الزق:دعم إیران للمقاومة الفلسطینیة أفقد الکیان الصهیونی عقله
قال محمود الزق عضو المکتب السیاسی لجبهة النضال الشعبی الفلسطینی فی حوار مع مراسل وکالة قدسنا للأنباء فی فلسطین حول التصعید الإسرائیلی الأخیر ضد الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة بشن حرب علیها من قبل الکیان الصهیونی: إن تصریحات موفاز بضرب إیران هی بالفعل انعکاس للوجهة العنصریة القبیحة الإسرائیلیة اتجاه إیران ، وعلینا أن نعید التأکید على حقیقة أن الثورة الإسلامیة الإیرانیة على ید الإمام الخمینی رحمه الله ، وانهیار نظام الشاه قد أفقد إسرائیل حلیفا استراتیجیا فی المنطقة , هذا الأمر یضعنا أمام واقع التناقض الفعلی ما بین إیران الثورة وإسرائیل , هذا التناقض وحالة العداء والتعبیر عنها بمصطلحات أیدلوجیة لا تبقى فی مجال النظریة وحسب وإنما تعبر عن نفسها فی دعم عملی لحرکات المقاومة ضد إسرائیل سواء فی لبنان أو فلسطین , هذا کفیلا بتعبیراته لأن تستنفر إسرائیل طاقاتها الذاتیة وتفعیل قواها ذات الأبعاد الدولیة للتحریض على إیران والسعی لضربها. لقد انسجم هذا الموقف تماما مع الرؤیة الأمریکیة التی وجدت فی إیران میدانا لفرض اشتراطاتها الدولیة على المنظومة العالمیة وتحدید مستوى التطور العلمی المسموح به للدول طبقا لمواقف تلک الدول من الهیمنة الأمریکیة على العالم وللأسف أیضا الهیمنة الإسرائیلیة فی منطقة الشرق الأوسط .
و قال الزق حول إعطاء إسرائیل الضوء الأخضر لجیشها بشن عملیات فی قطاع غزة: إن الوقائع تشیر بأن خطر عملیة عسکریة قاسیة ضد غزة هی إمکانیة واقعیة على ضوء فهمنا للموقف الإسرائیلی الذی لن یسمح أبدا بضرب المدن والمستوطنات الإسرائیلیة وخاصة إطلاق الصواریخ من قطاع غزة باتجاهها .
وأوضح الزق " إن الأمر لیس تلویحا بضربة عسکریة وإنما هو تحدید سیاسة أمنیة , سیاسیة إسرائیلیة اتجاه قطاع غزة الذی یعیش الآن حالة انقسام فلسطینی تتلاءم بالمطلق للمخططات الإسرائیلیة لشطب الکیانیة الفلسطینیة .
وأضاف " ولهذا فإن إسرائیل تدرس بشکل جدی خیار یضمن لها توفیر الأمن والهدوء لمستوطناتها الحدودیة وفی نفس الوقت یدیم حالة الانقسام الفلسطینی . إن هذا الأمر یؤکد لنا بأن إسرائیل ستسعى جاهدة لتحقیق تهدئة مع حماس ولکن بشروطها المعروفة وفی حالة عدم الاستجابة فإن المطلوب هو الضغط بکل أشکاله , تشدید الحصار وتشدید الضربات العسکریة حتى یستجیب الطرف المقابل للاشتراطات المطلوبة ، وإننا نرى بأن استعادة الوحدة الوطنیة وإنهاء الانقسام هما الکفیلان بإفشال المخططات الإسرائیلیة فبالوحدة فقط یمکن أن ننتصر ".
وتعقیبا على استمرار وتیرة الاستیطان فی القدس المحتلة والضفة الغربیة قال الزق "إن تصعید الإسرائیلی فی وتیرة الاستیطان وتحدیدا فی هذه الفترة بالذات ما بعد مؤتمر أنابولیس , ووعد الرئیس بوش بإقامة الدولة حتى عام 2008م . یهدف أساسا لضرب فکرة الدولة الفلسطینیة وإخراجها من حیز التطبیق العملی فی محاولة لإقناع المجتمع الدولی بعدم واقعیة فکرة الدولة الفلسطینیة حتى فی حدودها الدنیا بحکم الوقائع المعقدة التی رسمتها ولا زالت جاهدة فی ترسیمها على الأرض الفلسطینیة , سلخ القدس عن محیطها بعد محاولة تهویدها , إقامة المستوطنات الکبرى فی الضفة , وتفتیت وتمزیق الوحدة الجغرافیة لأرض الضفة , وللأسف الشدید تکریس واقع الانقسام ما بین شطری الوطن المتاح لنا , الضفة وغزة , بفعل سیطرة حماس العسکریة على قطاع غزة ".
وتابع الزق " و رغم أن هذه الوقائع تؤکد بالملموس بأن إسرائیل رغم قبولها اللفظی لفکرة الدولة الفلسطینیة - حتى بشروطها – ترفضها فعلا وممارسة على الأرض , حتى تفتح المجال أمام خیار الحل الإقلیمی للقضیة الفلسطینیة والذی یعنی تغییب الهویة والکیانیة الفلسطینیة فی غیاهب النظام العربی الإقلیمی ".
وأضاف لقدسنا " من الواضح تماما بأن هذا المخطط الإسرائیلی یندرج ضمن المبادئ الأساسیة التی تحدد الفهم الإسرائیلی للتسویة التی ترید فرضها على شعبنا الفلسطینی . هذه المبادئ التی تحوز على الإجماع القومی للمنظومة السیاسیة الإسرائیلیة , والقدس بما تعنیه سیاسیا ودینیا هی هدف مرکزی وینصب فی مقدمة أولویات الإسرائیلیین بکل أطیافهم . هذا الأمر یفسر لنا بوضوح هذه الحملة المحموقة التی تشنها الأجهزة الإسرائیلیة بکل تقسیماتها لإنجاز تهوید القدس الشرقیة وفصلها عن محیطها الجغرافی وامتدادها الطبیعی مع مدن وقرى الضفة الغربیة , هذا الأمر یتضح جلیا فی قرار توسیع مستوطنة معالیه أدومیم وهی امتداد لمدینة القدس وتتبعها إداریا , وخطورة هذا الأمر یکمن بأن توسیع هذه المستوطنة یعنی شطر الضفة جغرافیا إلى شطرین , جنوب وشمال , أی مزیدا من التفتیت والتجزئة للأراضی الفلسطینیة وفی نفس الوقت توفر امتدادا جغرافیا للقدس الکبرى باتجاه الأغوار الشرقیة أی الحدود مع الأردن , تلک الحدود والسیطرة الأمنیة الإسرائیلیة علیها تشکل مرتکزا مهما أیضا فی منظومة المفاهیم الإسرائیلیة التی تحوز على إجماع قومی إسرائیلی ".
وقال " علینا أن نستذکر بأن الکنیست الإسرائیلی بعد هزیمة حزیران واحتلال القدس اتخذت قرارا فی عام 1967م بضم القدس الشرقیة للقدس الغربیة واعتبار القدس بشطریها عاصمة موحدة لإسرائیل ومنذ ذلک الوقت بدأت إسرائیل بتنفیذ سیاسة عنصریة ضد الفلسطینیین فی القدس الشرقیة تهدف لتضییق الخناق علیهم ودفعهم للهجرة منها سواء بحرمانهم من رخص البناء أو إرغامهم على دفع مبالغ خیالیة کضرائب للدولة إضافة لعملیات هدم المبانی والمؤسسات العامة تحت ذریعة البناء غیر المرخص أو بذریعة الاستخدام للمصلحة العامة , کما نشطت جماعات صهیونیة بحملة شراء ممتلکات فلسطینیة بإغراءات مالیة وبالتعاون مع عملائها .
إضافة لما ذکرناه أعلاه فإن إسرائیل تحاول جاهدة استهداف المسجد الأقصى من حیث رمزیته وقدسیته لدى العرب المسلمین حیث أنها منذ سنوات تنفذ عملیات حفر تحت المسجد الأقصى تهدد أساساته تحت حجة البحث عن الهیکل المزعوم , وحتى تستکمل إسرائیل مخططاتها الرامیة لإخراج القدس من جدول التسویة وتهویدها , وحسمها لصالح الفهم الإسرائیلی العنصری شرعت لإقامة الجدار العازل الذی یفصل المدینة مادیا عن محیطها الفلسطینی .
وبسؤاله حول الحدیث الدائر حالا أن أوروبا ستضع الآن ثقلها فی ملف الشرق أوسطی لماذا الآن بالذات ولم یکن سابقا قال" علینا أن لا نقع فی وهم دور أوروبی فاعل ومؤثر لدرجة القدرة على الضغط لتعدیل المواقف أو فرضها على أطراف الصراع الفلسطینی الإسرائیلی . الحقائق تشیر بأن الولایات المتحدة الأمریکیة هی من تحدد الموقف العام من حیث القدرة على التأثیر الفعلی فی المفاصل الحاسمة , هذا الأمر یستمد منطقه من حقیقة أن العالم لم یعد ذو قطبین متعارضین ومتناقضین فی المنهج والسلوک , ولکن هذا لا یعنی عدم وجود هامش محدد فی آلیة التعامل مع الأطراف وطریقة الخطاب السیاسی وحتى ردود الأفعال , ولکن ما هو جوهری یکمن فی وجود إطار عام حدد وقرر أیضا إطار الحل السیاسی للقضیة الفلسطینیة وذلک عبر اللجنة الرباعیة التی تمثل الآن القوى الدولیة الفاعلة وهی الولایات المتحدة وأوروبا وروسیا والأمم المتحدة , تلک اللجنة التی وضعت خارطة طریق لحل القضیة الفلسطینیة تنتهی بمبدأ عام ینص على إقامة دولة فلسطینیة على أرض عام 1967م , والتفاصیل هی عنوان تفاوض ".
وأضاف " إن إسرائیل الآن هی فی مرحلة التبعیة الأمنیة الکاملة للولایات المتحدة , حیث مصدرها التمویلی والتسلیح ولهذا فإنها تنسجم سیاسیا مع المواقف الأمریکیة وتتردد فی إبراز مفاصل الخلاف التی ربما تکمن فی بعض التفاصیل ولکنها على استعداد تام للتعبیر عن رفضها أو معارضتها لبعض المبادرات الأوروبیة المخالفة ولو جزئیا لتوجهاتها ولهذا فإننی أرى بأن لا نوهم أنفسنا بدور أوروبی مؤثر ومقرر فی موضوع الصراع الفلسطینی - فی الظرف الراهن- الإسرائیلی , رغم تأییدی للتعاطی الإیجابی مع الموقف الأوروبی من حیث ضرورة الفکاک من أسر الدور الأمریکی المنحاز بالکامل لإسرائیل وأطماعها التوسعیة ".
وعن نظرته للحوار الفلسطینی – الفلسطینی – قال الزق"إن الحوار الفلسطینی ضرورة وطنیة ومبدأ یجب احترامه واعتماده کنهج وحید لتجاوز الإشکالات الداخلیة الفلسطینیة , لقد استطاعت الفصائل الفلسطینیة خلال السنوات القلیلة الماضیة إنجاز ثلاث وثائق داخلیة فلسطینیة انطلاقا من اعتماد نهج الحوار وذلک " إعلان القاهرة ، وثیقة الوفاق الوطنی ،اتفاق مکة ، وأثبتت التجربة وتحدیدا الآن وبعد مرور عام على سیطرة حماس بالقوة العسکریة على قطاع غزة بأن اعتماد نهج القوة العسکریة ونبذ مبدأ الحوار مدى المخاطر الکارثیة التی نجمت عن هذا الخیار سواء على مستوى قطاع غزة أو على المستوى الوطنی العام.
علینا أن ندرک ورغم ما حدث بأن الحوار هو دائما الخیار الوحید الذی یمکن أن یساعدنا على حل خلافاتنا الداخلیة ولکن وحتى ینجح هکذا حوار یجب أن ندرک بأن الابتعاد عن نهج الثنائیة فی الحوار واعتماد الحوار الوطنی الشامل بمشارکة مکونات الشعب الفلسطینی هی الطریق السلیم لإنجاحه , وذلک لإدراکنا بأن الحوار الثنائی هو المدخل للمحاصصة الثنائیة التی لن تنتهی إلا بالتصادم کما حدث سابقا .
إن السبب الحقیقی لفشل اتفاق مکة لم یکن سیاسیا أو برنامجیا وإنما کان هناک من یرغب بتحسین شروط المحاصصة وتحدیدا الفصل الأمنی منها , مما دفعه للسیطرة العسکریة على الأجهزة الأمنیة حتى یسیطر على قطاع غزة ونصل إلى وضع نتحاصص فیه الوطن المتاح لنا ما بین الضفة وغزة .
إننی أرى بأن المطلوب الآن وعلى ضوء مبادرة الرئیس بضرورة الحوار الوطنی لتنفیذ المبادرة الیمنیة هو الاستجابة المباشرة لیس لفظا وإنما فعلا على الأرض . إن هذا الأمر هو الحد الأدنى المطلوب لمواجهة أخطر استحقاقات تواجه قضیتنا الوطنیة إدراکا منا بأن إسرائیل تسعى جاهدة لإفشال فکرة الدولة الفلسطینیة واعتماد الحل الإقلیمی بدیلا عنها , والانقسام واستمراره هما المدخل الملائم لترویج هکذا حلول".
م/
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS