الاثنين 14 ذوالقعدة 1446 
qodsna.ir qodsna.ir

هذه مصالح «إسرائیل» فی إعادة غزة للفوضى الأمنیة

 

صالح النعامی

 

قیل الکثیر فی الفعل الخیانی، الجبان، الحقیر، الغادر الذی استهدف المتضامن الإیطالی فیکتور أریجونی، وربطه الکثیرون بتوجیه مباشر من المخابرات الإسرائیلیة، على اعتبار أن "إسرائیل" هی الوحیدة، صاحبة المصلحة فی تنفیذ هذه الجریمة.

وفی الحقیقة أن المرء لا یحتاج أن یکون خبیرا أمنیاً حتى یدرک أنه بغض النظر عن طبیعة الخلفیة التنظیمیة والفکریة للأشخاص الذین نفذوا عملیة القتل، فإنه بمجرد تنفیذها، لا سیما فی هذا الظرف تحدیداً فإن هذا یبعث على الاعتقاد بأن "إسرائیل" تقف بشکل مباشر أو غیر مباشر خلف هذا الفعل.

بالطبع لا أحد ینکر مصلحة "إسرائیل" فی تنفیذ هذه الجریمة، فعملیة الاغتیال الغادرة جاءت تحدیداً فی ظل استعدادات الحکومة الصهیونیة لإحباط تنظیم أسطول الحریة 2 إلى قطاع غزة، والذی تخشى "إسرائیل" من أنه سیلحق بها أذىً استراتیجیاً لا یمکن بحال من الأحوال أن تتعافى منه، لا سیما فی ظل تراجع مکانتها الدولیة فی أعقاب إجماع العالم بأسره على أن "إسرائیل" تتحمل وحدها المسؤولیة المباشرة عن الجمود فی العملیة التفاوضیة، وفی ظل رفضها مناشدات العالم تجمید الاستیطان.

منفذو هذه الجریمة النکراء یریدون أن یقولوا للعالم، وتحدیداً لأوروبا والأوروبیین- نیابة عن "إسرائیل"- إن مئات الآلاف من المواطنین الفلسطینیین المحاصرین فی غزة فی ظروف بالغة القسوة، غیر جدیرین بالتعاطف الدولی، وإن هذه الجریمة تؤکد أن ما تقوم به "إسرائیل" ضد قطاع غزة وأهله لیس فقط مبرر، بل یتوجب أن یلقى التأیید من العالم الحر.

فض المتضامنین الأوروبیین

على ما یبدو فإن رئیس الوزراء الإسرائیلی بنیامین نتنیاهو کان یعی ما یقول عندما قال مؤخراً إن "إسرائیل" "ستعمل کل ما فی وسعها" من أجل إحباط تنظیم رحلة أسطول الحریة 2 إلى قطاع غزة، لکن المفاجأة الصادمة أن یتمکن نتنیاهو عبر أجهزته الاستخباریة من الإضرار بالتحضیرات لتنظیم أسطول الحریة عبر توظیف الساحة الفلسطینیة، وداخل قطاع غزة تحدیداً.

"إسرائیل" تفترض أن حماس المتضامنین الأجانب، لا سیما الأوروبیین للانضمام لأسطول الحریة سیتقلص إلى حد کبیر بعد اغتیال أریجونی. إن اختیار أریجونی کمواطن أوروبی لیکون هدفاً للإغتیال لم یأت من فراغ، فـ"إسرائیل" معنیة أن یقتصر المشارکون فی الأسطول القادم على المتضامنین القادمین من دول إسلامیة حتى یسهل على ماکنة الدعایة الإسرائیلیة شیطنتهم، ولا سیما المتضامنون الأتراک، الذین شرعت "إسرائیل" فی تنظیم حملة دعائیة ضدهم، ومحاولة ربطهم بما یعتبره الغرب "جماعات إرهابیة"، وبالتالی إضفاء شرعیة على استخدام العنف لدى تصدی قوات الاحتلال لمن یوجد على متن سفن أسطول الحریة.

من هنا فقد نجح منفذو هذه الجریمة فی مد ماکنة الدعایة الصهیونیة بالکثیر من الوقود لکی تواصل التضلیل والتشویه. لقد سارعت "إسرائیل" لتوظف العملیة الجبانة فی الزعم أنها تدلل على أن قطاع غزة لا یمثل بیئة آمنة بالنسبة للمتضامنین الأجانب الذین أعلن المئات منهم رغبتهم فی الانضمام لأسطول الحریة.

توطئة للتصعید القادم

تأتی هذه الجریمة بعد العدوان الإسرائیلی الأخیر على قطاع غزة، وهو العدوان الذی جاء کمقدمة لعدوان أوسع على قطاع غزة تعد له القوات الإسرائیلیة العدة، من هنا فإن الصهاینة معنیون بأن یحصلوا على الشرعیة الدولیة لتنفیذ العدوان القادم. وبالطبع فإن لسان حال الصهاینة یقول: إن کان "الإرهابیون الفلسطینیون یستهدفون على هذا النحو الرعایا الأوروبیین الذین قدموا من أجل التضامن معهم، فهل یستحقون أی قدر من التعاطف عندما تقوم "إسرائیل" بممارسة حقها فی الدفاع عن النفس کرد على عملیات القصف التی یقوم بها الفلسطینیون ضد المستوطنات الیهودیة"، هذا هو المنطق الذی تحاول "إسرائیل" الاعتماد علیه فی التوطئة للعدوان الجدید على القطاع، استناداً لتوظیف هذا الاغتیال الجبان.

هذه الفعلة الجبانة تأتی استکمالاً لنجاح "إسرائیل" فی الضغط على القاضی الیهودی غولدستون وإرغامه على التراجع عما جاء فی تقریره بشأن جرائم الحرب ضد الإنسانیة التی ارتکبتها "إسرائیل" فی قطاع غزة خلال عدوان "الرصاص المصبوب"، أواخر عام 2008.

وفی نفس الوقت فإن هذه العملیة ستمثل إحراجاً للحراک الجماهیری العربی والرسمی الذی تحرک لأول مرة بشکل فاعل احتجاجاً على العدوان الإسرائیلی الأخیر، لا سیما فی مصر، لذا لا یمکن النظر لهذه العملیة الجبانة إلا کطعنة فی ظهر الجماهیر العربیة التی تحرکت فی مصر ضد "إسرائیل" وطالبت بإغلاق السفارة الإسرائیلیة فی القاهرة احتجاجاً على العدوان.

المسوغات التی قدمتها المجموعة التی أقدمت على اختطاف واغتیال أریجونی لا تنطلی على أحد، فهذه الجماعة أعطت الانطباع أنها تنتمی إلى السلفیة الجهادیة "مع أن الجماعات التی تمثل هذا التیار أنکرت أی صلة بالعملیة"، وأنها قامت بفعلها من أجل إجبار حکومة غزة على الإفراج عن أحد المعتقلین.

وبکل تأکید أنه من السخف مجرد طرح التساؤل: هل یبرر هذا الأمر اختطاف شخص یحل ضیفاً على الشعب الفلسطینی وجاء لنصرته، وقتله؟ لأن القتلة أو من یحرکهم من وراء الکوالیس خطط فی الواقع لقتل الضحیة لتحقیق الأهداف التی تمت الإشارة إلیها فقط.

ن/25


| رمز الموضوع: 143144







الصفحات الاجتماعية
instagram telegram twiter RSS
فيديو

وكالةالقدس للأنباء


وكالةالقدس للأنباء

جميع الحقوق محفوظة لوکالة القدس للأنباء(قدسنا)