منذ "انتفاضة الحجارة" .. 283 ألف فلسطینی
أکثر من 800 ألف فلسطینی اعتقلوا فی سجون الاحتلال منذ 1967 .. جزء منهم من الأطفال
لم تبق عائلة فلسطینیة ولا منزل إلا وجرّب أحد أفراده أو جمیعهم فی أحیان کثیرة مرارة الاعتقال فی سجون الاحتلال الصهیونی على مدى سنوات النضال ضد الاحتلال الغاصب للأرض، لا سیما منذ اندلاع الانتفاضة الأولى "انتفاضة الحجر" فی سنة 1987.
تشیر أحدث التقاریر الصادرة عن وزارة شؤون الأسرى والمحررین فی حکومة تسییر الأعمال الشرعیة، إلى أن سلطات الاحتلال الصهیونی اعتقلت ما یزید عن (283) ألف مواطن فلسطینی منذ اندلاع الانتفاضة الأولى فی الثامن من کانون أول (دیسمبر) 1987، منهم (210) آلاف حالة اعتقال حتى منتصف 1994، و(10000) حالة اعتقال ما بین 1994 وحتى اندلاع انتفاضة الأقصى فی أیلول (سبتمبر) سنة 2000، و(63) ألف حالة اعتقال خلال انتفاضة الأقصى وحتى الآن لیصل مجموع من اعتقلتهم إلى (283) ألف حالة اعتقال من مختلف الأعمار.
ویقول ریاض الأشقر، مدیر الدائرة الإعلامیة فی الوزارة فی بیان صحفی وصل "المرکز الفلسطینی للإعلام" نسخة منه: "إن الجیش الصهیونی ومنذ احتلاله للأراضی الفلسطینیة لجأت إلى استخدام سیاسة الاعتقال ضد الفلسطینیین فی محاولة منها لکسر إرادتهم، ووقف مقاومتهم التی تتصاعد باستمرار وتأخذ أشکالاً مختلفة من أسالیب المقاومة"، مضیفاً: "إلا أنه وعلى الرغم من الأعداد الهائلة التی اعتقلها الاحتلال والتی وصلت إلى ما یقارب ربع الشعب الفلسطینی الذی ذاق مرارة الاعتقال ومر بتلک التجربة القاسیة إلا أن الشعب الفلسطینی لم یثنه الاعتقال عن الاستمرار فی مقاومته لاسترجاع حقوقه، بالإضافة إلى أن الأسر والاعتقال اعتبر مفخرة للشباب الفلسطینی الذی یدافع عن أرضه ومقدساته".
السجون أکادیمیات
وحوّل المعتقلون الفلسطینیون السجون والمعتقلات من مکان لکسر الإرادة وخنق الروح الوطنیة والاستعباد، إلى مکان للتعلیم والتأهیل وصقل روح التحدی والمقاومة، حیث أصبحت السجون مدارس بل جامعات.
ویشیر الأشقر إلى أن المئات من الأسرى حصلوا على الشهادات الجامعیة بل على الشهادات العلیا وهم داخل السجون، ومثَّل على ذلک بالأسیر (ناصر عبد الجواد) والذی حصل على درجة الدکتوراه من إحدى الجامعات الأمریکیة بعد مناقشه رسالته حول التسامح الإسلامی مع غیر المسلمین عبر الهاتف النقال، وقد حصل على الدکتوراه مع مرتبة الشرف.
ولفت الانتباه إلى أن السجون أکادیمیة خرجت الرجال الذین قادوا دفة الحیاة السیاسیة والاجتماعیة فی کل أنحاء الوطن، وکذلک خرجت القادة العسکریین الذین تقدموا الصفوف وقادوا مقاومة الشعب الفلسطینی ومازالوا إلى الآن.
وأضاف الأشقر بأن أوضاع الأسرى خلال الانتفاضة الأولى کانت أسوأ بکثیر مما هی علیه الآن، حیث اضطرت سلطات الاحتلال إلى افتتاح سجون جدیدة لاستیعاب الأعداد الکبیرة التی کانت تعتقلها یومیاً من جمیع أنحاء الضفة الغربیة وقطاع غزة والقدس لإخماد الانتفاضة، وهذه السجون کانت تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط الحیاة البسیطة، فکان الطعام سیئ کماً ونوعاً، ولا یوجد أغطیه أو مراتب للنوم أو ملابس، کذلک کانت العدید من السجون یمنع فیها الزیارات بشکل نهائی فسجن "کتسیعوت" فی صحراء النقب مثلاً والذی افتتح فی عام 1988م، لم یسمح بزیارة الأسرى فیه سوى فی نهایة عام 1991م.
سجن النقب من أکبر السجون
ویعتبر سجن النقب الصحراوی من أکبر السجون التی افتتحها الاحتلال خلال الانتفاضة الأولى لاستیعاب المعتقلین، حیث اعتقل فی هذا السجن ما یزید عن 100 ألف أسیر، کانت تمارس فیه سلطات الاحتلال کافة أشکال الإهانة والتنکیل بالمعتقلین، من اقتحام الأقسام والاعتداء على الأسرى بالضرب ورش الغاز السام، وهذا عدا عن عملیات الاقتحام بعد منتصف اللیل بحجة العدد الأمنی للمعتقلین.
وتشیر وزارة شؤون الأسرى إلى أن إدارة السجن لا تبالی بالأوضاع المناخیة، حیث یعتبر الجو الصحراوی من أشد المناطق برودة فی فصل الشتاء مما یزید من معاناة المعتقلین، بالإضافة إلى العدد الیومی لثلاث مرات، والتنغیص على حیاة الأسرى بالنقل والعزل والقمع وعدم السماح بزیارة المحامین والأهل وعدم تقدیم العلاج اللازم للمرضى، واشتهر فی تلک الفترة مصطلح (الماء الشافی)، حیث کان ما یسمى طبیب السجن یصف الماء لعلاج کل مرض یشتکى منه الأسرى، ثم تقدمت أسالیب العلاج فی السجن فکان العلاج السحری (حبة الأکامول) علاجاً شافیاً لکل الأمراض بما فیها الخطیرة، کذلک کانت هناک أوامر للسجانین بالتعامل مع الأسرى بکل بقسوة وعنف.
وقال ریاض الأشقر مدیر الدائرة الإعلامیة فی الوزارة: إن الحرکة الأسیرة قدمت خلال الانتفاضة الأولى (43) شهیداً، منهم (25) من سکان الضفة الغربیة و(18) شهیداً من سکان قطاع غزة، ومن بین الشهداء الأسرى (23) شهیداً قضوا نتیجة التعذیب القاسی والعنیف على أیدی المحققین، والذی استخدمت فیه سلطات الاحتلال أسالیب التعذیب المحرمة دولیاً، و(11) أسیراً استشهدوا نتیجة الإهمال الطبی المتعمد من قبل إدارة السجون، و(29) من الشهداء وهما أسعد الشوا وبسام الصمودی استشهدا نتیجة إطلاق النار علیهما مباشرة من قبل حراس سجن النقب أثناء احتجاج للأسرى على أوضاعهم السیئة، وکذلک استشهد (7) أسرى نتیجة القتل العمد بدم بارد بعد الاعتقال.
الأسرى القدامى .. والجدد
وقال تقریر الدائرة الإعلامیة بأنه ما یزال فی الأسر حتى الآن (356 أسیراً) من المعتقلین منذ الانتفاضة الأولى وقبلها وهم الأسرى القدامى الذین رفض الاحتلال الإفراج عنهم بحجة أن "أیادیهم ملطخة بدم الیهود" کما یقولون، منهم (141) أسیراً من الضفة الغربیة، وأقدمهم وأقدم الأسرى جمیعاً الأسیر (سعید العتبة) والمعتقل منذ 1977، ومنهم (139) أسیراً من قطاع غزة، وأقدمهم الأسیر (سلیم الکیال) والمعتقل منذ 1983، وهناک (49 أسیراً) من الأسرى القدامى، من أبناء القدس وأقدمهم فؤاد الرازم، المعتقل منذ1981، و(22 أسیراً) من أراضی 1948 وأقدمهم الأسیر (سامی خالد یونس) ومعتقل منذ 1983، و(5) من الأسرى العرب، وأقدمهم الأسیر( سمیر القنطار) المعتقل منذ 1979.
وأوضح التقریر بأن الاحتلال اعتقل منذ 1967 ما یزید عن (800) ألف فلسطینی، لا یزال منهم (11500) أسیر داخل سجون الاحتلال، منهم (335) طفلاً وهو العدد المتبقی من أکثر من (6500) طفل اعتقلوا خلال انتفاضة الأقصى، وهناک (118) أسیرة لا یزلن رهن الاعتقال من أکثر من (670) أسیرة اعتقلن خلال انتفاضة الأقصى، وکذلک هناک (1000) أسیر یخضعون للاعتقال الإداری الظالم دون محاکمة أو تهمة تدینهم، وهناک أکثر من (1200) أسیر مریض منهم من یعانی من أمراض خطیرة جداً فی ظل إهمال طبی متعمد ومقصود بهدف ترک الأسرى فریسة للأمراض الفتاکة تنهش أجسادهم وتحولهم إلى أجساد منهکة لا حول لها ولا قوة، کما وصل عدد شهداء الحرکة الأسیرة بعد تصفیة المعتقل (محمد الأشقر) برصاص الوحدات الخاصة إلى (192) شهید من الأسرى، منهم (70) أسیراً استشهدوا نتیجة التعذیب، و( 46 أسیراً) سقطوا نتیجة سیاسة الإهمال الطبی المتعمد و(68) استشهدوا نتیجة القتل العمد بعد الاعتقال.
قمع الأسرى
ولا تزال إدارة السجون تمارس حملة قمع منظمة ضد الأسرى والأسیرات فی کافة السجون ومراکز التوقیف والتحقیق والذی یبلغ عددها (28) سجناً ومعتقلاً، فی ظل صمت عالمی مطبق على معاناة هؤلاء الأسرى، مما یفتح شهیة الاحتلال أکثر وأکثر لزیادة قمع وتعذیب الأسرى.
وحمّلت مختلف الفصائل والمؤسسات الحقوقیة المجتمع الدولی کامل المسؤولیة عن معاناة الأسرى، بل واتهامها فی أحیان کثیرة بمشارکة کامله فی هذه المعاناة التی یحیاها الأسرى یومیاً بفعل الانتهاکات التی تمارسها بحقهم سلطات الاحتلال، فی زمن یبحث فیه أصحاب دعاوى حقوق الإنسان والمترفون عن حقوق الکلاب الضائعة والقطط المشردة، ویقیمون لها جمعیات خاصة وبیوت إیواء لا یحلم بربعها الأسرى الفلسطینیون فی سجون الاحتلال.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS