معطيات ودلالات متصاعدة تشير لقرب حدوث حرب أهلية في "اسرائيل".. تعرف عليها

حالة من التوتر الداخلي وتظاهرات كبيرة يعيشها الكيان الإسرائيلي في الأسابيع الماضية تنذر بوقوع الحرب الأهلية، على خلفية محاولة إقالة رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار، وجدوى استمرار الحرب على غزة واسترجاع الأسرى من القطاع.
كما يقترب الكيان الإسرائيلي بشكل غير مسبوق من احتمالية اندلاع حرب أهلية تهدد أسس النظام الديمقراطي فيها، نتيجة لتصعيد غير مسبوق في الصراع بين حكومة الاحتلال، وبين مؤسسات ما تسمى "الدولة الديمقراطية"، وعلى رأسها المحكمة الإسرائيلية العليا.
وبحسب مراقبين إسرائيليين، فإن ما تسمى "الديمقراطية الإسرائيلية" مهددة من الداخل، من قبل سلطات الدولة ذاتها، وأن خطر الانزلاق إلى فوضى دموية لم يعد مجرد احتمال، بل واقع يلوح في الأفق.
كما تأتي التطورات السياسية وسط انقسام داخلي كبير وفي خطوة غير مسبوقة، حيث وقع نحو ألف جندي من جنود الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي عريضة يطالبون فيها بوقف الحرب بشكل فوري وإعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة إلى ديارهم دون مماطلة، حتى لو كان الثمن هو إنهاء القتال في غزة، واعتبرت العريضة أن الحرب في الوقت الراهن تخدم مصالح سياسية وشخصية وليست أمنية، وردا على هذه الخطوة صدق رئيس أركان جيش الاحتلال "إيال زامير" على قرار فصل الجنود المشاركين، بينما اعتبر وزير الحرب "يسرائيل كاتس" العريضة محاولة للمساس بشرعية الحرب على غزة من أجل استعادة المختطفين وهزيمة حماس، حسب ادعاءه.
فوضى وانقلاب سياسي رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، حذر من أن الكيان الإسرائيلي يقترب بشكل غير مسبوق من حرب أهلية تهدد أسس النظام الديمقراطي فيها، نتيجة لتصعيد غير مسبوق في الصراع بين الحكومة، وبين مؤسسات "الدولة الديمقراطية"، وعلى رأسها المحكمة العليا، وأن خطر الانزلاق إلى فوضى دموية لم يعد مجرد احتمال، بل واقع يلوح في الأفق.
ووصف أولمرت في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، حادثة اقتحم فيها نائب في الكنيست المحكمة العليا وتصرف بهمجية أثناء جلسة مهمة بأنها ليست حالة معزولة، بل جزء من خطة أوسع لهدم مؤسسات "الدولة" وتقويض أسس الديمقراطية، بدعم مباشر أو ضمني من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
وأشار إلى أن أعضاء الكنيست لا يتمتعون بحصانة تخولهم التصرف بعدوانية أو بطريقة همجية داخل المحكمة، مؤكدًا أن ما حدث من فوضى داخل قاعة المحكمة لا يمكن تبريره تحت غطاء العمل البرلماني.
واعتبر أن الفوضى كانت متعمدة لإهانة القضاء وتقويض شرعيته أمام الرأي العام، خاصة بعد أن هدد مسؤولون حكوميون بمقاطعة جهاز الشاباك والقضاة إن لم تصدر المحكمة العليا أحكاما تتماشى مع رغبات الحكومة.
ويصور المقال الذي نشره أولمرت هذه التحركات كمحاولة لانقلاب سياسي داخل الكيان، ليس من قبل الشعب أو المعارضة، بل من قبل من هم في سدة الحكم.
واتهم الوزراء وأعضاء الكنيست المنتمين للائتلاف الحاكم بالتحريض العلني ضد المحكمة العليا، وبالعمل على تقويض شرعيتها، بل فتح الباب أمام سيناريوهات خطيرة قد تشمل السيطرة بالقوة على وسائل الإعلام ومحاصرة المحكمة.
المليشيات المسلحة ويتوقع أولمرت أن تلجأ المليشيات المسلحة، التي يدعمها وزير الأمن القومي "إيتمار بن غفير"، إلى اقتحام استوديوهات القنوات التلفزيونية، وتهديد الصحفيين، والسيطرة على بث الأخبار، كما يفعلون في المحاكم والساحات العامة.
وأشار رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي السابق إلى أن هذه التهديدات ليست خيالية، بل تتجسد تدريجيا في الواقع، من خلال حملات التحريض، والتجييش، واستهداف الصحفيين، والمعارضين. ولفت إلى احتمالية أن نشهد شخصيات مثل الناشط من أقصى اليمين بنتسي غوبشتاين أو مغني الراب المعروف بـ"الظل" وهم يسيطرون على بث الأخبار في القنوات الكبرى، بدلا من الصحفيين المحترفين الذين يتم التحريض ضدهم اليوم بتهمة "الخيانة" أو "العمل لصالح العدو".
وتابع أن القلق يمتد أيضا إلى أداء الجيش الإسرائيلي، إذ يشير إلى وقائع عنف خطيرة ترتكبها وحدات عسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة ضد الفلسطينيين، من بينها قتل مسعفين فلسطينيين في ظروف متعمدة. محذرًا من تسرب ثقافة العنف إلى داخل الجيش ذاته، مما يُضعف من تماسكه. كما انتقد أولمرت صمت المؤسسات الأمنية، وفشل الشرطة في منع أعمال العنف التي يمارسها المستوطنون بحق الفلسطينيين، مقارنة بفاعليتها الشديدة ضد الضحايا أنفسهم.
وحذر من أن حربا أهلية مدمّرة قد تكون وشيكة ما لم تتخذ خطوات حاسمة لوقف الانحدار، متسائلاً عما إذا كان الخروج الشعبي الحاشد إلى الشوارع سيكون سببا في منع العنف أو تسريعه.
باتت قريبة تحت عنوان "المواجهة بين نتنياهو وبار تقربنا من نوع من الحرب الأهلية"، كتب المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، مقالا، استعرض من خلاله عمق الشرخ والاستقطاب السياسي بالمشهد الإسرائيلي الذي تكرس عقب أحداث السابع من أكتوبر2023، وكذلك الانقسام بالمجتمع الإسرائيلي الذي ينقسم مجموعتين، مجموعة نتنياهو ومجموعة ثانية مناهضة له.
واعتقد برنياع أن هذا الانقسام يقرب الكيان الإسرائيلي إلى نوع من الحرب الأهلية، قائلاً إن "الصراع الداخلي الإسرائيلي في الوقت الحالي، لا يزال بلا أسلحة، لكنه يقربنا إلى مرحلة فقدان الثقة والعصيان وعدم انصياع في الأجهزة الأمنية، وسوف ينتهي هذا الأمر بجهاز شاباك مختلف، ومكتب مدع عام مختلف، ثم محكمة عدل عليا مختلفة وقوانين أساسية أخرى".
وأوضح أن الخلافات بين نتنياهو وبار تصاعدت تدريجيا، وذلك على خلفية المظاهرات والاحتجاجات ضد خطة الإصلاحات بالجهاز القضائي، حيث تحفظ الشاباك على الخطة، مشيرا إلى أن الجهود التي بذلها بار بمفاوضات صفقة التبادل أدت إلى تفاقم الأزمة والخلافات، وعلى هذا الأساس سارع نتنياهو إلى إقالة بار من فريق المفاوضات.
وقال المحلل السياسي الإسرائيلي، إن رئيس الحكومة الذي فقد قبضته ويتصرف بدون كوابح، "سوف يحكمنا كما يشاء، وسوف تتبعه حكومة فاشلة، نحن على الأرجح ندخل أياما من القتال المتزايد في غزة، من دون اتفاق، ومن دون صفقة تبادل، ومن دون أن يتلقى الجمهور الإسرائيلي تفسيرا لسبب التوجه للعمل العسكري، إنها أزمة ثقة أثناء القتال".
وفي المقابل نشر 150 من الضباط السابقين في سلاح البحرية عريضة يؤيدون فيها عريضة سلاح الجو معتبرين إياها "دعوة أخلاقية لإعادة المخطوفين"، في ضوء الاتفاق الواسع بين الجمهور على أولوية عودة الأسرى. ونشرت مساء الخميس عريضة أخرى وقعها العشرات من أطباء الاحتياط في سلاح الطب تأييدا لعريضة سلاح الجو.
وكذا الحال في سلاحي المدرعات والاستخبارات حيث نشرت تقارير عن عريضة يجري التوقيع عليها. وذكرت القناة الـ13 أن المئات من جنود الاحتياط في وحدة الاستخبارات 8200 التابعة لجيش الاحتلال ينضمون إلى العريضة الاحتجاجية بشأن عودة الحرب بغزة.
كما ذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن نحو ألفين من أعضاء الهيئة الأكاديمية في مؤسسات التعليم العالي وقعوا على عريضة تطالب بإنهاء الحرب بغزة وإعادة الأسرى.
المصدر : شهاب
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS