الـــوضـــع متفاقم فی غـــزة

 أبقت اسرائیل امس الاثنین على الحصار الذی تفرضه على قطاع غزة رغم الاحراج الذی تسببه على الساحة الدولیة مخاطر وقوع ازمة انسانیة فی القطاع، فیما بدأ مواطنون ومسؤولون برلمانیون من حرکة حماس امس الاثنین بتنفیذ اعتصام مفتوح أمام معبر رفح على الحدود الفلسطینیة المصریة، للمطالبة بفتح المعبر ورفع الحصار.

وازاء اعلان حرکة حماس ان الحصار یؤدی الى موت بطیء للفلسطینیین فی قطاع غزة بسبب النقص فی الکهرباء والادویة والمواد الغذائیة، سعت اسرائیل الى التقلیل من شأن اثار اجراءاتها الهادفة الى وقف اطلاق الصواریخ على جنوب فلسطین المحتلة.

وتجمع المواطنون ومعهم عدد من مسؤولی حماس أمام المعبر ورفعوا شعارات ولافتات تحذر من تدهور الوضع الإنسانی فی القطاع جراء الحصار وانقطاع التیار الکهرباء عن غالبیة المدن بسبب نفاد الوقود.

واعتبر رئیس المجلس التشریعی الفلسطینی بالإنابة أحمد بحر فی مؤتمر صحافی عقده خلال الاعتصام ان الحصار المفروض على قطاع غزة جزء من جرائم الإبادة الجماعیة التی تستهدف الفلسطینیین ، مؤکداً أن الحصار مس کافة جوانب الحیاة بشکل بات یهدد بوقوع کارثة غیر مسبوقة . وحمل بحر الرئیس الأمریکی جورج بوش المسؤولیة عن هذه الجریمة ، معتبراً أنه مخطط لها.

وناشد الرئیس المصری حسنی مبارک بفتح معبر رفح والضغط لرفع الحصار، وحث الشعوب والمنظمات العربیة علی التظاهر للمطالبة برفع الحصار وإیقاف الموت البطیء الذی یتعرض له الشعب الفلسطینی.

وطالب بحر الرئیس الفلسطینی محمود عباس بوقف کافة أشکال المفاوضات السریة والعلنیة العبثیة، مستهجناً استمرار هذه المفاوضات أو محاولات بعض الأطراف تبریر هذا الحصار بالصواریخ التی تنطلق من غزة. ورأى أن المقاومة حق مکفول فی کافة المواثیق وأنها باقیة ما بقی الاحتلال. ودعا حرکتی فتح وحماس للشروع فی حوار بمشارکة کافة القوی وانهاء حالة الانقسام والتشرذم والعمل بشکل موحد لکسر الحصار.

من جانبه، قال المتحدث باسم کتلة حماس البرلمانیة صلاح البردویل إن هذا التصعید ترجمة للسیاسات التی تم التوافق علیها مع الرئیس الأمریکی جورج بوش بهدف ابتزاز الشعب الفلسطینی وترکیعه واجباره على الاستسلام. وقال نرفض الحکم علینا بالإعدام من الاحتلال الإسرائیلی والأمریکی وذلک یعنی استمرارنا فی المقاومة حتی النهایة .

وأکد على ضرورة تحرک جماهیری واسع لکسر هذا الحصار بکل ما أوتیت من قوة واستعداد لبذل النفس من دون ان یعطی المزید من التوضیح.

ودعا الحکومات العربیة لکسر الحصار مطالباً القیادة المصریة والرئیس المصری بفتح المعبر والسماح بدخول المساعدات الرسمیة والشعبیة. وطالب البردویل جامعة الدول العربیة بالاجتماع الفوری واتخاذ قرار جریء برفع الحصار والعمل على عودة الفلسطینیین للحوار على قاعدة الحفاظ على الثوابت ووثیقة الوفاق الوطنی واتفاقی مکة والقاهرة.

وتعهد المشارکون فی الاعتصام بالاستمرار فی اعتصام مفتوح لحین فتح المعبر ورفح الحصار.

ومن جهته عرض رئیس الحکومة الفلسطینیة المقال إسماعیل هنیة على مصر أن یتوجه وفد رسمی من غزة لقاء القیادة المصریة للبحث فی ترتیبات ادخال المساعدات والاحتیاجات لسکان قطاع غزة عبر معبر رفح.

وقال هنیة فی تصریح له :نؤکد لامتنا العربیة جمیعها أن لنا مطلبا واحدا هو فتح معبر رفح وفک الحصار فشعبنا لا یحتاج الى الکلمات المنمقة والعبارات الجمیلة .

وأضاف :على أمتنا والجامعة العربیة تحدیدا اتخاذ خطوات فاعلة وآلیات لتطبیق قرارهم السابق بکسر الحصار عن الشعب الفلسطینی واتخاذ التدابیر اللازمة لجعل هذا القرار واقعا حقیقیا یلمسه المواطن الفلسطینی . وتوجه بالتحیة للجماهیر فی الوطن والشتات التی خرجت لتعبر عن رفضها لجریمة الحرب الصهیونیة الجدیدة بإغلاق کافة معابر ومنافذ قطاع غزة ومنع المواد الغذائیة والتموینیة وامدادات الوقود من الوصول الی أبناء شعبنا .

وأشار الى ان ذلک یهدد حیاة ملیون ونصف الملیون انسان ویشل الحیاة المدنیة فی قطاع غزة ویرفع درجة الخطورة على حیاة المرضی، ویعطل وصول المیاه الى المنازل.

وقال : نقدر الجهود المبذولة والضغوط التی ظهرت فی بعض العواصم العربیة ونؤکد لشعبنا أن الفرج قریب والنصر قادم لا راد له بإذن الله . وقالت منظمات دولیة : ان الادویة والوقود اللازم لمولدات الکهرباء فی مستشفیات غزة ستنفد خلال بضعة أیام ان لم تخفف اسرائیل اغلاقها للمعابر الحدودیة مع قطاع غزة الواقع تحت سیطرة حرکة المقاومة الاسلامیة (حماس).

واعلنت ناطقة باسم الصلیب الاحمر فی القدس ان مستشفیات قطاع غزة الخاضع لحصار اسرائیلی ردا على اطلاق الصواریخ على الکیان الصهیونی  تملک من الوقود ما یکفی یومین الى ثلاثة ایام فقط وان احتیاطی الادویة تراجع الى حد کبیر.

وفی هذا السیاق، حذر مرکز المیزان لحقوق الإنسان من تفاقم الأزمة الإنسانیة فی قطاع غزة لیصبح خطر الموت جوعاً، أو بسبب انقطاع التیار الکهربائی عن غرف العملیات والعنایة المرکزة، وتلف التطعیمات فی العیادات الحکومیة أو تلک التی تشرف علیها وکالة الغوث الدولیة تهدیداً محدقاً، وهو حادث لا محالة إذا استمرت حالة الصمت الدولی والعجز عن التحرک لوقف الانتهاکات الجسیمة والمنظمة التی ترتکبها قوات الاحتلال الإسرائیلی بحق المدنیین .

وقال المرکز فی بیان له : ما یمر به قطاع غزة هو محنة إنسانیة حقیقیة یشکل الصمت تجاهها وعدم التحرک لانهائها مشارکة حقیقیة فی قتل عشرات آلاف الأبریاء جوعاً أو بسبب نقص الدواء .

وقال الاتحاد الاوروبی الذی یمول امدادات الوقود لمحطة الکهرباء الرئیسیة فی غزة المتوقفة الان عن العمل انه یتفهم حاجة اسرائیل للدفاع عن نفسها من الهجمات الصاروخیة عبر الحدود ولکنه وصف القیود المفروضة بأنها عقاب جماعی مضیفا أنها یجب ان ترفع.

واستیقظ سکان قطاع غزة امس وقد خلت الشوارع تقریبا من السیارات وأغلقت المتاجر أبوابها مع نقص فی البنزین منذ أن أغلقت اسرائیل المعابر الحدودیة مع القطاع یوم الجمعة.

وادى توقف معظم مضخات المیاه التی تشتغل بالکهرباء الى حرمان مئات الالاف من سکان غزة من المیاه اضافة الی الاثار البیئیة السلبیة لتوقف مضخات الصرف الصحی بحسب مسؤول فی بلدیة غزة.

والاحد اغلقت معظم المخابز فی القطاع ابوابها بعد ان توقفت محطة تولید الکهرباء عن العمل فی المساء ونفذ الدقیق من غالبیتها.واصطف مئات المواطنین امام بوابة مخبز العائلات فی حی الرمال الراقی بغزة الذی بقی یعمل فی محاولة للحصول علی الخبز.

ویرقد 22 مریضا فی حالة حرجة فی قسم العنایة المرکزة فی مستشفی الشفاء غالبیتهم من الجرحی فی الغارات الاسرائیلیة الاخیرة وهم مهددون بالموت اذا توقفت المولدات الکهربائیة بحسب خالد راضی المتحدث باسم وزارة الصحة.

واعتبر راضی ان الوضع کارثی محذرا من ان استمرار وقف امدادات الوقود سیؤدی الی وفاة مئات المرضی والجرحی فی المستشفیات فی غزة.

وقال ان مستشفی الشفاء وهو اکبر مشافی القطاع لدیه مخزون من الوقود یکفی لیوم واحد اذا عمل بشکل طبیعی لکن تم اقتصار العمل بالطوارئ . واضاف ان باقی مشافی القطاع لدیها مخزون وقود یکفیها لساعات فقط وتابع هذا قرار بالاعدام اتخذته اسرائیل ضد مئات المرضی . وحذرت وکالة غوث وتشغیل اللاجئین (الاونروا) من تفاقم الازمة الانسانیة فی القطاع اذا استمر الحصار والاغلاق. وقال عدنان ابو حسنة المستشار الاعلامی للاونروا لوکالة فرانس برس لم تصلنا ایة مواد انسانیة وغذائیة وتموینیة منذ الخمیس الماضی واذا استمر الوضع هکذا فالازمة الانسانیة الموجودة منذ سبعة شهور ستتفاقم وتشتد اکثر .

ن/25