نازیة اسرائیل وشجاعة مندوب لیبیا
لم یبالغ السید ابراهیم الدباشی نائب ممثل لیبیا الدائم لدى الامم المتحدة عندما شبه محنة الفلسطینیین فی قطاع غزة بمحرقة الیهود على ایدی النازیین الالمان، فالاوضاع فی القطاع المنکوب، حیث یعیش ملیون ونصف الملیون انسان فی مساحة لا تزید عن 150 میلا مربعا، اسوأ بکثیر من مراکز اعتقال الیهود النازیة، لان هؤلاء باتوا مخیرین بین مصیرین بائسین، فاما الموت جوعا ومرضا، او الموت بقذائف الطائرات والدبابات الاسرائیلیة.
بالأمس اعلنت وکالة غوث وتشغیل اللاجئین التابعة للامم المتحدة عن وقف تسلیم معوناتها الغذائیة لاکثر من ملیون شخص بسبب انعدام الوقود اللازم لتشغیل السیارات والشاحنات المکلفة بنقل المواد الغذائیة الى مراکز التوزیع المختلفة فی مختلف انحاء القطاع.
ولا نعتقد ان هذه المنظمة الدولیة التی تقوم بعملها فی قطاع غزة منذ ستین عاما، وباشراف مباشر من موظفین دولیین اجانب تکذب او تبالغ فی تصویر الاوضاع المأساویة، او انها تتضامن مع حرکة حماس او ای من فصائل المقاومة الاخرى.وکنا نتمنى على سفراء فرنسا وبریطانیا وامریکا الذین انسحبوا من اجتماع مجلس الامن الذی یناقش مأساة غزة احتجاجا على کلمة مندوب لیبیا ان یطلبوا من مندوب الاونروا تقدیم شرح عن الاوضاع الحقیقیة فی القطاع، قبل ان یقدموا على خطوتهم هذه التی تتسم بالنفاق والانحیاز الکامل الى اسرائیل الدولة التی تقدم على هذه الممارسات المتعارضة مع کل المعاهدات والمواثیق الدولیة، وترتقی الى درجة العقوبات الجماعیة.
صمت بریطانیا وفرنسا وامریکا على جرائم النازیة فی حق الیهود، بل وتواطؤ حکومات هذه الدول معها فی بدایة الامر، هو الذی شجع على وقوع المحرقة، وتکرار هذا الصمت المتواطیء مجددا عما یحدث فی قطاع غزة هو تکرار اسوأ للجریمة، وتشجیع لاسرائیل على المضی قدما بها، وافناء الشعب الفلسطینی بأسره تحت ذریعة حمایة مواطنیها فی المستوطنات والبلدات الجنوبیة.
ولا نعرف کیف تتعامى هذه الدول التی تدعی الدیمقراطیة واحترام حقوق الانسان، عن قطع اسرائیل امدادات الوقود والمواد الغذائیة والطبیة عن ملیون ونصف الملیون انسان، وتغلق جمیع المعابر بحیث تحول قطاع غزة الى اکبر سجن بشری فی التاریخ.
فاذا کانت مندوبة بریطانیا کارین بیرس التی کانت احد المنسحبین احتجاجا تعتقد ان مقاربة السفیر اللیبی السید الدباشی وعباراته التی استخدمها فی توصیف الوضع فی القطاع لا تساعد فی دفع عملیة السلام قدما، فانه من حقنا ان نسأل عما اذا کان اطلاق ید اسرائیل لممارسة هذه المجازر والعقوبات الجماعیة فی حق فلسطینیین ابریاء هو کذلک حقا.
السفیر اللیبی کان شجاعا فی موقفه هذا، وتذکرنا عباراته بالزمن العربی الجمیل الذی کان یتصدی فیه مندوبو الحکومات العربیة فی الامم المتحدة لاکاذیب اسرائیل والدول الغربیة المتواطئة معها. فمن المؤسف ان بعض مندوبی الدول العربیة تحولوا الى حمامات سلام، واکثر تسامحا مع الجرائم الاسرائیلیة من الکثیر من مندوبی دول العالم الثالث.
ولا ننسى فی هذه العجالة التذکیر بمواقف السفیر الفلسطینی ریاض منصور الذی اعتبر فصائل المقاومة فی قطاع غزة مثل حماس و الجهاد منظمات خارجة على القانون، وطالب بعدم اعتبار قطاع غزة منطقة منکوبة بسبب سیطرة حماس علیه.
( المقال للقدس العربی اللندنیة )
ن/25