نعلین قریة فلسطینیة تتحدى الجدار على طریقتها

نعلین قریة فلسطینیة تتحدى الجدار على طریقتها

"أنهم لا یحاولون مصادرة أراضینا فحسب, إنما یسعون إلى مصادرة حقنا فی التظاهر  وفی الدفاع عن هذه الأرض". بهذه الکلمات المتعثرة البائسة  یخبرک عرفات ابن الـ12 عاما من قریة نعلین, التی تعیش على وقع المواجهات الیومیة مع القوات الإسرائیلیة، من خلال التظاهرات التی تنظم ضد الجدار الفاصل والذی یتم بناؤه فوق أراضی القریة.

یوم الخمیس الماضی کانت القریة على موعد مع تظاهرة دولیة شارک فیها  عشرات  المواطنین والمتضامنین الإسرائیلیین والدولیین تعبیرا عن تضامنهم مع أهالی قریة نعلین التی یهدد الجدار الفاصل بابتلاع المئات من أراضیها.

الطفل عرفات الذی کانت فرحته بحضور هذا الکم الکبیر من المشارکین، عایش الکثیر من التظاهرات، وتولى مهمة المشارکة منذ أن تسلم أهالی القریة  أوامر عسکریة إسرائیلیة تقضی بمصادرة مئات الدونمات من أراضیهم لصالح الجدار الفاصل، وإقامة نفق بین المستوطنات هناک ونقطة عسکریة إسرائیلیة.

عندما عرف عرفات انه یکلم صحافیة بادر إلى الحدیث والسؤال قائلا:" هل ستکتبون عن قریتنا وعن نضالنا و عن ضرب الجنود لنا وعن محاولات اعتقاله شبابنا؟ هل ستشارکوننا نضالنا حقا أم إنکم تقومون بمجرد عمل إعلامی لسبق صحافی , وتنتهی علاقتکم بنا؟".

عرفات وأصدقاؤه الذین شارکناهم تظاهرتهم استقبلونا کالضیف الذی طال انتظاره لموعد عاجلهم شوقهم إلیه

کانوا  یسابقوننا إلى نقطة المواجهة مع الجنود، معبرین بذلک عن شوقهم للمواجهة مع القوات الإسرائیلیة.

ما إن وصل المتظاهرون إلى المکان سارع عدد من الجنود إلى مکبرات الصوت یدعون المتظاهرین للعودة إلى الخلف وعدم التقدم إلى الأمام، مهددین أن تجاوز الحدود سیعرضهم لقنابل الغاز المسیلة للدموع , والتهدید بطلقات الرصاص لمن سیتجرأ ویتصدى للجنود. لکن المتظاهرین الأجانب والإسرائیلیین أصروا أن یتقدموا المتظاهرین الفلسطینیین.

أبناء نعلین شیوخها وأطفالها تدفقوا کجدار بشری جاء لیحمی حق القریة من طلقات الرصاص الحی, التی لا یتوارى الجنود عن إطلاقها تجاههم دون قید , أو مراعاة.

عشرات القنابل الصوتیة وقنابل الغاز أطلقت تجاه المتظاهرین بهدف تفرقتهم وإخافتهم علهم یعودون أدراجهم إلى الخلف لمنعهم من الوصول إلى مکان عمل الجرافات التی تجرف أراضی القریة لتشق بذلک طریق للجدار الذی سیبتلع أراضیهم.

لکن تلک الأدوات الإسرائیلیة لم تمنع المتظاهرین فلسطینیین وأجانب من التقدم للدفاع عن أرض "نعلین" لیرى الفلسطینیون المشارکون فی التظاهرة أرضهم التی منعوا من زیارتها منذ عامین تقریبا، لتتحول المواجهة بعد ذلک من قنابل صوتیة وغازیة، إلى مهاجمة المتظاهرین الأجانب وضربهم بالعصی أحیانا، بالإضافة إلى منع الصحافیین والمصورین من مزاولة عملهم فی التقاط صور ضرب المتظاهرین الذین أصروا على أن ما یقومون به عمل سلمی خال من أی اعتداء وصراخ.

احمد الخواجا رئیس جمعیة الصمود والمقاومة ضد الجدار الفاصل صاح قائلا:" جئنا لنزور أرضنا , التی لا یستطیع احد أن یمنعنا من الوصول إلیها طالما أننا لم نعتد علیکم".

 المتظاهرون الإسرائیلیون الذین طالبوا الجنود بعدم ضربهم لأنهم لم یخترقوا القانون, لم یکونوا هم أیضا بعیدا من ضربات الجنود بالعصی والدفع الوحشی  للخلف، ولا حتى من القنابل الصوتیة والغازیة التی وقعت على رأس بعض المتظاهرین والتی نقلوا على أثرها للعلاج الفوری.

أما من حاولوا تصویر مجرى الأحداث وتوثیق ما یتعرض له أصحاب التظاهرة من ضرب فاعتدى علیهم الجنود أیضا بهدف منعهم من توثیق الصور،  وعندما حاولت مراسلة إیلاف التقاط صورة للجندی وهو یحاول دفع المتظاهرات للخلف اعتدى علیها الجندی بالضرب وطالبها بالانسحاب فورا من المکان، الأمر الذی أدى إلى إصابتها برضوض مختلفة.

وتوجه الجنود للمصورین والصحافیین بشکل أعنف، بینما تعرضت احدى المتظاهرات لکسر فی رجلها المتظاهرون الذین بدت خبرتهم فی مراوغة القنابل الغازیة واضحة , کانوا قد عرفوا خدع القنابل الغازیة فکانوا یحاولون مراوغتها یمینا وشمالا , وقدموا نصائح للمتظاهرین الجدد للاستعداد لخوض التظاهرة عن کیفیة مراوغة القنابل , وکان یتولى بعضهم عملیة إرشاد المشارکین للتعریف :" هذه قنبلة غاز , وتلک قنبلة صوتیة ابقوا أماکنکم , حاصرونا من الشمال، اذهبوا للیمین , ومقدمو خدمة الإسعاف الأولی یتنقلون بین المتظاهرین لتزویدهم بالبصل , والعطر المضاد للغاز".

وفی مرحلة ما انتقل الاعتداء على المتظاهرین الأجانب الذین اعتصم بعضهم بإلقاء أنفسهم على الأرض تعبیرا عن رفضهم  لما تعرضوا له من دفع وضرب من قبل الجنود لمواجهة واستهداف مباشر لأبناء القریة الذین وجدوا فی الهتافات  استفزاز الجنود الذین ردوا علیها باستهداف مباشر بقنابل الغاز الخانق.

واستمرت المواجهات بین أبناء قریة نعلین وبین القوات الإسرائیلیة لتنتقل من جانب الجدار إلى  مدخل القریة فکانت الحجارة والقفازات تقاوم طلقات الرصاص, والقنابل الغازیة.

لتنتهی المواجهات بعد انسحاب المتظاهرین الأجانب الذین أصروا أن یکونوا آخر المنسحبین لتفقد المصابین وتقدیم المساعدة لهم والاتفاق على موعد جدید یجمعهم وأبناء قریة نعلین فی تظاهرة أخرى ونضال آخر.

 وفی حدیث لمراسلة إیلاف مع د. مصطفى البرغوثی، عضو المجلس التشریعی وسکرتیر المبادرة الوطنیة الفلسطینیة، والذی توافد إلى المکان وشارک المتظاهرین فی التنسیق لخطواتهم القادمة فی قضیة قریة نعلین وبلعین وغیرهن من القرى التی تتعرض لنهب أراضیها بفعل الجدار قال البرغوثی:"  قریة نعلین سیستمر النضال فیها ولن یتوقف ونحن نستنهض الیوم حرکة تضامن  واسعة , للوقوف مع نعلین فی کل أنحاء العالم وهی  أصبحت نموذج بطولی أخر إلى جانب النماذج البطولیة   ومضاعف حتى ونحن نطمح لان نوسع النضال الجماهیری الآن یجری فی 17 موقعا , بلعین نعلین , معصرة  , فرطاس , جورة الشمعة , الشوفر , قفین , منطقة بیت حنینا , نحن سنعمل لیصل إلى 70 موقعا کل أسبوع هناک تظاهرات شعبیة جماهیریة ضد الجدار , کل أسبوع هناک نضال مقاوم لأننا لا نملک غیر هذه الوسیلة وحرکة تضامن دولی ضد الجدار".

وأضاف البرغوثی:" هناک تقصیر رسمی من السلطة الفلسطینیة هناک قرار مر علیه 4 سنوات موضوع فی الأدراج حتى أن منظمة التحریر لم تقم بواجبها لتأخذه للأمم المتحدة والمطالبة بفرض عقوبات على إسرائیل لذلک نحن نضغط شعبیا ونضغط دولیا وداخلیا على المنظمة والسلطة أن آن  الأوان أن یؤخذ القرار إلى الأمم المتحدة والمطالبة بفرض عقوبات على إسرائیل.

م/ ن/25