العراقیل التی تواجه المساعدات المقدمة لقطاع غزة
قدسنا تسلط الضوء على العراقیل التی تواجه المساعدات المقدمة لقطاع غزة فی ظل عدم وجود مخازن لها
العریش - غزة- تقریر خاص وکالة قدسنا للأنباء
یعیش الفلسطینیون فی قطاع غزة ظروف إنسانیة صعبة للغایة، وذلک بسبب الحصار الإسرائیلی المفروض على القطاع، والعقبات التی تواجه الغزیین من قبل مصر فیما یتعلق بمعبر رفح البرى، فالکثیر من المساعدات التی تصل إلى الغزیین تتلف وتصبح فاسدة بسبب عدم وجود مخازن فی مدینة العریش لها، وفی هذا الصدد تسلط وکالة قدسنا للأنباء الضوء على هذه المساعدات من خلال هذا التقریر.
محمد على حسن 40 عاما مسافر دخل أمس من مدنیة العریش إلى قطاع غزة، ویروى لمراسل وکالة قدسنا للأنباء عن بعض ما شهادة من مواد غذائیة ملقاة على الأرض فقال" الحقیقة نحن نستغرب لما کل هذه المساعدات لا تزال فی العریش من الجانب المصری، لماذا لا تدخل غزة، أکیاس طحین ومعلبات والعدید من المساعدات کلها مکدسة فوق بعضها البعض، وکلها ربما أصبحت تالفة الآن".
بینما قالت المواطنة فتحیة بوادی 50 عاما، ان هذه المساعدات من حق الشعب الفلسطینی ، وعلى المصریین الاهتمام بها سواء بإدخالها إلى غزة أو وضعها فی أمکان جیدة تقیها من الشمس، لأنها یمکن أن تتلف".
یذکر أن عدم وجود مرافق التخزین السلیم فی مدینتی العریش ورفح شمال شرق مصر یمکن أن یعزى جزئیاً لعدم کفاءة أنظمة توصیل المواد الغذائیة وغیرها من المساعدات لقطاع غزة وتعدد العراقیل فی هذا المجال.
وفی شهادة أخرى یقول أحد المواطنین الذین یقومن بعملیة تهریب المواد الغذائیة إلى غزة عبر الأنفاق والذی نتحفظ على ذکر اسمه ونرمز له ب " ع – خ "" أن أکثر المواد التی تصل لغزة یتم تخزینها نادی العریش الریاضی بشکل مهمل دون الاهتمام بصحة تخزینها".
وقد شکلت مدینة العریش الساحلیة محوراً رئیسیاً للمساعدات والهبات القادمة خلال وبعد الهجوم الإسرائیلی (الذی استمر من 27 دیسمبر/کانون الأول 2008 حتى 18 ینایر/کانون الثانی 2009).
وفى ذات السیاق أوضح أحمد عرابی، مدیر عملیات الإغاثة بجمعیة الهلال الأحمر المصری خلال الفترة بین یونیو/حزیران 2008 وأبریل/نیسان 2009 أن المستودع الوحید الذی یعمل فی مدینة العریش تم استئجاره جزئیاً من قبل برنامج الأغذیة العالمی، ولم یتم تخصیص سوى جزء صغیر من مساحته لجمعیة الهلال الأحمر المصری. کما لا یتم تخزین جمیع المساعدات الغذائیة الواصلة إلى مدینة العریش بشکل ملائم مما یؤدی إلى إهدارها.
وتعمل جمعیة الهلال الأحمر المصری بشراکة وثیقة مع برنامج الأغذیة العالمی لتسهیل مرور بضائع منظمات الأمم المتحدة والمنظمات غیر الحکومیة العاملة فی قطاع غزة.
من جهته، قال بکیم محمودی، رئیس الخدمات اللوجستیة ببرنامج الأغذیة العالمی فی الأرض الفلسطینیة المحتلة، وفق ما أفادت به شبکة الأنباء الإنسانیة (إیرین)، الخدمة الإخباریة التابعة لمکتب الأمم المتحدة لتنسیق الشؤون الإنسانیة (أوتشا). أن البرنامج لم یصادف أی مشاکل تخزین أو وصول فی مدینة العریش. وجاء فی قوله: "لقد قمنا بشراء مساعداتنا الغذائیة من السوق المحلیة فی مصر وخزناها فی مخزننا بمدینة العریش. وقد وصلت إلى غزة بنجاح". وأضاف محمودی أنه لم یعد لبرنامج الأغذیة العالمی أیة معونات غذائیة فی مدینة العریش بحدود منتصف مایو/أیار.
وتتمثل بعض الأسباب الأخرى للتأخیر وصعوبات توصیل المساعدات إلى غزة فی الإغلاق المتکرر وغیر المجدول لمعبر رفح مما یضطر بعض المساعدات لسلوک طرق طویلة وغیر مباشرة.
وقد کان لا بد من نقل الکمیات الکبیرة من المساعدات - القادم معظمها من الدول العربیة والإسلامیة - بالشاحنات من مدینة العریش إلى العوجة (50 کلم من رفح على الحدود بین غزة ومصر) ومنها إلى معبر کرم أبو سالم (کیرم شالوم) بإسرائیل ثم إلى غزة، وفقاً للتحدیث الإنسانی الإقلیمی لشهر ینایر/کانون الثانی 2009 الصادر عن مکتب الأمم المتحدة لتنسیق الشؤون الإنسانیة (أوتشا).
وقد أصبح معبر کرم أبو سالم المدخل الرئیسی للمساعدات القادمة من إسرائیل ولکنه لم یصمم للتعامل مع کمیات کبیرة من المساعدات کما أن القیود الإسرائیلیة الصارمة تحد من سرعة الإجراءات على المعبر.
وقد تم استخدام معبر رفح بشکل رئیسی لمرور المساعدات الطبیة فی حین استُخدِم معبر کرم أبو سالم للأغذیة والمساعدات الأخرى.
ویمکن التعرف على بعض المشاکل الأخرى التی تعیق تقدیم المعونة لقطاع غزة من خلال التحدیث الإنسانی الإقلیمی لشهر ینایر/کانون الثانی 2009 الصادر عن مکتب الأمم المتحدة لتنسیق الشؤون الإنسانیة (أوتشا)، والذی جاء فیه أن "الکثیر من التبرعات وصلت إلى مدینة العریش دون وثائق صحیحة أو إشارة واضحة إلى المعنی باستلامها، مما صعب تمریرها إلى غزة. فمنذ 31 ینایر/کانون الثانی، کان 3,000 طن من الإمدادات الإنسانیة التی عبرت الحدود إلى إسرائیل عبر العوجة تخزن فی کرم أبو سالم بسبب عدم وجود تصریح لدخولها إلى غزة. وقد دفع هذا الأمر سلطات الحدود فی العوجة إلى عدم قبول الشحنات الإنسانیة غیر المرفقة بوثائق صحیحة. وبسبب ذلک لم یجد العدید من سائقی الشاحنات خیارات أخرى سوى العودة إلى العریش وتفریغ شحناتهم فی ملعب البلدیة، مما تسبب فی تکدس حوالی 12,000 طن متری من الإمدادات الإنسانیة فی الملعب".
ویقدر عرابی وفق ما قالته " أوتشا" أنه منذ انتهاء الهجوم الإسرائیلی على قطاع غزة یوم 18 ینایر/کانون الثانی 2009، تم التخلص من حوالی 100 طن من المعونات الغذائیة الموجهة إلى قطاع غزة فی القمامة حیث کان من الصعب تخزین قسم کبیر من المواد الغذائیة ففسدت بسبب التعرض لأشعة الشمس والمطر. وأشار إلى أن المساعدات المذکورة "رُمیت فی أکوام القمامة ومن المرجح أن البدو جمعوها لاستخدامها کعلف لقطعان ماشیتهم".
من جهته، أفاد محمود أبو المجد، مدیر مکتب جمعیة الهلال الأحمر المصری فی مدینة العریش، أن معظم المساعدات التی رُمیت فی القمامة کانت جزءاً من القافلة اللیبیة. وکانت حوالی 100 شاحنة محملة بالمساعدات قد وصلت من لیبیا إلى مدینة العریش خلال الهجوم الإسرائیلی ولکن الکثیر منها کان یفوق الوزن المسموح به وبالتالی مُنِعت من دخول غزة. وقد تم تحویل بعض من هذه المساعدات باتجاه معبر العوجة الحدودی بعد إعادة تعلیبه وفقاً لمعاییر الوزن المنصوص علیها. وأضح أبو المجد أن الکمیة غیر المستخدمة من المساعدات الغذائیة والطبیة تکاد تکون "غیر جدیرة بالذکر".
وقد یکون من الصعب الحصول على صورة أوضح لمصیر المساعدات فی غزة فی ظل منع الصحفیین من الوصول إلى میناء ومطار العریش حیث یعتقد أن هناک المزید من المساعدات المخزنة.