انحیاز اعلامی بریطانی
الصحافة البریطانیة التی تلقن العرب على الدوام أهمیة الموضوعیة والدفاع عن حقوق الإنسان والعدالة وقعت فی سقطة کبیرة فی معظمها فی تغطیتها المنحازة وغیر الأخلاقیة للعدوان “الإسرائیلی” الواسع النطاق على قطاع غزة، الذی قتل النساء والأطفال وأدى إلى سقوط عشرات الشهداء.
وعادة ما تبرز صحف الأحد البالغة النفوذ فی بریطانیا أهم الأحداث، خاصة الدامیة والمأساویة فی صفحاتها الأولى وتفرد مساحات واسعة للتعلیق علیها ورصد ردود الأفعال حولها، ولکنها تعمدت أن تقوم بتغطیة أخبار المذبحة التی ارتکبتها “إسرائیل” فی القطاع على صفحاتها الداخلیة والمتأخرة.
فمثلاً اختارت “الصندای تلغراف” الصفحة رقم (31) للحدیث عن المأساة الفلسطینیة، وکان تقریرها یعکس الوقائع المثیرة فی الوقت نفسه مثل مصرع 60 فلسطینیاً بمن فیهم النساء والأطفال. ولکن طابع التحیز کان واضحاً بالنسبة لمحاولة التماس الأعذار للکیان وعدم المطالبة بوقف العدوان.
ومن جانبها، کانت صحیفة “الصندای تایمز” قامت باختیار الصفحة رقم (25) للحدیث عن العدوان “الإسرائیلی”، وینبغی على القارئ أن یعلم بأن الجزء الرئیسی من الصحیفة الذی تضمن هذا الموضوع یقع فی 28 صفحة!! وقام بکتابة هذا التقریر " عوزی مهینعامی " مراسل الصحیفة فی تل أبیب والمعروف بارتباطه الوثیق بالمؤسسة العسکریة والاستخبارات “الإسرائیلیة”.
وقد نسب فی مقاله إلى بعض المسؤولین “الإسرائیلیین” قولهم “إن الحل الوحید للمشکلة الخاصة باطلاق الصواریخ من غزة هو تصفیة قیادة حماس من خلال اغراق غزة بالقوات “الإسرائیلیة”، ولذلک فإن شن هجوم بری على القطاع أصبح أمراً وشیکاً وستقوم حماس بدفع ثمن هذه الهجمات التی قامت بها”.
وقال مصدر أمنی للصحیفة إن وقف اطلاق النار لن یکون مقبولاً لأنه سیوفر لهم فرصة لالتقاط الأنفاس.
وحرصت “الصندای تلغراف” من ناحیتها على الحدیث أیضاً عن تأثیر “صواریخ حماس على مستوطنی المنطقة الحدودیة التی تعتمد الحیاة فیها على إنذار مدته 15 ثانیة فقط”.
ولکن الصحیفة التی کانت تغطیتها مصدراً للعار والخزی الأکبر فهی “المیل أون صندای” التی اختارت الصفحة (25) للعدوان “الإسرائیلی”، وکان الأمر الملفت للنظر بشکل مثیر هو أن تقریرها حول الهجوم “الإسرائیلی” جاء فی حوالی 25 سطراً وفی ذیل الصفحة. وتعمدت أن تزعم بأن وزیر الحرب “الإسرائیلی” ایهود باراک قد أعلن ان القوات “الإسرائیلیة” لا تستهدف سوى حماس وهؤلاء الذین یطلقون الصواریخ، وأعرب عن الأسف لسقوط الضحایا المدنیین.
ولم تقم معظم الصحف البریطانیة بتغطیة هذا العدوان من خلال الحدیث مع مسؤولین فلسطینیین، وذلک من أجل تقدیم صورة متوازنة للأمور، کما تتباهى وسائل الاعلام البریطانیة دائماً وهی تحاول أن تقوم بتلقین الصحافة العربیة أصول المهنة.
وکما هو متوقع، فإن صحیفتی “الأوبزرفر” و”الاندبندانت أون صندای” کانتا أکثر المطبوعات توازناً وتعاطفاً مع الضحایا الفلسطینیین، وأفردت الصحیفتان مساحات کبیرة وبارزة لتغطیة العدوان “الإسرائیلی”.
وذکرت “الأوبزرفر” ان السلطات “الإسرائیلیة” منعت بشکل متعمد نقل الحالات الطبیة الحرجة بین المواطنین الفلسطینیین المدنیین المصابین فی غزة إلى خارج القطاع لتلقی العلاج الطبی العاجل المناسب.
ووصفت الصحیفة هذا الموقف بأنه یمثل “سیاسة” العقاب الجماعی للفلسطینیین.
وکان مراسل “الاندبندنت أون صندای” فی “إسرائیل” دونالد ماکنتیر أیضاً صریحاً فی وصفه لما جرى بأنه یمثل “مذبحة على نطاق واسع”، وأوضح ان الفلسطینیین یخشون من وقوع غزو شامل لغزة.
م/ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS