الانکفاء فی انتظار الحوار!
الانکفاء فی انتظار الحوار!
الانقسام فی الساحة الفلسطینیة یزید القلق إزاء المستقبل الغامض وکیفیة التعامل الدولی مع القضیة الفلسطینیة، خاصة الولایات المتحدة الأمریکیة ودول الاتحاد الاروبی التی تسیر فی فلکها من دون اخذ خطوة تعبر عن مواقفها بحریة والتحلل من التبعیة للولایات المتحدة.
السلطة الفلسطینیة الممثلة بالرئیس عباس وفریقه مؤمنة بجدیة الأخیرة فی التقدم على المسار السیاسی والتوصل لحل مع حلول نهایة العام القادم ومستمرة باتخاذ إجراءات لتعمیق الأزمة. والطرف الأخر من السلطة حرکة "حماس" لاتزال على مواقفها ومستمرة بتعمیق الأزمة من خلال الخطوات التی ترسخ من تعمیقها وتعزز من الفصل السیاسی والجغرافی بین جناحی الوطن، وعلى الرغم من القلق الداخلی، ومن القادم الخارجی لطریقة الحل والجدیة المزعومة والتصلب فی المواقف فان ذلک لا یحتاج لمراجعة فی المواقف من طرفی الصراع فقط فی کیفیة التعامل الداخلی مع النتائج التی خرج بها الرئیس عباس وفریقه من إجتماع أنابولیس، ورد فعل حماس على ما یجری فی الساحة الداخلیة والخارج. بل یحتاج خطوات عملیة على الأرض تقرب من عودة اللحمة للفلسطینیین.
ما یجری فی الساحة الفلسطینیة لم یعد یحتمل الانکفاء بانتظار الحدث، ما جرى من سیطرة حماس على قطاع غزة بالقوة العسکریة وما سبق ذلک من موجة اقتتال داخلی استمرت عاماً ونصف العام، وطرفا الصراع ظلا ینتظران الحدث، والنتائج کانت ولا تزال کارثیة على القضیة الفلسطینیة. الرئیس عباس لم یساهم بشکل جدی بإنهاء الاقتتال على رغم التوصل الى اتفاق مکة، وحرکة حماس قامت بخطوة ولم تقم بإجراء تقییم جدی لما سیترتب على تلک الخطوة الخطیرة التی أقدمت علیها، وباقی الفصائل الفلسطینیة الوطنیة والاسلامیة لعبت دوراً لم یکن بمستوى الحدث واستمرت أیضا فی الانتظار ولعبت دوراً محدوداً وذلک حسب امکاناتها وقوتها.
على اثر انتهاء إجتماع أنابولیس ونتائجه المتواضعة للفلسطینیین، وصدور تصریحات ایجابیة من الرئیس عباس حول حرکة حماس أشاعت الأمل بعودة الحوار بین الطرفین، فإن على حماس اخذ تصریحات عباس على محمل الجد والتفکر باتخاذ خطوات فوریة وجدیة بالتراجع خطوة للوراء تقرب من إمکان التوصل لإنهاء الصراع والجلوس على طاولة الحوار.
فالحوارلا یمکن له النجاح من دون اتخاذ خطوات جدیة والتراجع لمصلحة الوطن، وإنهاء القطیعة بین حرکتی فتح وحماس التی لا تستطیع السیر وحیدة من دون شرکاء رئیسیین، ولا یحتمل الوضع الفلسطینی أکثر من ذلک، وذلک یأتی ضمن جدلیة التحرک السیاسی، والبعد عن الإقصاء السیاسی.
واضح ان الفلسطینین لا یملکون سوى الانکفاء والانتظار، والسؤال هنا: هل المصلحة الوطنیة قائمة من خلال حال الانقسام والمستقبل الغامض للقضیة الفلسطینیة؟!
سؤال مشروع أمام الفلسطینیین ما داموا یعیشون التناقضات والتجاذبات الدولیة والإقلیمیة، والاتهامات المتبادلة بین الطرفین، وربما یکون القاسم المشترک هو العنوان العریض الذی یحتاج بالفعل لإعادة تفکیر. الفلسطینیون مجمعون على أهمیة الحوار الوطنی الشامل لیس فی هذه المرحلة العصیبة فقط، بل یتعداه فی مضمونه الشامل ولا یمکن ان یکون الحوار معلقا فی الهواء حسب أهواء حرکتی فتح وحماس من دون الأخذ فی الاعتبار فصائل فلسطینیة فاعلة على الرغم عدم حصولها على نسبة تمثیل کبیرة فی المجلس التشریعی. فهل یمکن ان یکون الحوار من دون البحث فی المشروع الوطنی ومستقبل القضیة الفلسطینیة؟! وهل یکون الحوار شاملاً والبحث فی المشروع السیاسی وجدیة الأطراف الدولیة، خاصة الرئیس الأمریکی، والترتیبات السیاسیة المفترضة؟
الحوار الوطنی مطلب فلسطینی مُلح وحتى الان لم یتم البحث فی التحرک الجدی فیه، فقد قامت بعض الأطراف الفلسطینیة بالتقدم بمبادرات من اجل الانطلاق بحوار وطنی لجسر الهوة بین طرفی الصراع حرکتی فتح وحماس، ولم تستجب الحرکتان لتلک المبادرات، وقامت حرکة حماس بعقد لقاءات مع عدد من الدول العربیة للبدء فی حوار بین الحرکتین، ولکن ما یصدر من الطرفین لا یؤکد على جدیتهما بالحوار، فالأطراف الفلسطینیة مجتمعة علیها اخذ زمام المبادرة والبدء فی حوار وطنی شامل أساسه الحقیقة والمصالحة والمکاشفة، والابتعاد عن الافتراض ان للفلسطینیین مشروعین مختلفین بل التأکید على ان مستقبل القضیة الفلسطینیة أهم من أی عنوان کان، وعدم الانتظار والانکفاء والارتهان لجدیة الأطراف الدولیة التی تعمل على تعمیق الأزمة بین الفلسطینیین.
( المقال للکاتب والباحث الفلسطینی مصطفى إبراهیم )
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS