مشارکة عربیة "جماعیة" فی مؤتمر أنابولیس

  مشارکة عربیة "جماعیة" لیست على مستوى الرؤساء فی مؤتمر أنابولیس

أکد مسئول فلسطینی رفیع المستوى أن الدول العربیة الـ13 الأعضاء فی لجنة مبادرة السلام العربیة ستشارک فی مؤتمر أنابولیس للسلام الإسرائیلی الفلسطینی الذی تقرر عقده یوم 27 نوفمبر الجاری، بالرغم من عدم صدور تأکیدات رسمیة عربیة بشأن هذه المشارکة حتى الآن.

یأتی ذلک فی الوقت الذی قال فیه رئیس الوزراء الإسرائیلی إیهود أولمرت خلال لقائه الیوم الثلاثاء مع الرئیس المصری حسنی مبارک فی شرم الشیخ: إن مجرد انعقاد المؤتمر یُعَدّ "نجاحًا فی حد ذاته".

وقال المسئول الفلسطینی الذی طلب عدم الکشف عن هویته: إن لجنة المبادرة التی تضم "مصر والسعودیة وسوریا ولبنان وفلسطین والأردن والبحرین والمغرب والیمن وقطر وتونس والجزائر والسودان"، إلى جانب الأمین العام للجامعة العربیة، سیشارکون فی المؤتمر.

وبرّر ذلک بأنه "أمام الرغبة الواضحة للسلطة الفلسطینیة برئاسة محمود عباس فی المشارکة باعتبار أن المؤتمر سیشکل فی أسوأ الأحوال فرصة أمام ما یقرب من 40 دولة والعدید من المنظمات الدولیة والإقلیمیة؛ لتذکیر العالم بالحقوق الفلسطینیة، فإن الدول العربیة لن تمتنع عن المشارکة فی المؤتمر".

غیر أنه أشار إلى أن مستوى المشارکة العربیة متروک لقیادات الدول العربیة، ومن غیر المنتظر أن یکون رفیعًا بالنظر لتدنی سقف التوقعات من نتائج المؤتمر، وتوقع أیضًا أن یتم التغلب على التحفظات التی أبداها عدد من الدول العربیة، خصوصًا سوریا، خلال الأیام المقبلة.

وأوضح أنه "من المتوقع أن تکون معظم المشارکات العربیة على مستوى وزراء الخارجیة، فیما ستکون مشارکة السعودیة على الأرجح على مستوى سفیرها فی الولایات المتحدة، بینما لم تتضح بشکل نهائی ملامح المشارکة السوریة".

من جانبه، صرح المتحدث باسم الخارجیة الأمریکیة شون مکورماک الیوم أن الدعوات ستوجه للجنة الجامعة العربیة التی تضم بشکل خاص السعودیة وسوریا، بالإضافة إلى الإسرائیلیین والفلسطینیین والقوى الکبرى وغیرها.

ومن المتوقع أن یعقد مؤتمر أنابولیس فی مبنى الأکادیمیة البحریة یوم 27 نوفمبر، مع عقد اجتماعات أخرى متعلقة به بواشنطن قبله بیوم ثم بعده بیوم، بحسب رویترز.

حذر سوری ومرونة سعودیة

و أفادت وکالة أنباء الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة نقلاً عن وزیر الخارجیة السوری ولید المعلم قوله: "إن سوریا ستشارک فی المؤتمر شریطة وضع قضیة هضبة الجولان فی جدول أعمال المؤتمر"، وهو الأمر المستبعد حتى الآن بالنظر إلى أن المؤتمر سیرکز على القضیة الفلسطینیة.

وأجرت سوریا وإسرائیل محادثات سلام عام 2000، لکنها فشلت فی التوصل إلى اتفاق حول مصیر هضبة الجولان السوریة التی احتلتها إسرائیل فی حرب عام 1967؛ بسبب رفض إسرائیل الانسحاب من کامل الهضبة.

وردًّا على سؤال حول ما إذا کانت مشارکة دول عربیة، مثل السعودیة ستعتبر تطبیعًا مع إسرائیل قال المسئول الفلسطینی الرفیع: "إن مشارکة السعودیة أو غیرها من الدول العربیة لن تکون تطبیعًا.. فالسعودیة تشارک فی اجتماعات الجمعیة العامة للأمم المتحدة ولجانها المتخصصة، وإسرائیل عضوًا فی المنظمة الدولیة ولجانها ومع ذلک لا تعتبر هذه المشارکة تطبیعًا".

وأوضح المسئول :  " إننا نعلم أن المؤتمر له أهداف إسرائیلیة -تطبیع وأمن- وأمریکیة -الحشد ضد إیران- وهی أهداف تختلف عن الأهداف العربیة، ولکننا سنبذل کل جهد ممکن من أجل استغلال هذه الفرصة التاریخیة من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائیلی للأراضی العربیة، وإقامة الدولة الفلسطینیة وعاصمتها القدس والتی تعتبر لبّ الصراع فی الشرق الأوسط".

ولم تتخذ المملکة السعودیة حتى الآن موقفًا علنیًّا حول مشارکتها فی الاجتماع الدولی، حیث تطالب بأن یبحث القضایا الرئیسیة للنزاع بین إسرائیل والفلسطینیین کشرط لحضورها.

وأبدى وزیر الخارجیة السعودی سعود الفیصل مرونة فی هذا الموقف خلال مؤتمر صحفی الإثنین 19-11-2007 قائلاً: "لا نستطیع أن نقول (إن) هناک خیبة أمل بالنسبة لمؤتمر أنابولیس"، مشیرًا إلى المرتکزات التی سیرتکز علیها المؤتمر هی خریطة الطریق والمبادرة العربیة وقرارات الشرعیة الدولیة.

تأیید مصری

وفی مؤتمر صحفی مشترک بمنتجع شرم الشیخ مع رئیس الوزراء الإسرائیلی إیهود أولمرت، أبدى الرئیس المصری حسنی مبارک تأییدًا وتفاؤلاً حذرًا فی الوقت نفسه حیال مؤتمر أنابولیس، مشددًا على ضرورة أن یتناول القضایا الرئیسیة حتى یتسنى إطلاق مفاوضات جادة بین الفلسطینیین والإسرائیلیین.

وقال مبارک: "لا ندعی أن المفاوضات ستفشل، ولکن لننتظر حتى نرى وما سیحدث وبعدها یمکننا الحکم". وأضاف: "إننی أتطلع مخلصًا لنجاح الاجتماع الدولی فی أنابولیس، فی إطلاق مفاوضات سلام جادة تتناول قضایا الوضع النهائی فی إطار زمنی محدد، ووفق آلیة للمتابعة متفق علیها".

وتابع: "أتطلع لمواقف بنّاءة من رئیس الوزراء أولمرت تسهم فی نجاح المؤتمر الدولی المقبل".

ولم یحدد مبارک بصورة قاطعة ما إذا کانت مصر سترسل وفدًا إلى أنابولیس أو ستشجع دولاً عربیة أخرى على المشارکة فی الاجتماع.

وکانت مصر قد اقترحت الشهر الماضی تأجیل المؤتمر، مشیرة إلى عدم وجود ترتیبات کافیة له وهو ما یهدد بفشله فی تحقیق النتائج المرجوة منه، غیر أن مبارک لم یطرح فکرة التأجیل مجددًا خلال المؤتمر الصحفی مع أولمرت.

وفی المقابل، قال أولمرت: إنه یرحب بالتأیید المصری لمؤتمر أنابولیس، لکنه استبعد أن یؤدی الاجتماع إلى نتائج سریعة.

وأضاف "الرئیس مبارک بفعل وضعه ومکانته یعطی تغطیة ودعمًا لمؤتمر أنابولیس؛ وهذا فی حد ذاته یعتبر دعمًا لنجاح أنابولیس کمؤتمر".

وتابع بقوله: "المفاوضات ستدور حول أهم المشکلات الأساسیة التی نحتاج إلى بحثها من أجل تحقیق رؤیة دولتین لشعبینا"، لکنه أکد على أن "انعقاد المؤتمر فی حد ذاته یعنی النجاح".

التحرکات العربیة

وعلى صعید التحرکات الدبلوماسیة العربیة، بدأت جامعة الدول العربیة الاستعدادات لعقد الاجتماع الاستثنائی لوزراء خارجیة لجنة مبادرة السلام العربیة یوم الجمعة 23-11-2007 الذی دعا إلیه الأمین العام للجامعة عمرو موسى؛ لتبنی موقف موحد من مؤتمر أنابولیس.

وقال رئیس مکتب الأمین العام للجامعة العربیة السفیر هشام یوسف لإسلام أون لاین الیوم: إن وزراء خارجیة لجنة مبادرة السلام العربیة سیعقدون اجتماعًا تشاوریًّا لهم مساء یوم الخمیس 22-11-2007 على أن یعقد الاجتماع الرسمی یوم الجمعة فی مقر الأمانة العامة للجامعة العربیة برئاسة السعودیة الرئیس الحالی للقمة العربیة.

وأضاف یوسف أن الهدف من هذا الاجتماع هو التشاور حول الموقف العربی فی إطار الإعداد لهذا المؤتمر، لافتًا إلى أن الجانب الفلسطینی سیقدم تقریرًا شاملاً حول نتائج المباحثات والمشاورات الجاریة مع الحکومة الإسرائیلیة، فیما یتعلق بالإعداد لهذا المؤتمر، وفی ضوء هذه المشاورات سیتم اتخاذ الموقف العربی من هذا المؤتمر.

ومن جانبه، قال السفیر محمد صبیح الأمین العام المساعد للجامعة العربیة لشئون فلسطین والأراضی العربیة المحتلة فی تصریح لإسلام أون لاین: إن لجنة مبادرة السلام ستستمع للوفد الفلسطینی برئاسة الرئیس الفلسطینی محمود عباس وما لدیه من معلومات ونتائج اللقاءات مع الجانب الإسرائیلی، مشیرًا إلى أنه یبدو من کلام المفاوضین الفلسطینیین أن هناک عقبات حقیقیة.

وأعرب صبیح عن اعتقاده بأنه لا یمکن أن یکون هناک مؤتمر للسلام ناجح فی ظل استمرار عملیة بناء المستوطنات، متهمًا الحکومة الإسرائیلیة بمحاولة نقل الصراعات داخلها إلى عملیة التفاوض؛ لتخریب المؤتمر والضغط على الجانب الفلسطینی.

ویقول دبلوماسیون ومسئولون: إن فرص اتفاق مفصل فی أنابولیس ضئیلة، وإن أقصى ما یتوقع هو إطار ترتیبات لمحادثات إسرائیلیة فلسطینیة مستقبلیة، بالنظر إلى موقف إسرائیل الرافض للانسحاب من الأراضی العربیة التی احتلتها عام 1967 بما فیها القدس الشرقیة.

ن/25