إسقاط أوسلو وإنهاء الانقسام
إسقاط أوسلو وإنهاء الانقسام
فایز رشید
شعارات واضحة رفعها المتظاهرون فی رام الله "السبت 5 شباط" تدعو لإسقاط اتفاقیات أوسلو، وإنهاء الانقسام الفلسطینی. الشعاران یلخصان المهمات الملحة للنضال الوطنی الفلسطینی خلال هذه المرحلة من التاریخ الفلسطینی. شعاران لو تتم الاستجابة لهما من المعنیین بالأمر، لعاد النضال الفلسطینی إلى ألقه ووهجه، ولعادت الوحدة الوطنیة الفلسطینیة إلى سابق عهدها، لیس باعتبارها هدفاً وطنیاً فحسب، وإنما کشرط ضروری للانتصار فی معرکة التحرر الوطنی التی یخوضها شعبنا، وکشرط لنیل الحقوق الوطنیة.
اتفاقیات أوسلو جلبت الدمار والکوارث على الشعب الفلسطینی وقضیته الوطنیة وأدّت إلى إلغاء کافة البنود المتعلقة بالکفاح المسلح من المیثاق الوطنی الفلسطینی، فی دورة المجلس الوطنی فی غزة عام 1996. وأدّت إلى عشرین سنة من المفاوضات غیر المباشرة تارة، والمباشرة معظم الأحیان. هذه المفاوضات العقیمة، لم تؤد سوى إلى المزید من التنازلات الفلسطینیة للکیان.
اتفاقیات أوسلو لم تمنع مصادرة "إسرائیل" للأراضی الفلسطینیة، ولا بناء المستوطنات، فأکبر مصادرة للأراضی وبناء المستوطنات تم فی ظل هذه الاتفاقیات التی لم تمنع أیضاً: الاعتقال والاغتیال وبناء الجدار العازل، ولم تمنع تهوید القدس.
اتفاقیات أوسلو لم تنص إلاّ على حکم ذاتی هزیل للفلسطینیین، حکم ذاتی منقوص السیادة عنوانه فقط الإشراف على القضایا الحیاتیة للمواطنین.
الاتفاق لم یمنع إعادة اجتیاح "إسرائیل" للضفة الغربیة فی عام 2003، ولم یمنع خطف الفلسطینیین من السجون الفلسطینیة فی أریحا، وغیرها.
لقد أعلن شارون رئیس الوزراء الصهیونی الأسبق بالفم الملآن: وفاة ودفن هذه الاتفاقیات إلى الأبد. کذلک هو بنیامین نتنیاهو الذی عارضها عند توقیعها، ولا یعترف بها حالیاً.
اتفاقیات أوسلو قادت المفاوض الفلسطینی إلى المساومة على الحقوق الوطنیة الفلسطینیة، فی العودة وتقریر المصیر، وإقامة الدولة الفلسطینیة کاملة السیادة، وعاصمتها القدس، هذه القضایا التی تم إخضاعها لما یسمى "مفاوضات الوضع النهائی"، هذا فی ظل موقف "إسرائیلی" واضح بالنسبة لکل الحقوق الوطنیة الفلسطینیة، فهذا الموقف یرفض هذه الحقوق جملة وتفصیلاً من خلال لاءاته الخمس الشهیرة لها.
المفاوض الفلسطینی وبدلاً من اعتماد قرارات الشرعیة الدولیة، کمرجعیة أنصفت بعض الحقوق الفلسطینیة "ولیس کلها" کالعودة وتقریر المصیر والحق فی إقامة الدولة، والانسحاب من کافة الأراضی المحتلة فی عام 1967 بما فی ذلک القدس، ورفض کافة التغییرات التی أجرتها "إسرائیل" على الأراضی الفلسطینیة "الاستیطان مثلاً" بدلاً من الاعتماد على قرارات الأمم المتحدة بهذا الشأن، اعتمد ولا یزال على اتفاقیات أوسلو کمرجعیة رغم إسقاط "إسرائیل" لها.
ورغم کل الدروس التی یتوجب أن تؤخذ بعین الاعتبار، فی تقییم المرحلة، منذ توقیع هذه الاتفاقیات وحتى اللحظة، وکلها تشی بضرورة إلغاء هذه الاتفاقیات وتداعیاتها، ما زال المفاوض الفلسطینی یتمسک بها، ویعلن المرّة تلو المرة بأن خیاره هو: المفاوضات ثم المفاوضات ثم المفاوضات.
لقد تفاءل شعبنا الفلسطینی کما الأمة العربیة من المحیط إلى الخلیج، کما أصدقاء القضیة الفلسطینیة على الساحة الدولیة بالمحاولات الفلسطینیة والعربیة والدولیة التی جرت لإنهاء الانقسام الفلسطینی، ولکن للأسف، فإن کافة هذه المحاولات باءت بالفشل.
السلطتان وبدلاً من الحوار على طریق العودة إلى الوحدة الوطنیة، تتهمان بعضهما بعضاً، باعتقال کل منهما لأعضاء من الجهة الأخرى، والتنکیل بهم.
مما لا شک فیه أن الکشف عن 1600 وثیقة فلسطینیة، وما تضمنته من تنازلات حول الحقوق التاریخیة الفلسطینیة، یؤثر سلباً على إعادة اللحمة إلى الساحة الفلسطینیة، لکن إلغاء اتفاقیات أوسلو بما تضمنته من بنود مأساویة، یلعب دوراً أساسیاً ورئیسیاً فی الخلاص من حالة الانقسام الفلسطینی.
ندرک أن التنظیمات الفلسطینیة مختلفة على الأهداف الاستراتیجیة للنضال الوطنی الفلسطینی، لکن یمکن اتفاق الجمیع على الثوابت الفلسطینیة، وهی القاسم المشترک الأعظم بین کافة التنظیمات الفلسطینیة، لیس ذلک فحسب بل تشکل محوراً یستقطب الفلسطینیین بکل فئاتهم وشرائحهم، فی الوطن وفی الشتات.
باستمرار ظلت وجهة نظر الشعب الفلسطینی بارومتراً قیاسیا لصحة المواقف السیاسیة والشعارات للثورة. الآن جماهیرنا تطالب بإلغاء اتفاقیات أوسلو وإنهاء الانقسام ولا أقل من الاستجابة لها.
ن/25
الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS