماسیة للمسؤولین الامیرکیین کما یتلائم هذا المشروع مع طموحات الدیمقراطیین ، و فی واقع الامر یشیر هذا المشروع الی مسئلة اساسیة و هی « ان الولایات المتحدة الامریکیة تهئ نفسها لمرحلة جدیدة للتعاطی مع الاحداث » و السؤال الذی یطرح نفسه هنا هو ما هی هذه الاحداث المرتقبة؟
« قبول ایران النوویة و التعایش السلمی مع هذه الدولة» موازاة مع الاهداف و المشاریع المهمة التی تسعی لتحقیقها الولایات المتحدة الامریکیة فی المنطقة و یمکن القول ان هذا الحدث هو مسئلة لابد من التماشی معها (ایران النوویة) بالرغم من عدم الرغبة فیه من قبل المسؤولین الامریکان . لکن یبدو انه یتم التخطیط للوصول الی العناصر و الأدوات التی من شأنها ان تحول دون ان تتبدل الموازین و مجریات الامور فی خلاف مصالح الولایات المتحدة الامیرکیة و الکیان الصهیونی .
کما ان الاعتراف بالجمهوریة الاسلامیة الایرانیة کدولة نوویة سیکون بمثابة تغییر فی موازین القوی لصالح ایران و حلفائها امام تل ابیب الحلیف الاول لواشنطن فی منطقة الشرق الاوسط . و بناء علی هذا سیکون استقرار و بناء مشروع " المظلة الدفاعیة النوویة » للولایات المتحدة الامریکیة فی منطقة الخلیج الفارسی او ایة نقطة من منطقة الشرق الاوسط عنصر اساسی و مهم فی الحفاظ علی مکانة واشنطن و اسرائیل فی هذه المنطقة من العالم .
و من خلال دراسة هذا المشروع یمکن الوصول الی ثمة إستنتاجات و من أهم هذه الإستنتاجات التی تکمن فی باطن هذا المشروع الذی ینظر الیه بعنوان « الهواجس المنبعثة من قبل ایران» و التعایش السلمی و القبول بإیران کدولة نوویة و هذا من خفایا و بواطن الامور لهذا المشروع کما یعتقد المراقبون للاحداث و کما ان لهذا المشروع عدة اهداف إقلیمیة و هدف دولی و عالمی کبیر تسعی الولایات الامریکیة للوصول الیه من خلال هذا المشروع .
و من ضمن الاهداف التی یمکن ان یحققها هذا المشروع فی منطقة الشرق الاوسط هو: سیکون بمثابة إعداد الارضیة امام الکیان الصهیونی و الدول العربیة لتطبیع العلاقات بین دول هذه المنطقة مع الکیان الصهیونی . کما ان الولایات المتحدة الامریکیة ستتابع اهدافها من خلال إرعاب دول هذه المنطقة من الخطر الایرانی الذی تروج له الولایات المتحدة بذریعة البرنامج النووی الایرانی و سیکون من السهل علی الولایات المتحدة ان تبدء لبناء قواعد عسکریة لها بحجة حمایة دول هذه المنطقة من البرنامج النووی الایرانی السلمی ، و من جهة اخرى و بشکل مدروس و ذکی ستضعف الولایات المتحدة الامریکیة ، الانظمة العربیة امام الدولة العبریة فی الصراع الدائر بین هذه الدول و الکیان الصهیونی .
و سیتیح هذا المشروع للولایات المتحدة الامیرکیة الفرصة لکی تکون منطقة الشرق الاوسط تحت الهیمنة العسکریة للولایات المتحدة الامیرکیة . و ستکون منطقة الشرق الاوسط من خلال هذا المشروع بمثابة المنطقة « المحظورة » امام القوی العالمیة کـدول مثل روسیة و الصین و الاتحاد الاوروبی من الدخول فی هذه المنطقة . و ستکون لهذا المشروع تبعات تحصل علیها الولایات المتحدة الامریکیة و معاهدات ثنائیة او متعددة الاطراف کالتی حصلت علیها هذه الدولة خلال الاتفاقیة التی وقعتها مع العراق( الاتفاقیة الأمنیة العراقیة ـ الامریکیة) او المعاهدات التی وقعتها الدول الاوروبیة عبر الناتو . و من الامور التی سیجلبها هذا المشروع معه بالتأکید هو سباق التسلح فی المنطقة و ستجنی الولایات المتحدة أرباحاً کبیرة من خلال بیع اسلحتها لدول منطقة الخلیج الفارسی . و من الواضح ان هذا المشروع لم یکن ناجحاً ازاء ما تروج له الولایات المتحدة الامیرکیة حول ماتسمیة بـ "الخطر الایرانی" ، و إذا کان من الممکن مواجهة ایران عسکریاً قبل هذا المشروع لقامت بهذا العمل الولایات المتحدة قبل ان تفکر باقتراح مثل هذا المشروع . کما توجد قضیة اخرة یمکن التطرق الیها فی هذا السیاق و هی این تکمن الاهداف الکبیرة التی تطمح الولایات المتحدة بالوصول الیها فی إطار هذا المشروع للهیمنة علی العالم . و فی الحقیقة تسعی الولایات المتحدة لشن حرب باردة اخری و هذه المرة ضد الصین و روسیا و من المهم للولایات المتحدة ان تکون دول الشرق الاوسط فی معسکر الولایات المتحدة و لیس ضدها . و کما یقول المحلل المخضرم الامریکی « توماس فرید من » ان الولایات المتحدة الامریکیة کانت لها مشاریع مثل هذا المشروع و تمکنت من خلالها ان تفرض هیمنة سیاسیة ، اقتصادیة ، عسکریة و امنیة علی الدول الاوروبیة . لکن فی هذه المرة یقول "توماس فریدمن": ان الولایات المتحدة الامیرکیة تسعی ان یکون مشروعها فی هذه المرة بتغلیف جدید و معدّل مقارنة لمثل هذا المشروع و هدف الولایات المتحدة فی هذه المرة هو الهیمنة و فرض السلطة علی الخلیج الفارسی و منطقة الشرق الاوسط .
ترجمة سعید شاوردی
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS