qodsna.ir qodsna.ir

منظمة عدم الانحیاز والدور المأمول

منظمة عدم الانحیاز والدور المأمول

 

بمناسبة انعقاد اجتماع وزراء الخارجیة فی طهران

 

 

عام 1961 وفی ظل صراع الجبارین والحرب الباردة نشأت منظمة الدول غیر المنحازة من خلال قمة یوغسلافیا التی ضمت 24 دولة کاستجابة منطقیة لواقع الانقسام العالمی بعد الحرب العالمیة الثانیة وبروز المنظومة الاشتراکیة ذات المنهج الاقتصادی والسیاسی النقیض للدول الرأسمالیة ذات الماضی الاستعماری العریق والتی تمحورت حول ذاتها لتشکل حلفها الخاص بقیادة الدولة الصاعدة فی سماء السیاسة الدولیة والآخذة لمکانة الزعامة بلا منافس بعد تفوقها النووی ورصیدها الاقتصادی الهائل، أمریکا التی تطور وضعها لتصبح القطب الوحید بعد اقل من خمسة عقود على إنشاء منظمة عدم الانحیاز. قبل مؤتمر القمة الأول بستة أعوام ظهر إلى العلن مفهوم وفکرة عدم الانحیازبمؤتمرباندونج الذی ضم الزعماء الثلاثة تیتو ونهرو وجمال عبد الناصر وممثلین 29 دولة واستمر ستة أیام شکل الانطلاقة الأولى لمنظمة عدم الانحیاز،وترجع هذه التسمیة للخطاب الذی ألقاه نهرو فی ذلک المؤتمر ابریل عام1955حیث رأی فی عدم الانحیاز هویة مستقلة ودوراً ایجابیاً نشطاً، ولیس موقفاً سلبیاً إزاء التکتلات .

ربما من المفید التذکیر بأن الحیاد الایجابی کان أحد الشقین الرئیسیین لأهداف هذه المنظومة والمتمثل کمبدأ فی الانحیاز إلى المظلومین وأخذ الموقف الذی یساهم فی تبرید الأجواء الدولیة لوقف التصعید ولجم الصراعات حتى لا تؤدی لتجربة مرة جدیدة شبیهة بالحرب العالمیة الثانیة التی ذاق العالم أهوالها ونتائجها الکارثیة.

لقد شکلت بعض قوى العالم الثالث ومعها کل المؤمنین بالخیارات الحرة والتکافؤ بمن فیها بعض الدول المحسوبة على المعسکر الاشتراکی منظومة الدول غیر المنحازة ولعبت دوراً کبیراً فی لجم الصراعات الدولیة وساهمت بشکل ملموس فی خلق التوازن الضروری فی عالم الاستقطاب الخطیر والمؤدی فی حال الأزمات إلى کارثة الحرب العالمیة الثالثة رغم ما قیل عن توازن الرعب النووی فی حینه. والیوم وبعد مرور سبعة وأربعین عاماًً على إنشاء المنظمة التی تعقد اجتماعاً فی طهران هذه الأیام ما هو الدور المفترض لها وکیف یمکن أن تساهم جدیاً فی تخفیف الاحتقان العالمی وحل معضلات إقلیمیة ودولیة تشکل بؤر توتر وصداع للعالم بأجمعه؟ وکیف یمکنها أن تحول دون تغول الدول الکبرى کالولایات المتحدة الأمریکیة على باقی الدول تحت دعاوی مختلفة وخصوصاً ما یتعلق منها بما تسمیه مکافحة الإرهاب العنوان المفضل لدیها کستار للعدوان والحصار على من یقاوم نفوذها ومشاریعها فی العالم أجمع؟، فمن الدرع الصاروخی فی أوروبا الشرقیة إلى احتلال العراق وأفغانستان، إلى التدخل الفج فی الشئون الداخلیة للدول المستقلة واستغلال قدراتها العسکریة والاقتصادیة لفرض هیمنتها ورؤیتها على العالم وتصنیفها للدول، فهذه شریرة وهذه خیرة، وحیث من الواضح أن مهمة هذه الدول من خلال النتائج المرجوة لعقد مؤتمرها الراهن تتمثل بشکل کبیر فی کبح جماح الاندفاع الأمریکی الخطیر سواء فی منطقة الشرق الأوسط والخلیج العربی ( الفارسی )  أو فی التمدد العسکری حتى الحدود الروسیة، ولهذه الحیثیات والأسباب ولوجود الکثیر من هذه الدول المتضررة من سیاسات أمریکا العدوانیة فان تعاوناً واضحاً بین هذه الدول متمثلاً فی تحدید مفاهیم جدیدة وأهداف واضحة وذات مصداقیة عالیة کما التمسک بالشرعیة الدولیة والقانون الإنسانی وحق الدول فی تحدید خیاراتها وسیاساتها بعیداً عن الضغط والإرهاب یجب أن تأخذ مکاناً متقدماً فی بیانها الختامی.

وفی المجال العملی للتعاون بین أعضاء المنظمة لابد أن یتم وضع خطة عمل وبرنامج للتحرک وأسس لاتخاذ المواقف داخل الأمم المتحدة وتجاه القرارات الدولیة الصادرة عنها ولابد من منح صلاحیات محددة وواضحة لسکرتاریا المنظمة تستطیع من خلالها لعب الدور المناط بها لحمایة حقوق الدول الضعیفة والمستهدفة من جانب الدول العظمى وخاصة الولایات المتحدة الأمریکیة.

إن الآمال المعقودة على هذه الدول واجتماعها فی طهران کبیرة وأمامها عدة ملفات ساخنة لابد ستأخذ منها موقفاً لصالح الدول المعتدى علیها وتحدید خیاراتها تجاه هذه الملفات .

إن حضور سوریا وإیران وغیرها من دول الممانعة للمؤتمر باعتبارها من الأعضاء المؤسسین للمنظمة سیترک بصمته بکل تأکید على البیان الختامی للاجتماع والمطلوب لیس فقط إعلان التضامن والدعم المعنوی لمن تصفهم أمریکا بمحور الشر بل تقدیم مقترحات عملیة لتخفیف الضغوط الأمریکیة على هذه الدول ومساندتها تماماً کما الخطوات العملیة المطلوبة تجاه حق الشعب الفلسطینی فی وطنه ووقف الاستیطان والحصار الظالم على قطاع غزة ووقف العدوان على الشعب الفلسطینی وإنهاء الاحتلال للعراق وأفغانستان على ذات القاعدة وبهذا یمکن لمنظمة الدول غیر المنحازة أن ترسخ مکانها ودورها العالمی المأمول. إن موقفاً رافضاً لمبدأ أمریکا الظالم والقائل :' من لیس معنا فهو ضدنا' سیکون أمراً جیداً لیتحرر العالم من هذا الإرهاب الفکری السیاسی ویتم وضع مفهوم محدد للإرهاب وعزله کلیاً عن مفهوم المقاومة التی تساویه أمریکا الیوم بالإرهاب والتی تضع الدول الداعمة له موضع الاتهام، وحتى یکون أمام القمة الخامسة عشرة للمنظمة والتی تنعقد فی القاهرة العام القادم 2009 برنامجاً واضحاً للعمل.

(بقلم : زیاد ابوشاویش )

ن/25

 


| رمز الموضوع: 141111