قریة فلسطینیة یتمنى الاحتلال زوالها

یعیش سکان قریة الجبعة الفلسطینیة، الواقعة على ثلاثة تلال بمحاذاة الخط الأخضر والمحتلة عام 1967، ظروفا قاسیة فی ظل الاحتلال الذی طوقها بالاستیطان والجدار وأکمل حصارها من مختلف الجهات.
ولا تتمتع القریة (نحو 20 کیلومترا شمال غرب الخلیل) الآن بما حباها الله به من جمال وخصوبة وخضرة وتاریخ یعود لآلاف السنین، والسبب محاصرتها بمجموعة مستوطنات أهمها مستوطنة بتار عیلیت شمالا، ونحال جبعوت شرقا وغربا، وغوش عتصیون شرقا، والجدار الفاصل وحاجز عسکری وطریق استیطانی یؤدی إلى مدینة بیت شیمش داخل إسرائیل غربا.
وشکل صمود السکان حجر عثرة أمام الاحتلال والمستوطنین، فصمود أهلها ورفضهم عروض الترحیل منع التواصل الاستیطانی بین تجمع مستوطنات عتصیون شرقا والأراضی المحتلة عام 1948 غربا، وزاد من نقمة الاحتلال علیها.
یسکن القریة نحو 950 نسمة یعانون من مضایقات الاحتلال والحصار شبه التام ویخشون عملیة ترحیل قسریة قد یتعرضون لها فی أی وقت بهدف تفریغ المنطقة الوحیدة المأهولة التی یقیمون فیها وتفصل الخط الأخضر (غربا) عن تجمع مستوطنات غوش عتصیون (شرقا).
یقول عضو لجنة مقاومة الجدار فی القریة محمد حمدان إن الاحتلال سعى بکل الوسائل لاقتلاع السکان وترحیلهم "بهدف ربط مستوطنات الضفة بالمدن الإسرائیلیة داخل الخط الأخضر" مستشهدا بتدمیر منزل فوق سیدة ورضیعها عام 1967.
ویضیف حماد أن القریة تعرضت لتهدید صریح، وینقل عن أرییل شارون ندمه –أثناء رئاسته للحکومة الإسرائیلیة قبل سنوات- على عدم تدمیر القریة عند احتلالها.
ویؤکد حماد قلق السکان من عملیة ترحیل حقیقیة قد یتعرضون لها فی أی وقت، خاصة فی حال التوصل إلى حل أو اتفاق بتبادل الأراضی مع السلطة الفلسطینیة.
ویوضح أن جیش الاحتلال بدأ التضییق على القریة منذ احتلالها عام 1967، فهجر غالبیة السکان ولم یبق منهم آنذاک سوى 130 نسمة، والآن یضیق علیهم باقتحام منازلهم وإثارة القلاقل وتغذیة الخلافات الداخلیة بینهم.
ویذکر من وسائل التضییق أیضا تقطیع الأشجار ومصادرة معظم الأراضی لصالح الاستیطان والجدار الفاصل، موضحا أن مساحتها کانت تقدر عام 1967 بنحو 13 ألف دونم، لم یبق منها الآن سوى ثلاثة آلاف دونم تقریبا.
ویشکو حماد من سوء الأوضاع المعیشیة وقلة الخدمات، مبینا أن طلبة المراحل العلیا فی المدارس یسیرون على الأقدام نحو خمسة کیلومترات حتى یصلوا مدارس بلدة صوریف، مشیرا إلى انعدام المواصلات نظرا لإغلاق الاحتلال الشارع الذی یربط القریتین.
ویطالب عضو لجنة الدفاع عن أراضی القریة، الحکومة الفلسطینیة بالالتفات إلى القریة والتخفیف من معاناة سکانها، وتعزیز صمودهم، وتقدیم الحد الأدنى من التعویضات للمتضررین منهم. وینقل عن السکان أملهم بالمساعدة فی التخفیف من آثار الحصار وفتح الطریق الذی یوصل قریتهم ببلدة صوریف.
تعکس مأساة الطفل إبراهیم محمود الهذالین (عامان) الذی توفی قبل نحو أسبوعین نتیجة حروق أصیب بها، حجم المعاناة التی یعیشها السکان نتیجة المضایقات، فالطفل أصیب بحروق جراء سقوط وعاء من العدس على ظهره، ولم یتمکن والده من إنقاذ حیاته.
ویقول والده "نظرا لإغلاق الطریق لأقرب قریة (صوریف) حیث الأطباء، نقلت الطفل إلى إحدى الممرضات فی القریة، فأجرت له الإسعافات الأولیة ونصحتنی بالتوجه إلى أقرب مستشفى فی الخلیل أو بیت لحم".
ویضیف "بسبب بعد المسافة وقلة المواصلات، وصلت إلى مستشفى الخلیل الذی یبعد نحو 20 کیلومترا عن القریة قرابة منتصف اللیل، لکن بعد ساعة فارق الطفل الحیاة وعدت به میتا".
ن/25