الأسرى یتعرضون لصنوف التعذیب فی سجون الاحتلال
فروانـة : على العالم أجمع أن یدرک بأن الأمن والإستقرار فی المنطقة لم ولن یتحقق یوماً إلا بالسلام القائم على العدل الذی یبدأ بإنهاء الإحتلال وإطلاق سراح کافة الأسرى
غزة . وکالة قدسنا للأنباء.
کشف مدیر دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررین ، عبد الناصر عونی فروانة ، فی تقریر شامل حول " الأسرى القدامى " ، أن هؤلاء القدامى سجلوا أسمائهم بشکل فرادی وجماعی فی موسوعة " غینتس " العالمیة للأرقام .
مبیناً أن الأسیر سعید العتبة المعتقل منذ أکثر من ثلاثین عاماً ، قد حفر اسمه فی موسوعة " غینتس " للأرقام القیاسیة ، حیث تعتبر أطول فترة فی العالم ، ولم یسبق لأی أسیر سیاسی أن أمضى مثل هذه الفترة ، فحتى نلسون ماندیلا لم یمضی سوى 26 عاماً ، وقاتل الرئیس الأمریکی جون کینیدی أمضى 28 عاماً خلف القضبان .
ویضیف فروانة أن من بین الأسرى القدامى ( 232 ) اسیر أمضوا أکثر من خمسة عشر عاماً ، بینهم ( 73 ) أسیر مضى على اعتقالهم أکثر من عشرین عاماً ( تجدون أسمائهم کاملة على موقع فلسطین خلف القضبان ) وهؤلاء یطلق علیهم الفلسطینیون مصطلح عمداء الأسرى ، ولم یسبق وأن سجلت تجارب الشعوب ، تجربة جماعیة لأسرى سیاسیین بهذا العدد وقد أمضوا بشکل جماعی أکثر من عشرین عاماً فی الأسر ، ولا عن مجموعة من الأسرى وصل عددهم ( 10 أسرى ) أمضوا أکثر من ربع قرن فی الأسر ، وهذا یعنی أیضاً أن هؤلاء الأسرى القدامى قد سطروا أسمائهم کتجربة جماعیة فی موسوعة "غینتس " للأرقام القیاسیة ، وقد یکونوا قد سجلوا أسمائهم فی موسوعة " غینتس " بالنسبة لمجموع أیام الإضرابات عن الطعام التی خاضوها فی الأسر خلال فترة اعتقالهم .
وبذلک یکون الأسرى القدامى قد سجلوا عدة أرقام بشکل فردی وجماعی فی موسوعة " غینتس " للأرقام القیاسیة .
وأعرب فروانة وفق التقریر المرسل نسخه منه لمراسل وکالة قدسنا للأنباء " عن فخره بهؤلاء وبصمودهم الإسطوری ، إلا أنه فی الوقت ذاته عبر عن حزنه وخجله من إستمرار احتجازهم ، وانتقد الفصائل مجتمعة على قصورها وعجزها عن تحریرهم ، معتبراً أن لا معنى لأی عملیة تبادل قادمة لا تشمل إطلاق سراحهم .
وبین أنه إذا استمر هذا الحال فسنجد أمامنا العام القادم أکثر من أسیر وقد مضى على اعتقاله أکثر من ثلاثین عاماً ، وسینضم العشرات من الأسرى لقائمة من أمضوا أکثر من عشرین عاماً ، وبدلاً من أن یسجلوا أرقاماً فإنهم سیضطرون رغماً عنهم لأن یسجلوا صفحات فی موسوعة " غینتس " العالمیة .
وأوضح فروانة أن مصطلح " الأسرى القدامى " یطلق على قدامى الأسرى الفلسطینیین والعرب المعتقلین منذ ما قبل اتفاق أوسلو فی سبتمبر عام 1993 ، وقیام السلطة الوطنیة الفلسطینیة فی 4 آیار 1994 ، باعتبارهم قدامى الأسرى ، حیث أن أقل واحد منهم مضى على اعتقاله أربعة عشر عاماً ، فیما أقدمهم مضى على اعتقاله أکثر من ثلاثین عاماً ، وهؤلاء لیسوا من منطقة جغرافیة واحدة ، بل من مناطق جغرافیة مختلفة ومنهم من مناطق تتخطى حدود فلسطین .
وکشف مدیر دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررین عبد الناصر فروانة فی تقریره أن عددهم وصل إلى ( 356 ) أسیر ، منهم ( 141 ) أسیر من الضفة الغربیة وأقدمهم وأقدم الأسرى عموماً هو سعید وجیه العتبة ( 57 عاماً ) من نابلس ، وهو أعزب ومعتقل منذ 29/7/1977 ، و ( 139 ) أسیر من قطاع غزة وأقدمهم الأسیر سلیم علی الکیال ( 56 عاماً ) من مدینة غزة ، متزوج ولدیه بنت ومعتقل منذ 30/5/1983 ، و ( 49 ) أسیر من القدس وأقدمهم الأسیر فؤاد قاسم الرازم ( 49 عاماً ) أعزب ومعتقل منذ 30/1/1980 و ( 22 ) أسیر من المناطق الفلسطینیة التی أحتلت عام 1948 ، وأقدمهم وأکبرهم سناً هو الأسیر سامی خالد یونس ، وهو متزوج ومعتقل منذ 5/1/1983 وقد تجاوز السبعون عاماً من عمره ، فیما بینهم ( 5 ) أسرى عرب وأقدمهم وعمیدهم هوالأسیر اللبنانی / سمیر سامی القنطار ( 46 عاماً ) من قریة عبیة فی الجنوب اللبنانی ، وهو أعزب ومعتقل منذ 22 نیسان 1979 ، بالإضافة إلى ( 4 أسرى ) سوریین من هضبة الجولان المحتلة وهم بشیر سلیمان المقت ( 42 عاماً ) وصدقی سلیمان المقت ( 40 عاماً ) ، وعاصم محمود والی ( 40 عاماً ) وستیان نمر والی ( 41 عاماً ) ، وجمیعهم معتقلون منذ أغسطس1985 .
وأکد فروانة أن لهؤلاء الأسرى القدامى حکایات وقصص طویلة تحتاج لمجلدات ولأشهر الکتاب والشعراء والمؤرخین لتدوینها ، وهم یعانون ضعف مما یعانیه الأسرى الآخرون ، ولکل منهم قصصه وحکایاته ، فهم أفنوا زهرات شبابهم خلف القضبان ، وتعرضوا لصنوف مختلفة من التعذیب وتنقلوا للعیش من سجن لآخر ومن زنزانة إلى أخرى ، وذاقوا مرارة العزل بأنواعه المختلفة ، وعاصروا أجیال وأجیال ، فاستقبلوا آلاف الأسرى الجدد ، وودعوا أمثالهم ، ومنهم من أمضى من عمره فی السجن أکثر مما أمضى خارجه ، وبینهم من ترک أبنائه أطفالاً ، لیلتقی بهم ویعانقهم للمرة الأولى وهم أسرى مثله خلف القضبان کالأسیر فخری البرغوثى الذی اجتمع بنجلیه فى سجن عسقلان لیحتضنهم لأول مرة بعد اعتقال استمر سبعة وعشرین عاماً ، والأمر نفسه بالنسبة للاسیر أحمد أبو السعود الذی ترک أولاده الخمسة فی السنوات الأولى من عمرهم لیلتقی هو وأحد أبناءه بعد أکثر من عشرین عاماً فی السجن بدلاً من أن یلتقیا فی منزل العائلة کباقی الناس.
وأضاف أن منهم من کبر أبنائه وتزوجوا ، واکتفى لأن یرسل لهم ببعض الکلمات کهدیة بمناسبة زفافهم بدلاً من أن یحضر حفل الزفاف بنفسه ، ومنهم من فقد والدیه أو احداهما ، دون أن یُسمح لهُ بأن یُلقی ولو حتى نظرة الوداع الأخیر علیهما قبل الدفن ، وبعضهم محروم من زیارة الأهل منذ سنوات ، و الکثیر منهم لم یرَ أحبة وأصدقاء له منذ لحظة اعتقاله ، بل ونسى صورهم وملامح جیرانه وحتى أقربائه ، ومنهم .. إلخ
وعن أوضاعهم المعیشیة والصحیة یؤکد فروانة أنهم یعیشون کباقی الأسرى، فلا اعتبار لکبر سنهم أو لعدد السنین الطویلة التی أمضوها وآثارها السلبیة علیهم من جراء ظروف السجون التى هی أصلاً لا تتناسب وأبسط الحیاة البشریة وتفتقر لأدنى الحقوق الإنسانیة ، و إلى وسائل الرعایة الصحیة، وهم یعیشون مع باقی الأسرى فی ذات الظروف الإعتقالیة القاسیة ویتعرضون لما یتعرض له الأسرى من معاملة غیر إنسانیة واستفزازات یومیة وقمع متواصل ومداهمة غرفهم بشکل مفاجئ لیلاً ونهاراً واجراء تفتیشات استفزازیة ، وفی أحیاناً کثیرة ولأتفه الأسباب تقدم الإدارة على عزل بعضهم فی زنازین انفرادیة ، کما وتجری تنقلات مستمرة لهم خشیة من تأثیراتهم على الأسرى ولإحداث ارباکات وعدم استقرار داخل السجون ، مما یعنی جدلیاً معاناة للأهل ، حیث علیهم التنقل معهم متحملین اشکال مختلفة من العذاب والمعاناة .
وأعرب فروانة عن قلقه الشدید على أوضاعهم الصحیة ، حیث أن جمیعهم یعانون من أمراض مختلفة وبدرجات متفاوتة ، فی ظل سیاسة الإهمال الطبی المتعمد ، مما یفاقم أمراضهم ویؤدی الى استفحالها ، ویعرض حیاتهم للخطر ، ومنهم من یعانی من أمراض خطیرة تستدعی عملیات عاجلة ، ولکن نادراً ما یتم نقل أحدهم إلى ما یسمى مستشفى سجن الرملة ، فی ظل نقص العلاج الضروری وعدم السماح بادخاله من الخارج وهذا مخالف لکل الإتفاقیات الدولیة التی تلزم الدول الحاجزة على توفیر العیادات المناسبة والعلاج والأدویة الضروریة ، وجزء منهم إلتحقوا بقافلة شهداء الحرکة الأسیرة ، بعد ان ساءت وتدهورت اوضاعهم الصحیة ، ورفض سلطات الإحتلال الإفراج عنهم رغم مرور سنوات طوال على اعتقالهم مثل الأسیر محمد حسن ابوهدوان من القدس، والذى استشهد فى مستشفى اساف هروفیه الاسرائیلى بتاریخ 4-11-2004 ، بعد أمضى 19 عاماً فی الأسر، وأیضاً الأسیر یوسف دیاب العرعیر من غزة والذی استشهد فی سجن الرملة بتاریخ 20-6-1998.
وتطرق فروانة " إلى الموقف الإسرائیلی منهم ، مؤکداً أن حکومات الإحتلال المتعاقبة لا زالت متمسکة بشروطها ومعاییرها المجحفة الظالمة ، حیث تصف هؤلاء القدامى ( بالأیادی الملطخة بالدماء ) ، وبالتالی ترفض إطلاق سراحهم ، وبالتالی تم استبعادهم من الإفراجات التی أعقبت اتفاق أوسلو والإتفاقیات الأخرى ، ومن کافة الدفعات التی أطلق سراحها خلال إنتفاضة الأقصى، لیس هذا فحسب بل عملیة التبادل مع حزب الله فی ینایر 2004 لم تتضمن هی الأخرى أیٍ من هؤلاء الأسرى القدامى أیضاً .
وبالنسبة للإتفاقیات الموقعة ما بین الحکومة الإسرائیلیة من جانب ومنظمة التحریر الفلسطینیة وسلطتها الوطنیة من جانب آخر ، فبین فروانة أن اتفاق أوسلو والإتفاقیات اللاحقة لم تتضمن نصاً واضحاً یکفل الإفراج عنهم ، سوى اتفاقیة شرم الشیخ الموقعة بتاریخ 4 سبتمبر 1999 ، التی عالجت جزءاً من الخلل وتضمنت نصاً واضحاً یکفل الإفراج عن کافة الأسرى القدامى حیث ورد النص التالی : ( ان الحکومة الاسرائیلیة ستفرج عن المعتقلین الفلسطینیین الذین ارتکبوا مخالفاتهم قبل 13 ایلول 1993 ، والذین اعتقلوا قبل 4 أیار 1994 ( أی قبل إعلان المبادئ وقیام السلطة الوطنیة الفلسطینیة ) ، وأوضح فروانة أن حکومة الإحتلال وبموجب ذلک أطلقت سراح المئات منهم ، فیما لا تزال تحتجز المئات منهم وترفض اطلاق سراحهم بالرغم من مرور أکثر من ثمانی سنوات على تلک الإتفاقیة .
وبهذا الصدد دعا فروانة الى ضرورة تفعیل اللجنة الفلسطینیة – الإسرائیلیة المشترکة ونسف المعاییر الإسرائیلیة المجحفة التی تعتمد علیها الحکومة الإسرائیلیة فی تحدید قوائم الأسرى المقرر الإفراج عنهم ، والضغط من أجل إلزام اسرائیل بتنفیذ الإتفاقیات الموقعة مع منظمة التحریر الفلسطینیة وسلطتها الوطنیة.
الأسرى .. قضیة وطنیة ویجب أن تکون قضیة عربیة إسلامیة
وعن الموقف الفلسطینی أکد الباحث المختص بقضایا الأسرى عبد الناصر فروانة أن قضیة الإفراج عنهم وعن الأسرى عموماً تقف فی صلب اهتمام الرئاسة والحکومة الفلسطینیة وعلى سلم أولویاتهم وأصبحت المعیار الأساسی لمدى جدیة " إسرائیل " فى التعاطی مع العملیة السلمیة ، باعتبارها مقدمة أساسیة لنجاح وتقدم العملیة السلمیة.
والشعب الفلسطینی عامة لن یقبل بعملیة سلمیة تُبقى أسراه القدامى فی السجون ، ودون جدول زمنی واضح یکفل الإفراج عن کافة الأسرى ، کما واعتبر أن نجاح أی عملیة تبادل للأسرى مرهون بمدى شمولیتها للأسرى القدامى .
وأعرب فروانة عن ثقته بالرئاسة والحکومة الفلسطینیة بأنها لن تقدم على التوقیع على أی اتفاق لا یتضمن جدولاً زمنیاً یکفل الإفراج عن کافة الأسرى وفی مقدمتم القدامى ، مستحضراً رسالة الرئیس أبو مازن للأسرى بمناسبة عید الأضحى والتی أکد فیها أنه لن یکون هناک اتفاق سلام نهائی بدون الإفراج عن کافة الأسرى المناضلین وتبییض سجون الاحتلال و شدد سیادته على انه لن یألو جهداً من أجل تحقیق ذلک ، کما وأشاد فروانة بجهود وزیر الأسرى أشرف العجرمی وزیاراته المستمرة لأهالی الأسرى القدامى ، والإطلاع عن کثب على أوضاعهم ، وما تبعه من قرار للحکومة الفلسطینیة برئاسة د. سلام فیاض والقاضی بتکریم هؤلاء والتخفیف من معاناتهم المضاعفة ومعاناة ذویهم وصرف مبلغ ( 5000 $ ) خمسة آلاف دولار لذوی کل أسیر أمضى أکثر من عشرین عاماً ولا زال فی الأسر .
وناشد فروانة الأمتین العربیة والإسلامیة بتبنی قضیة الأسرى عموماً والقدامى خصوصاً ، لا سیما وأن هؤلاء الأسرى ناضلوا وضحوا من أجل قضیة عربیة اسلامیة ، ومساندتهم والدفاع عنهم والعمل على تحریرهم ، هو أیضاً واجب عربی واسلامی .
وذکر فروانة فی تقریره أن من بین الأسرى القدامى ( 73 ) أسیراً مضى على اعتقاله أکثر من عشرین عاماً فی الأسر ، وهؤلاء یطلق علیهم الفلسطینیون مصطلح عمداء الأسرى ، وأورد فی تقریره کافة أسمائهم ، وهؤلاء موزعین على مناطق جغرافیة مختلفة ، فمنهم ( 32 ) أسیر من الضفة ، و( 13 ) أسیر من القدس ، و( 12 ) أسیر من مناطق ال48 ، و( 11 ) أسیر من قطاع غزة ، و( 5 ) أسرى عرب .
وبیَّن أن من بین هؤلاء ( 10 ) أسرى مضى على اعتقالهم أکثر من ربع قرن ، وهم بالترتیب حسب الأقدمیة : سعید وجیه العتبة المعتقل منذ 29-7-1977 من نابلس ، نائل صالح برغوثی المعتقل منذ 4-4-1978 من رام الله ، فخری عصفور برغوثی المعتقل منذ 23-6-1978 من رام الله ، الأسیر العربی سمیر قنطار المعتقل منذ 22-4-1979 من لبنان ، أکرم عبد العزیز منصور المعتقل منذ 2-8-1979 من قلقیلیة، محمد ابراهیم أبو علی المعتقل منذ 21-8-1981 من الخلیل ، فؤاد قاسم الرازم المعتقل منذ 30-1-1981 من القدس ، ابراهیم فضل جابر المعتقل منذ 1-8-1982 من الخلیل ، حسن علی سلمة المعتقل منذ 8-8-1982 من رام الله ، عثمان علی مصلح المعتقل منذ 15-10-1982 من نابلس .
ویلاحظ أن جمیعهم من الضفة الغربیة باستثناء الأسیر فؤاد الرازم من القدس والأسیر القنطار من لبنان ، فیما سینضم لهم اسرى آخرین العام القادم من مناطق ال48 وأسیر آخر من غزة هو سلیم الکیال .
وفی ختام تقریره أعرب الباحث فروانة عن آمله فی أن یرى جمیع هؤلاء النور وینالوا حریتهم قریباً ، لیعودوا سالمین الى ذویهم وأحبتهم وشعبهم الذی اشتاق لهم وطال انتظاره لعودتهم .
وقال أن على العالم أجمع أن یدرک بأن الأمن والإستقرار فی المنطقة لم ولن یتحقق یوماً إلا بالسلام القائم على العدل الذی یبدأ بإنهاء الإحتلال وإطلاق سراح کافة الأسرى وفی مقدمتهم الأسرى القدامى ضمن جدول زمنی واضح وملزم .
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS