الجمعه 11 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

بابا الفاتیکان یسعى لإخفاء فضائح الکنیسة

 

لغز الإساءة للإسلام .. فضائح جنسیة فی الفاتیکان

 

 بابا الفاتیکان یسعى لإخفاء الفضائح   

 

کثیرا ما نسمع عن سعی الفاتیکان للحوار مع المسلمین ، إلا أن دوره فی حملة الإساءات المتصاعدة فی الغرب ضد الإسلام ، أثار الشکوک حول جدیة هذا الأمر ، بل وظهر أیضا ما هو أبعد من ذلک ، حیث اتهمه البعض بتغذیة تلک الحملة العنصریة للتغطیة على الفضائح الجنسیة للعشرات من القساوسة والأساقفة الکاثولیک والتی لم تعد تقتصر على کنائس أوروبا والولایات المتحدة فقط وإنما طالت أیضا أروقة الکنیسة الأم ذاتها .

فقد کشفت قناة "رای 24 " التلیفزیونیة الإیطالیة أن الفاتیکان یواجه أزمة داخلیة منذ سنوات على خلفیة تورط عدد من رجال الکنیسة فی جرائم اغتصاب لعشرات الأطفال والقصر ، مشیرة إلى أن هناک تحقیقات علنیة وسریة بدأت بالفعل منذ حوالی عامین ضد المتورطین فی تلک الفضائح ، وأبرزهم القس جامیلی ، المقرب من بابا الفاتیکان والمعروف عنه نشاطاته التبشیریة ، حیث یشرف على حوالی 267 جمیعة تبشیریة فی العالم .

حتى الراهبات

وفی السیاق ذاته ، ذکرت صحیفة " لاریبیبلیکا " الإیطالیة أن الاعتداءات الجنسیة والتی تورط فیها حوالی 4 آلاف کاهن وقسیس وکاردینال لم تعد تقتصر على الأطفال والقصر من النساء فقط ، بل شملت أیضا الراهبات ، حیث قام بعض القساوسة والأساقفة فی الکنائس الکاثولیکیة بالاعتداء الجنسی على الراهبات واغتصابهن وإجبارهن بعد ذلک على الإجهاض لمنع الفضیحة ، وشمل ذلک 23 دولة منها ، الولایات المتحدة ، البرازیل ، الفلبین ، الهند، إیطالیا ، وداخل الکنیسة الکاثولیکیة (الفاتیکان) نفسها.

ورغم أن البابا حاول منذ البدایة التستر على تلک الفضائح ، إلا أن وسائل الإعلام کان لها کلمة الفصل ، ولذا سرعان ما صب جل اهتمامه على التحذیر من خطر الإسلام للفت انتباه مرتادی الکنیسة بعیدا عن فضائح القساوسة من ناحیة وللحد من اعتناقهم للإسلام من ناحیة أخرى ، ولعل هذا ما ظهر واضحا فی المقابلة التی نشرتها أیضا صحیفة " لاریبیبلیکا " مع بطریرک البندقیة، الکاردینال أنجلو سکولا، الذی قال بکل صراحة وهو یعلق على الفضائح الجنسیة إن الحرب على الإسلام تتصدر أعمال أجندة البابا ، مؤکدا أن هذا الموضوع یعد بالنسبة للکنیسة الکاثولیکیة ولأوروبا ، أهم قضیة فی القرن الحادی والعشرین. 

تصریحات واستفزازات

وهناک أیضا تصریحات البابا نفسه ، حیث دعا فی 17 مایو 2008 إلى ضم کل البشر إلى المسیحیة، واصفا هذا الأمر بـ "الواجب" و"الحق الثابت"  بالنسبة إلى الکنیسة وکل مؤمن بالمسیح.

تلک الدعوة - التی تضع أمام الشعب المسیحی فى العالم أجمع مبررات شن الحرب ضد العالم الإسلامی والإساءة للدین الحنیف - لم تکن الأولى من نوعها ، فهو قبل عامین خرج على العالم بتصریحات غریبة شن خلالها هجوما حادا على الإسلام وزعم أنه انتشر بحد السیف ، قائلا خلال محاضرة ألقاها بجامعة ریجنزبورج بألمانیا فی 12 سبتمبر 2006  :" إن العنف ونشر الدعوة بحد السیف یکمن فی بنیة وأسس العقیدة الإسلامیة "، وهو ما اعتبر حینها مبارکة للحروب الاستباقیة التی یشنها المحافظون الجدد فی الولایات المتحدة ، فطالما أن "العنف " هو جوهر العقیدة ، على حد زعمه ، فسیظل یفرز "إرهابا" بشکل دائم حتى وإن تمت مواجهة هذه "العملیة الإرهابیة" أو تلک هنا أو هناک ، وبالتالی لاغنى عن مثل تلک الحروب.

تحالف سری 

ویجب الإشارة هنا إلى أن البابا فی إساءاته بات مدعوما بقوة من أطراف أخرى فی الغرب لها رغبة ملحة فی التخلص من الإسلام والمسلمین ووجدت ضالتها فی بیندیکت السادس عشر، فمعروف أن بابا الفاتیکان یلقب بـ "الکاردینال لا"، أی المعارض، حیث لایعترف إلا بوجود الدیانة المسیحیة الکاثولیکیة فقط لدرجة أنه بات أشبه بشرطی یقوم على حمایة الحدود العقائدیة للمذهب الکاثولیکی ، وهنا یتفق مع أطروحات الیمین المتطرف التی ترفض کل ما هو أجنبی وخاصة المهاجرین المسلمین ، کما یتفق مع المحافظین الجدد فی الولایات المتحدة الذین یناصبون الإسلام العداء صراحة ویسعون بکل قوتهم للسیطرة على العالم وخدمة المخططات الصهیونیة فی الشرق الأوسط .

 تحالف بین البابا والمحافظین الجدد   

ولذا لم یکن مستغربا أن یعلن ممثلو الیمین المتطرف فی إیطالیا عن تضامنهم مع القس جامیلی ، بل وکشفت صحیفة " لاریبیبلیکا " أیضا أن هناک صفقة سریة بین الجانبین ، یقف بمقتضاها الیمین المتطرف إلى جانب الکنیسة فی محنتها الأخلاقیة ، مقابل تصعید الفاتیکان لحملته ضد الإسلام وبالتالی تسهیل مهمة طرد المهاجرین المسلمین من إیطالیا بصفة خاصة وأوروبا بصفة عامة.

وفی السیاق ذاته ، تحدث تشارلز کروثامر الکاتب فی مجلة "التایم" عن التحالف الوثیق بین البابا والمحافظین الجدد ، قائلا :" یعتقد المنظرون الجدد فی البیت الأبیض من المحافظین والإنجیلیین أن الولایات المتحدة صاحبة رسالة ومکلفة بأدائها، وأنه یشرع للولایات المتحدة استخدام کل الوسائل للوصول إلى غایتها بلا حرمة ولا عذاب ضمیر، عقیدة المحافظین الجدد هذه لیست بغریبة أو بعیدة عن عقیدة البابا، بل یرى البابا أن عقیدة المحافظین الجدد فی البیت الأبیض لیست إلا صدى لتوجهات وأفکار الکنیسة، ویعتقد أنه ینبغی على الأوروبیین تبنی هذا التوجه وإبعاد العلمانیین عن صناعة القرار فی السیاسة الأوروبیة".

واستطرد یقول :" لقد روی عن البابا منذ وصول المحافظین الجدد بخلفیتهم الصهیونیة المسیحیة، أو ما یوصف بالمسیحیة التوراتیة إلى السلطة فی الولایات المتحدة الأمریکیة، أنه یرى فی ذلک نموذجا صالحا لأوروبا، أی أن تعود الکنیسة إلى صلب توجیه صناعة القرار السیاسی ، ومن هنا یمکن أن تسهم إساءته إلى الإسلام والمسلمین من المنطلق الکنسی فی الحملة الجاریة لترسیخ هیمنة المحافظین الجدد المطلقة على المنطقة العربیة والإسلامیة".

هناک أیضا کارین آرمسترونج، مؤلفة کتاب "نبذة عن تاریخ الإسلام"، التی کتبت مقالا فی صحیفة "الدیلی تلیجراف" البریطانیة ، قالت فیه :" لقد تعددت الأسباب التی دفعت بابا الفاتیکان إلى فتح المعرکة بوجه الإسلام، حیث أن المهام التی کانت تنتظره عند تولیه کرسی البابویة عام 2005 ، کثیرة وأهمها إنعاش القیم الکنسیة فی السیاسات الرسمیة على حساب العلمانیة والتعامل مع تبعات حملة الهیمنة الأمریکیة وعسکرتها عالمیا والمقترنة بتصورات الصهیونیة المسیحیة ، والتعامل مع الإسلام وخصوصا بعد انتشاره السریع فی أوروبا وأمریکا، حیث یصل عدد المسلمین فی أوروبا الغربیة وحدها إلى 70 ملیون یتوزعون فی أکثر الدول الأوروبیة أهمیة مثل فرنسا وألمانیا وبریطانیا  ، بجانب التصدی لظاهرة عزوف الناس عن الکنیسة ".

المطلوب إسلامیا

وهکذا یتأکد أن الهجمة الشرسة التی یشنها الغرب على الإسلام مقصودة فی حد ذاتها ولها أبعاد أخلاقیة وعقائدیة وأیدیولوجیة واستعماریة وعنصریة ، وهذا ما یجب أن یدرکه جیدا العالم الإسلامی ، فالمظاهرات والإدانات لن تفید شیئا ، بل المطلوب هو العقل والحکمة والحوار والبعد کل البعد عن التصرفات العشوائیة العنیفة وردود الأفعال المتشنجة.

فهناک ضرورة ملحة لوضع استراتیجیة متکاملة من کافة النواحی الإعلامیة والسیاسیة والدینیة تنطلق من حقیقة مفادها أن الغرب لایعترف إلا بلغة القوة والمصالح والعقل ، ولذا لا مناص من قیام الحکومات العربیة والإسلامیة بمحاسبة المسیئین عبر إنزال عقوبات رسمیة بشکل جماعی ، بالإضافة للتوجه للجمیعة العامة الأمم المتحدة لإصدار قرار دولی واضح یمنع الإساءة واستهداف الأدیان السماویة والرموز المقدسة لدى الشعوب واعتبار ذلک جریمة تستحق الملاحقة القانونیة لمرتکبیها.

 مظاهرات فى العالم الإسلامی للتندید بالمسیئین   

وبالنسبة للناحیة الدینیة ، هناک کثیرون فی المجتمعات الغربیة یجهلون حقیقة النبی الکریم محمد صلى الله علیه وسلم، نبی الرحمة الذی انفردت رسالته بالاعتراف للإنسان بقیمة وکرامة من حیث هو إنسان ، وبالاعتراف بالتعددیة الدینیة ، وبالالتزام بالأخلاق حتى فی ظروف القتال، حمایة للنساء والأطفال والمسنین ، هذه المعانی الجمیلة غابت عن کثیرین بسبب الجهل، وغیبت عن کثیرین بسبب الغرض، ولذا یجب على منظمة المؤتمر الإسلامی والأزهر الشریف النهوض بدور فاعل لتعریف الآخرین بحقیقة الإسلام ورسالة محمد علیه السلام ، بدلا من ترک الساحة للمغرضین لإذکاء نار الحروب الدینیة.

وهنا تبرز الحاجة لتشجیع الحوار مع المعتدلین فی الغرب لتقریب وجهات النظر ورأب الصدع وبناء العلاقات الطیبة التی ترتکز علی الأخوة الإنسانیة وعلی العقل والمنطق والحوار للتعاون والبناء‏,‏ وتحقیق الفهم المتبادل وتحقیق المنافع المشترکة بین الشعوب‏,‏ وإذابة الثلوج المتراکمة وإشاعة أجواء الحب والتسامح والمودة والتفاهم والتکامل والحوار البناء حتی نشعر جمیعا بالأمان علی مستقبل العالم‏‏ وعلی مستقبل الأجیال القادمة‏ ونجاة البشریة من أخطار وأهوال الحروب والصراعات‏.‏

 ولاننسى أیضا بعض الممارسات التی یقوم بها قلة من الأشخاص فی العالم الإسلامی والتی تسیء للدین الحنیف ، أبرزها التفجیرات وذبح الضحایا أمام الکامیرات من دون محاکمة شرعیة عادلة کما یحدث فی العراق ، وبالتالی هناک حاجة لحمایة الإسلام من هؤلاء مثلما نحمیه من الآخرین.

 أما عن التحرک الإعلامی ، فلا غنى عن إنشاء قنوات فضائیة لتحسین صورة الإسلام التی تعمل قوی العنصریة علی تزویرها وتشویهها ، وهنا یجب التذکیر بفیلم "الرسالة" الذی أخرجه الراحل مصطفى العقاد ، والذی کان له تأثیر واضح فی تعریف الغرب بحقیقة أن الإسلام لم ینتشر بالسیف والإکراه.‏

وبالنسبة للمسلمین فی الغرب ، فإنهم أیضا فی حاجة للمؤازرة والمساندة المعنویة لمواجهة الحملة الشرسة ضدهم والتی أصبحت لاتقتصر على الاعتقالات والإساءة لمعتقداتهم وإنما امتدت أیضا لتشمل محاولات التبشیر فی صفوفهم ، مایتطلب إنشاء قنوات فضائیة تکون مهمتها الأساسیة التواصل مع الجالیات المسلمة فی الغرب والإسراع بإیفاد الدعاة إلیهم لتعریفهم بأمور دینهم وفقه المعاملات والرد علی الشبهات‏ لتحسین صورة الإسلام التی تعمل قوى العنصریة علی تزویرها وتشویهها‏ .‏

وتبقى هناک حقیقة یجب أن یعیها الجمیع وهى أن التعامل بعقلانیة مع المسیئین یجذب کثیرین فی الغرب لدراسة الإسلام وبالتالی زیادة عدد معتنقیه فی عقر دارهم.

( للکاتب المصری جهان مصطفى )

م/ن/25


| رمز الموضوع: 143383







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)