صبحی غندورلقدسنا : إتجاه السیاسة الامیرکیة نحو التهدئة ناجم عن التصعید فی السیاسة الخارجیة لها

صبحی غندورلقدسنا : إتجاه السیاسة الامیرکیة  نحو التهدئة  ناجم عن التصعید فی  السیاسة الخارجیة  لها

صرح الدکتور صبحی غندور مدیر مرکز الحوار العربی فی واشنطن ان البیت الابیض یحاول  ان  یستغل کافة التطورات السیاسیة لصالح الحزب الجمهوری فی الانتخابات الرئاسیة  المقبلة

وأضاف  الدکتور غندور فی مقابلة له مع مراسل وکالة قدسنا حول التطورات الاخیرة فی الشرق الاوسط  وما یقال حول استعداد  البیت الابیض للتفاوض مع ایران : هناک الآن رؤیتان لما یحدث فی منطقة الشرق الأوسط من أجواء تسویات محدودة؛ کاتفاق الدوحة اللبنانی وما نتج عنه من انتخاب الرئیس العماد میشال سلیمان وتشکیل حکومة "ائتلاف سیاسی" (ولیس "حکومة وحدة وطنیة")، ثمّ التهدئة الأمنیة فی غزّة، والمفاوضات غیر المباشرة الجاریة فی ترکیا بین سوریا وإسرائیل.

وأردف قائلاً : الرؤیة الأولى ترى بأنّ ذلک مجرّد تجمید لأزمات قائمة بانتظار إدارة أمیرکیة جدیدة، وبأنّ هذه التسویات المحدودة تتمّ فقط بإرادات محلّیة إقلیمیة دون تنیسق مع إدارة بوش، بل وربّما بتجاوز لرغبات هذه الإدارة.

و الرؤیة الثانیة، وهی التی أرجّح، ترى بأنّ ما یحدث حالیاً هو مزیج من حرکة إقلیمیة/محلّیة مع نهج تتّبعه الآن إدارة بوش فی أشهرها الأخیرة، ویقوم على مواصلة السیاسة العامة الأمیرکیة المعلنة تجاه أزمات الشرق الأوسط وأطرافها لکن مع دعم ضمنی وغیر مباشر لما یحدث من تسویات محدودة أو مفاوضات غیر مباشرة ترید إدارة بوش حصد نتائجها السیاسیة فی لحظات وجودها الأخیرة فی "البیت الأبیض"، ومن أجل تحسین الأوضاع الانتخابیة للحزب الجمهوری فی انتخابات نوفمبر القادمة.

وحول دواعی هذا لتحول فی القرار الامریکی قال مدیر مرکز الحوار العربی فی واشنطن : الانتخابات الأمیرکیة القادمة هی لیست لمنصب الرئاسة فقط بل لکلّ أعضاء مجلس النواب الأمیرکی ولثلث أعضاء مجلس الشیوخ أیضاً. فإدارة بوش هی تحت ضغط کبیر الآن من فعالیات الحزب الجمهوری ومن قوى التأثیر والشرکات الکبرى الداعمة لها لکی تحرز هذه الإدارة حجماً ولو محدوداً من "الانتصارات السیاسیة" الخارجیة التی تنعکس إیجاباً على الحزب الجمهوری وعلى مرشّحیه، خاصة بعدما تعذّر حدوث لک على المستوى الداخلی الأمیرکی.

فقد کان أمام إدارة بوش فی سنتها الأخیرة ثلاثة خیارات؛ ضَعُف أوّلها، ویحصل حتى الآن ثانیها، وأرجّح ثالثها قبل نوفمبر القادم:

الخیار الأول: هو التصعید العسکری فی الشرق الأوسط، خاصّةً فی مواجهة إیران وانعکاس ذلک على حلفاء إیران فی المنطقة، وعلى الأوضاع الأمنیة داخل الولایات المتحدة. لکن هذا الخیار رغم دعمه من قبل مکتب نائب الرئیس تشینی وجهات إسرائیلیة عدیدة، فإنّ الاعتراض علیه حصل ویحصل من داخل البنتاغون ومن وزارة الخارجیة والعدید من أجهزة المخابرات الأمیرکیة. فالنتائج السلبیة الممکن حدوثها بسبب هذا التصعید هی أکبر بکثیر من الاحتمالات الإیجابیة الممکنة، خاصّةً بعد تجربة العدوان الإسرائیلی على لبنان فی صیف العام 2006.

الخیار الثانی: وهو إدارة الأزمات الحالیة دون إحداث أی تحوّل جذری فی مساراتها، وترک کیفیة معالجتها للإدارة الأمیرکیة القادمة.

لکن محاذیر هذا الخیار بالنسبة لإدارة بوش وللحزب الجمهوری أنّ ذلک یؤثّر سلباً على الرأی العام الأمیرکی کما ظهر واضحاً فی الانتخابات الأمیرکیة النصفیة فی نوفمبر 2006 والتی أوصلت غالبیة "دیمقراطیة" لمجلسی الکونغرس، وأوجدت مناخاً مناسباً لترشیح باراک أوباما وهو الذی عارض منذ البدایة الحرب على العراق، ویطرح نفسه کمرشّح لتغییر مسارات إدارة بوش وسیاستها الخارجیة فی مقابل جون ماکین الذی یتبنّى استمراراً لها فی معظم المجالات.

فما یحدث الآن من تسویات وتهدئة ومفاوضات ربّما تکون کالقطع المبعثرة التی ترید إدارة بوش أن تجمعها لاحقاً فی "صورة واحدة" تضعها أمام الرأی العام الأمیرکی وأمام العالم لتقطف ثمارها السیاسیة فی اللحظات الأخیرة.

و أضاف الدکتور صبحی غندور فی حدیثه لمراسل وکالة قدسنا : ما أتوقّعه فی المرحلة القریبة القادمة، أن یتمّ تصحیح مسار "الحرب الأمیرکیة على الإرهاب" لکی ترکّز من جدید على أولویة التعامل مع الأوضاع الأفغانیة وتصاعد دور جماعات "طالبان" و"القاعدة" فی المحیط الباکستانی، بعدما فشلت إدارة بوش فی إقناع الأمیرکیین والعالم بأنّ الحرب على العراق کانت جزءاً من "الحرب على الإرهاب". وقد تهاوت فی السنوات الماضیة الأعذار والمبرّرات التی أعطیت للحرب على العراق، کما أیضاً لمحاولات الخلط بین "القاعدة" وبین ما أسمته إدارة بوش بمحور الشر أو "الدول المارقة". فهاهی کوریا الشمالیة تحصل الآن على ما أرادته من تصعید برنامجها النووی، وبذلک سقط مشروع إدارة بوش الذی قام على تغییر النظام هناک. وهاهی أمیرکا تدعم المفاوضین الأوروبیین مع إیران وتزید من حجم الحوافز الداعیة لطهران لتجمید التخصیب النووی على أرضها.

ن/25