الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

مفاتیح صفــد وأصفاد أنابولیس

مفاتیح صفــد وأصفاد أنابولیس  

 الأنابولیسیون أخذوا علماً بأن الدولة التی اعترف بها سابقاً الأوسلویون والکامب دیفیدیون لم تکن إسرائیل ،کانت إبنة خالتها. والآن فانّ هؤلاء جمیعاً سیتوجب علیهم لکی یبلغوا شاطیء(السلام الستراتیجی) أن یعترفوا أولاً وقبل کل شیء بدولة إسرائیل الدیانیة العبرانیة الخالصة ، أی الدولة التی خصها الرب بشعب إیهود أولمرت حصراً وقصراً وجمعاً وشکلاً ومعنىً (لأنک شعب مقدس للرب إلهک ، وقد اختارک الرب لکی تکون له شعباً خاصاً فوق جمیع الشعوب التی على وجه الأرض) سفر التثنیة (14/2

هکذا تعود حلیمة وهذه المرة رسمیاً ـ عالمیاً ـ عربیاً ـ إسلامیا ـ بان کی مونیاً إلى ما لا تجید غیرها من عادتها القدیمة ، تعود العقلیة الإسرائیلیة مشفوعة بکامل الغطرسة الأنویة وشامل المخانعة الدولیة الى مفارقة الأنا ـ الآخر ، أو نحن ـ الغوییم (الأغیار) وما سیترتب علیها من استدعاء لأدوات الأسطورة العبرانیة المکرورة من أخیار ینتصرون لإرادة الرب وأغیار ینهزمون أمام إرادة الرب ، وبالطبع فإن مفردة الأغیارهنا هی محض کنایة عن (اللاجئین الفلسطینیین وأشقائهم المرابطین فی أراضی 48) ، ومن سوى هؤلاء مَن سیتحتم علیهم أن یختاروا نعمة الفناء التاریخی أمام التجلـّی العبرانی السّرمدی لا لشیء إلا لکی تتحقق نبوءات الکهنة المثیولوجیین (المعاصرین) المدوّنة لا فی أسفارالعهد القدیم وإنما فی ما ینبغی أن تسفرعنها مفاوضات الحل النهائی من أسفار العهد القادم ؟!.

یقترح أیهود أولمرت من موقع المشرّع التاریخی والوکیل الرّبانی کحل وحید لخلاص اللاجئین الفلسطینیین من الدیسابورا (الشتات) أن یوزعهم على طریقین غالباً ما سینتهی ثانیهما إلى أولهما : الذوبان الیسیرلأکثرهم حیث هم ، والعودة العسیرة لأقلهم إلى قادم الکیان الفلسطینی المجهری المقایَض بهم !. هذا بالضبط ما عناه أولمرت فی خطابه الأنابوبولیسی أمام أکثر من ثلاثة أرباع الجامعة العربیة حین هشّ اللاجئین الفلسطینیین بعجالة عن المنبر کما لو أنهم ذباب یتطفل على سطور کلماته ، فیما على نفس المنبر لم یذهب الرئیس واللاجیء محمود عباس (المُشرّد عن مسقط رأسه فی صفـد) إلى أبعد من حدود المناشدة الدبلوماسیة الهادئة ، الوقورة ، الکیّسة ،الصّبورة ، لتطبیق القرارات الأممیة الخاصة باللاجئین الفلسطینیین مع علمه الراسخ باستحالة ذلک فی المدى المنظورعلى الکسیحة المسماة (أمم متحدة) والقعیدة المسماة (جامعة عربیة) والفقیدة المسماة (منظمة المؤتمر الإسلامی) فما باله والحال هذه یغامر من حیث لا یملک فی ضائقته السیاسیة أن یناور وهو الأدرى کذلک بواقعه الفلسطینی التراجیکومیدی الحالی وأیضاً وقبلاً : بالموقف الأمریکی الکلاسیکی الأکثر إسرائیلیة حتى من موقف مثابر (وطنی) صمیمی کإیهود أولمرت ؟!.

إنه إذاً فصل جدید من فنتازیا (السلام الستراتیجی) ، حیث المعروض إسرائیلیاً ـ أمریکیاً على النظام العربی الرسمی أن یحوّل المؤقت من (جحیم) اللجوء الفلسطینی وکفافه إلى الدائم من (جنة) التوطین وترفها عسى أن تغشی مفاتنها البصیرة الفلسطینیة فلا تعود هذه ترى أیة حاجة إنسانیة ووطنیة للتمسّـک بأنتیکات الذاکرة الشخصیة کما الجمعیة من قبیل المقتنیات التراثیة والمفاتیح الإنکلیزیة لأبواب العودة الموعودة وأوراق الطابو العثمانیة وحکایا الجدّات للأحفاد عن إضرابات العشرینیات وانتفاضات الثلاثینیات وثوراث الإربعینیات ووثبات الخمسینیات ورصاص الستینیات وملاحم السبعینیات ومأساة الثمانینیات ومفترقات التسعینیات وشهداء بانوراما المائة عام من التحلیق الفلسطینی فی سائرالسماوات ! ، وکل ذلک فی مقابل العنوان الخدّاع اللماع (دولة فلسطینیة بعشرالقدس) على مساحة أرض (مقطـّعة) لا تعدل نصف الخمسین بالمائة من فلسطین التاریخیة کما مزقتها مقصّات مؤامرة التقسیم الدولیة قبل ستة عقود!.

ذلک هو التریاق الذی یراد (للثائر) الفلسطینی أن یبلعه لکی یبرأ من سـمّ (الثورة) وینتهی إلى نقاهة (الدولة) ، فهل یجرؤ أی مفاوض فلسطینی على تجرّعه وفی ذهنه صورة الختیار أبو عمار فی کمب دیفید وهو یتدرّع (لا یتذرّع) بحراسه الشخصیین مثلما هم یستندون إلى صدره لیصدوا معاً ککتلة من العناد سهام الإغراء الإسرائیلی ـ الأمریکی بما لا یقارن (حقوقیاً وقانونیاً، مادیاً ومعنویاً) بالمسخرة التی یسـوّقها الآن أولمرت ـ بوش على العرب الأنابولیسیین ؟!.

( المقال للکاتب محمد عبد الرحمن فی موقع الوطن )

م/ ن/25

) .

| رمز الموضوع: 140827







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)