اللــوبى الاسرائیــلی فى مصــر

کتب الدکتور فهمی هویدی فی موقع اخبارنا :

یوما بعد یوم تنکشف أوراق (اللوبی الاسرائیلی) فى مصر الذى توزعت عناصره بین مجالات أربعه : التجار الذین یبحثون عن الربح فى أى مکان, السیاسیون الذین وقفوا فى صف التطبیع ودافعوا عنه, الاعلامیون الذین مالوا مع الریح إما اقتناعا أو نفاقا لها, الاکادیمیون الذین جذبتهم الاغراءات المادیه والدبیه ووجدوا أنفسهم فى قلب (اللوبی) رغبوا أم لم یرغبوا .

خلال الأیام الأخیره نشط الجناح الإعلامی فى اللوبی الاسرائیلی بشده .. فى السابق کان خطابهم یرکز على أمن مصر أولا وأخیرا وأن القضیه الفلسطینیه عبء على البلد حملته بما لم یحتمل بل صارت عبئا على العرب أجمعین وقدحان التخلص منه بحیث یتولى الفلسطینیون تدبیر أمورهم مع الإسرائیلیین معتبرین أن الصراع( فلسطینی – اسرائیلی) وأن العرب (تورطوا ) فیه.

وقرأنا فى احدى الصحف المهمه لمن قال ان الدنیا مصالح وأن مصلحه مصر مع اسرائیل وفى حالة ما یتعارض ذلک مع أى مصلحه عربیه أخرى فینبغى أن تقدم المصالح ( المصریه- الاسرائیلیه) . هل رأیت وقاحة أکثر من ذلک ؟!

هؤلاء هاجموا العملیات الاستشهادیه التى کان الفلسطینیون یردون بها على الاغتیالات والاجتیاحات الاسرائیلیه .. اعتبروها انتحاریه وتباکوا کثیرا على الدم الاسرائیلی ولم تهتز لهم شعره ولم نقرأ لهم کلمه فى استنکار الغارات على الفلسطینیین ونزیف الدم الذى أغرق قراهم ومخیماتهم .

وحین حاول الاسرائیلیون اجتیاح لبنان فى صیف 2006 وتصدی لهم حزب الله فى الجنوب فأوقفوا زحفهم وشتتوا شملهم وهزموهم شر هزیمه فإن ذلک لم یعجب أبواق اللوبی الاسرائیلی فى مصر .. فطفقوا یهونون مما جرى متحدثین عن الخراب الذى حل بلبنان جراء الغارات الاسرائیلیه , التى تسبب فیها حزب الله , وبعضهم کتب فى الصحف القومیه ساخرا من (الشائعات) التى تحدثت عن الانتصار الذى تحقق لمناضلى الحزب .

صدر تقریر (فینوغراد) الاسرائیلی الذى حقق فى ملابسات ونتائج الغزوه الاسرائیلیه , وشهد بالفشل الذى منیت به الحمله وأخذ على القیاده العسکریه أنها عجزت لأول مره فى تاریخ الصراع العربی الاسرائیلی عن تحقیق النصر امام قوة صغیرة من رجال حزب الله بل وقرنت بین اسم رئیس الوزراء (ایهود أولمرت) وبین کلمه الفشل 120 مرة.

 وجاءت هذه الشهاده الاسرائیلیه لتثبت أن کتابات اللوبی المذکور عبرت عن الهوى والامنیات باکثر مما عبرت عن التحلیل الأمین للمعلومات .

هذه الأیام واصل اللوبی استنفاره ضد الفلسطینیین الذین عبروا من رفح وکسروا الحصار المفروض علیهم منذ ثمانیة أشهر , إذ بعد أن صمتوا على الحصار طوال تلک المده فإنهم أصبحوا یحملون حماس المسئولیه عنه , متجاهلین دور الاحتلال فى ارتکاب الجریمه . وبعد ذلک لجأوا إلى التحریض والایقاع بین مصر والعابرین الذین اندفعوا عبر الحدود لتوفیر احتیاجاتهم المعیشیه التى حرموا منها طوال تلک المده , فلجأوا الى التخویف من دخول (ارهابیین مسلحین) وحذروا مما سماه البعض (غزو مصر) .

وقال أحدهم إن سیناء ستصبح (بیشاور) جدیده فى المنطقه (استدعاء لمشهد التجربه الافغانیه) , بل إن منهم من ساوى بین اختلال الاسرائیلیین لسیناء بعد عام 67 ودخول اهل غزه الى رفح والعریش .

طوال الوقت لم تکف تلک الأبواق عن محاوله تحریض السلطه وتخویف المصریین والدعوه الى تسلیم المعابر الى قوات (ابومازن) التى تقوم بالتنسیق الأمنى مع اسرائیل فى الضفه ولا هم لها الا ملاحقه عناصر المقاومه وتخییرها بین أمور ثلاثه: إما تسلیم السلاح والتوقیع على اقرار بعدم التصدى لقوات الاحتلال أو الاعتقال أو الاغتیال .

إن اختراق المجتمع المصری واستماله بعض المثقفین ورجالا الاعمال على محدودیه اعدادهم هو أحد أهم الانجازات التى حققتها اسرائیل فى ظل التطبیع الذى تم مع مصر , الامر الذى یعنى مضاعفه التحدی الذى تواجهه الجماعه الوطنیه المصریه , التى اصبح علیها ان تحارب على جبهتین فتواجه التحدی الاسرائیلی فى الخارج والاختراق الاسرائیلی فى الداخل . والمعرکه الثانیه أخطر وأشرس من الأولى , إذ من الیسیر أن تحارب عدوک الذى اسفر عن وجهه أمامک ومن الصعب ان تحارب الموالین للعدو الذین ارتدوا أقنعه مواطنیک وبنى جلدتک .

م/ن/25