ایران لا تستبدل الذهب بالحلوى

لا یکف الغرب عن الطلب من ایران مباشرة أو ممثلا بمجلس الأمن ایقاف تخصیب الیورانیوم وکان آخر هذه الطلبات ما صدر عن مجلس الأمن فی الأسبوع الماضی حیث أظهر المجلس فی هذه المرة الجزرة وأخفى العصا خلف ظهره وقد بدا هذا جلیّا فی الإعلان الذی صدر عن ما یسمى دول الخمسة والذی عرضوا فیه على ایران مجموعة من الحوافز وصفت بالمغریة مقابل ایقاف التخصیب وقال المندوب الروسی یمکن لایران ابتداء وفی المرحلة الاولی ایقاف عملیة التخصیب اثناء جریان المحادثات بینها وبین مجلس الأمن. لم یتأخر وزیر الخارجیة الایرانی بالرد حیث أعلن ان الطلب من ایران وقف عملیة التخصیب هو بمثابة الدخول فی المحظور.

یبدو ان الغرب لا یتوقف عن الحاحه على ایران کی توقف تخصیب الیورانیوم وایران باتت لا تمل من الرفض وتؤکد فی کل مرة حقها المشروع فی التخصیب للأغراض السلمیة وقد صرّح اکثر من مسؤول ایرانی وعلى رأسهم قائد الثورة علی الخامنئی ورئیس الجمهوریة محمود أحمدی نجاد و وزیر الخارجیة منوشهر متکی وکثیرون غیرهم بأن ایران لا یمکن أن تتنازل عن حقها فی التخصیب وأکثر من مسؤول ایرانی استعمل تعبیرا جمیلا یفی تماما بهذا الغرض وذلک بقولهم نحن لا نبدل الذهب بالحلوى رافضین بذلک جمیع الحوافز والمغریات ومتمسکین بالتخصیب الذی وضعهم على عتبات السلّم الذی حتما سوف یوصلهم الى ناصیة التکنولوجیا لیدخلوا نادی الدول المتقدمة المالکة للتقنیة الحدیثة والمؤهلة لإشغال مکانها بین الکبار.

لقد قالت ایران کلمتها بشأن برنامجها النووی وبرامجها الصناعیة والزراعیة المتعددة ولم تتراجع عنها قید انملة فکسبت بذلک احترام العدو قبل الصدیق وتعلن ایران المسلمة انها دولة صدیقة وشقیقة للدول العربیة وتکرر مد أیادیها لجیرانها العرب ولا تمل من الإعلان عن أخوّتها الإسلامیة لهم أو مشارکتها لهم فی حمل همومهم القومیة وعلى رأسها الهم الفلسطینی باعتباره مسألة اسلامیة جامعة وتبدی رغبتها فی ان یشارکوها فی برامجها الصناعیة والتقنیة والزراعیة وتعرض علیهم التنسیق الإقلیمی من أجل بناء شرق اوسط متحرر من الهیمنة الامریکیة ـ الاسرائیلیة، أی من أجل شرق أوسط حر لا یصون أمنه إلا ابناؤه ولا یحرس ترابه ومیاهه سوى مواطنیه و إن اختلفت قومیاتهم وأعراقهم أو اختلفت مذاهبهم.

لیت ابناء امتی یتخلصون من هواجسهم وشکوکهم التی بسببها تارة ینأون بأنفسهم عن الشقیق والصدیق الایرانی وتارة یعادونه ویتحالفون مع أعداء الأمة ضدّه بحجة الخشیة من مذهبه المختلف وعرقه المختلف. منذ متى کانت شعوبنا تنتمی لعرق واحد ومذهب واحد؟ اما خلقنا الله شعوبا وقبائل لنتعارف؟ ألم یفضل الرحمن أحدنا على الآخر بالتقوی فقط ولا شیء غیر التقوى؟ لنتعلم من جارنا الذی اعلن انه لا یقبل ان یستبدل الذهب بالحلوى ولنعلن نحن العرب اننا لا نرید ان نستبدل اخوتنا الذهبیة مع ایران بالحلوی الامریکیة مهما کانت مسیّلة للّعاب.

( للکاتب والباحث الاردنی الدکتور عمر عبد الهادی )

ن/25