إذا قالت إیران فصدقوها, فإیران تفعل ما تقول
إذا قالت إیران فصدقوها, فإیران تفعل ما تقول
إذا قالت إیران فصدقوها, فإیران لا تلغوا بحدیث. فکل ما تقوله إیران یأخذ طریقه للتنفیذ.
وعلیکم أن تنتبهوا جیدا لکل قول أو خطاب وتصریح أو أشارة أو تلمیح یصدر عن أی مسؤول فی طهران.
وأن لا یخدعنکم تهدیدات رموز الإدارة الأمریکیة وإسرائیل, لأنها لیست سوى تهدیدات جوفاء لا معنى لها.
فعداء الإدارة الأمریکیة وإسرائیل لم یفاجأ إیران, ولم یکن بجدید, ولیس سببه مشروعها النووی کما یدعون. وإنما سببه الحقیقی, هو تقسیم إدارة الرئیس جورج بوش العالم إلى محور أخیار وأشرار. وتحدیدها لدول محور الشر على أنهم دول خمس هی: أفغانستان وکوریا الشمالیة والعراق ولیبیا وإیران.وعلى هذا الأساس بررت غزوها لأفغانستان والعراق.ومن ثم سوت بالمفاوضات قضیة لوکربی, والمشروعین النوویین الکوری واللیبی. وشطبت أسمیهما من محور الشر. فلم یبقى فی المحور من دول مارقة بنظر الرئیس بوش سوى إیران. وأنه إن نجح فی الضغط علیها لتحقیق ما یصبوا إلیه منها بالمفاوضات, یکون بذلک قد أجهز على محور الشر. وسیتثنى له حینئذ أن یتبجح کالدیک المغرور. بأنه حقق هدفه, وأنجز نصرا یتیما خلال فترتی رئاسته على الأقل. وإلا فلیس أمامه من سبیل سوى أن یعاملها کما عامل العراق لیفی بما وعد. ولکی یتحرش بإیران لابد له من سبب أو مبرر. ولذلک لم یکن أمامه سوى أن یتذرع بمشروعها النووی التی تشیده للأغراض السلمیة.
ولأن إیران على درایة بکل أحلام ومطامح الرئیس جورج بوش, وحتى هدفه الحقیقی وکل ما یرنوا إلیه. ولذلک قررت أن تنتهج سیاسة ودبلوماسیة تتعبه وترهقه, لترتاح من شروره.وتتبع معه أسلوب لم یعتاد علیه:
فإیران مدرکة أن تحرش الرئیس جورج بوش إنما أراد منه فرض إرادته بأن یجعل منها تابعا لبلاده وتدور فی فلک إدارته. وإیران ترید أن یکون دورها وأمنها القومی مصان.لذلک قررت لی ذراعه وأذرع أدارته , وحتى کسرهم إن صعدوا الموقف. و فرض إرادتها رغم أنوفهم. وأعدت للأمر عدته, وراحت تتابع تنفیذ مشروعها غیر آبهة بمن یعادیها. وعلى استعداد للمواجهة إن صعد أحد موقفه.
وإیران مدرکة أن الإدارة الأمریکیة مستاءة من دعم إیران لشعب فلسطین ولبنان وفصائل المقاومة الوطنیة فی فلسطین ولبنان والعراق. ولذلک سیعمد هذه الإدارة على التحرش بمشروعها النووی. ولذلک قررت أن تحشرها فی الزاویة , وتترک لإدارة جورج بوش أربعة خیارات, کلها صعبة ومرة:
إما الانفراد بالقرار والخروج على الشرعیة الدولیة, کما فعل أثناء غزوه للعراق. وهذا صعب المنال. فذرائعه هشة وواهنة, ولن تقنع شعبه ولا أی شعب آخر.والکونغرس لن یرضى أن یلدغ من جحر مرتین, ولذلک لن یوفر له الغطاء. أو أن یکرر خطأ العراق. بمنحه الرئیس کرت على بیاض, ولن یخصص المال لإقحام البلاد بحرب جدیدة. وبوش أجبن من أن یکرر فعلته فی مجلس الأمن, أو أن یعقد مجلس حرب کمجلسه فی جزیرة القراصنة البرتغالیة. أو أن یکرر إهمال وتجاوز الأمم المتحدة ومجلس الأمن عند غزوه العراق. وهو من هرع حافیا للعودة لمظلة الشرعیة ومجلس الأمن لإنقاذه بإضفاء الشرعیة على الغزو والاحتلال.
أو أن یهیم على وجهه یستجدی حلفائه ویؤلبهم على إیران. ویضغط علیهم لمساندته فی فرض قرارات صارمة بحق إیران. أو تقدیم عروض مغریة لإیران, على غرار ما قدم لکوریا الشمالیة, فالصین وإن کانت الضامن لإدارة بوش أمام کوریا الشمالیة.أما فی موضوع إیران فلن یجد الرئیس جورج بوش له ولإدارته من ضامن أو کفیل.
أو أن یدفع بإسرائیل للقیام بعملیة عسکریة ضد إیران. وحینئذ سیزید الأمور تعقیدا, ویکون قد وقع فی الفخ هو وإسرائیل. ناهیک أن الإسرائیلیین یعتبرون أن مثل هذا التصرف حماقة. لأنه سیحول الأراضی العربیة والإسلامیة إلى برکان أو تسو نامی لا یبقی ولا یذر.
أو أن یثرثر ویئن ویصرخ فی العلن, وسرا یستجدی ویتسول من یجد له الحل والمخرج.
القیادة الإیرانیة بفضل سیاستها الحکیمة, وخبرة وحنکة مسئولیها. استخدمت مواردها وقوتها العسکریة والدبلوماسیة والاستخباراتیة لتحقیق مصالحها والتأثیر فی مواقف الآخرین. وحتى حکوماتها المتعاقبة استطاعت تغییر البیئة الخارجیة وتحویلها لصالحها. وتعاملت مع الجمیع بلسان رطب وبکلام لین ومقنع. وتحلت بالانأة والصبر, ولم تسمح للغضب بتلوین مواقفها وردود أفعالها. وأنطلقت لمواجهة الادارة الأمریکیة وإسرائیل وهی تحمل بید حسن الجوار لجیرانها وحقها المشروع, ورغبتها بتوطید العلاقات مع باقی الدول . وبالید الثانیة تشهر سیفا بتارا, یقطع أنیاط قلوب کل من یفکر بأن یضمر لها الشر, وتصطک لهوله مفاصل وأسنان کل من تسول له نفسه التآمر أو التطاول و العدوان علیها., أو أن یکرر معها فعلته السوداء التی فعلها مع العراق.وراحت تعامل رموز إدارة بوش وحکام إسرائیل على أنهم لیسو أکثر من دببة یرقصون على أنغام مشروعها النووی. والعالم یسخر من هذه الدببة وهی تدهس غیرها دون أن تحس أو ترى. فانتظمت المواقف الدولیة فی موقفین:
موقف الغالبیة . وهو موقف عادل وعقلانی .ویرى تأیید حق إیران فی هذا المضمار أسوة بغیرها. ویعتبر أن عدوانا على إیران معناه إشعال کامل لحقول النفط, ونحر للحضارة.ولن یکون فیها من رابح.
وموقف المعادین لها. وموقفهم لیس له من حجة أو دلیل.وبموقفه الغوغائی یتعنت ویتخبط. ویظن بأنه بتهدیده بالحرب, سیدفع بالخائفین من انقطاع شحنات النفط إلى الانضواء تحت قیادته.
وباختصار: خاضت إیران مباریاتها بفریق ممتاز, ضد فرق خصومها. وفازت فیها بفارق کبیر فی الأهداف. وترکت لخصومها مهمة إضاعة وقتهم فی التحلیل, وتغیر المدربین وطواقم الإدارة ورؤساء الفرق, وإعادة توزیع مهام اللاعبین والخطط والاستراتیجیات والتکتیکات الموضوعة. وهی على قناعة بأن الفوز من نصیبها فی کل الجولات القادمة, تارکة لخصومها تشکیلة متنوعة وتعیسة من الهزائم القاسیة والمرة. وبذلک رفرفت رایات النصر خفاقة فی سماء طهران, وفلول المهزومین ترى جلیة للعین فی کل من واشنطن وتل أبیب.
فالرئیس جورج بوش لم یجرأ أن یکشف صراحة أن هدفه القضاء على إیران کآخر دولة من دول محور الشر. کی لا یثیر حفیظة من لهم مع غیران علاقات وطیدة. ناهیک عن أن فریق المحافظین الجدد تبعثر وتشتت. وکل واحد منهم خائفا من أن یطارد ویلاحق مستقبلا على ما ألحقه بالولایات المتحدة الأمیرکیة فی غزوها للعراق من ضرر. وإیران باتت فی وضع أفضل من کل النواحی.
والرئیس جورج بوش فی تحرشه بالمشروع النووی الإیرانی حرک نفس الدمى والعملاء الذین حرکهم بخصوص أسلحة الدمار العراقیة. وأنطلق هؤلاء یرجون لخطر المشروع النووی علیهم,وانه یعرض أمنهم للخطر. وراحوا یتفننون فی تضخیم الخطر الإیرانی على انه حلف فارسی وصفوی. همه السیطرة علیهم وعلى العالم العربی. والرب والمسمین یعتبرون أن کل هذا الکذب والدجل, إنما هو خدمة لإدارة جورج بوش لتبریر موقفها من إیران. ناهیک عن کونه أمر أمریکی صدر إلى هؤلاء لتنفیذه على الوجه الأکمل. ولذلک قررت إیران أن تعامل هؤلاء وبید أخلاق الجار والروابط والعلاقات المشترکة. وبیدها الأخرى عصا غلیظة لجلد کل من تسول له نفسه أن یتآمر علیها کما تآمر على العراق, أو أن یطعنها فی الظهر, أو أن یضع أجوائه وأراضیه فی خدمة العدوان الأمریکی.
والرئیس جورج بوش راح یهدد ویتوعد إیران , وإیران على یقین بأنه مهما جن وغضب وزمجر, فلیس أکثر من ثور أثخنته المقاومة العراقیة بالجراح. بعد أن رشقته بالکثیر من النبال والسهام.
والرئیس جورج بوش راح هو الآخر یتذاکى وینافق ویمکر. ویقوم بتصویر وإنتاج حلقات مسلسله الجدید ,وفق نفس سیناریو غزو العراق. ویکثر من حضوره على الفضائیات. وأعطى أوامره لرایس بأن تقدح وتذم إیران فی المحافل والمؤتمرات و الاجتماعات. ووجدت رایس أن أفضل الأمکنة المناسبة لعرض إبداعاتها فی الکذب والدجل والتهدید والوعید هو بعض العواصم العربیة والأوروبیة. والرئیس جورج بوش أنصرف لینسج مشروع عدوانه على إیران , لیتجنب فیه الأخطاء والثغرات والنواقص والعیوب والهفوات التی ظهرت بمشروع عدوانه وغزوه واحتلاله للعراق. وراح یصعد من مواقفه ولهجات خطابه لیرهب العالم وشعبه وإیران.
1. فراح یخوف شعبه من إیران وخطر مشروعها النووی. لعله یحظى بالتأیید فی شن حرب على إیران کما حصل على التأیید فی غزوه للعراق. فإذا بالأمریکیین غیر مقتنعین بهذا الخطر, وبکل ما یقول.
2. وراح یستنهض همم حلفائه, فإذا بها واهنة, وهم فی ریبة مما یقول, ومنقسمین بشأن هذا الخطر.
3. وحرک مجلس الأمن لاتخاذ خطوات ضد إیران. فرحل المجلس الموضوع لوکالة الطاقة الذریة. وتعاملت إیران مع الوکالة بصدق وموضوعیة وبحذر, کی لا تفسح المجال للوکالة أن تتمادى وتشط وتخطأ کما سبق وأخطأت فی معالجتها لموضوع أسلحة الدمار العراقیة. وحاول البرادعی مدیر الوکالة الحفاظ على استقلالیة وحیادیة وکالته فی التعامل مع هذا الملف. فجن جنون الادارة الأمریکیة. وأمام إصرار إیران على حقها, واتهام الادارة الأمریکیة البرادعی بأنه لا یقوم هو ووکالته بواجباتهم, وحتى التشکیک بنزاهته. وتحریک بعض مندوبی الوکالة ضد إیران.فجاء تصویت الوکالة لصالح ترحیل الملف إلى مجلس الأمن لإجبار إیران على الرضوخ.وفی مجلس الأمن أصطدم موقف إدارة بوش الداعی لفرض عقوبات على إیران بموقف روسیا والصین وغالبیة أعضاء المجلس الذین عارضوا هذا التصعید وکذلک فرض العقوبات. لأنهم شعروا بأن الهدف جرهم لحرب مع إیران بالوکالة عن الادارة الأمریکیة.فأعید الملف لوکالة الطاقة الذریة. وهکذا بات الملف بین أخذ ورد .
4. وکما دفع بوش طونی بلیر من لندن للتطوع فی ترویج کذبة أن أسلحة الدمار العراقیة ستطال لندن خلال 45 دقیقة. وجد بوش فی سارکوزی بدیلا عن بلیر حین روج لکذبة خطر السلاح النووی الإیرانی الذی بات یهدد دول أوروبا .فخسر شعبیته, ولم یعد یصدقه شعبه الفرنسی فی أی شیء یقوله.
5. وهدد الرئیس جورج بتشدید العقوبات على إیران إن لم توقف عملیة تخصیب الیورانیوم . فضربت إیران بتهدیداته عرض الحائط وراحت تزید من عملیات التخصیب, وتعتبر ذلک حقا من حقوقها.
6. وحاولت إدارة الرئیس جورج بوش محاصرة سوریا وإیران وفصائل المقاومة الوطنیة فی لبنان وفلسطین والعراق. وإذا بها تجد نفسها أنها هی المعزولة والمحاصرة فقط.
7. ولجأ الرئیس بوش لتهییج بعض الطوائف الإسلامیة على إیران, لیضمن حشدها صفا واحدا خلف أنظمة الاعتدال. فراح یتهم إیران بأنها تتدخل فی العراق ولبنان, وأنها باتت هی الحاکم الفعلی فی العراق. فلم یقنع أحد,لأنه هو من یحتل بقواته العراق, وهو من تقع علیه مهمة منع هذه التدخلات. ورغم أنه حقق بعض النجاح فی تشکیل ما یسمى بالصحوات فی العراق, والتی هی حشود للیبرالیین الجدد, إلا أن فصائل المقاومة العراقیة أحبطت مسعاه. حین تبین أن المقاومة تضم السنة والشیعة معا.
8. وحاول بوش تعمیم فکرة الصحوة العراقیة فی لبنان, ونقل الصراع الطائفی إلیه فی محاولة للنیل من سوریا حلیفة إیران. فأوجد ما بات یعرف بفریق الموالاة أو فریق 14 آذار. ووجد فی عملیة خطف حزب الله لجندیین إسرائیلیین مناسبة لإسرائیل لتقوم بتوجیه ضربة لفصائل المقاومة اللبنانیة تقضی فیها على حزب الله, حلیف سوریا وإیران. وتمکن إدارة بوش من وضع لبنان تحت وصایتها.فقرر السید حسن نصر الله أن یجعل منه درسا قاسیا وهزیمة مدویة لکل من إسرائیل والإدارة الأمریکیة وحلفائهم. فکان النصر حلیف حزب الله. وهنا راح یزمجر جورج بوش مهددا إیران بأن حربه على الإرهاب ستطالها , وراح یحرک الأساطیل ویقر قع بالسلاح, ویجری هو وإسرائیل لقواتهم المزید من المناورات. فردت علیه إیران باعتراض بعض سفنه, والکشف عب بعض قدراتها العسکریة المتطورة. وتحذره من قواته فی العراق وأفغانستان لیسوا أکثر من رهائن لدیها, وأنها ستجعل بعون الله من الخلیج وکل مکان تتواجد فیه قواعد عسکریة أمریکیة مقبرة لهذه القوة العاتیة الظالمة والمتجبرة.
9. وحین لم یفلح بوش بهذه الأسالیب.جن جنون إسرائیل وراحت تتحرک لإخافة وإرهاب إیران کما کانت تفعل مع العرب. ولأول مرة تستعرض إسرائیل عضلاتها وقواتها وتهدد وتتوعد وتجری المناورات على أعین الملأ . تهدد وتتوعد بتدمیر المنشآت النوویة الإیرانیة بمفردها. رغم أن هذا لیس من طبعها أو عاداتها, فهی من تفاجئ الخصم بعدوانها وتدمر بناه کما ترید. وتترک للإدارة الأمریکیة وباقی حلفائها مهمة إحباط أی تحرک للشرعیة الدولیة یدین ما قامت به إسرائیل. وراحت إسرائیل تتهم إیران بدعم الإرهاب, وتروج للخطر النووی على العالم والمنطقة. وحین فشلت فی مسعاها, راحت تعتبر أن المشروع النووی الإیرانی یستهدفها بالدرجة الأولى, ومن حقها توجیه ضربة لإیران ومنشأتها النوویة لإنهاء هذا الخطر الإیرانی وضمان أمنها. فجاء الرد الإیرانی صاعقا, حین اعتبرت أی عدوان إسرائیلی على إیران, سیدفع بإیران لقلع هذا الکیان من أساسه. وأن على الإسرائیلیین الهرب, والعودة من حیث أتوا. فلا مکان لهم فی فلسطین الیوم أو غدا أو بعد غد ولا فی المستقبل. وبهذا الکلام أدخلت إیران الإسرائیلیین وحکام إسرائیل فی متاهة وراحوا یتخبطون فیها تخبط الأعمى.
10. حینها لم یجد بوش سوى تکثیف تعاونه مع حلفائه بزیاراته وزیارات نائبه والوزیرة رایس, والتی قال عنها أن هدفها بحث ودرس التهدید الذی تمثله إیران, ورغبة الولایات المتحدة الأمریکیة فی الحفاظ على الاتفاقیات الأمنیة مع حلفائها فی المنطقة القلقین من تعاظم القوة الإیرانیة. فأصیب حلفائه بالحرج.
ولذلک وجد الرئیس جورج بوش نفسه فی ورطة جدیدة لیس لها من مخرج. وخاصة بعد أن أجهض قائد القیادة العسکریة الوسطى مساعیه, حین أعلن بأن القوات الأمیرکیة غیر قادرة على خوض صراع مسلح ثان مع إیران. ورغم أن الرئیس جورج بوش أجبره على تقدیم استقالته,إلا أن رئیس هیئة الأرکان المشترکة الأمریکیة مایک مولین عبر عن موقف القیادة العسکریة الأمریکیة حین قال: ینبغی على المجتمع الدولی أن یتابع الضغط على إیران اقتصادیا ومالیا ودبلوماسیا من اجل جلبها إلى نقطة یمکن من خلالها الاتفاق على مسألة الأسلحة النوویة. و لکی یحمل الرئیس جورج بوش مغبة أی حرب جدیدة أعلن فی تصریح جدید قال فیه: أقاتل الآن فی حربین ولا أحتاج على ثالثة مع إیران.وقد لخص العقید الأمیرکی المتقاعد لورانس ولکرسون الوضع أمام إحدى لجان الکونغرس حین قال: أی حرب على إیران ستوحد 70ملیون إیرانی, وتمکنهم بالحقد والقومیة والضغینة على مواجهة الولایات المتحدة الأمریکیة,إضافة إلى أن الجیش الإیرانی والحرس الثوری المعروف عنهما الشجاعة والشراسة سیخوضان حرب ضروس فی کل مکان. وأن الولایات المتحدة الأمریکیة التی قضت على عدو إیران الأول فی العراق وتشدد الخناق على عدوها الثانی فی أفغانستان . وبعد هزیمة حزب الله لإسرائیل فی لبنان ,فإن الوضع بات یصب فی صالحها.وستلجأ لحرب عصابات بتقنیة متطورة . ولذلک فإن أی حرب على إیران ستکون مجازفة متهورة وکاراثیة , ولن تجدی سوى فی تأخیر برنامج إیران النووی أکثر من سنة أو سنتین أو أکثر بقلیل. فإیران لا یمکن ثنیها عن أی شیء مصممة علیه. وهذا ما جعل مواقف الرئیس جورج بوش تنهار, وتدفع به مضطرا لأن یتراجع 180درجة عن نهجه السابق . حیث بات یقبل التفاوض بالواسطة أو مباشرة مع إیران, وفتح قنوات اتصال معها, وفتح مکتب علاقات فی طهران. وتکلیف الدول الأوروبیة بإیجاد مخرج له من هذه الورطة. وباتت الضغوط ثقیلة علیه. ویواجه الآن مصاعب جمة وضغوط بات تثقل کاهله. ومنها:
موقف إسرائیل المتعنت برفضه للمشروع النووی الإیرانی, وإصرارها بالعدوان على غیران وتدمیر مشروعها النووی. وبوش ملزم بإرضاء إسرائیل. ولو على حساب مصالح بلاده. فلا مصالح تعلو على مصالح إسرائیل بنظره ونظر إدارته. وهو بأمس الحاجة للوبی الصهیونی لضمان فوز مرشحی حزبه وجون ماکین فی تشرین الثانی من هذا العام.
وإیران بعد ثورتها الإسلامیة لم تستطع أی من الإدارات الأمریکیة إلحاق الهزیمة بها. ولذلک فإذا ما امتلکت التکنولوجیة النوویة ستکون أقوى. وهذا ما یؤرق الرئیس جورج بوش.
وشروط إیران لتسویة ملف مشروعها النووی صعبة وقاسیة . وهی تصفع کل أجتماع معها بمطالبها وهی:تعلیق العقوبات الدولیة والأمریکیة . ووضع جدول زمنی وآلیة لتنفیذ الوعود الواردة فی سلة الحوافز الغربیة . ومساعدتها فی مجالات تکنولوجیة أخرى. وتعهد فرنسا وألمانیا ببناء وتشغیل مفاعلات تعمل بالماء الخفیف خلال مدة لا تتعدى الخمسة أعوام, وتفی بحاجاتها من الکهرباء. والإقرار بحق إیران بإنتاج الوقود النووی. وتوضیح آلیة تطبیق النظام الأمنی الإقلیمی والذی تحدثت عنه رزمة المقترحات الأوروبیة والذی یعطی إیران دورا محوریا.والتعهد بعدم شن هجوم عسکری على إیران أو محاولة التآمر علیها من قبل الولایات المتحدة الأمریکیة وحلفائها.
والإقرار لإیران بما ترید سیضع حلفاء الادارة الأمریکیة فی دائرة الاتهام . لأنهم لم یسخروا مصالحهم ومواردهم النفطیة وجهودهم السیاسیة والدبلوماسیة لتحقیق مصالحهم ومصالح الأمتین العربیة والإسلامیة وقضیة فلسطین. وإنما وضعوهم فی خدمة الادارة الأمریکیة لتحقیق مصالح بلادها. والإدارات الأمریکیة وظفت جزء منها لصالح خدمة مصالح حلیفتها إسرائیل.
ولهذه الأسباب بات کل هم الرئیس جورج بوش أن تنقضی الأشهر المتبقیة من ولایته على خیر. بعد أن خرجت إیران منتصرة وحققت ما ترید. بینما عیون إسرائیل تقدح منها الشرر على ما ألحقه بها من هزائم. وأن مهمته باتت أن یماطل کسبا للوقت ریثما ینتخب الرئیس الجدید, ویسلمه مقالید الأمور. وأن یکون مستعدا لتقبل اللعنات تنهال علیه من کل حدب وصوب ,والتهم توجه إلیه, والتی قد تجره إلى المحاکم بتهم الفشل والإهمال والتقصیر, وتشویه سمعة بلاده وتدمیر قوتها العسکریة واقتصادها. وخاصة بعد اتهامه وإدارته بأنهم ارتکبوا جرائم حرب.
( العمید المتقاعد برهان إبراهیم کریم )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS