مسلسل الهولوکوست ضد الفلسطینیین
ظل الهولوکوست حتى عهد قریب مصطلح لا یخرج عن معناه الضیق الذی یتعلق بالمحرقة النازیة ضد یهود شرق ووسط أوروبا خلال الحرب العالمیة الثانیة، بید أن تهدید نائب وزیر الدفاع الإسرائیلی الجمعة الماضیة بمحرقة على قطاع غزة أماط اللثام عما یحدث فعلیًا من إبادة جماعیة إسرائیلیة لسکان القطاع.
الهولوکوست الإسرائیلی ضد الفلسطینیین لم یبدأ خلافًا لما یعتقده البعض الأسبوع الماضی، ولم یأت کما یزعم البعض ردًا على صواریخ "حماس" التی تسهدف "سیدروت"، المحرقة الإسرائیلیة موجودة قبل عشرات السنین وقبل عقود طویلة من صواریخ "حماس" وتمثلت بعشرات المذابح التی ارتکبتها العصابات الصهیونیة ضد الفلسطینیین والتی بدأت تتخذ شکل الإبادة الجماعیة منذ العام 1947.
والواقع أن الهولوکوست الإسرائیلی بمعناه المرعب الذی یعتبر مرحلة متقدمة لمعنى إرهاب الدولة لم یستهدف الفلسطینیین فقط عندما استهدف جنسیات أخرى بما فی ذلک العرب والبریطانیین والأمریکیین وغیرهم.
ویستند هذا النوع من الإرهاب المقنن إلى منطلقات دینیة وفتاوى حاخامیة تتسم بالکراهیة والبغضاء والحقد (على الفلسطینیین بشکل خاص) والتمییز العنصری والإبادة الجماعیة الموجهین ضدهم.
فتاوى حاخامیة..
فی کتابه عن الأصولیة الیهودیة فی إسرائیل الصادر عام1999 انتقد إسرائیل شاحاک الفتاوى الدینیة التی یصدرها حاخامات الیهود التی تبرر القتل والعنف، فیذکر أنه خلال الغزو الإسرائیلی للبنان عام 1982 حثت الحاخامیة العسکریة الجنود الإسرائیلیین علی إعادة فتح أرض إسرائیل والقضاء على السکان غیر الیهود، ونشرت خریطة للبنان غیرت فیها أسماء القری اللبنانیة بأسماء أخرى مستوحاة من الدیانة الیهودیة، ویذهب بعض الحاخامات إلى أن قواعد العدالة والفضیلة لا تنطبق علی الیهود لأنهم شعب یتمیز بخصوصیة أبدیة.
وتمیز الفتاوى الدینیة الیهودیة بشکل واضح وفقا لهذا الکتاب بین الروح الیهودیة والروح غیر الیهودیة، وبین الجسد الیهودی والجسد غیر الیهودی. فالأولی من روح الله وهی خیرة، بینما الثانیة هی رجس من عمل الشیطان، وأنه رغم تشابه الجسدین، أی الیهودی وغیر الیهودی، فإنهما وفقًا لهذه الف تاوى یتشابهان ظاهریًا، والفارق کبیر بینهما، ذلک أن غیر الیهودی کالماشیة والبهائم، "فی حین أن الجسد الیهودی متوحد مع الرب"!
ویستند العنف الإسرائیلی – إضافة إلى ما سبق - علی کم هائل من التأویلات والتفسیرات المختلفة للدیانة الیهودیة، وکم هائل من الفتاوى الدینیة التی تبرر القتل والعنف ضد غیر الیهود وبالذات الفلسطینیین، وتبرر ذلک علی أسس عنصریة واضحة بعضها ذو جذور وضعیة فلسفیة غربیة وبعضها الآخر ذو جذور دینیة توراتیة.
فخلال سنوات الانتفاضة لاحظ أحد المعلقین الإسرائیلیین کثرة عدد الفلسطینیین الذین أصیبوا بإصابات أفضت إلى الإعاقة، کأن یفقد أحد الفلسطینیین عینه أو یده أو ساقه، وخلص إلى أن هذه الإصابات متعمدة ومقصودة لزیادة عدد الفلسطینیین غیر القادرین على حمل السلاح أو المشارکة فیما بعد فی أعمال الاحتجاج والمقاومة.
العنف الصهیونی والإسرائیلی – انطلاقًا مما سبق- عنف تکوینی بنائی هیکلی مرتبط ببنیة إسرائیل ومشروعها الاستیطانی الإحلالی فی فلسطین، عنف یعید إنتاج نفسه عن طریق المؤسسة العسکریة والنخبة المحترفة من العسکریین التی تقوم علیها.
وقد عرفت إسرائیل خلال مراحل تکوینها عدة تنظیمات إرهابیة من أهمها:
الهاجاناة – الأرجون – شتیرن – بیتار - الموساد – جهاز الشین بیت - حرکة السنهدرین الیهودیة - حرکة کاخ - حرکة کاها نا حی - حرکة غال (إنقاذ إسرائیل)- منظمة الإرهاب ضد الإرهاب - حرکة آیال (التنظیم الیهودی المحارب)- حرکة هذه أرضنا- لجنة أمن الطرقات - جماعة أمناء الهیکل. ولا یزال بعض هذه التنظیمات یمارس جرائمه حتى الآن، مثل حرکة "کاخ"، حرکة "کاهانا حی"، وجماعة أمناء الهیکل جنبًا إلى جنب مع إرهاب الدولة الذی یمارسه جیش الدفاع الإسرائیلی مستخدمًا ترسانة أسلحته المتطورة ضد الفلسطینیین العزل وحیث وصل هذا الإرهابإلى ذروته خلال العشرة أشهر الأخیرة متخذًا شکل الإبادة الجماعیة أو الهولوکوست ضد أهالی غزة کما جاء على لسان أحد مجرمی الحرب الإسرائیلیین.
یمکن تقسیم الإرهاب الإسرائیلی الذی اتخذ شکل الهولوکوست من خلال المذابح الجماعیة إلى إرهاب موجه ضد الفلسطینیین وآخر موجه ضد العرب وثالث موجه إلى غیر العرب.
1- الهولوکوست الصهیونی الموجه ضد الفلسطینیین
شکلت العصابات الیهودیة الإرهابیة (الهاجاناة ، شتیرن، الأرجون، والبالماخ) فی فترة الانتداب البریطانی على فلسطین نموذجًا للإرهاب الحدیث بشتى صوره وأشکاله عندما مارست الاغتیال السیاسی وتدمیر المبانی والمنشآت الحکومیة والمدنیة، وخطف الطائرات المدنیة وإسقاطها، وزرع العبوات الناسفة فی الأسواق ودور السینما، واستخدام الطرود الملغومة، وتدبیر وتنفیذ المذابح ضد المدنیین، بما فی ذلک الأطفال والشیوخ والنساء منذ أربعینیات القرن الماضی.
وقد اعترف رئیس وزراء إسرائیل الأسبق إسحاق شامیر بإرهابیة الدولة العبریة بقوله: "لا الأخلاق الیهودیة ولا التقالید الیهودیة تحرمنا من أو تجردنا من استخدام الإرهاب کإحدى وسائل الصراع، وأکثر من ذلک فإن الإرهاب له دور عظیم وکبیر لنستخدمه فی حربنا ضد المحتلین" (یقصد البریطانیین).
وقد ظل الفلسطینیون مستهدفین طیلة نصف قرن من قبل الإرهاب الإسرائیلی بکافة أنواعه ووسائله.
1- مذبحة بلدة الشیخ 31/12/1947
اقتحمت عصابات الهاغاناه قریة بلدة الشیخ (یطلق علیها الیوم اسم تل غنان) ولاحقت المواطنین العزل، وقد أدت المذبحة إلى مصرع العدید من النساء والأطفال حیث بلغت حصیلة المذبحة نحو 600 شهید وجدت جثث غالبیتهم داخل منازل القریة.
2- مذبحة قریة أبو شوشة 14/5/1948
بدأت المذبحة فی قریة أبو شوشة القریبة من قریة دیر یاسین فجرا، راح ضحیتها 50 شهیدا من النساء والرجال والشیوخ والأطفال ضربت رؤوس العدید منهم بالبلطات، وقد أطلق جنود لواء جعفاتی الذی نفذ المذبحة النار على کل شیء یتحرک دون تمییز.
3- مذبحة الطنطورة 22/8/1948
فی اللیلة الواقعة بین 22 و 23 أیار 1948 هاجمت کتیبة 33 التابعة للواء الکسندرونی (دعیت آنذاک باسم "کتیبة السبت" لأنه کان یلقى على عاتقها فی کل نهایة أسبوع, إبان حرب العام 1948، مهمة جدیدة) قریة طنطورة. احتلت القریة بعد عدة ساعات من مقاومة أهالی البلده لقوات الاحتلال الإسرائیلی، وفی ساعات الصباح الباکر کانت القریة کلها قد سقطت فی ید جیش الاحتلال، وانهمک الجنود الإسرائیلیون لعدة ساعات فی مطاردة دمویة شرسة لرجال بالغین بهدف قتلهم. فی البدایة أطلقوا النار علیهم فی کل مکان صادفوهم فیه فی البیوت فی الساحات وحتى فی الشوارع. وبعد ذلک أخذوا یطلقون النار بصورة مرکزة فی مقبرة القریة.
وقد خلفت المذبحة أکثر من 90 قتیلا دفنوا فی حفرة کبیرة وفی المقبرة التی دفنت فیها جثث القتلى من أهالی القریة فی قبر جماعی, أقیمت لاحقا ساحة لوقوف السیارات کمرفق لشاطئ "دور" على البحر المتوسط جنوبی حیفا.
4- مذبحة دیر یاسین 9 ابریل 1948
یکفی القول للتدلیل على هذه الحقیقة التاریخیة ما حدث لهم عام 1948 على ید الصهاینة "الذین سیطروا على فلسطین فی هذا العام وطردوا حوالى 700 ألف فلسطینی من بیوتهم من خلال أعمال الإرهاب التی مورست ضدهم على نطاق واسع، مثل تلک المذبحة التی راح ضحیتها (254) فلسطینیًا فی دیر یاسین غالبیتهم من الشیوخ والنساء والأطفال، وهی تلک المذبحة الوحشیة التی ارتکبت بدم بارد تمیزت به جرائم الیهود من خلال بقر بطون النساء الحوامل، وبعد أن قاموا بإراقة دماء أولئک الأبریاء أشاعوا على الملأ تفاصیل تلک المذبحة الرهیبة، لدفع أکبر عدد ممکن من الفلسطینیین إلى الفرار تارکین بیوتهم وأملاکهم وأموالهم التی لم یسمح لهم حتى الآن بالعودة إلیها". وهنالک وثیقة أشار إلیها هالیفی تؤکد أن مجزرة دیر یاسین التی نفذتها قوات "شتیرن" بقیادة مناحیم بیجن و"الأرجون" التی کان شامیر رجلها الثانی تمت وفق الأوامر التی صدرت لهما من منظمة "الهاجاناة".
وأهمیة هذا الاعتراف الذی أدلى به العقید مائیر بعیل لصحیفة "یدعوت أحرونوت" فی 4/4/72 تکمن فی أن الهاجاناة لم تکن تعتبر منظمة إرهابیة فی نظر حکومة الانتداب البریطانی وإنما منظمة شرعیة قابلة للتعامل معها . وهذا یوصلنا إلى إدراک أن تمثیلیة الإرهاب الصهیونی لخداع الرأی العام العالمی تتمحور حول فریق مخطط وفریق منفذ وان الفریق المخطط یتظاهر بشجبه للعملیة والتبرؤ منها. ولأنه یکون دائما فی السلطة فإنه لا ینتهی إلى توقیع أی عقوبة على المنفذین.
5- مذبحة الدوایمة 29 أکتوبر 1948
هاجمت الکتیبة 89 التابعة لمنظمة لیحی وبقیادة موشیه دیان قریة الدوایمة الواقعة غرب مدینة الخلیل. ففی منتصف اللیل حاصرت المصفحات الصهیونیة القریة من الجهات کافة عدا الجانب الشرقی لدفع سکانها إلى مغادرة القریة إذ تشبثوا بالبقاء فیها رغم خطورة الأوضاع فی أعقاب تداعی الموقف الدفاعی للعرب فی المنطقة.
وقام المستوطنون الصهاینة بتفتیش المنازل واحداً واحداً وقتلوا کل من وجدوه بها رجلاً أو امرأة أو طفلاً، کما نسفوا منزل مختار القریة. إلا أن أکثر الوقائع فظاعة کان قتل 75 شیخاً مسناً لجأوا إلى مسجد القریة فی صباح الیوم التالی وإبادة 35 عائلة فلسطینیة کانت فی إحدى المغارات تم حصدهم بنیر ان المدافع الرشاشة. وبینما تسلل بعض الأهـالی لمنازلهـم ثانیة للنزول بالطعـام والملابس جرى اصطیادهم وإبادتهم ونسف عدد من البیوت بمن فیها.
وقد حرص الصهاینة على جمع الجثث وإلقائها فی بئر القریة لإخفاء بشاعة المجزرة التی لم یتم الکشف عن تفاصیل وقائعها إلا عندما نشرت صحیفة حداشوت الإسرائیلیة تحقیقاً عنها. ویُلاحَظ أن الصهاینة أقاموا على أرض القریة المنکوبة مستعمرة أماتزیا.
6- مذبحة یازور دیسمبر 1948
کثَّف الصهاینة اعتداءاتهم المتکررة على قریة یازور الواقعة بمدخل مدینة یافا. إذ تکرر إطلاق حراس القوافل الإسرائیلیة على طریق القدس/تل أبیب للنیران وإلقائهم القنابل على القریة وسکانها. وعندما اصطدمت سیارة حراسة تقل سبعة من الصهاینة بلغم قرب یازور لقی رکابها مصرعهم وجَّه ضابط عملیات منظمة الهاجاناه ییجال یادین أمراً لقائد البالماخ ییجال آلون بالقیام بعملیة عسکریة ضد القریة وبأسرع وقت وفی صورة إزعاج مستمر للقریة تتضمن نسف وإحراق المنازل واغتیال سکانها. وبناءً علیه نظمت وحدات البالماخ ولواء جبعاتی مجموعة عملیات إرهابیة ضد منازل وحافلات یستق لها فلسطینیون عُزَّل. وتوجت العصابات الصهیونیة نشاطها الإرهابی فی 22 ینایر 1949، أی بعد 30 یوماً من انفجار اللغم فی الدوریة الإسرائیلیة، فتولى إسحق رابین (وکان آنذاک ضابط عملیات البالماخ) قیادة هجوم مفاجئ وشامل على القریة عند الفجر، ونسفت القوات المهاجمة العدید من المنازل والمبانی فی القریة وبینها مصنع للثلج. وأسفر هذا الاعتداء عن مقتل 15 فلسطینیاً من سکان القریة لقی معظمهم حتفه وهم فی فراش النوم.
وتکمن أهمیة ذکر مذبحة یازور فی أن العدید من الشخصیات "المعتدلة" بین أعضاء النخبة الحاکمة فی إسرائیل اشترکوا فی هذه الجریمة. کما أن توقیت تنفیذ المذبحة یأتی عقب قیام الدولة. ولم یُکشف عن تفاصیل هذه المذبحة إلا عام 1981.
7- مذبحة شرفات 7 فبرایر 1951
فی الثالثة من صبیحة یوم 7 فبرایر عام 1951 وصلت ثلاث سیارات من القدس المحتلة إلى نقطة تبعد ثلاثة کیلو مترات ونصف عن خط السکة الحدیدیة جنوب غرب المدینة وتوقفت حیث ترجل منها نحو ثلاثین جندیاً واجتازوا خط الهدنة وتسلقوا المرتفع باتجاه قریة شرفات الواقعة فی الضفة الغربیة والمطلة على القدس بمسا فة تبعد نحو خمسة کیلو مترات.
وقطع هؤلاء الجنود الأسلاک الشائکة المحیطة بالمدینة وأحاطوا ببیت مختار القریة، ووضعوا عبوات ناسفة فی جدرانه وجدران البیت المحاذی له، ونسفوهما على من فیهما، وانسحبوا تحت حمایة نیران زملائهم التی انصبت بغزارة على القریة وأهلها. وأسفرت هذه المذبحة عن سقوط عشرة من القتلى: شـیخین وثلاث نسـاء وخمسة أطفال، کما أسفرت عن وقوع ثمانیة جرحى جمیعهم من النساء والأطفال.
8- مذبحة بیت لحم 26 ینایر 1952
فی لیلة ذکرى میلاد السید المسیح علیه السلام لدى الطوائف المسیحیة الشرقیة، 26 ینایر 1952، قامت دوریة إسرائیلیة بنسف منزل قریب من قریة بیت جالا على بُعد کیلو مترین من مدینة بیت لحم وأدى ذلک إلى استشهاد رب المنزل وزوجته.
وفی الوقت نفسه اقتربت دوریة أخرى من منزل آخر، على بُعد کیلو متر واحد شمالی بیت لحم قریباً من دیر الروم الأرثوذکسی فی مار إلیاس، وأطلقت هذه الدوریة النار على المنزل وقذفته بالقنابل الیدویة فقُتل صاحبه وزوجته وطفلان من أطفالهما وجُرح طفلان آخران.
ودخلت دوریة ثالثة فی اللیلة نفسها الأرض المنزوعة من السلاح فی قطاع اللطرون، واجتازت ثلاثة کیلو مترات إلى أن أصبحت على بُعد خمسمائة متر من قریة عمواس فأمطرتها بنیران غریرة.
9- مذبحة قریة فلمة 29 ینایر 1953
هاجمت سریة معززة قوتها بین 120 إلى 130 جندیاً قریة فلمة العربیة الواقعة فی الضفة الغربیة، ودکت القریة بمدافع الهاون حیث هدمت بعض بیوتها وخلفت تسعة شهداء بین العرب فضلاً عن أکثر من عشرین جریحاً.
10- مذبحة مخیم البریج 28 أغسطس 1953
هاجمت قوات الجیش الإسرائیلی مخیم البریج الفلسطینی فی قطاع غزة حیث قتلت 20 شهیداً وجُرح 62 آخرون
11- مذبحة قلقیلیة 10 أکتوبر 1953
حرص أهل قلقیلیة على جمع المال وشراء أسلحة وذخیرة للجهاد ضد الصهاینة، ولم تنقطع الاشتباکات بینهم وبین عدوهم. ولم یکتم الإسرائیلیون غضبهم من فشلهم فی کسر شوکة سکان القریة، حتى أن موشیه دیان قال فی اجتماع له على الحـدود إثر اشـتباک فی یونیه 1953: "سأحرث قلقیلیة حرثاً".
وفی الساعة التاسعة من مساء العاشر من تشرین 1/أکتوبر عام 1953 تسللت إلى قلقیلیة مفرزة من الجیش الإسرائیلی تقدَّر بکتیبة مشاه وکتیبة مدرعات تساندهما کتیبتا مدفعیة میدان ونحو عشر طائرات مقاتلة، فقطعت أسلاک الهاتف ولغمت بعض الطرق فی الوقت الذی احتشدت فیه قوة کبیرة فی المستعمرات القریبة تحرکت فی الساعة العاشرة من مساء الیوم نفسه وهاجمت قلقیلیة من ثلاثة اتجاهات مع ترکیز الجهد الأساسی بقوة کتیبة المدرعات على مرکز الشرطة فیها. لکن الحرس الوطنی تصدى بالتعاون مع سکان القریة لهذا الهجوم وصمدوا بقوة وهو ما أدَّى إلى إحباطه وتراجُع المدرعات. وبعد ساعة عاود المعتدون الهجوم بکتیبة المشاه تحت حمایة المدرعات بعد أن مهدوا للهجوم بنیران المدفعیة المیدانیة، وفشل هذا الهجوم أیضاً وتراجع العدو بعد أن تکبد بعض الخسائر.
شعر سکان القریة أن هدف العدوان هو مرکز الشرطة فزادوا قوتهم فیه وحشدوا عدداً کبیراً من الأهالی المدافعین هناک. ولکنهم تکبدوا خسائر کبیرة عندما عاودت المدفعیة القصف واشترکت الطائرات فی قصف القریة ومرکز الشرطة بالقنابل. وفی الوقت نفسه هاجم العدو الإسرائیلی مرة ثالثة بقوة وتمکَّن من احتلال مرکز الشرطة ثم تابع تقدُّمه عبر الشوارع مطلقاً النار على المن ازل وعلى کل من یصادفه. وقد استُشهد قرابة سبعین من السکان ومن أهل القرى المجاورة الذین هبوا للنجدة، هذا فضلاً عن الخسائر المادیة الکبیرة.
وکانت وحدة من الجیش الأردنی متمرکزة فی منطقة قریبة من قلقیلیة فتحرکت للمساعدة فی التصدی للعدوان غیر أنها اصطدمت بالألغام التی زرعها الصهاینة فتکبدت بعض الخسائر، وقد قصفت المدفعیة الأردنیة العدو وکبدته بعض الخسائر، ثم انسحب الإسرائیلیون بعد أن عاثوا بالقریة فساداً وتدمیراً.
12- مذبحة قبیة 15 أکتوبر 1953
فی کتاب صدر فی تل أبیب عام 1969 باللغة العبریة یرصد مؤلفه "یوری فلشتین" العملیات التی قامت بها "الفرقة 101"الشهیرة المتخصصة بتدمیر القرى العربیة خارج حدود إسرائیل. وکان قائدها (أریل شارون) ونائبه شالوم بوم الذی یحکى عنه فی إسرائیل أنه أجهز على الجنود المصریین الجرحى فی مستشفى شرم الشیخ العسکری عام 1956. وقد قامت هذه الوحدة بسلسلة من العملیات الإرهابیة خلال العام 1953 بلغت ذروتها بمذبحة "قبیة" القریة الفلسطینیة التی تقع فی الضفة الغربیة.
وقد تذرعت إسرائیل فی البدایة بأن الهجوم یأتی انتقاماً لمقتل امرأة یهودیة وطفلها. کما مارست الخداع بادعائها أن مرتکبی المذبحة هم من المستوطنین الصهاینة ولیسوا قوات نظامیة. إلا أن مجلس الأمن الذی أدان الجرم الصهیونی قد اعتبره عملاً تم تدبیره منذ زمن طویل، وهو الأمر الذی أیدته اعترافات بعض القیادات الصهیونیة/الإسرائیلیة فیما بعد.
وأسفرت المذبحة عن سقوط 69 قتیلاً بینهم نساء وأطفال وشیوخ، ونسف 41 منزلاً ومسجد وخزان میاه القریة فی حین أُبیدت أُسر بکاملها مثل عائلة عبد المنعم قادوس المکونة من 12 فرداً.
وتُعَد مذبحة قبیة علامة بارزة فی انتهاک إسرائیل للقانون والأعراف الدولیة فضلاً عن حقوق الإنسان، ونموذجاً سافراً لسیاستها الهادفة إلى مطاردة الشعب الفلسطینی واقتلاعه بتفریغ مناطق الهدنة عام 1948.
13- مذبحة نحالین 29 مارس 1954
قامت قوة من الجیش الإسرائیلی مؤلفة من 300 جندی باجتیاز خط الهدنة وتوغلت فی أراضی الضفة الغربیة مسافة أربعة کیلو مترات حتى وصلت إلى قریة نحالین بالقرب من بیت لحم، حیث ألقت کمیة من القنابل على تجمعات السکان وبثت الألغام فی بیوت القریة وفی المسجد الجامع. وأسفرت هذه المذبحة عن استشهاد أحد عشر عربیاً وجُرح أربعة عشر آخرون.
14- مذبحة دیر أیوب 2 نوفمبر 1954
فی الساعة العاشرة من صباح ذلک الیوم خرج ثلاثة أطفال من قریة "یالو" الغربیة لجمع الحطب، تراوحت أعمارهم بین الثامنة والثانیة عشرة، وعند وصولهم إل ى نقطة قریبة من دیر أیوب على بُعد نحو أربعمائة متر من خط الهدنة فاجأهم بعض الجنود الإسرائیلیین فولت طفلة منهم هاربة فأطلق الجنود النار علیها وأصابوها فی فخذها، لکنها ظلت تجری إلى أن وصلت إلى قریتها وأخبرت أهلها.
أسرع أهل الطفلین المتبقین إلى المکان المذکور فشاهدوا نحو اثنى عشر جندیاً إسرائیلیاً یسوقون أمامهم الطفلین باتجاه بطن الوادی فی الجنوب حیث أوقفوهما وأطلقوا علیهما النار ثم اختفوا وراء خط الهدنة. وقد توفی أحد الطفلین لتوه، بینما ماتت الطفلة الأخرى صبیحة الیوم التالی فی المستشفى الذی نُقلت إلیه.
15- مذبحة غزة الأولى 2 فبرایر 1955
بسبب طبیعة إسرائیل کدولة وظیفیة حرص الاستعمار على استغلال وجودها لتصفیة العداء المصری لسلسلة الأحلاف الاستعماریة ومنها حلف بغداد الذی کان یتزعم الدعوة إلیه وتنفیذه نوری السعید رئیس الوزراء العراقی آنذاک. ومع وضوح الموقف المصری صعَّدت إسرائیل موقفها العدوانی تجاه مصر وعمدت إلى تنفیذ مذبحة فی قطاع غزة الذی کانت الإدارة المصریة تشرف علیه.
وبدایةً حاولت إدارة الصهاینة توجیه تهدید صریح لمصر بإمک ان استعمالها سیاسة القوة لتأدیب الثورة المصریة وردعها. ومن ثم، ففی الوقت الذی کان فیه صلاح سالم عضو مجلس قیادة الثورة المصری یجتمع مع نوری السعید رئیس وزراء العراق فی 14 من آب/أغسطس 1954 لإقناعه بالعدول عن ربط العراق بالأحلاف الاستعماریة ودعوته إلى توقیع معاهدة دفاع مشترک مع مصر، کانت قوة من الجیش الإسرائیلی تتسلل عبر خط الهدنة وتتوغل نحو ثلاثة کیلو مترات داخل حدود قطاع غزة حتى وصلت إلى محطة المیاه التی تزود سکان غزة بالماء، فقتلت الفنی المشرف على المحطة وبثت الألغام فی مبنى المحطة وآلات الضخ.
ومع رفض الإدارة المصریة هذه التهدیدات ومع استمرارها فی الاتجاه الذی اختارته لنفسها، قامت قوات الصهاینة بتنفیذ مذبحة حقیقیة فی القطاع.
ففی الساعة الثامنة والنصف من مساء 28 فبرایر عام 1955 اجتازت عدة فصائل من القوات الإسرائیلیة خط الهدنة، وتقدمت داخل قطاع غزة إلى مسافة تزید عن ثلاثة کیلو مترات، ثم بدأ کل فصیل من هذه القوات یُنفذ المهمة الموکولة إلیه. فاتجه فصیل لمداهمة محطة المیاه ونسفها، ثم توجَّه إلى بیت مدیر محطة سکة حدید غزة، واستعد فصیل آخر لمهاجـمة المواقع المصریة بالرشاشـات ومـدا فع الهاون والقنابل الیدویة، ورابط فصیل ثالث فی الطریق لبث الألغام فیه ومنع وصول النجدة. ونجح المخطط إلى حدٍّ کبیر
وانفجرت محطة المیاه، ورافق ذلک الانفجار انهمار الرصاص الإسرائیلی على معسکر الجیش المصری القریب من المحطة. وطلب قائد المعسکر النجدة من أقرب موقع عسکری فأسرعت السیارات الناقلة للجنود لتلبیة النداء لکنها وقعت فی الکمین الذی أعده الإسرائیلیون فی الطریق وارتفع إجمالی عدد ضحایا هذه المذبحة 39 قتیلاً و33 جریحاً.
16- مذبحة غزة الثانیة 4 و5 أبریل 1956
قصفت مدافع الجیش الإسرائیلی مدینة غزة، حیث استشهد 56 عربیاً وجُرح 103 آخرون.
17- مذبحة خان یونس الأولى (30 مایو 1955) والثانیة 1 سبتمبر 1955
وقعت بهذه المدینة مذبحتان فی عام واحد، حیث شن الصهاینة علیها غارتین وقعت أولاهما فی فجر یوم 30 من شهر مایو، وثانیتهما فی الثانیة من بعد منتصف لیلة الفاتح من سبتمبر فی عام 1955. وراح ضحیة العدوان الأول عشرون شهیداً وجرح عشرون آخرون. أما العدوان الثانی فشارکت فیه تولیفة من الأسلحة شملت سلاح المدفعیة والدبابات والمجنزرات المصفحة ووحدات مشاة وهندسة. وکانت حصیلة هذه المذبحة الثانیة استشهاد ستة وأربعین عربیاً وجرح خمسین آخرین.
18- مذبحة الرهوة 11ـ12 سبتمبر 1956
قامت قوات الاحتلال الصهیونی فی الیومین بمهاجمة مرکز شرطة ومدرسة فی قریة الرهوة حیث تم قتل خمسة عشر شهیداً عربیاً ونُسفت المدرسة.
19- مذبحة کفر قاسم 29 أکتوبر 1956
فی 29 أکتوبر 1956 وعشیة العدوان الثلاثی على مصر تولت قوة حرس حدود تابعة للجیش الإسرائیلی تنفیذ حظر التجول على المنطقة التی تقع بها قریة کفر قاسم فی المثلث على الحدود مع الأردن. وقد تلقَّى قائد القوة، ویُدعى الرائد شموئیل ملنیکی، الأوامر بتقدیم موعد حظر التجول فی المنطقة إلى الساعة الخامسة مساءً وهو الأمر الذی کان یستحیل أن یعلم به مواطنو القریة، وبخاصة أولئک الذین یعملون خارجها، وهو ما نبه إلیه مختار القریة قائد القوة الإسرائیلیة. کما تلقَّى ملنیکی توجیهات واضحة من العقید شدمی بقتل العائدین إلى القریة دون علم بتقدیم ساعة حظر التجول. "من الأفضل أن یکون ه ناک قتلى.. لا نرید اعتقالات.. دعنا من العواطف..".
وکان أول الضحایا أربعة عمال حیوا الجنود الإسرائیلیین بکلمة "شالوم" فردوا إلیهم التحیة بحصد ثلاثة منهم بینما نجا الفلسطینی الرابع حین توهموا أنه لقى مصرعه هو الآخر. کما قتلوا 12 امرأة کن عائدات من جمع الزیتون وذلک بعد أن استشار الملازم جبرائیل دهان القیادة باللاسلکی. وعلى مدى ساعة ونصف سقط 49 قتیلاً و13 جریحاً هم ضحایا مذبحة کفر قاسم. ویُلاحَظ أن الجنود الإسرائیلیین سلبوا الضحایا نقودهم وساعات الید.
وقد التزمت السلطات الإسرائیلیة الصمت إزاء المذبحة لمدة أسبوعین کاملین إلى أن اضطرت إلى إصدار بیان من مکتب رئیس الوزراء عقب تسرُّب أنبائها إلى الصحف ووسائل الإعلام.
20- مذبحة خان یونس الثالثة 3 نوفمبر 1956
وقعت المذبحة أثناء احتلال الجیش الصهیونی بلدة خان یونس حیث تم فتح النار على سکان البلد، ومخیم اللاجئین المجاور لها حیث کان عدد الشهداء المدنیین من القریة والمخیم معاً 275 شهیداً.
21- مذبحة السموع 13 نوفمبر 1966
شنت قوات المظلیین الإسرائیلیة هجوماً على قریة السموع فی منطقة جبال الخلیل. وقد خطط للعملیة روفائیل إیتان واشترک فی تنفیذها لواء دبابات ولواء مشاة تعززهما المدفعیة وسلاح الجو الإسرائیلی
بعد قصف القریة التی کانت خاضعة للإدارة الأردنیة تسللت القوات الإسرائیلیة إلیها ونسفت 125 منزلاً وبنایة بینها المدرسة والعیادة ا لطبیة والمسجد، وذلک رغم المقاومة الباسلة التی أبداها سکان القریة والحامیة الأردنیة صغیرة العدد
وقد أدان مجلس الأمن الدولی بقرار رقم 288 فی دیسمبر من نفس العام المذبحة الإسرائیلیة، ورفض تذرُّع إسرائیل الواهی بانفجار لغمین فی أکتوبر 1966جنوبی الخلیل کمبرر للعدوان.
أدَّت المذبحة إلى قتل 18 وجرح 130 جمیعهم من المدنیین بینهم نساء وأطفال وشیوخ. وتُعَد المذبحة نموذجاً للإرهاب المؤسسی المنظم الذی تمارسه الدولة الصیهونیة.
22- مذبحة صبرا وشاتیلا 16 ـ 18 سبتمبر 1982
وصلت الممارسات الإرهابیة الإسرائیلیة إلى الذروة فی مذبحتی "صبرا وشاتیلا" التی جرى فیها ذبح آلاف الفلسطینیین فی واحدة من أبشع المجازر التی شهدها القرن العشرون. وقد تطورت الوسائل والأسالیب وترسخت الخبرة الصهیونیة فی تلک المجزرة التی خططت لها إسرائیل ونفذها عملاؤها فی لبنان فی 16/12/1982 واستمرت على مدى أربعین ساعة.
وقد قعت هذه المذبحة بمخیم صابرا وشاتیلا الفلسطینی بعد دخول القوات الإسرائیلیة الغازیة إلى العاصمة اللبنانیة بیروت وإحکام سیطرتها على القطاع الغربی منها. وکان دخول القوات الإسرائیلیة إلى بیروت فی حد ذاته بمنزلة انتهاک للاتفاق الذی رعته الولایات المتحدة الأمریکیة والذی خرجت بمقتضاه المقاومة الفلسطینیة من المدینة.
ویذکر إیلان هالیفی (کتابه : إسرائیل من الإرهاب إلى مجازر الدولة) الصادر بالفرنسیة عام 1983 بأن تلک المذبحة تنفرد عن غیرها من المذابح – حتى ذلک الوقت – بأنها أول مذبحة متلفزة فی العصر الحدیث "إذ إنه تسنى لملایین البشر فی شتى أنحاء المعمورة رؤیة أبشع عملیات القتل والتعذیب الجماعیة للأبریاء العزل من الرجال والنساء والشیوخ والأطفال دون أی ذنب اقترفوه"، کذلک تنفرد المذبحة – والکلام لا یزال لهالیفی – لأنها المذبحة التی سقط فیها الآلاف من الضحایا بواسطة جلادین لیسوا مجهولی الهویة، وقد أدینوا بواسطة أکثر من لجنة تحقیق دولیة، لکنها للأسف غیر رسمیة، مثل لجنة شکلت فی اسکندنافیا وأخرى فی الیابان. وبدلاً من أن یلقى أولئک المجرمون العقاب جزاء ما اقترفوه من جرائم، رأینا أکثرهم وقد کوفئ على تلک الجرائم. فلم تمض سنتان على المذبحة حتى رأینا مجرمها الأول یعین وزیرًا للتجارة والصناعة، ومجرمها الثانی یعین وزیرًا للخارجیة، ورئیسًا مرتقبًا لإسرائیل بعد شیمون بیریز فی حکومة الاتحاد الوطنی .. ومجرمها الثالث (الجنرال إیتان) یتبوأ مقعده فی الکنیست بعد نجاحه فی قوائم المتطرفین الإرهابیین جنبًا إلى جنب مع مائیر کاهانا ویوفال نئمان وجیئولا کوهین. لقد قام کل واحد من هؤلاء بدوره المرسوم له بعنایة فی تلک المجزرة، وخرج منها بأکثر من جائزة وأکثر من وسام. انتهى کلام هالیفی.
وقد فضحت مجلة "تایم" الأمریکیة فی عددها الصادر فی 21/3/1983 الدور الإسرائیلی فی المجزرة حیث تحدث مراسلها فی القدس دافید هالیفی عن دور أریل شارون فی هذه المجازر. ورفع شارون على إثر ذلک دعوى قضائیة ضد المجلة مطالبًا بتعویض قدره 50 ملیون دولار. وسافر لأمریکا هو وزوجته لهذا الهدف ، لکنهما عادا بخفى حنین بعد أن خسرا القضیة!
23- مذبحة عین الحلوة 16 مایو 1984
عشیة الانسحاب الإسرائیلی المنتظر من مدینة صیدا فی جنوب لبنان، أوعزت إسرائیل إلى أحد عملائها ویُدعى حسین عکر بالتسلل إلى داخل مخیم عین الحلوة الفلسطینی المجاور لصیدا، واندفعت قوات الجیش الإسرائیلی وراءه بقوة 1500 جندی و150 آلیة. وراح المهاجمون ینشرون الخراب والقتل فی المخیم دون تمییز تحت الأضواء التی وفرتها القنابل المضیئة فی سماء المخیم. واستمر القتل والتدمیر من منتصف اللیل حتى الیوم التالی حیث تصدت القوات الإسرائیلیة لمظاهرة احتجاج نظمها أهالی المخیم فی الصباح. کما فرضوا حصاراً على المخیم ومنعوا الدخول إلیه أو الخروج منه حتى بالنسبة لسیارات الإسعاف وذلک إلى ساعة متأخرة من نهار ذلک الیوم
وأسفرت المذبحة عن سقوط 15 فلسطینیاً بین قتیل وجریح بینهم شباب وکهول وأطفال ونساء فضلاً عن تدمیر 140 منزلاً واعتقال 150 بینهم نساء وأطفال وشیوخ.
24- مذبحة حمامات الشط 11 أکتوبر 1985
بعد خروج منظمة التحریر الفلسطینیة من بیروت بنحو ثلاثة سنوات تعقبت الطائرات الإسرائیلیة مکاتبها وقیادتها التی انتقلت إلى تونس. وشنت هذه الطائرات فی 11 أکتوبر 1985 غارة على ضاحیة حمامات الشط جنوبی العاصمة التونسیة، وأسفرت عن سقوط 50 شهیداً ومائة جریح حیث انهمرت القنابل والصواریخ على هذه الضاحیة المکتظة بالسکان المدنیین التی اختلطت فیها العائلات الفلسطینیة بالعائلات التونسیة.
واستمراراً فی نهج الإرهاب الصهیونی الإسرائیلی لم تتورَّع تل أبیب عن إعلان مسئولیتها عن هذه الغارة رسمیاً متفاخرة بقدرة سلاحها الجوی على ضرب أهداف فی المغرب العربی.
25- مذبحة المسجد الأقصى 8/10/1990
فی یوم الاثنین الموافق 8/10/1990 وقبیل صلاة الظهر حاول متطرفون یهود مما یسمى بجماعة "أمناء جبل الهیکل" وضع حجر الأساس للهیکل الثالث المزعوم فی ساحة الحرم القدسی الشریف وقد هب أهالی القدس لمنع المتطرفین الیهود من تدنیس المسجد الأقصى، مما أدى إلى وقوع اشتباکات بین المتطرفین الیهود الذین یقودهم غرشون سلمون زعیم "أمناء جبل الهیکل" مع نحو خمسة آلاف فلسطینی قصدوا المسجد لأداء الصلاة فیه، وتدخل جنود حرس الحدود الإسرائیلیون الموجودون بکثافة داخل الحرم القدسی، وأخذوا یطلقون النار على المصلین دون تمییز بین طفل وامرأة وشیخ، مما أدى إلى استشهاد أکثر من 21 شهیدا وجرح أکثر من 150 منهم، کما اعتقل 270 شخصا داخل وخارج الحرم القدسی الشریف.
26- مذبحة الحرم الإبراهیمی 25 فبرایر 1994
بعد اتفاقات أوسلو أصبحت مدینة الخلیل بالضفة الغربیة موضع اهتمام خاص على ضوء أجواء التوتر التی أحاطت بالمستوطنین الإسرائیلیین بعد طرح السؤال: هل یجری إخلاء المستوطنات وترحیل المستوطنین فیها فی إطار مفاوضات الحل النهائی بین الفلسطینیین والإسرائیلیین؟ وتکمن هذه الأهمیة الخاصة فی أن مدینة الخلیل تُعَد مرکزاً لبعض المتطرفین من المستوطنین نظراً لأهمیتها الدینیة. وإن جاز القول فالخلیل ثانی مدینة مقدَّسة فی أرض فلسطین بعد القدس الشریف.
وفجر یوم الجمعة الأخیرة من شهر رمضان الموافق 25 فبرایر عام 1994 سمحت القوات الإسرائیلیة التی تقوم على حراسة الحرم الإبراهیمی بدخول المستوط ن الیهودی المعروف بتطرفه باروخ جولدشتاین إلى الحرم الشریف وهو یحمل بندقیته الآلیة وعدداً من خزائن الذخیرة المجهزة. وعلى الفور شرع جولدشتاین فی حصد المصلین داخل المسجد. وأسفرت المذبحة عن استشهاد 60 فلسطینیاً فضلاً عن إصابة عشرات آخرین بجراح، وذلک قبل أن یتمکن من تبقَّى على قید الحیاة من السیطرة علیه وقتله.
ولقد تردد أن أکثر من مسلح إسرائیلی شارک فی المذبحة إلا أن الروایة التی سادت تذهب إلى انفراد جولدشتاین بإطلاق النار داخل الحرم الإبراهیمی. ومع ذلک فإن تعامل الجنود الإسرائیلیین والمستوطنین المسلحین مع ردود الفعل التلقائیة الفوریة إزاء المذبحة التی تمثلت فی المظاهرات الفلسطینیة اتسمت باستخدام الرصاص الحی بشکل مکثَّف، وفی غضون أقل من 24 ساعة على المذبحة سقط 53 شهیداً فلسطینیاً أیضاً فی مناطق متفرقة ومنها الخلیل نفسها.
27- مذبحة مخیم جنین 293- 942002
شرع جیش الاحتلال الإسرائیلی فی 29 مارس 2002 بحملة عسکریة احتل فیها العدید من المدن والقرى والمخیمات الفلسطینیة، وبعد أسبوعین من حصار مخیم جنین واندلاع قتال عنیف بین المقاومین الفلسطینیین وقوات الاحتلال الإسرائیلی التی قادها رئیس الأرکان شاؤول موفاز، لم یعد من سبیل أمام جیش الاحتلال الإسرائیلی للقضاء على هذه المقاومة سوى هدم المخیم على رؤوس ساکنیه ونفاد ذخیرة المقاومین الفلسطینیین، وباشرت عندها القوات الإسرائیلیة حملة إعدامات مکثفة فی صفوف هؤلاء الفلسطینیین، وقد ترافقت حملة الإعدامات تلک مع جهد دؤوب من قبل الجرافات الإسرائیلیة بإزالة المخیم من الوجود. ولا یعلم أحد حتى الآن حقیقة ما جرى أثناء الهجوم الإسرائیلی المکثف على مخیم جنین، أو عدد الشهداء الفلسطینیین.
وحسب الروایات الإسرائیلیة فإن ما بین مئة ومئتی فلسطینی قد قتلوا.
مسلسل الاغتیالات..
فی 10 أبریل 1973 انتهکت إسرائیل سیادة لبنان وقامت بإنزال بحری لمجموعات إرهابیة على شاطىء بیروت کان یتزعمها رئیس وزراء إسرائیل الأسبق إیهود باراک واستهدفت اغتیال ثلاثة من زعماء المقاومة الفلسطینیة هم أبو یوسف النجار وکمال عدوان وکمال ناصر.
وتوالى مسلسل اغتیال القادة والزعماء الفلسطینیین من قبل جهاز الموساد الإرهابی الإسرائیلی، ومن هؤلاء محمود الهمشری ممثل منظمة التحریر الفلسطینیة فی باریس، ووائل زعیتر ممثلها فی روما، ونعیم خضر (ممثلها فی بلجیکا)، ود. عصام سرطاوی، وأبو جهاد (خلیل الوزیر)، وأبو إیاد (صلاح خلف)، وغیرهم.
وکان اغتیال أبو جهاد فی تونس مثالاً آخر على انتهاک السیادة العربیة. وقامت إسرائیل باغتیال العدید من رموز الحرکة الإسلامیة فی قطاع غزة کان من أبرزهم الشیخ أحمد یاسین (22/3/2004) والدکتور عبد العزیز الرنتیسی (17/4/2004).
وقد ظلت إسرائیل تخدع العالم بأن ما تمارسه من إرهاب منظم ضد الفلسطینیین الذین تحتل أراضیهم وتنتهک حریاتهم وحقوقهم یندرج تحت بند الدفاع عن النفس، فیما سعت إلى إلصاق تهمة الإرهاب بالمقاومین الفلسطینیین. والأمثلة على ذلک کثیرة، ففی 7 أیلول/سبتمبر 2004 قتل فدائی فلسطینی 16 إسرائیلیًا فی بلدة بیر شیبا. (وللنظر إلى التغطیة الإعلامیة هنا) فقد أُتیح، وفی کلّ تقریر إخباری، للمتحدث باسم الحکومة الإسرائیلیة أن یستغل هذا الحدث لتبریر بناء الجدار العنصری – بینما واقع الحال یقول إن الجدار هو سبب مرکزی للعنف الفلسطینی.
ولقد تمّت الإشارة، فی کل تقریر إخباری تقریبًا، إلى أن هذه تعدّ نهایة لخمسة شهور من "السلام والهدوء النسبی" و"انحسار العنف".
بید أن الواقع – وکما ذکر جون بلجر فی مقالته فی New Statesman فی 20/11/2004 – إنه قتل خلال تلک الشهور الخمسة من السلام والهدوء النسبی ما یربو على 400 فلسطینی، 71 منهم من خلال عملیات الاغتیال.
وأثناء فترة انحسار العنف تلک، قتل أکثر من 73 طفلاً فلسطینیًا، منهم طفل عمره 13 سنة قتل برصاصة اخترقت القلب، وبنت عمرها 5 سنوات أصیبت برصاصة فی وجهها بینما کانت تمشی ویدها بید أختها ذات السنتین من العمر. ومنهم مازن ماجد وعمره 14 سنة، الذی أُمطر جسده بـ 18 طلقة إسرائیلیة بینما کان یهرب وأسرته من منزلهم وهو یهدم بالبلدوزرات. (طبعًا) أیّا من هذا لم یتم الحدیث عنه فی بریطانیا على أنه إرهاب. بل إن أکثره لم تتحدث عنه نشرات الأخبار على الإطلاق. لأن الفترة بالأساس کانت فترة سلام وهدوء، وانحسار للعنف!
الهولوکوست الصهیونی الموجه ضد العرب..
فی 21 شباط/فبرایر ارتکبت إسرائیل واحدة من أبشع الجرائم الإرهابیة فی التاریخ الحدیث عندما نسفت طائراتها المقاتلة طائرة رکاب لیبیة برکابها الـ (113) فی صحراء سیناء کان من بیم ضحایاها المجاهد اللیبی صالح بویصیر ومذیعة التلیفزیون المصریة سلوى حجازی.
کما مارست إسرائیل الإرهاب ضد الأطفال العرب عندما قصفت مدرسة بحر البقر فی مصر فی 8 أبریل 1970 فقتلت 46 طفلاً. وفی دیسمبر 1968 قصف الإسرائیلیون مطار بیروت ودمروا ثلاث عشرة طائرة مدنیة فیما هی جاثمة على أرض المطار.
مذبحة مصنع أبی زعبل 12 فبرایر 1970
بینما کانت حرب الاستنزاف بین مصر وإسـرائیل محصـورة فی حدود المواقع العسـکریة فی جبهة القتال وحسب، أغارت الطائرات الإسرائیلیة القاذفة على مصنع أبی زعبل، وهو مصنع تملکه الشرکة الأهلیة للصناعات المعدنیة وذلک صبیحة یوم 12 من فبرایر عام 1970، حیث کان المصنع یعمل بطاقة 1300 عامل صباحاً. وقد أسفرت هذه الغارة عن استشهاد سبعین عاملاً وإصابة 69 آخرین، إضافة إلى حرق المصنع.
مذبحة صیدا 16 یونیه 1982
وقعت إبان العدوان الإسرائیلی على لبنان حین أجرت قوات الاحتلال الإسرائیلی فی لبنان عملیة قتل جماعی لما لا یقل عن 80 مدنیاً ممن کانوا مختبئین فی بعض ملاجئ المدینة.
مذبحة سحمر 20 سبتمبر 1984
داهمت قوات الجیش الإسرائیلی وعمیلها أنطون لحد (جیش لبنان الجنوبی) قریة "سحمر" الواقعة بجنوب لبنان. وقامت القوات بتجمیع سکان القریة فی الساحة الرئیسیة لاستجوابهم بشأن مصرع أربعة من عناصر العمیل لحد على أیدی المقاومة الوطنیة اللبنانیة بالقرب من القریة. وأطلق الجنود الإسرائیلیون وأتباع "لحد" النار من رشاشاتهم على سکان القریة العزل وفق أوامر الضابط الإسرائیلی ولحد شخصیاً. فسقط من ساحة القریة على الفور 13 قتیلاً وأربعون جریحاً.
مذبحتا قانا..
سقط 109 لبنانیین فی بلدة قانا جنوبی لبنان فی أبریل 1996 أثناء عملیة عسکریة إسرائیلیة حملت اسم "عناقید الغضب". وقد لقی أولئک الضحایا الذین کانوا فی غالبیتهم من الأطفال حتفهم بعد أن التجأوا إلى مقر تابع للأمم المتحدة قامت الطائرات الحربیة الإسرائیلیة بقصفه.
وبعد نحو عشر سنوات (یولیو 2006) قامت إسرائیل بمذبحة أخرى استهدفت القریة نفسها وأیضًا الأطفال بشکل خاص عندما أدى قصفها للقریة فجر الأحد 30/7/2006 إلى سقوط ستین مدنیًا على الأقل بینهم 30 طفلا غالبیتهم سقطوا أیضًا – کما فی مذبحة قانا الأولى- فی انهیار ملجأ کان یحتمی فیه أولئک الضحایا.
الهولوکوست الصهیونی الموجه لغیر العرب..
لم یستثن الإرهاب الصهیونی فی شقیه الداخلی والخارجی أحدًا، فشمل الیهود والأوروبیین والأمریکیین أیضًا.
ویعترف المؤرخ الإسرائیلی سمحا فلابان فی کتابه "الصهیونیة والفلسطینیون" بأن إسرائیل هی المؤسس الأکبر والأول للإرهاب حین یقول "إن ما قمنا به على مدى 30 عامًا من إرهاب ودمویة قد أرسى قواعد الإرهاب وجعل منا المعلم للإرهاب الفلسطینی فیما بعد".
ویسوق ویعدد سمحا بعضًا مما قامت به العصابات الإسرائیلیة من مذابح متعمدة وجرائــم مدبرة مسبقًا مثل مجــازر دیــر یاسین والدوایمــة وقتل البریطانیین فی فندق داوود واختطاف الطائرات السوریة واللیبیة وغیرها وضرب سفینة "لیبرتی" الأمریکیة ومهاجمة لبنان وسوریا ومصر ومذابح بحر البقر وقانا وقبیة، ومخیمات صبرا وشاتیلا واغتیال العلماء الألمان فی مصر، وملاحقة کل من لم یکن حسن المذاق لإسرائیل ومتابعة ذلک حتى الیوم بعد أن قتلت الکونت برنادوت وغیره وغیره.
هولوکوست صهیونی ضد الیهود!
من أمثلته ما حدث فی نوفمبر 1940 عندما أعلنت الحکومة البریطانیة أنها لن تسمح بهجرة الیهود إلى فلسطین زیادة عن الحد الذی کانت قد حددته عام 1939 (75 ألف خلال خمس سنوات)، وهددت بإرسالهم إلى المستعمرات البریطانیة. وفی 25 نوفمبر أرادت السلطات البریطانیة ترحیل عدد من الیهود على ظهر السفینة "باتریا". ولکی یفشل الصهیونیون ذلک العمل قاموا بنسف السفینة برکابها الیهود مما أسفر عن قتل 240 یهودیًا من أصل رکابها الـ 1900.
استهداف البریطانیین..
من أمثلة الإرهاب الصهیونی ضد البریطانیین ما حدث فی 8 أغسطس 1944 عندما اغتالت منظمة "شتیرن" الصهیونیة الإرهابیة المقیم البریطانی العام فی الشرق الأوسط اللورد موین.
کما قامت عصابة "شتیرن" الصهیونیة الإرهابیة باغتیال الوسیط الدولی فی فلسطین الکونت برنادوت.
مذبحة لیبرتی..
لم یستثن الإرهاب الصهیونی الأمریکیین أنفسهم، وهو ما تمثل فی الهجوم البحری الإسرائیلی على سفینة التجسس الأمریکیة لیبرتی فی السابع من یونیو 1967عندما انقضت ثلاث طائرات میراج على السفینة التی کان یرفرف علیها العلم الأمریکی بوضوح. وظلت "لیبرتی" تقصف على مدى 20 -35 دقیقة. وسرعان ما انضمت طائرات المیستیر المقاتلة للطائرات المیراج الثلاث فی عملیة الهجوم تلک، ملقیة قنابل النابالم على السفینة. ویذکر ستیفن جرین مؤلف کتاب (الانحیاز) ذلک الهجوم بأنه خلف 821 ثقبًا فی السفینة منها مائة ثقب أحدثتها الصواریخ بلغ قطرها 6-8 إنش. وقد أدى الهجوم على لیبرتی إلى وفاة 34 فردًا إضافة إلى 171 جریحًا.
( التقریر للکاتب الفلسطینی ابراهیم عباس )
ن/25