qodsna.ir qodsna.ir

الکیان الصهیونی .. موجة ترانسفیر أکثر عنصریة

رغم أن حق عودة الاجئین الفلسطینیین تم إقراره وفقا لقواعد القانون الدولى والاعلان العالمى لحقوق الانسان إلا ان دولة الاحتلال الإسرائیلی مازالت حتى الآن ترفض هذا الحق، ولم تکتف بذلک فقط انما تسعى إلى إقناع المهاجرین الإسرائیلیین بالعودة إلى إسرائیل فیما یصفه المحللون بموجة "الترانسفیر" الأکثر عنصریة ـ وإن کانت عکسیة هذه المرة حیث تقوم على جلب عناصر بشریة ولیس تهجیرهم ـ والتی تشیر إلى إحلال الأرض والبشر بما یدعم أرکان الاحتلال .

والمعروف أن إسرائیل تواصل تعنتها منذ قرار الامم المتحدة رقم 194 الصادر 11 دیسمبر 1948 والذى نص على عودة اللاجئین الفلسطینیین إلى أراضیهم وممتلکاتهم وتعویضهم عن خسائرهم المادیة والمعنویة، وتنسب اسرائیل رفضها إلى مزاعم کثیرة وقد تبین ذلک فى کل الاتفاقات الموقعة بین الجانبین الفلسطینى والاسرائیلى.

وتعتبر إسرائیل ان عودة اللاجئین خطرا کبیرا على مصالحها والترکیبة الدیموجرافیة فی المنطقة، لذلک هى ماضیة فى خطة مزدوجة تبدأ برفض حق العودة للفلسطینین وتنتهى عند إغراء الیهود بالهجرة إلى إسرائیل، فضلا عن استعادة مواطنیها الذین هاجروا بسبب الأوضاع الأمنیة فى المنطقة.

ویأتى التحرک الإسرائیلى متزامنا مع صدور دراسة رسمیة إسرائیلیة تکشف ان 700 ألف إسرائیلى یعیشون بالخارج یرفضون العودة للدولة العبریة بینهم نسبة کبیرة یمرون بعملیة تحول عن الیهودیة .

کما أوضحت الدراسة التى أجرتها وزارة الهجرة والاستیعاب الاسرائیلیة المعنیة بشئون المهاجرین ان ربع الشباب الاسرائیلى الذین یعیشون فىأاوروبا یتزوجون من غیر الیهودیات فى حین ان 60 % من الإسرائیلیین یعیشون فى أمریکا الشمالیة فى حین تتوزع النسبة الباقیة على أوروبا واسترالیا

وکان رد الفعل الإسرائیلى على هذه الدراسة منزعجا وسریعا فى نفس الوقت، وهو ما ظهر جلیا فی المقترح الذى قدمه وزیر الهجرة الاسرائیلى رافى ادرى لحل المشکلة، والذى یقضى بتخصیص 150 ملیون شیکل (37 ملیون دولار) لتمویل حملة دعائیة تهدف لإقناع هؤلاء الاسرائیلیین البالغ عددهم نحو 700 ألفا وخصوصا الشباب واسرهم بالعودة الى اسرائیل.

وانتشار ظاهرة هجرة الشباب الإسرائیلى کان محورا هاما فى دراسات المسئولین الإسرائیلین ومراکز الابحاث فى الفترة من أجل وضع حد لهذه الظاهرة الذى أثرت بالسلب على الهجرة الخارجیة، وجعلت المواطنین الیهود حول العالم التفکیر کثیرا قبل الإقدام بالهجرة إلى إسرائیل.

واتفق المحللون الاسرائیلیون  على ان معظم الذین یغادرون إسرائیل ینتمون للشباب الجامعى الذى یبحث عن فرص عمل مربحة لدى شرکات التقنیة المتقدمة فى أمریکا الشمالیة وأوروبا إلى جانب رجال الاعمال الذین لم یجدوا عوائد الاستثمار المشجعة فى إسرائیل مقارنة مع دول أمریکا الشمالیة وأوروبا.

ویذهب المحللون إلى ان هذه الهجرة تؤثر على کیان المجتمع الإسرائیلى داخلیا بشدة، حیث أشار البعض إلى ان شعبة الاستخبارات العسکریة الاسرائیلیة تواجه مشکلة فى العثور على خریجین جامعیین للعمل فى صفوفها فى مجال التجسس الالکترونى بسب تفضیل معظم الخریجین العمل فى شرکات التقنیات المتقدمة فى الخارج.

اما المؤسسات الامنیة والعسکریة فتتخوف من زیادة معدلات الهجرة من إسرائیل إلى الخارج لانعکاساتها المتوقعة على تقلص الموارد البشریة للجیش الاسرائیلى وزیادة العبء على القطاعات الجماهیریة التى تخدم فى الجیش .

وتعد روسیا والأرجنتین هما البلدان اللذان کانا یمثلان مصدر الهجرة الرئیسى لاسرائیل فى السنوات الخمس الماضیة، وقد تسبب تحسن الأوضاع الاقتصادیة فى البلدین خلال عام 2007 إلى زیادة نسبة الهجرة، هذا بالإضافة إلى الخوف الذى یسیطر علی معظم الإسرائیلیین من تدهور الاوضاع الامنیة والاقتصادیة فى اسرائیل.

وبحسب معطیات تقریر لمعهد تخطیط الشعب الیهودى فان عدد الیهود الذین یعیشون فى العالم واسرائیل یبلغ حالیا 1ر13 ملیون یهودى منهم 4ر5 ملیون یعیشون فى اسرائیل و 7ر7 ملیون یعیشون فى باقى انحاء العالم .

وزیادة الهجرة الإسرائیلیة کان بمثابة عاملا مشجعا لإسرائیل فى استمرار رفضها حق العودة للاجئین الفلسطینیین وقد ظهر ذلک فی حجج ومزاعم مختلفة تتغیر کل یوم حسب الظروف والأهواء الصهیونیة .

ففى مؤتمر مدرید للسلام 1991 تم تقسیم المحادثات بین العرب واسرائیل الى مسارین الاول : محادثات ثنائیة تجرى بین اطراف النزاع العربیة / لبنان وسوریا والاردن وفلسطین، والثانى : محادثات متعددة الاطراف تتناول المواضیع الرئیسیة التى یتطلب حلها تعاون جمیع الاطراف.

وکان نصیب قضیة اللاجئین فى المحادثات متعددة الاطراف التى بدأت فى موسکو 1992 وتشکلت فیها مجموعة عمل اللاجئین وأوکلت الیها مهام تکوین قاعدة البیانات الاساسیة المتعلقة باللاجئین ولم شمل الأسر الفلسطینیة وتنمیة المصادر البشریة والتدریب المهنى وخلق فرص العمل.

وقد عقدت مجموعة عمل اللاجئین ثمانى جلسات قاطعت إسرائیل ثانى اجتماعاتها المنعقد فى اوتاوا بکندا عام 1992، کما قاطعت اجتماعات اللجنة عند مناقشة لم الشمل وبعد ذلک قاطعت جامعة الدول العربیة الاجتماعات المتعددة الاطراف احتجاجا على عدم جدیة الطرف الاسرائیلى.

وکل ماورد فى اتفاقیة اوسلو عن قضیة اللاجئین هو الإشارة إلى بحثها فى مفاوضات الحل النهائى دون أى ذکر لحق العودة وجاءت خارطة الطریق بعدها لتبنى على ذلک وتعتمد نفس النص، ماعدا اشارة بذکر مبادرة السلام العربیة التى أقرت فى قمة بیروت عام 2002 ضمن المستندات التى تؤخذ بالاعتبار عند المفاوضات، وهذه المبادرة ایضا تحدثت عن حل لقضیة اللاجئین یتم التوصل الیه بالتوافق خلال المفاوضات ولم تتحدث عن حق ثابت للاجئین فى العودة الى دیارهم الاصلیة.

وعند الاعلان عن الاتفاق الفلسطینى - الاسرائیلى أدرجت قضیة اللاجئین مع قضایا الحل النهائى، وتم تشکیل لجنة تحضیریة رباعیة من إسرائیل والسلطة الفلسطینیة والأدن ومصر تعمل خلال المرحلة الانتقالیة لاستکمال اعمال مجموعة عمل المتعددة الاطراف المنبثقة عن محادثات مدرید .

وفى فترة مابعد اعلان الاتفاق الفلسطینى - الاسرائیلى برز موقفان ازاء قضیة اللاجئین؛ الموقف الفلسطینى والموقف الاسرائیلى، وتبلور الموقف الفلسطینى فى الالتزام بحق العودة للاجئین الفلسطینیین فى کافة مراحل لجوئهم وحق التعویض للاجئین والالتزام بمقررات الشرعیة الدولیة کأساس لحل هذه القضیة ولاسیما قرار الامم المتحدة رقم 194.

وتبلور موقف اسرائیل بالاجماع برفض حق العودة رفضا مطلقا سواء کان ذلک للاجئین أم النازخین على حد سواء، زاعمة ان استخدام هذا الحق یعنى تدمیر الدولة العبریة وإلغاء هویتها وکیانها وان مشروعیة حق عودة اللاجئین سیکون لها کبیر الاثر على الترکیبة السکانیة الاسرائیلیة

کما تحفظت اسرائیل على مسألة دفع تعویضات للاجئین الفلسطینیین مطالبة بدفع تعویضات مماثلة للیهود من الدول العربیة.

وطرحت إسرائیل نقاطا لتسویة قضیة اللاجئین منها اعتبار العودة قضیة إنسانیة ولیست سیاسیة وضرورة تحسین الاوضاع المعیشیة للاجئین حیث هم عبر اتفاقات دولیة.

وقبیل انعقاد مؤتمر انابولیس للسلام فی أمریکا الشهر الماضى کشفت مصادر إسرائیلیة عن وثیقة إسرائیلیة - فلسطینیة تقترح حلا لمشکلة حق العودة یتمثل فى إسقاط هذا الحق مقابل تعویضات للاجئین تصل إلى 85 ملیار دولار على ان یتم تمویل هذه الصفقة بالتعاون بین الدول المانحة .

هذه الوثیقة التى تحمل اسم "اتفاقیة اکس ان بروفانس" تنفى حق العودة على الرغم من انها تشیر إلى ان اى حل لقضیة اللاجئین یفترض ان یستند الى القرار 194 .

وکان الرئیس الامریکى السابق بیل کلینتون قد عرض على الطرفین الفلسطینى والاسرائیلى فى محادثات کامب دیفید عام 2000 اقتراحا یتمثل فى انه أمام اللائجین ان یختاروا بین مجموعة بدائل، توطینهم فى أمکنة جدیدة وترمیم أمکنة سکنهم الحالیة وتوطینهم فیها، تعویض بواسطة الاموال أو الممتلکات أو العبور إلى منطقة یتم تحویلها إلى فلسطین بموجب تبادل أراضى مع إسرائیل .

ویرى البعض ان قرار الجمعیة العمومیة للامم المتحدة رقم 194 والذى یجرى تأکیده سنویا لم ینشئ حق اللاجئین الفلسطینى بالعودة ولکنه اعاد صیاغة وتأکید مبدأ راسخ فى القانون الدولى العرفى لان الاعلان العالمى لحقوق الانسان ینص صراحة على ان لکل فرد الحق فى العودة إلى بلده ویستقى الاساس القانونى للقرار 194 مباشرة من القانون والممارسة الدولیین .

ویدعم من أهمیة حق العودة للاجئین الفلسطینیین ان الامم المتحدة أطلقت على العقد الاخیر من القرن الماضى اسم " عقد عودة اللاجئین" انطلاقا من ان القبول الدولى بحق اللاجئین بالعودة لایستند إلى اعتبارات إنسانیة فحسب ولکنه مؤسس على اعتبارات واحتیاجات عملیة .

 

 وعموما باتت إسرائیل محاصرة بین سندان حق عودة اللاجئین الفلسطینین وقبضة المهاجرین ومحاولاتها الفاشلة لمعادلة الکفة وهو ما دعی البعض للتسائل حول حق العودة لمن .. للفلسطینین أم للاسرائیلیین؟ .. وبین هذا وذاک مازالت الدولة العبریة تصر على مواقفها ومزاعمها اللا أساس لها من الصحة إلا فى عقول المسئولین الإسرائیلیین.

م/ ن / 25


| رمز الموضوع: 132130