الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

سلاح الظمأ : اسرائیل تهدد الأمن المائى والعرب یغفلون

سلاح الظمأ : اسرائیل تهدد الأمن المائى والعرب یغفلون

 

الماء العذب والرطب من الأشیاء الغالیة للغایة فى کل مکان وبصورة خاصة فى أکثر الأماکن جفافاً والأکثر حرارة فى العالم بأسره- ألا وهو الشرق الأوسط.

هذا هو السبب الذى جعل من الماء مصدرا إستراتیجیا وهو السبب الذى جعل البعض مثل إسرائیل تقوم بکل ما هو ممکن من أجل تأمین مخزون یمکن الإعتماد علیه.

فإذا ذکرنا ما أورده الاسرائیلی خموشى شاریت: "إن الماء بالنسبة لنا هو الحیاة ذاتها." فهذه العبارة هى التى تشکل السیاسة الإسرائیلیة بدایة من فترة الإنتداب، بل یذهب المحللون إلى أبعد من ذلک فى اعتبارهم أن الماء هو سلاح غیر منظور یمکن اسرائیل فى حال سیطرتها على منابع المیاه فى المنطقة من إخضاع العرب لمتطلباتها. ویقول دافید شالوم أستاذ جامعى متخصص فى التاریخ الصهیونی: "لن تتوانى اسرائیل عن تجرید سلاح الظمأ فى تحقیق اهدافها، فطالما أنها تتسلح بما هو أخطر "السلاح النووی" فما الذى یمنعها من أن تهلک اعداءها عطشاً".

الإنتهاکات الإسرائیلیة للقانون الدولى للمیاه فى الأراضى المحتلة

انتهکت إسرائیل فقرات القانون الدولى رقم 43 و 55 الموجودة بتوصیات وقواعد هاجو لعام 1907 عن طریق تضمین مصادر میاه الأراضى المحتلة بداخل نظامها القانونى والبیروقراطى مع إنکار حق الفلسطینین فى تطویر مصادر المیاه تلک لاستخدامهم.

ولقد انتهکت إسرائیل أیضاً القاعدة رقم 27 من اتفاقیة جنیف الرابعة والتى تتعلق بمعاملة "جمیع الأشخاص المحمیین... بنفس الاعتبار من جانب الطرف الذى یمتلک السلطة فى الصراع...".

ثم سنجد انتهاکها للفقرة رقم 6 لاتفاقیة الأمم المتحدة والمتعلقة بقانون الاستخدامات غیر الملاحیة للمجارى المائیة الدولیة. ویتطلب هذا الأمر تمییزا فى المیاه بین الدول من أجل أن یکون هذا التقسیم مناسبا ومتکافئا. ولا یتم هذا طبقاً لقاعدة معینة وإنما بالنظر إلى سبعة أسباب:

1ـ الصفات المشترکة للمجرى المائی- 2ـ جغرافیته ومناخه ومیاه وهکذا؛ 3ـ الإحتیاجات الإجتماعیة والإقتصادیة لکل دولة؛ وشعبها؛ 4ـ کیفیة تأثیر استخدام المجرى المائى فى إحدى الدول على الدولة الأخرى؛ 6ـ وجود المجرى المائى والاستخدامات الممکنة؛ وحمایة موارد المجرى المائى وتنمیتها وتکلفة الإجراءات التى ستضمن هذا الأمر؛ 7ـ بدائل الاستخدام المخططة أو الموجودة.

وبوضع القانون الدولى وجمیع الأسباب السالف ذکرها فى الحسبان، سنجد أن الحقوق الفلسطینیة قد تعرضت للاضطهاد بشدة. إن الأمن المائى من الأشیاء المؤثرة للغایة بالنسبة إلى إسرائیل، وإن تأمین والحفاظ على الدعم من الأشیاء الضروریة.

وفى الضفة الغربیة المحتلة، یتم منع العرب من حفر آبار جدیدة دون الحصول على ترخیصات خاصة، والتى تکون من المستحیل الحصول علیها من الناحیة العملیة ولا یبدو أنها ستتغیر. ویتم أیضاً إغلاق العدید من الآبار الموجودة بالفعل من أجل جعل الفلسطینیین یحصلون على أنصبة قلیلة للغایة، أقل من الإسرائیلیین بکثیر.

وتذهب أغلب میاه الضفة الغربیة إلى الإسرائیلیین والمستوطنین الکُثر.

ویتم أیضاً تحویل من 50 إلى 75 بالمئة من میاه نهر الأردن. وبنمو مواطنیها وإزدیادهم یزداد إحتیاجها للمیاه.

ولقد کان هذا الأمر أحد الأسباب التى أدت إلى إجتیاح لبنان عام 1982- من أجل السیطرة على نهر اللیطانى فى جنوبى البلاد. ولا یزال هذا النهر بعیداً عن ید إسرائیل حتى الیوم، ولکن یجب أن یکون هناک مصدر أکثر وفرة من أجل تأمین الوصول إلى الأنهار الکبرى مثل النیل أوالفرات أو شیهان وسیهان فى ترکیا.

ومنذ التسعینیات من القرن الماضی، مثلت المیاه والقضایا البیئیة الأخرى قضایا من بین أهم القضایا الموجودة فى العلاقات التحادثیة الإسرائیلیة الثنائیة مع الفلسطینین.

ولقد تضمنت معاهدة السلام التى وقعتها مع الأردن فى عام 1994 خمسة قواعد مرتبطة بذلک. ولقد طالب کلاً منهما بالإهتمامات المائیة والبیئیة.ولقد کان إقلیم الجولان الغنى بالمیاه بمثابة حجر عثرة فى سبیل التوصل لإتفاق مماثل مع سوریا، کما کان الأمر مماثلاً للمحادثات الفلسطینیة الثنائیة.

ولقد تم استغلال الموارد المائیة الموجودة بالأرض بشکل مفرط فى السنوات الماضیة، ولکن لقد کان أقل القلیل منها یضیع فى الاستهلاک الفلسطینی. وکان هذا من الأسباب المزعزعة الرئیسیة وعقبة فى سبیل تحقیق سلام وأمان حقیقیین.

ویوجد هناک العدید من القضایا التى یجب التحدث عنها. کما یعتبر التوزیع غیر المتساوى للمصادر المائیة النادرة وذات القیمة العالیة من القضایا التى نادراً ما تتم مناقشتها.

جفاف صیف 2008 یزید المشکلة

تقریباً ما یکون لدى الإسرائیلیین عادة احتیاجاتهم الکافیة من الماء للزراعیة والشرب والاستحمام ورشاشات المیاه وغسیل السیارات وملء أحواض السباحة وغیرها. وفى المقابل، یمتلک الفلسطینیون أقل القلیل من تلک المیاه.

ویبدو الأمر أسوأ فى الصیف، ولکن لقد جعلت حالة الجفاف الأسوأ التى تأتى فى هذا العقد الأمر مأساویاً. إذ أن الاستهلاک قد وصل فى شمالى الضفة الغربیة إلى ثلث الاستهلاک الأدنى المطلوب.

ویرجع هذا إلى أن سقوط الأمطار هذا العام قد وصل إلى أقل من ثلثى الهطول المعتاد. وأما فى المناطق الجنوبیة، فقد وصل الهطول إلى أکثر من النصف بقلیل.

ولقد تأثرت بذلک بعض المدن مثل طوباس وجنین ونابلس والتلال العبریة بشکل خاص.

وطبقاً لتقدیرات الهیئة الفلسطینیة للمیاه، فإن نقصان الهطول فى الأمطار على الضفة الغربیة وصل من 42 ملیون متر مکعب إلى 69 ملیون متر مکعب. وإن استهلاک الضفة یصل إلى 79 ملیون متر مکعب من المیاه وهو ما یجعل الإمدادات الطارئة بمثابة شیء ضروری.

ولقد وصل معدل الفرد من المیاه فى الضفة الغربیة إلى 66 لترا "للاستخدام المحلى والمدنى والقروى والصناعی"، وهو رقم أقل بکثیر من الـ 100 لتر التى نصت علیها منظمة الصحة العالمیة بکونها الحد الأدنى من الاستخدامات الشخصیة.

ولقد جعلت أسعار المیاه التى یتم شراؤها بشکل شخصى الأمور أسوأ والتى تمثل 50 % من إمدادات الضفة الغربیة- والتى تراوحت أسعارها بین 15 إلى 30 شیکل وهو ما یزید بستة أضعاف على السعر الذى یدفعه الإسرائیلیون. وکنتیجة لقلة هطول الأمطار فى هذا العام، ألقى ارتفاع الأسعار بحمل مستحیل على عاتق الفلسطینیین الفقراء من أجل شراء ما یکفیهم من حاجیاتهم المائیة.

ویکمن البدیل فى الشرب من المصادر المشکوک فیها بعدما جفت الکمیات التى تم جمعها فى الصهاریج- أو من المیاه الراکدة أو من الینابیع الملوثة والتى یمکن أن تعرض مستخدمیها إلى أمراض خطیرة.

خطط تحلیة ماء البحر

لقد قامت مجلة العالِم الجدید "آخر الأخبار العلمیة والتکنولوجیة والتقاریر والتطویرات والأبحاث" لأکثر من خمسین عاماً.

وأصدرت تلک المجلة فى مایو من العام 2004 تقریراً إلى أن إسرائیل تمتلک "خطة سریة لعمل مصنع هائل لتحلیة ماء البحر من أجل توفیر میاه "مخصخصة" للشرب بالنسبة للفلسطینیین الموجودین بالضفة الغربیة".

ولکن فى الواقع کان هذا المصنع من أجل توفیر الإمدادات المائیة للإسرائیلیین، ولکن تلک هى وجهة النظر. لن تقوم إسرائیل بتمویل هذا المشروع ولا یمکن للفلسطینیین القیام بهذا أیضاً. وهذا یعنى أن المجتمع الدولى أو بالأحرى الولایات المتحدة سیضطرون إلى القیام بذلک.

وأوضح کبار علماء المیاه درجة السوء التى ستحدث إن لم یکتمل هذا المشروع: "إن تحلیة میاه البحر وضخها إلى الضفة الغربیة... سیکلف حوالى دولار واحد لضخ متر مکعب واحد"، وهى تکلفة مستحیل أن یستطیع الفسطینون تحملها بمعدل تبادل بقیمة 3,3 شیکل لکل دولار. ولن یستطیع معظم إن لم یکن کل الإسرائیلیین القیام بذلک أیضاً.

وعلى الرغم من ذلک، فإن ألفین نیومان، مدیر المساعدة الأمریکیة للموارد المائیة، دعم المشروع، بنیة طیبة. وإن تم تأمین التمویل فإن هذا سیعنى إیجاد العدید من عقود العمل بالنسبة لمتعاقدى المساعدة الأمریکیة. وعلى الناحیة الأخرى یقبع الفلسطینیون فى خوف شدید. فإنهم یهدفون إلى عمل خطط تحلیة منفردة تتم تبعاً لمطالبهم فى الضفة الغربیة وتبعاً للموارد الموجودة تحت أرضهم.

ولقد قال إیهاب البرغوثی، مدیر هیئة المیاه الفلسطینیة لمشاریع المیاه فى إحدى المرات: "لا یمکننا أن نفعل هذا "لا یمکننا نحن أیضاً القیام بذلک" ولا نمتلک المال أو الخبرة لإجراء تلک التحلیة". وتعتبر غزة بمثابة قضیة أخرى. فإنها تعتمد فقط تقریباً على الآبار الصغیرة التى تأتى من المیاه الجوفیة الساحلیة.

ولکن بسقوط معدلات المیاه إلى معدلات ضئیلة، تأثرت تلک المیاه بشکل کبیر بمیاه البحر المالحة. ولقد توقع بعض العلماء الأمریکیین أنه خلال 15 عاماً "من عام 2004" لن یکون لدى غزة أیة میاه قابلة للشرب وستضطر إلى استیراد إحتیاجاتها من المیاه.

ولکن حتى الآن أعلنت منظمة الصحة العالمیة فى أحد تقاریرها عن أن جودة میاه غزة تقل عن المعاییر المطلوبة نتیجة لتدهور حالة المیاه الجوفیة. وبالإضافة إلى ذلک، فإن 40 بالمئة من منازل غزة تفتقر إلى المیاه الجاریة، طبقاً لما ذکرته هیئة المیاه الفلسطینیة.

ویکمن الحل الممکن الآخر فى تشیید مصنع تنافذ میاه البحر الموافق علیه والممول بشکل سطحى من أجل تزوید إحتیاجات الأراضی. وتعتبر تلک طریقة أخرى لتحلیة ماء البحر، ولکن سنرى هنا أیضاً التکلفة.

وتشیر مجلة العالم الجدید إلى أنه إذا أصبح هذان المشروعان حقیقة فإنهم سیجعلان من فلسطین "تعتمد على التحلیة أکثر من أى دولة أخرى فى العالم". وبالنظر إلى تکلفة المیاه المحلاة، فإنه لن تتمکن الغالبیة العظمى من الفلسطینیین المطحونین من توفیرها.

وبکلام أکثر وضوحا، ستشحد اسرائیل مساعدات لبناء مثل تلک المفاعلات لتحلیة المیاه على حساب الفلسطینین والادعاء بأنها ستخدم وتقدم المیاه الصالحة للشرب للفلسطینیین. ولکن إلى أن یتم الانتهاء من بناء المفاعلات سنجد أن کل المیاه المحلاة لن تطفئ ظمأ فلسطینى واحد بل ستذهب لترطیب الاسرائیلیین فقط.

إن القانون الدولى قانون مدعم، فهو یعترف بضرورة تأمین میاه الشرب لکل البشر بشکل متساو کحق إنسانى رئیسى ویطالب القوى المحتلة بالتأکید على هذا الأمر.فلقد أکدت الجمعیة العامة بالأمم المتحدة على حق تقریر المصیر بالنسبة للفلسطینین بالإضافة إلى سیطرتهم على مواردهم الخاصة- فى القرارات رقم 1803 "1962"، و2672 سی، "1970"، و2787 "1971" و 3098 دى "1980".

وفى دیسمبر من العام 1966، تبنى هذا القانون المیثاق الدولى للحقوق الإقتصادیة والإجتماعیة والثقافیة.

وتؤکد الفقرة رقم 1 "1" على حق تقریر المصیر، "2" على أنه: "یمکن لجمیع البشر - من أجل احتیاجاتهم الخاصة - الترتیب بحریة لثروتهم ومواردهم الطبیعیة دون التحیز إلى أى التزامات صادرة من التعاون الدولى الإقتصادی، ومعتمدة على مبدأ التعاون المتبادل، والقانون الدولی.

ولا یمکن بأى حال أن یُحرم الأشخاص من مصادر حیاتهم." إن الأمر الآن فى أیدى الهیئة الدولیة لدفع قواعدها الخاصة إلى الأمام والدفاع عنها.

ولکن هل ستستطیع هذه المنظمات الدولیة من وضع حد لـ "سلاح الظمأ" الذى یشهره الاسرائیلیون على رقاب الفلسطینیین من خلال تطبیق القانون الدولی؟ المؤشرات تدل أن اصحاب القضیة العطاش أنفسهم لا یقومون بالمطالبة الجادة فى الساحة الدولیة بحقوقهم، بل ان الدول العربیة "سواء المعنیة منها بهذه القضیة أم لا" لا تقدم الدعم الکافى للفلسطینیین للخروج من أزماتهم، وکأن العرب أصبحوا قادرین على تجاهل واغفال حتى عطشهم.

یبدو ان المثل العربى "لا یموت حق وراءه مطالب" اصبح موضع شک فى عروبته.

( الکاتب ستیفن لیندمان : باحث أمریکى یعمل فى مرکز دراسات العولمة )

ن/25

 

 


| رمز الموضوع: 143387







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
  1. صنعاء تستهدف "بن غوريون" بصاروخ باليستي فرط صوتي.. وتُهاجم هدفاً في يافا المحتلة
  2. كتائب القسام توقع قوة إسرائيلية في حقل ألغام.. وجنود الاحتلال بين قتيل وجريح
  3. المشّاط للإسرائيليين: لا تراجع عن إسناد غزّة.. الزموا الملاجئ ردّنا سيكون مزلزلاً
  4. الإدارة الأميركية ترضخ.. القوات اليمنية تستفرد بالعدو الصهيوني
  5. انصار الله: إعلان ترامب فشل لنتنياهو
  6. سرايا القدس تسيطر على مُسيرة إسرائيلية شرق مدينة غزة
  7. العدوان الإسرائيلي على مطار صنعاء الدولي.. هجوم استعراضي موجه للداخل الصهيوني
  8. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على اليمن بعشرات الطائرات
  9. وزير الخارجية الإيراني: الدعم القاتل لإبادة نتنياهو الجماعية في غزة، وشن الحرب نيابةً عنه في اليمن، لم يُحققا شيئاً للشعب الأميركي
  10. طهران ترفع الستار عن وثائقي للمقاومة في فلسطين وايرلندا
  11. حكومة الاحتلال تقرّر توسيع الحرب على غزة رغم التحذيرات
  12. وزير العلوم الإيراني: الرأي العام العالمي لا يعترف بالكيان الصهيوني
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)