مبادرة للحوار والحل

بغض النظر عن رأیی وموقفی الشخصی مما جرى ویجری، أو من شخصیات ورموز بعینها کانت ولا زالت سبباً مباشراً لمعاناة شعبنا خاصة حالة الانقسام والتشرذم المفروضة علیه، ورغم قناعتی أن أصل المأساة الحاضرة هو الاحتلال وانحیاز البعض له وقبول املاءاته وشروطه، إلا أن الهدف والمصلحة العامة تسمو وتعلو فوق کل ما هو شخصی وفردی، خاصة بعد نصف عام من القطیعة الفلسطینیة المؤسفة، أتقدم بهذه المبادرة للخروج من حالة الفرقة والصدام والتشرذم، آملاً أن تسهم تفاصیلها فی القاء بصیص أمل فی اتجاه الحوار وحل الأزمة الداخلیة الفلسطینیة، والتی لا یمکن لها أن تنجح إلا بصفاء النیة والعزم والاخلاص، والتحرر من کافة الضغوط الداخلیة منها والخارجیة.
مبادیء عامة:
· ان حالة اللاحوار والقطیعة المستمرة منذ نصف عام لا یستفید منها إلا الاحتلال الآثم، والذی یستغل هذه الحالة للاستمرار فی عدوانه الاجرامی، دون اعتبار لمن یرى فی المفاوضات خیاراً وحیداً على مبدأ أنه لا شریک، وان وجد فهو ضعیف وغیر قادر وعاجز، ومع اعتبار قطاع غزة کیاناً معادیاً مستباح لممارسة أفظع الجرائم الوحشیة الیومیة.
· ان الخوض فی جدال حول مسؤولیة ما آلت إلیه الأمور الآن وقبل البدء فی حوار جاد هو مضیعة للوقت، وتهرب من تحمل المسؤولیة، وهذا لا یعنی على الاطلاق عدم معالجة جذور المشکلة ومحاسبة المتسبب فیها، لکن بعد بدء الحوار والاتفاق على آلیات المعالجة.
· ان الأولویة الیوم هی لانهاء حالة الانقسام والتشرذم، وصولاً إلى اعادة اللحمة بین أبناء الشعب الفلسطینی، وبالتالی وقف النویف الداخلی حفاظاً وحمایة لحقوقنا وثوابتنا.
· ان بدء أی حوار یتطلب استعداداً جدیاً من کل الأطراف للتراجع عن المواقف المتشنجة والاشتراطات المسبقة.
· ان الحوار یجب أن یشمل جمیع الأطراف والفصائل والقوى الفلسطینیة دون استثناء، وأن لا یقتصر على الفصیلین الأکبر على الساحة الفلسطینیة.
· المبادرة هی حزمة واحدة غیر قابلة للتجزئة، ولایجوز قبول بعضها ورفض بعضها الآخر.
· ان الحوار لا یستهدف فقط قطاع غزة وبشکل منفرد وکأن الوضع فی الضفة الغربیة مقبول وجید، بل هو حوار یشمل قطاع غزة والضفة الغربیة.
· تکون المبادرة مربوطة بسقف زمنی معقول وممکن حتى لا یکون الحوار لغرض الحوار فقط، ولتضییع الوقت وتحقیق مکاسب وهمیة هنا وهناک.
وحیث أن قیادة حرکة التحریر الوطنی الفلسطینی (فتح) وضعت شروطاً ألزمت نفسها بها تتمحور حول العودة عن نتائج ما حدث فی شهر یونیو/حزیران الماضی وتقدیم اعتذار یسبق أی حوار، وحیث أن حرکة المقاومة الاسلامیة (حماس) ترى فی ذلک أمراً لا یمکن تحقیقه فعلیاً وعملیاً وبأن ما حدث کان خطوة اضطراریة، کان لابد من وجود مخرج عقلانی ومقبول لکل الاطراف یتجاوز عقبة من یبدأ بالمبادرة والخطوة الأولى فی اتجاه الحوار.
الخطوات الأولى:
· فی وقت متزامن تعلن حرکة حماس وتؤکد استعدادها لتسلیم المقرات المدنیة (منزل ومقر رئیس السلطة) وبشکل فوری، والتعهد بتسلیم المقرات الأمنیة فور الوصول لاتفاق أمنی یشمل الضفة الغربیة وقطاع غزة، وتعلن حرکة فتح بالمقابل موافقتها على الدخول فی حوار وطنی شامل وبشکل فوری، ویصدر رئیس السلطة مرسوماً بالغاء کافة القرارات والاجراءات التی اتخذت بعد 14/06/2007، بما فیها حکومة سلام فیاض.
. اعتبار وثیقة الوفاق الوطنی الموقعة عام 2006 مرجعیة علیا للحوار الوطنی الفلسطینی.
· وقف الحملات الاعلامیة المتبادلة، واطلاق سراح المعتقلین السیاسیین، ووقف تقیید الحریات العامة واستهداف المؤسسات.
· وقف کافة الاجراءات التی تزید من معاناة شعبنا کوقف الرواتب وقطع الامدادت ومنع دخولها وغیرها.
· اعتبار إدارات قطاع غزة والضفة الغربیة إدارات مرحلیة مؤقتة إلى حین تشکیل حکومة انتقالیة مصغرة متوافق علیها کخطوة أولى وضروریة، بأقل عدد ممکن من الوزراء، ومن خارج الفصائل، ومن شخصیات مقبولة للجمیع، حتى التوصل لوفاق وطنی شامل.
سیاسیاً:
یجب على أی اصلاح سیاسی مقترح أن یلبی المتطلبات الأربعة التالیة:
1. المساءلة السیاسیة والإداریة : فالمؤسسات العامة یجب أن تکون خاضعة وأن تتم مساءلتها أمام مصدر ذی سلطة شرعیة وذی تسلسل قیادی واضح وتفویض شعبی، فالعاملون فی القطاع العام یجب أن یتحملوا مسؤولیة أفعالهم، أمام هیئات مستقلة، والمساءلة تعتبر أیضاً مقوماً حیویا للشرعیة السیاسیة والقبول الشعبی. ولهذا، لا بد من الشفافیة والوضوح فیما یتعلق بعملیة اتخاذ القرار الحکومی.
2. سیادة القانون وتنفیذ الإجراءات المرعیة : فالمؤسسات العامة یجب أن تعمل وفق إطار قانونی وتنظیمی مفصل بوضوح وشامل، وأن تخضع للمراجعة والحکم القضائیین، لا بد من تطبیق سیادة القانون والإجراءات المرعیة بشکل فعال ومتساو على کل الهیئات والأشخاص، داخل وخارج ا لحکومة على حد سواء. ولهذا لا بد من نظام قضائی مستقل وموثوق ونزیه، یتمتع بدعم قوى حفظ القانون والنظام العام.
3. مجتمع مدنی قوی قائم على المشارکة : یجب أن تعمل المؤسسات العامة مع مؤسسات المجتمع المدنی وأن تستجیب لها، بما فی ذلک المنظمات غیر الحکومیة والهیئات الاجتماعیة والقطاع الخاص والأحزاب السیاسیة. وحتى تتسنى تلبیة ذلک، لا بد وأن تکون عملیة صیاغة السیاسة واضحة ومتوقعة، ولا سیما فی القضایا المتعلقة بالموارد العامة وإدارة الموارد. ومن الضروری أیضاً ضمان الحریة التامة للتجمع والمشارکة، وحریة الحصول على المعلومات والتعبیر عن الرأی، واحترام الحقوق الاجتماعیة والثقافیة.
4. مؤسسات وإدارة عامة کفؤة وفعالة ومؤثرة : فالمؤسسات العامة لا بد وأن تکون لدیها مهام وأهداف واستراتیجیات عملیة محددة بشکل واضح، وأن تکون قادرة على بلورة سیاسات فعالة فی ظل توجیه صانعی القرار. ولا بد لهذه المؤسسات من وسیلة لضمان نظام داخلی شفاف سلیم، وأسالیب اجرائیة لمراقبة وتقییم الاداء.
وعلى هذا الأساس وانطلاقاً من مبدأ أن الشرعیة الفلسطینیة کل لا یتجزأ، وأنه یتوجب احترامها جمیعاً، والاقرار بأن الحوار السیاسی هو الأصل لحل کل المشاکل والخلافات الداخلیة الفلسطینیة، وفی ظل التعدیات القانونیة التی جرت مؤخراً، وبسبب ظروف الاحتلال الجاثم فوق أرضنا والمتدخل فی سیر الحیاة السیاسیة، فإنه یجب التوصل إلى توافق سیاسی یأخذ بعین الاعتبار تلک الأمور والمؤثرات، وأهمها:
· احترام الدیمقراطیة الفلسطینیة ونتائجها.
· ایجاد مخرج لمحاولات الاحتلال التأثیر على القرارات السیاسیة من خلال اختطاف الوزراء والنواب، وبالتالی قلب أغلبیة الکتل البرلمانیة حسب أهوائه ورغباته.
· احترام القانون الأساسی الفلسطینی والابتعاد عن التفسیرات الجدلیة العقیمة لتبریر مواقف بعینها.
· الفصل التام بین السلطات الثلاث التشریعیة والتنفیذیة والقضائیة.
· اشترک کافة القوى والفصائل الفلسطینیة فی الاتفاق السیاسی.
وعلیه وخروجاً من هذه الأزمة السیاسیة، یتم الاتفاق على خطوات اصلاحیة أهمها:
· الاتفاق على حکومة جدیدة من خارج الفصائل، من شخصیات وطنیة مقبولة ولها احترامها من داخل وخارج الأراضی المحتلة، یکون على سلم أولویاتها رفع الحصار عن الشعب الفلسطینی وفضح ممارسات الاحتلال، ومن خلال برنامج واضح تنال الثقة على أساسه.
· القبول بمبدأ التوکیلات للنواب المختطفین، لتجرید الاحتلال من ورقة الضغط السیاسی الابتزازیة، والتی سمحت له حتى اللحظة بتعطیل الحیاة البرلمانیة الفلسطینیة، وتمکیناً للمجلس التشریعی من أداء مهمته الرقابیة والتشریعیة.
· تعزیز قدرة مکتب مجلس الوزراء على معالجة القضایا الهامة المتعلقة بالازدواجیة والتنسیق والاتصال بین الوزارات وذلک لتحسین عملیة صنع القرار الحکومی.
· ایجاد تسلسل واضح للسلطة داخل النظام القضائی وأیضا فیما بینه وبین السلطة التنفیذیة.
· توحید القوانین والإجراءات الإداریة بین الضفة الغربیة وقطاع غزة.
· معالجة النقص الشدید فی العاملین المؤهلین و المبانی والتجهیزات والمراجع القانونیة والأموال.
· إصدار قانون النظام القضائی الذی وافق علیه المجلس التشریعی الفلسطینی فی کانون أول 1998.
· إعادة تأسیس مجلس قضائی أعلى یتمتع باستقلال حقیقی، ومن شخصیات قانونیة لها احترامها، بعیداً عن الانتماء الفصائلی، وبعیداً عن التعیین من لون واحد کما حدث سابقاً
· تحدید صلاحیات ومسؤولیات وزیر العدل بشکل واضح، على أن لا تتطابق أو تحل محل صلاحیات ومسؤولیات المجلس القضائی الأعلى.
· إلغاء محکمة أمن الدولة التی تعتبر انتهاکاً للحقوق المدنیة للمواطنین.
· تحدید صلاحیات رئیس السلطة بشکل واضح لا لبس فیه ومن خلال ما ورد فی القانون الأساسی الفلسطینی، ومنعاً لتحول منصب الرئاسة إلى سلطة مطلقة تتجاوز المؤسسات الشرعیة القائمة.
· تقلیص عدد ونطاق المؤسسات العامة المرتبطة حالیا بمکتب الرئاسة، مما سیؤدی إلى تقلیص العبء الإداری والمالی عن الرئاسة، ومن ثم یقوی قدرتها على صیاغة ومتابعة الأهداف الرئیسیة للسیاسات الحکومیة.
· على مکتب الرئاسة أن یحول إلى الوزارات والوکالات المعنیة کل البرامج والمشاریع ذات العلاقة بالإنفاق والتی لا ترتبط مباشرة وبالضرورة بمهام الرئاسة، من خلال تعزیز دور البلدیات، ولهذه الغایة فإن الانتخابات البلدیة یجب أن یتم استکمالها، کما أن على السلطة الفلسطینیة أن تحول کثیرا من الصلاحیات المتعلقة بتوفیر الخدمات المدنیة وجبایة الواردات والأشغال العامة إلى البلدیات.
· إصدار قوانین تأسیس تحدد الصلاحیات والمهام والوصف الوظیفی لکل الوزارات والوکالات.
· إجراء مراجعة عامة للإدارة العامة وذلک لتبسیط بنیتها الشاملة وتقلیص عدد الوزارات والوکالات بشکل عام.
· أن تکون القواعد والنظم والأحکام الداخلیة متاحة لاطلاع جمیع موظفی القطاع العام، وینبغی تطبیقها دون اعتبار للروابط الشخصیة والانتماء السیاسی أو الاعتبارات التجاریة.
· یشمل الاتفاق السیاسی أیضاً إصلاح السفارات الفلسطینیة فی الخارج والتی کان دورها سلبیاً خلال الأزمة الأخیرة من خلال زیادة حالة الفرقة والتشرذم.
اقتصادیاً:
یکون من أهداف الحوار أیضاً الوصول إلى حل للمشکلة الاقتصادیة تترکز على:
· العمل على وضع خطة اقتصادیة وطنیة تخرج النظام الاقتصادی الفلسطینی من التبعیة لاقتصاد الاحتلال.
· فک الاتباط التدریجی مع اقتصاد الاحتلال.
· تطویر المصادر المحلیة لتمویل المؤسسات العامة المتخصصة، التی تمول حالیاً من المانحین.
· تشجیع الاستثمار وجلب رؤوس الأموال الفلسطینیة وتحریر القطاع الخاص.
· استکمال مشاریع القوانین التی تنظم الضرائب، والاستثمار، وتسجیل الشرکات، والمنافسة، والنشاطات الاقتصادیة الأخرى.
· توفیر فرص عمل من خلال مشاریع مشترکة وانشاء مناطق صناعیة بالتعاون مع الدول العربیة والصدیقة.
· اعادة التفاوض حول حقل الغاز الطبیعی قبالة ساحل غزة للتوصل لأفضل اتفاقیة ممکنة.
· الاتفاق مع الدول العربیة لتوفیر فرص عمل لأبناء الشعب الفلسطینی وبشکل یضمن لهم حقوقهم.
· إعادة النظر فی الوزارات والوکالات القائمة التی تتولى شؤون الاقتصاد، وذلک بهدف تقلیص عددها الکلی والقیام بدمجها أو تجزئتها کما تقتضی الضرورة وذلک لإزالة التکرار فی الوظائف والتخصصات.
· تنفیذ برنامج یتم فیه مراجعة التوظیف فی الوزارات الرئیسیة، وأن یغطی ذلک عدد ومستوى الوظائف والمهارات والخبرات المتطلبة لملء هذه الوظائف
· زیادة صلاحیات هیئات الرقابة والتنظیم.
· الإفصاح عن کل الواردات العامة وأن تدرج فی حساب واحد یتبع وزارة المالیة.
· إعداد میزانیة الرواتب العامة ینبغی أن تقوم به وزارة المالیة بشکل تام من أجل ضمان الفصل بین الضبط المالی والإداری.
أمنیاً:
یبقى الشق الأمنی هو الأعقد، والسبب المباشر للأحداث الأخیرة، بعد تحول الأجهزة الأمنیة لمراکز قوى لا تخضع لقیادة مرکزیة واحدة باعتراف وزراء الداخلیة المتعاقبین، وکونها تشکل العبىء الأکبر على میزانیة السلطة دون مردود واضح، لذلک توجب حل هذا الشق وبشکل جذری کامل.
ولهذا السبب تحدیداً فإنه لا حل للمشکلة الأمنیة إلا بمعالجة الأسباب التی أدت إلی وجودها، ولا أجد أفضل من مقترح بروفیسور عبد الستار قاسم وملخصه:
· اعتبار کل سلاح علنی بما فیه سلاح المهرجانات والأفراح والجنازات سلاحا غیر وطنی، ویجب التعامل معه علی هذا الأساس من قبل جمیع الناس والفصائل وقوی الشرطة. تقوم جمیع وسائل الإعلام الفلسطینیة بشن حملة إعلامیة واسعة ومکثفة ضد کل سلاح علنی عدا سلاح الشرطة الفلسطینیة.
· سلاح المقاومة لیس سلاحا علنیا، وقوته فی سریته.
· السلاح المرخص "إسرائیلیا" لیس سلاحا وطنیا ویجب التخلص منه بطریقة أو بأخری. السلاح المرخص "إسرائیلیا" هو السلاح الذی سمحت "إسرائیل" بإدخاله وفق اتفاق أوسلو وما تبعه من اتفاقیات، وذلک السلاح الذی تم تزوید الأجهزة الأمنیة به بعد ذلک بمعرفة "إسرائیل" ورعایتها.
· حل الأجهزة الأمنیة الفلسطینیة عدا جهاز الشرطة. الأجهزة الأمنیة الفلسطینیة لا تستطیع الدفاع عن الأمن الوطنی الفلسطینی، ولا تستطیع مواجهة کتیبة صهیونیة. إنها أجهزة علنیة، ومن السهل علی إسرائیل استهداف العناصر التی تری فیها عدوا.
· البحث عن أعمال إنتاجیة لأعضاء الأجهزة الأمنیة المحلولة مع الإبقاء علی رواتبهم الحالیة وذلک حفاظا علی لقمة خبز عائلاتهم.
· إقالة قادة جهاز الشرطة الأساسیین علی مستوی الضفة والقطاع وعلی مستوی المحافظات، وتعیین قادة وطنیین مستقلین لا علاقة لهم بالفصائل الفلسطینیة؛ کما أنه یجب تعیین محافظین من الوطنیین المستقلین. التوصیة بتعیین هؤلاء تتم بالتوافق بین رئاسة السلطة ورئاسة الحکومة، ویصادق علیها من قبل المجلس التشریعی بعد تفحص السجلات الشخصیة.
· تکون الشرطة مسؤولة عن الأمن المدنی (الداخلی) فی الضفة والقطاع. یحظر علی الفصائل التدخل بالأمن المدنی الفلسطینی إلا إذا طلبت قیادة الشرطة ذلک بکتاب خطی یوضح الأسباب الموجبة لذلک، ویحدد تماما مجال ومدی التدخل المطلوب، والمکان والزمان المطلوب فیهما التدخل.
· مسؤولیة مرافقة رئیس السلطة ورئیس الوزراء وغیرهما تقع علی عاتق الشرطة فقط.
· لا یحق لأی شخص أو جهة أن تشکل حراسة خاصة حتی لو کان علی مستوی الحرس الشخصی.
· تتعاون الفصائل مع الشرطة لضبط عناصرها وإعادتها إلی ممارسة النشاطات التی تعهدت بممارستها نحو التحریر. إذا رغبت بعض الفصائل أن تتخلی عن المقاومة فإن علیها إلقاء السلاح والتحول إلی أحزاب سیاسیة والانخراط فی الحیاة المدنیة.
· یکون الأمن الوطنی من صلاحیة فصائل المقاومة، وتقوم هذه الفصائل بالترتیب فیما بینها لإقامة غرفة عملیات مشترکة سریة منفصلة تماما عن المستوی السیاسی. الفصائل المقاومة لا تتدخل بالحیاة المدنیة سواء اقتصادیا أو اجتماعیا أو إداریا، لکن من حقها أن یتم ترتیب الأوضاع المدنیة بطریقة تخدم عملیة مواجهة الاحتلال وهدف التحریر.
· محاصرة تجار السلاح ومحاسبتهم.
· إشراک جمهور الناس فی حراسة المتطلبات الأمنیة الفلسطینیة.
· تتم الترتیبات الأمنیة الفلسطینیة بإرادة فلسطینیة حرة وبمعزل عن القوی الخارجیة.
إن حل المشکل الأمنی کفیل بالحفاظ على أی اتفاق یتم التوصل الیه، وینهی معضلة الصلاحیات والسیطرة على الأجهزة الأمنیة، ومأساة الفلتان الأمنی المنظم وانتهاک الحریات وغیرها من الممارسات.
منظمة التحریر الفلسطینیة:
إن منظمة التحریر الفلسطینیة بشکلها الحالی لا تمثل تطلعات الشعب الفلسطینی، وهی بالتالی باتت فاقدة للشرعیة بعد أن تحولت إلى هیکل مترهل یستخدم حسب الأهواء، وبات تفعیلها واصلاحها واعادة احیاء مؤسساتها مطلباً ملحاً للجمیع، خاصة فی ظل وجود قوى رئاسیة خارج صلاحیاتها، وهی قوى تتمتع بشرعیة دیمقراطیة عبر صنادیق الاقتراع.
یشکل اتفاق القاهرة لعام 2005 أساساً صالحاً کبدایة لحوار شامل من أجل اصلاح وتفعیل واعادة بناء منظمة التحریر الفلسطینیة، مرتکزاً على أن المجلس الوطنی الفلسطینی هو أعلى مرجعیة وطنیة فلسطینیة فی وجود میثاق وطنی واضح یحافظ على حقوق شعبنا، ومن أجل هذا الغرض یتم اتخاذ الخطوات التالیة:
· تشکیل لجنة تحضیریة من شخصیات فلسطینیة مستقلة من داخل وخارج الأراضی المحتلة، لم یسبق لها أن شغلت أی مناصب حزبیة أو رسمیة فی منظمة التحریر الفلسطینیة أو السلطة الفلسطینیة، تنحصر مهمتها فی اعداد تصور واضح ومحدد وطبقاً لسقف زمنی متفق علیه، لتنظیم الأسس الاجرائیة لانتخاب أعضاء مجلس وطنی جدید، وبالتصویت الدیمقراطی فی کل أماکن التواجد الفلسطینی، وبعیداً عن نطظام المحاصصة/الکوتا.
· الاتصال بالدول المعنیة وحیث التواجد الفلسطینی الأکبر لضمان موافقتها على اجراء انتخابات لمجلس وطنی جدید.
· فی حال تعذر ذلک یکون من مهام اللجنة التحضیریة ایجاد بدائل للتصویت، عبر استخدام التقنیات المتوفرة وبآلیة تضمن الشفافیة والنزاهة.
· تحدید موعد اجراء الانتخابات للمجلس الوطنی الجدید، وبإشراف اللجنة التحضیریة، وبرقابة دولیة.
· فور انتخاب أعضاء المجلس الوطنی الفلسطینی تتم دعوة المجلس للانعقاد فی مکان یتفق علیه وفی فترة زمنیة لا تتجاوز شهر واحد کأول مجلس وطنی فلسطینی منتخب، لاتخاذ الخطوات التالیة:
- اقرار میثاق وطنی بدلاً من الذی تم الغاؤه.
- انتخاب أعضاء اللجنة التنفیذیة لمنظمة التحریر الفلسطینیة.
- الاتفاق على میزانیة ومصادر تمویل خاصة وغیر مرتبطة بالسلطة الوطنیة الفلسطینیة.
- تحدید آلیات لتفعیل دور الشتات الفلسطینی.
- الاتفاق على قانون وآلیات واضحة تختص بالسفارات الفلسطینیة بالخارج.
- إعادة تشکیل الدوائر التابعة لمنظمة التحریر الفلسطینیة بشکل یضمن مهنیتها.
- تشکیل لجنة تحقیق وطنیة لمحاسبة کل من تسبب فی الأحداث الأخیرة، ومن خلال محاکمات عادلة.
وأخیراً فهذا الاجتهاد الشخصی هو لوضع الجمیع أمام استحقاقاتهم، وللخروج من الدائرة المفرغة التی وصلت الیها الأمور داخلیاً، ومحاولة متواضعة وربما تکون فی اللحظات الأخیرة لمنع تکریس الانقسام کأمر واقع على الأرض، لکن وبکل صراحة نقول أن عدم بدء الحوار الآن، وعدم الترفع عن المصالح الأنانیة، ووضع الشروط العجیزیة اعتماداً على وعود هلامیة من المحتل، سیؤدی بنا جمیعاً إلى أمور لا تحمد عقباها.
إن الحل المنشود لا یخص قطاع غزة فقط، وکأن المشکلة بدأت فی شهر حزیران/یونیو الماضی، متناسین تلک الایام السوداء التی مرت على شعبنا منذ اتفاق أوسلو وحتى اللحظة، وکأن الضفة تعیش فی أمن وأمان، بل هو حل یشمل قطاع غزة والضفة الغربیة.
الحل المنشود لا یکون من خلال سیاسات عفا الله عما سلف، لکن وبعد الوصول لاتفاق وطنی شامل یمکن البدء فی محاسبة کل من أوصلنا لتلک الحالة المأساویة، وکل من یحاول حتى اللحظة زیادة شقة الخلاف بین ابناء الوطن الواحد، لیحاسبوا ویعاقبوا ولیکونوا عبرة لمن یعتبر.
البدء فی الحوار والتوصل لاتفاق شامل هو مصلحة للجمیع ولیس منة من طرف لطرف آخر، ولا یجب النظر لدعوات الحوار بأنها تنطلق من موقف ضعف، بل على العکس تماماً ربما تکون المحاولة الأخیرة لرأب الصدع قبل الوصول إلى خلاصات أخرى، ومن منطلق القوة لا الضعف!
هل یا ترى سنصل یوماً إلى اتفاق وطنی شامل للجمیع دون استثناء، یصل بنا الى بر الأمان، وإلى تشکیل جبهة مقاومة موحدة، لنحقق جمیعاً حلمنا بالتحریر والعودة؟
( المقال للدکتور إبراهیم حمّامی )
ن/25