اغتیال مغنیة ....إسرائیل والولایات المتحدة أصبحتا أحب إلى بعضنا من الله ورسوله
استوقفنی رد الفعل اللبنانی و العربی على اغتیال عماد مغنیة القائد العسکری لحزب الله والذی حقق کل هذه الانتصارات ضد إسرائیل, مما مکن الحزب من أن یسجل أروع الانتصارات على أکبر عدد للأمة العربیة. وکنت أتصور أن اغتیاله على ید الموساد الإسرائیلی فی إطار محاولات إسرائیل القضاء على الحزب الذی طال بصواریخه المدن الإسرائیلیة وألجآ سکانها إلى الملاجئ فی سابقة لها ما بعدها, وأن تنزل الجماهیر إلى الشوارع حزنا على هذا القائد الفذ, وأن یکون حزنهم متناسبا مع فرح إسرائیل والولایات المتحدة بشکل أخرج الدولتین عما یفترض فیهما من وقار رسمی على الأقل فی هذه الظروف.
على أیة حال فإن ردود الفعل اللبنانیة والعربیة تستحق التأمل بعد أن زال الخطر الاسرائیلى عن الأمة العربیة و نجحت أمریکا وإسرائیل فی اعتبار حزب الله عدوهما الأکبر الذی أذلهما و علمهما کیف یحترمان المحترم وتستخفان بالهش فی المنطقة, و أن هذا الحزب لهذا السبب ولیس إسرائیل وأمریکا هو الخطر الأکبر, وحشدت الدعایة الصهیونیة عددا من الأسباب حتى یشارکها العالم العربی فجیعتها وحتى یعینها على تحقیق أهدافها فی النیل من الحزب. فلیس ببعید ذاک الموقف الرسمی العربی الذی استخف بحزب الله "ومغامراته", حیث أفتى الحکماء العرب الذین أحنوا القامة العربیة الشامخة وأذلوا شعوبهم فی الداخل والخارج مما ساعد إسرائیل على أن تخلص أن الحزب منبوذ عربیا و هو فی الحقیقة الوحید الذی یتمتع بالشرعیة, ولکنهم أفلسوا حتى بالقول فباعد ذلک بینهم وبین شعوبهم, وأسقطوا بالقول فضیلة السکوت, حتى احتفل الحزب و معه جموع العرب والمسلمین على عدونا جمیعاً, دون أن یشارک الحکماء ولو بالتصفیق أو فی قلوبهم بهذا الانتصار. لقد وصل الآمر بساسة لبنان من قوى 14 آذار أن یعلنوا شماتتهم وظنوا أن هذه الضربة الموجهة للحزب یمکن أن تحنى قامته فی الداخل وأن یمهد هذا الاغتیال من أن تنال إسرائیل من قامته المقاومة بعد قتل عماده العسکری. کما أن بعض الدول العربیة قد قررت رسمیا أنه إرهابی و اجتهد الناس فما إذا کان شهیدا یستحق الجنة أم طریدا من الفردوس.
التفسیر الوحید عندی لهذا الاضطراب هو أن إسرائیل والولایات المتحدة أصبحتا أحب إلى بعضنا من الله ورسوله بعد أن ضل سعیهم وخاب فألهم.
لقد لوحظ أن أحداً من الزعماء العرب لم یخاطر ضد الرغبة الأمریکیة والإسرائیلیة, فرفضوا تقدیم التعازی فی هذا "الإرهابی" الذی لقبته أمریکا وإسرائیل بذلک. والتفسیر الوحید لهذه المفارقة هو ما سبق أن أوضحناه, وهو انقلاب قاعدة القیم العربیة, فأصبح الإرهاب الإسرائیلی والأمریکی هو الحق المشروع فی المقاومة, وأصبحت المقاومة العربیة للغصب الأمریکی والصهیونی هو الإرهاب بعینه والذی یجب أن ینأى عنه الزعماء العرب.
تلک ظاهرة تمکنت إسرائیل والولایات المتحدة من زرعها فی المنطقة العربیة حتى توسع الشقة بین قدرات الدول العربیة التی یجب أن توجه ضد العدو وبین حسرة الجماهیر العربیة على ما أصاب العالم العربی من عمى فی الرؤیة وخلل فی التقدیر.
سلام علیک یا مغنیة فی العلیین بقدر ما رفعت رؤؤسنا التی نکسوها وأذقت عدونا مرارة لن تزول وعاشت أمتنا و قد تحررت من أشباه الرجال المحسوبین على نضالها.
( المقال للسفیر المصری الدکتور عبدالله الأشعل )
م/ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS