الدكتورة زهرا مصطفوي في كلمـة لها بمناسبة يوم القدس العالمي في تونس :
الدفاع عن القدس في الظروف الراهنة هو واجب انساني واسلامي/كل مسيرة تضامنية ستعود بنتائج ايجابية للشعب الفلسطيني

لاشك أن انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني، ودعم الإمام الخميني المتواصل للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، أدي إلي توسع واستمرار كفاح هذا الشعب ضد الصهاينة المحتلين.
اكدت الدكتورة زهرا مصطفوي الامين العام للجمعية الدفاع عن الشعب الفلسطيني في كلمة لها بمناسبـة يوم القدس العالمي في تونس علي ضرورة الدفاع عن الشعب الفلسطيني و متابعـة قضيتها.
و فيما يلي نص الكلمـة :
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين
أيها الإخوة والأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
بدايةً أتوجه بكل التحية والتقدير للأخ الفاضل، سعادة سفير الجمهورية الإسلامية الايرانية، الدكتور«مصطفي بروجردي».
اسمحوا لي أن أتوّجه إليكم بالشكر الجزيل إلي القائمين علي هذا الاجتماع، وإقامته في هذه الظروف الحساسة. كما أتوجه بجزيل الشكر والتقدير والاحترام إلي الحضور الكريم الذي حضر هذا الاجتماع الذي يُعقَد في شهر رمضان المبارك.
أيها الحضور الكريم؛ الأخوات والأخوة الكرام..
كما تعلمون، إن هذا الإجتماع عُقِدَ بمناسبة ذكري يوم القدس العالمي الذي دعا له الإمام الخميني " قدس سره الشريف" في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك نصرةً للقضية الفلسطينية.
وهنا أوَدُ أن أشير إلي افكار الإمام الخميني ومنهجه في ثلاثة مجالات.
اولاً: إن أحد أهم الركائز الفكرية للإمام الخميني بوصفه قائداً اجتماعياً هي الشعب الذي يَتَكوَّن منه المجتمع. إن الإمام الخميني كان يري بأن الشعب هو محور التحرك الإجتماعي وأن الشعب هو الذي يُحَدِد مصير الأحداث السياسية والإجتماعية.
و بطبيعة الحال، كان يؤكد علي الدور الهام والفعال للنُخب علي الأحداث والتطورات الاجتماعية، ينبغي أن تكون خطوات النخبة وأهدافهم ذات معنى مفيد أو ذات مغزى وأن تكون قابلة للقياس وقابلة للتحقق.
إن الإمام الخميني وفي العديد من خطاباته التي وجهها إلي النخبة والذين يقفون في طليعة الكفاح والجهاد والقيادة، وكان يقول: لولا محاولات الشعب لكنتم الآن في الظلمات وتحت التعذيب.
إضافة إلي ذلك، كان الإمام الخميني لايُعطي دوراً لنفسه في الانتصارات التي تم تحقيقها، لذلك كان يقول: إن ابناء الشعب هم اولياء نعمتنا، بذلك كان يوضح موقفه من الشعب. أنا لا اتذكر ولو لمرة واحدة، ظهر فيها الإمام الخميني نسب انتصار الثورة الإسلامية إلي نفسه أو إلي فئة محددة غير ابناء الشعب بشكل عام.
و في إطار ذلك، كان الإمام الخميني يهتم بضرورة تربية شخصيات فقيهة ومكافحة لتكون رائدة في توجيه ابناء الشعب نحو مكافحة الاستبداد و الاستعمار.
بعون الله وتوفيقه، ان حركة النخبة في ايران أدت إلي تحولاً اجتماعياً، ولو لم تؤدي تلك الحركات إلي تحولاً اجتماعياً، لفشلت وكانت هباءً منثورا. إن الثورة الإسلامية في إيران كانت نتيجة تلك الحركات الإجتماعية التي قام بها نخبة من ابناء الشعب الايراني.
ثانياً: الموضوع الثاني الذي كان الإمام الخميني يؤكد عليه بشكل دائم هو ضرورة إرساء دعائم الوحدة. إن الامام الخميني كان يري بأن انتصار الثورة الإسلامية كان نتيجة الوحدة والإيمان والتضحية من قبل ابناء الشعب الإيراني. إن الإمام الخميني كان يؤكد علي ضرورة إرساء دعائم الوحدة ليس في ايران حسب، بل العالم الإسلامي بأسره. إن الإمام كان يري بأن مستقبل الأمة ومصيرها مرهون بوحدة ابناءها.
إن وحدة الأمة الإسلامية بالنسبة للامام الخميني كانت تَعني بأن كافة ابناء الأمة والدول الإسلامية يجب أن يرجحوا المصالح العامة للامة علي مصالحهم الفردية. ومعني ذلك أن المصالح الوطنية هي أقل اهمية بالنسبة للمصالح العامة التي تؤثر علي مسقبل الأمة الإسلامية.
إن الإمام الخميني كان يَعتَبر الوحدة الإسلامية معتقداً دينياً إضافة إلي كونه طاقة واداة سياسية واجتماعية يمكن من خلالها تحقيق مصالح الأمة. ومعني ذلك أن ابناء الأمة يدٌ واحدةٌ، وأنهم اخوة، ويجب عليهم الإبتعاد عن الفرقة والاختلاف، وهذه المعاني كُلها قد وردت في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. إذن أن الأصل الثاني في فكر الإمام الخميني هو الوحدة.
وهنا لابد من الإشارة إلي نقطة هامة وهي أن اهتمام الإمام الخميني بالقضية الفلسطينية يدخل في إطار دعوته لارساء دعائم الوحدة بين الشعوب والدول الإسلامية. إن فلسطين ارض اسلامية احتلتها القوات الصهيونية، تلك القوات التي تتابع اهداف استعمارية واسعة، بناءً علي الأسس الاستعمارية للمشروع الصهيوني.
إن الإمام الخميني كان يؤكد علي ضرورة دعم القضية الفلسطينية، وجعلها علي سُلَّم اولوياته، وكان يدعو الدول والشعوب الإسلامية للوحدة وتوظيف كافة الطاقات والإمكانيات من أجل محاربة العدو الصهيوني.
وهنا لابد أن نشير بأن اي خلاف عرقي، أو طائفي أو سياسي يحدث بين الدول الإسلامية تنعكس نتائجه السلبية علي القضية المركزية للأمة؛ اي القضية الفلسطينية. لأن الخلافات بين الدول الإسلامية تؤدي إلي استنزاف طاقات الأمة، كما تؤدي إلي حرف الأنظار عن العدو الرئيسي للأمة وهو العدو الصهيوني الذي احتل فلسطين.
إن ثالث الأصول أو المحاور الذي كان الإمام يؤكد عليها طوال حياته الثورية، هوالدعم الشعبي لمسيرة الكفاح والمقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي. إن الإمام الخميني كان يؤكد علي أن الشعب الفلسطيني عليه مسؤوليات، وفي نفس الوقت تتحمل الشعوب الإسلامية الأخري مسؤوليات أخري في مسيرة النضال والكفاح ضد العدو الصهيوني. إن مسؤولية الشعب الفلسطيني هي الكفاح المباشر بكافة الوسائل والطرق المتاحة.
لاشك أن انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني، ودعم الإمام الخميني المتواصل للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، أدي إلي توسع واستمرار كفاح هذا الشعب ضد الصهاينة المحتلين.
إن الانتفاضات الأولي والثانية، ومسيرة العودة التي تشهدها الآن الأراضي الفلسطينية، ما هي إلا نتيجة من نتائج هذا الدعم المتواصل، وهي أحداث غَيّرَت موازين القوي والصراع في فلسطين.
إضافة إلي ذلك، أثّرَ انتصار الثورة الإسلامية في إيران علي المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، كما أثر علي ظهور بعض حركات المقاومة الاسلامية؛ تلك الحركات التي استطاعت أن تُكَّبِد اسرائيل خسائر فادحة وتجبره علي التراجع والاستسلام.
إذن، نحن مكلفون بالعمل من أجل انقاذ فلسطين من براثن الصهاينة المحتلين. وهذا العمل يجب أن يكون في محورين اساسيين:
أولا: التظاهر في مسيرات احتجاجية والاعلان عن التضامن والدعم الكامل للشعب الفلسطيني. إن الامام الخميني وباعلانه يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان لكل عام يوماً عالمياً للقدس، أراد أن يحدث تغييراً اجتماعياً كما أراد أن يُحشِد الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية إلي جانب توحيد ابناء الأمة من أجل الدفاع عن الشعب الفلسطيني.
لاشك أن كل مسيرة تضامنية مهما كانت صغيرة ستعود بنتائج ايجابية للشعب الفلسطيني وستزيد من عزيمة هذا الشعب ومقاومته، ويعطيهم املاً بأن صوت مظلوميتهم قد وصل إلي احرار العالم.
وهذا الأمر يفسر لنا حقيقة وهي أننا يجب أن لانتجاهل دور المسيرات والفعاليات الإعلامية والثقافية الداعمة للقضية الفلسطينية، كما أن لتلك الفعاليات تأثيراً كبيراً علي المقاومة والجهاد ضد الاحتلال الاسرائيلي. إن يوم القدس العالمي هو يوم تنظيم تظاهرة ذات صوت واحد لإيصال مظلومية الشعب الفلسطيني واعلان الدعم عن فلسطين، ولتلك المسيرات لها دورٌ كبير في احياء القضية الفلسطينية من جهة وبث روح المقاومة في نفوس ابناء الشعب الفلسطيني من جهة أخري.
ثانياً: مقاطعة الشركات الإسرائيلية. هناك العديد من الشركات الاقتصادية في العالم تعمل في مجال دعم الاقتصاد الإسرائيلي، إذن التعامل مع تلك الشركات وشراء انتاجاتها يعني دعم الاقتصاد الاسرائيلي.
لذا يجب علي الامة الإسلامية مقاطعة تلك الشركات وانتاجاتها، لان ذلك يعتبر خطوة داعمة للشعب الفلسطيني وقضيته، وصفعة للاحتلال الاسرائيلي واقتصاده. أنا أؤكد علي ضرورة حَث الشعوب علي مقاطعة الشركات الاسرائيلية أو الشركات الداعمة للاقتصاد الاسرائيلي. هذا كفاح يمكن لكل فرد أن يمارسه بشكل يومي وطيلة أيام السنة.
أيها الاخوة والأخوات..
أنا أحدثكم بصفتي رئيساً لمنظمة غير حكومة تُسمي جمعية الدفاع عن الشعب الفلسطيني وتتخذ من طهران مقراً لها. كما أترأس اتحاد المنظمات غير الحكومية الداعمة لفلسطين، وهو اتحاد يعمل في الدول المختلفة ويضم 40 منظمة غير حكومية(NGO) داعمة للشعب الفلسطيني وقضيته.
نحن في هذا المنظمات نعمل بكافة الوسائل والطرق من أجل حشد الدعم للشعب الفلسطيني لاسيما الدعم الشعبي. إن المحاور التي ذكرتها آنفاً هي من أهم وانجع الطرق لتحقيق هذا الهدف.
وبصفتي المسؤولة عن هذه المنظمات أدعو من جناب المسؤولين عن المؤسسات و المنظمات غير الحكومية المحترمين الانضمام لمنظمتنا و يشرف على قبول تسجيلكم معنا السيد مهدي شكيبايي مساعدي المتواجد بيننا
بطبيعة الحال كل تلك الخطوات مأخوذة من منهج الإمام الخميني. ومعني ذلك، صحيح ان الامام لم يكلفني بضرورة السير علي هذا المنهج أو لم يرسم لي الطريق، لكنني وبسبب معرفتي بمنهجه الثوري، أعلم جيداً بأن هذا العمل موازياً لأفكار الإمام.
انه دعم فكرة انشاء منظمة داعمة للشعب الفلسطيني تشمل النساء والرجال، وقدم لي الدعم المالي من أجل تنفيذها، كما طلب من الحكومة آنذاك بدعم هذه الفكرة.
لاشك أن الدفاع عن المظلومين والمستصعفين يساعد علي معرفة منهج الامام الخميني ومكانته، فماذا لو كان هذا المظلوم اخ لنا في الدين.
وفي الختام أوَدُ التأكيد علي أن الدفاع عن القدس في الظروف الراهنة هو واجب انساني واسلامي. يجب علينا متابعة أخر التطورات علي الساحة الفلسطينية بشكل يومي كما يجب علينا اتخاذ موقف من تلك التطورات، لان مواقف الشعوب تدفع القادة والحكومات إلي اتخاذ مواقف موازية لمواقف الشعوب.
ومن أهم القضايا التي شهدتها الساحة الفلسطينية في الأيام الأخيرة هي قضية نقل السفارة الأمريكية إلي مدينة القدس المحتلة، يجب علينا اتخاذ موقفاً واضحاً من هذا الإجراء العدواني كما يجب علينا العمل من أجل منع الدول الأخري من اتخاذ خطوة مماثلة لما قامت به الادارة الامريكية بشأن القدس المحتلة.
وآمل أن يتحقق وعد قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي الذي قال: إن القدس هي عاصمة فلسطين الأبدية، وقدر الله أن فلسطين سوف تتحرر، وان امريكا واذنابها لايمكنهم أن يغيروا قدر الله.
وختاماً اسأل الله تعالي أن يغفر لشهداء فلسطين الذين استشهدوا في الأيام الأخيرة(خلال مسيرات العودة) كما أجدد الشكر والتقدير لكم جميعاً و لكافة المهتمين بقضية الفلسطين في تونس حكومة و شعباً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS