الإصرار على بقاء غزة محتلة
من الصعب أن نجد فی التاریخ أنظمة سیاسیة وظیفتها التآمر على ذاتها وعلى أینائها ومقومات وجودها ووجود الأمة التی تقع تحت سیطرتها. أنظمة العرب تخترق کل الأعراف التاریخیة، وتتجاوز أدنى متطلبات الاحترام الذاتی لتأتی بکل بغاة الأرض لانتهاک حرمات الأمة. لقد تطاولت الأمم على العرب إلى درجة أن أریتیریا احتلت جزرا یمنیة فی وضح النهار، وتقوم إثیوبیا الآن باحتلال الصومال على مرآى ومسمع ومبارکة أنظمة العرب.
فلا عجب أن أنظمة العرب بما فیها السلطة الفلسطینیة یحاصرون غزة کما تحاصرها إسرائیل وأمریکا، بل أشد، وهی أنظمة تصر إصرارا مستمیتا على بقاء غزة رهینة بید الاحتلال الصهیونی البغیض. السید محمود عباس منزعج من مسألة اجتیاح الحدود المصریة
ترفض مصر فتح الحدود الاستعماریة التی رسمها الإتکلیز بین سیناء وقطاع غزة، وتقول بأنها مرتبطة باتفاقیات دولیة تستحق الاحترام، ولا یمکنها تزوید غزة باحتیاجاتها. الحقیقة أن مصر لا تحترم القواعد والمواثیق الدولیة للأسباب التالیة:
أولا: اعتبرت الجامعة العربیة فی أعوام 1944 و1946 و1947 و 1951 و1952 وغیرها من السنین قضیة فلسطین قضیة العرب الأولى وتعهدت بالقیام بکل الخطوات من أجل تحریر فلسطین. من أجل تحریر فلسطین ولیس من أجل التفاهم مع إسرائیل. فی توقیعها على اتفاقیة کامب دیفید، انتهکت مصر قرارات الجامعة العربیة.
ثانیا: ینص میثاق الأمم المتحدة على عدم جواز احتلال الأرض بالقوة. إسرائیل دولة محتلة، ومن المطلوب من مصر تنفیذ قرارات الأمم المتحدة.
ثالثا: تطالب قرارات دولیة عدیدة إسرائیل بضرورة الانسحاب من الأرض المحتلة/67، ولا یبدو أن مصر تحترم إرادة أهل غزة بطرد الاحتلال.
رابعا: حق المقاومة هو حق مشروع، ولا یبدو أن مصر تساعد أهل غزة من أجل الالتزام بقرارات ما یسمى بالشرعیة الدولیة بشأن المقاومة وطرد الاحتلال.
خامسا: إسرائیل تنتهک العدید من بنود اتفاقیات جنیف الخاصة بحقوق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، ومصر لا تحرک ساکنا فی مواجهة هذه الانتهاکات.
سادسا: من حق غزة أن تحصل على الغذاء من مصر أو من الدول العربیة، ولیس من الحکمة أن تبقى معتمدة على دولة الاحتلال فی تموینها. الأنظمة العربیة بما فیها مصر والسلطة الفلسطینیة یصرون بمواقفهم القائمة حالیا على ضرورة استمرار الاحتلال لغزة، أو السیطرة علیه من قبل إسرائیل من خارج السیاج.
سابعا: مصر لیست طرفا فی اتفاقیة معبر رفح، ولا یوجد ما یلزمها بها.
النظام المصری یکرر حرصه على سیادة مصر ویهدد أهل غزة بفتح النار فی حال فتحوا الحدود. یبدو أن النظام لا یعرف معنى السیادة فیرى فی طفل یبحث عن الطعام خطرا بینما یرى فی البوارج الأمریکیة حملا ودیعا. بوارج أمریکا تنتهک المیاه الإقلیمیة المصریة کل یوم، وبالأمس قتل الأمریکیون مصریین ولم یفتح الجیش المصری النار على سفن أمریکا الحربیة. إسرائیل تنتهک حرمة أرض سیناء والمیاه الإقلیمیة المصریة ولا تهتز شعرة فی بدن النظام. ومصر لا تستطیع أن تتصرف عسکریا فی سیناء بدون إذن من إسرائیل. هل وقفت سیادة مصر عند أطفال غزة؟
أهل غزة لا یفکرون باجتیاح الحدود المصریة وإنما بفتح الحدود مع مصر لأن العلاقة مع مصر هی علاقة أخوة ولیست علاقة عداء. هناک فرق شاسع بین الاجتیاح وفتح الحدود. فتح الحدود هو من حق أهل غزة، ومن المطلوب تحریر غزة من الاعتماد على العدو الصهیونی فی التموین. یجب أن تشتری غزة ما تحتاج إلیه من مصر حتى تتحرر من الضغط الإسرائیلی، إلا إذا کان الهدف هو بقاء الاحتلال.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS