البروفیسور ابو ستة : بریطانیا سلمت أراضینا للصهاینة
البروفیسور الفلسطینی سلمان ابو ستة : بریطانیا لم تقم بواجباتها کما ینبغی کدولة انتداب وسلمت أراضینا للصهاینة على طبق من وعد بلفور المشؤوم
* مقولة وطن بلا شعب سقطت بآلاف الأدلة والشواهد التی یتضمنها أطلس فلسطین
قضى الباحث الفلسطینی المعروف البروفسور سلمان أبو ستة معظم حیاته فی دحض الروایة الصهیونیة واعلاء صوت المأساة الفلسطینیة التی شهد أول فصولها بنفسه عندما خرج مهجراً وهو ما یزال طفلاً من بئر السبع حیث کانت عائلته تقیم قبل أن تصلها هجمات التطهیر العرقی على أیدی العصابات الصهیونیة.
وشأنه شأن الکثیر من الفلسطینیین فی أماکن شتاتهم المختلفة، تمکن أبو ستة من تحقیق النجاح المهنی الباهر بعد نجاحاته فی التحصیل العلمی العالی ولکنه لم ینس مأساة شعبه وحقوقه المسلوبة فقرر أن یحول الشرکة الخاصة التی أنشأها واستوعب فیها عددا غیر قلیل من الأیدی العاملة الى مؤسسة ومرکز بحثی یغوص فی الماضی ویحاول انقاذ ما یمکن انقاذه من جغرافیا وتاریخ فلسطینیین مستهدفین بمحاولات الطمس والتزویر الاسرائیلیة المستمرة.
أطلس فلسطین هو آخر أعمال البروفسور أبو ستة فی توثیق تاریخ وجغرافیة فلسطین وهو عبارة عن أطلس لفلسطین یعد الأول من نوعه الذی یوثق لأرض فلسطین التاریخیة وما طرأ علیها من تحولات خلال الأعوام من 1917 وحتى 1966، أی منذ وعد بلفور وحتى السنة الأخیرة التی سبقت حرب 67. وفی خصوص هذا الأطلس کان هذا الحوار المقتضب مع البروفسور أبو ستة:
س - ما الاضافات التی تقدمها من خلال هذا الأطلس بعد الکثیر من أعمالک البحثیة لصالح المأساة الفلسطینیة؟
ج - الأطلس هو الأول من نوعه ویتضمن 500 صفحة تغطی مناطق فلسطین التاریخیة کلها الى جانب 150 صفحة أخرى ترصد التحولات التی طرأت علیها خلال السنوات المبحوثة بفعل السیاسات الصهیونیة الاستعماریة اضافةً الى تحلیل لخطة التقسیم والحدود الفلسطینیة ونکبة 48 وخطوط الهدنة وجرائم الحرب والمذابح ومصادرة الأراضی والممتلکات الفلسطینیة وغیرها من المحطات التاریخیة التی ترکت بصماتها على الجغرافیة الفلسطینیة. ویشتمل الأطلس على رصد لـ 1600 اسم لمدینة وقریة فلسطینیة و16 ألف اسم لمعالم تاریخیة وحضاریة اضافةً الى 30 ألف اسم مکان. ویتضمن أیضاً 65 جدولاً و700 صفحة ملونة کل ذلک فی مجلد ضخم من القطع الکبیر (24 34سم).
س - الى أی مدى برأیک یسهم هذا الأطلس فی دحض الروایة الاسرائیلیة المزورة للتاریخ؟
ج - المعلومات التی یتضمنها الأطلس لا تدع مجالاً للشک ببهتان وزور العبارة التی استند الیها الصهاینة فی استیلائهم على أرض فلسطین: 'أرض بلا شعب لشعب بلا أرض'. مجرد النجاح فی رصد أسماء 1600 قریة ومدینة فلسطینیة کانت عامرة بالحیاة وآهلة بالسکان کفیل وحده بدحض الحجة الصهیونیة والتذکیر بالمجازر والجرائم العدید التی اقترفتها اسرائیل فی سبیل الوصول الى أهدافها اللاشرعیة.
س - کم من الوقت استغرقه منک انجاز الأطلس؟ وما هی المصادر التی اعتمدت علیها فی انجازه؟
ج - استغرق انجاز الأطلس نحو عشرین عاماً وأدین بشیء من الشکر للامکانات التکنولوجیة التی مکنتنی من اخراجه ولولاها لما أمکن انجاز الأطلس بشکله النهائی. السبب فی الوقت الطویل الذی استغرقه انجاز الأطلس هو أن الوصول لمصادر المعلومات التی اعتمدنا علیها لم یکن سهلاً لأنه لا یوجد أرشیف وطنی للفلسطینیین یعود للسنوات المبحوثة، کما أن ما هو متوافر فی حوزة دول أخرى لم یکن فی المتناول خاصةً وأن الدول لا تتعاون فی هذا الشأن الا مع دول ولیس مع أفراد، ولکننا تمکنا مع تکرار المحاولة الى الوصول الى الوثائق المطلوبة واستخدامها فی عمل الأطلس.
أما هذه الوثائق فتعود لأرشیف الانتداب البریطانی ومکتبة الکونغرس الامریکی وحتى الارشیف الاسرائیلی فی جوانبه التی تناسبت مع طبیعة العمل، وقد تطلب الأمر السفر الى ألمانیا (التی حصلت منها على مسح جوی لمناطق فلسطین قبل سیطرة الصهاینة علیها) وبریطانیا وأمریکا واسطنبول وفرنسا وغیرها من الدول، حیث اعتمدنا الوثائق ذات الثقة بعد مقارنتها وتدقیقها مع بعضها البعض.
س - هل دعمت السلطة الوطنیة الفلسطینیة هذا العمل الهام مادیاً؟
ج - لم أحصل على فلس واحد من السلطة، ولم آمل یوماً فی دعم منها على الاطلاق، فنهج هذه السلطة یتمحور حول سبل التنازل والتفریط ولیس استعادة الحقوق کاملة وفقاً لما یوفره هذا الأطلس وغیره من الوثائق والأدلة الممکن استخدامها على نحو علمی وقانونی قوی فی محاججة الروایات المفبرکة التی تستند علیها اسرائیل فی وجودها.
س - هل من الممکن استخدام هذا الأطلس فی المنازعات الحقوقیة الدولیة؟
ج - من الممکن جداً أن یشکل الأطلس وثیقة مرجعیة لصالح الفلسطینیین اذا ما وجدوا أنفسهم فی منازعة مع الاسرائیلیین أمام هیئات دولیة مثل الیونسکو. وقد قمنا بالفعل بتزوید الیونسکو ببعض المعلومات الهامة فیما خص النزاع على معالم أثریة مثل تل القاضی شمال فلسطین والمسجد الابراهیمی ومسجد بلال. ما ینقصنا هو الارادة السیاسیة لا غیر. یمکننا أیضاً أن نهزم بریطانیا قضائیاً لأنها لم تقم بواجباتها کما ینبغی کدولة انتداب وسلمت أراضینا للصهاینة على طبق من وعد بلفور المشؤوم. الفضاء القضائی مفتوح عن آخره أمامنا کأصحاب حق ولکننا نحتاج الى قیادة حکیمة ترعى هذا المشروع الضخم.
س - ماهو شعورک بعد انجاز هذا العمل الهام؟
ج - أشعر بالرضا عن العمل الذی أنجزته خاصةً وأنه یبرهن على أن بن غوریون کان على وهم کبیر عندما قال ان 'الکبار یموتون والصغار ینسون' فقد یموت الفلسطینیون الکبار الذین شهدوا المأساة بأم أعینهم ولکن لیس قبل أن یلقنوا الصغار حقوقهم ویحملوهم أمانة نقلها للأجیال القادمة. ما یزال هناک الکثیر من المشاریع البحثیة الأخرى التی آمل أن أنجزها ومنها انتاج أطلس فلسطینی آخر خاص بحقب أخرى من تاریخ فلسطین، کما أننی أعمل حالیاً على اعداد کتاب یستعید التسمیة العربیة للأماکن التی قامت هیئة خاصة شکلها بن غوریون بالاستیلاء على أصولها الفلسطینیة وتزویرها الى أخرى عبریة.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS