الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

سقوط الجدار .. واقع جدید

القضایا المتعلقة بالشرق الأوسط کانت محدودة فی صحف لندن التی رکز عدد منها أساسا، على تداعیات عبور الفلسطینیین من سکان قطاع غزة إلى مصر ومغزاه، کما تناولت مواضیع تتعلق بالمأساة الإنسانیة للاجیئن العراقیین فی الأردن، والانتخابات الأمیرکیة، وتهریب الأطفال وبیعهم فی بریطانیا.

صحیفة "الأبزرفر" خصصت صفحتین، قدمت عبرهما صورة تفصیلیة للاحتمالات السیاسیة فی الشرق الأوسط فی ضوء الموقف الجدید الذی نشأ بعد ما أطلقت علیه الصحیفة "سقوط جدار غزة".

وجاء عنوان التحقیق المنشور، بقلم بیتر بومونت، "سقوط جدار غزة یغیر خریطة الشرق الأوسط إلى الأبد".

یستعرض الکاتب فی تحقیقه المصور تطور الأحداث عند الحدود المصریة مع قطاع غزة خلال الساعات الأربع والعشرین الأخیرة، مشیرا إلى تحول "العبور الفلسطینی" من "استخدام الأقدام إلى استخدام السیارات والشاحنات لنقل "الماشیة والمولدات الکهربائیة والدیزل وکمیات کبیرة من الجزر والخضراوات".

ویصف الکاتب کیف نشأ ازدحام فی حرکة السیر فی الطریق الجدید منذ أن تمکن نشطاء فی حرکة حماس من فتح طرق جدیدة عبر الحدود مع مصر فی منطقة طریق فیلادلفیا لیل الجمعة الماضی.

ویقول "إن ما بدا فی البدایة، یوم الأربعاء، ظاهرة مؤقتة وإن کانت کبیرة الحجم، الأمر الذی دعا شرطة مکافحة الشغب المصریة إلى محاولة اغلاق الحدود فی وقت لاحق من الأسبوع الماضی، سرعان ما تحول بشکل صاخب وبطریقة لا یمکن وقفها، إلى إعادة ترتیب للحقائق فی الشرق الأوسط".

ویؤکد أنه "حتى على الرغم من عدم الوضوح المحیط بالموقف، وبوجه خاص بانعکاسات ما حدث بالنسبة لغزة على المدى الطویل، فإن هذا لا یغیر من هذه الحقیقة الأساسیة".

یستعرض التحقیق تفصیلا، من خلال مقابلات مع عدد من المحللین، الوضع الخاص الذی تعیشه غزة منذ بدء الانتفاضة الثانیة عام 2000، مما أدى إلى إغلاق إسرائیل سوق العمل فی أراضیها أمام الشباب الفلسطینی وما أدى إلیه ذلک من بطالة وتدهور فی الوضع الاقتصادی وارتفاع فی نسبة الطلاق وغیر ذلک من المشاکل الاجتماعیة التی لا یمکن حلها بین لیلة وضحاها.

ویحذر الکاتب من أن التدفق الأخیر لفلسطینیی قطاع غزة، إذا کان یعبر عن رغبتهم فی الحریة، فلن یستطیع حل مشاکلهم، بل ربما یفاقمها على المدى البعید.

ویتناول التحقیق الوضع الذی آل إلیه حال التجار فی القطاع، وهم یرون الأموال التی کان من الطبیعی أن ینفقها الفلسطینیون فی الداخل، تذهب إلى الجانب المصری. ویقول إن تجار غزة أصبحوا حالیا على وشک الافلاس.

ویرى أنه بینما یمکن لحرکة حماس التی تسیطر على القطاع أن تفخر بقدرتها على نسف الحدود مع مصر، وبالتالی توجیه الازدراء لإسرائیل وتحدی الحصار الذی فرضته، ربما یکون تصور مستقبل غزة قد أصبح اکثر تعقیدا.

ویرى الکاتب أیضا أن الرئیس حسنی مبارک الذی رضخ تحت ضغوط الشارع العربی الغاضب وسمح للفلسطینیین بعبور الحدود، لن یکون قادرا على التعامل مع حماس فی حین یعتقل نظامه، بشکل روتینی، أعضاء فی جماعة الإخوان المسلمین.

ولا یستطیع مبارک أیضا أن یوفر فرص عمل فی مصر لفلسطینیی غزة کبدیل عن العمل داخل اسرائیل.

وستجد اسرائیل نفسها فی موقف مشابه، "رغم أن بعض السیاسیین الإسرائیلیین أشاروا إلى أن سقوط رفح قد یتیح الفرصة لکی تتحمل مصر مسؤولیة غزة"، إلا أن "حماس لن توقف نضالها ضد الاحتلال".

ویخلص الموضوع إلى أن غزة ستظل کما کانت قبل سقوط الجدار: منطقة کارثة اقتصادیة، تتوفر فیها السجائر والوقود واللحوم حالیا، ولکن ماذا بعد أن تنتهی القصة؟

فی الصحیفة نفسها تکتب الکاتبة المصریة المقیمة فی بریطانیا " أهداف سویف " مقالا بعنوان "هذا الخروج یواجهنا نحن المصریین بتهدید، ویتیح لنا فرصة".

تبدأ أهداف مقالها بالإشارة إلى رسالة بعث بها الاسبوع الماضی الطبیب الفلسطینی إیاد سراج مدیر برنامج الصحة النفسیة فی غزة، قال فیها إن "السیاسة الإسرائیلیة الرامیة إلى دفع مصر لفتح حدود رفح مع القطاع، سیسمح لإسرائیل بإغلاق حدودها مع القطاع، وبذلک یمکنها فصل غزة عن الضفة الغربیة وتدمیر مشاریع السلام.. فانتظروا الخروج الکبیر"!

وتضیف إن عدد الفلسطینیین الذین دخلوا مصر حتى مساء الجمعة بلغ 700 ألف شخص. وقد اصبح الإسرائیلیون یتحدثون علانیة عن تحمیل مصر مسؤولیة غزة مع استمرارهم فی الوقت نفسه فی توجیه اللوم لمصر "لفشلها فی التحکم فی الحدود طبقا للاتفاقات الموقعة".

وتقول الکاتبة إن الحکومة المصریة تجد نفسها فی مازق، فإذا ترکت الفلسطینیین یروحون ویجیئون فسوف تتهمها الولایات المتحدة واسرائیل بعدم الوفاء بالاتفاقات. أما إذا دفعت الفلسطینیین بالقوة خارج حدودها وأعادت بناء الحدود واغلاقها، "فسیکون شکلها قبیحا، لیس فقط امام المصریین الذین یتظاهرون بعشرات الآلاف تأییدا للفلسطینیین، بل للناس فی کل مکان، الذین -تابعوا برعب متزاید- مأساة غزة".

ویحذر المقال من أن الوضع الذی یواجهه الرئیس حسنی مبارک داخل مصر حالیا قد أصبح حرجا، مع الاتهامات التی یوجهها المعارضون إلى الحکومة بانتهاک حقوق الانسان والفشل الاقتصادی،" وهو ما یجعل أی تصرف سیئ من جانبها فیما یتعلق برفح یمکن ان یقوض شرعیتها".

وتخلص إلى أن أمام مبارک فرصة للخروج من المأزق فی حال أمکنه اقناع حرکة فتح بالتفاوض مع حماس وبالتالی إعادة ربط الضفة وغزة معا، وهنا- تقول الکاتبة- "یمکنه حقا أن یدفع المنطقة نحو السلام".

م/ن/25


| رمز الموضوع: 139405







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)